رغم نهاية حكمهم.. الإخوان يواصلون قيادة مرحلة عدم الاستقرار الحكومي في تونس

رغم نهاية حكمهم.. الإخوان يواصلون قيادة مرحلة عدم الاستقرار الحكومي في تونس

رغم نهاية حكمهم.. الإخوان يواصلون قيادة مرحلة عدم الاستقرار الحكومي في تونس


24/03/2025

أثار إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد إنهاء مهام رئيس الوزراء كمال المدوري، وتعيين سارة الزعفراني الزنزري خلفًا له، مع الإبقاء على غالبية أعضاء الحكومة الحالية، تفاعلا واسعا بين الأوساط التونسية، حيث اعتبر البعض أنه دليل على استمرار حالة عدم الاستقرار الحكومي التي بدأت منذ العام 2011، فيما يرى البعض أنها خطوة ضرورية لتحقيق الأهداف الكبرى التي حددها سعيد، وتعطلت بسبب الإجراءات الحكومية.

وتأتي الإقالة بعد نحو 7 أشهر فقط من تكليف المدوري برئاسة الحكومة في تونس خلفا لأحمد الحرشاني، فيما شهدت فترة الرئيس التونسي قيس سعيّد، منذ 2019، تعيين أربع رؤساء حكومات في ظرف خمس سنوات، وسط تعيينات وإقالات في المناصب الوزارية.

وتعد رئيسة الحكومة الجديدة سارة الزعفراني الزنزري، ثاني امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ تونس بعد نجلاء بودن، التي شغلت المنصب بين تشرين الأول (أكتوبر) 2021 وآب (أغسطس) 2023.

وتعاقبت على تونس منذ عام 2011 إلى اليوم 15 حكومة، بينهم خمس وزارات منذ عام 2019 إلى اليوم، وأربع حكومات منذ دشنت البلاد مرحلة جديدة يقودها الرئيس قيس سعيد في الـ25 من تموز (يوليو) 2021.

رئيسة الحكومة التونسية الجديدة: سارة الزعفراني الزنزري

ما علاقة الإخوان؟

وفي كلمة له خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي قال الرئيس سعيد إن هناك "عصابات إجرامية تعمل في عدد من المرافق العمومية عن طريق وكلاء لها". وتابع: "آن الأوان لوضع حد لها وتحميل المسؤولية لأي مسؤول مهما كان موقعه ومهما كانت طبيعة تقصيره أو تواطئه".

وخص سعيد قصر القصبة، وهو مقر الحكومة، بجزء كبير من حديثه، قائلا إن "اللوبيات لمّا لم تجد لرئاسة الجمهورية طريقاً أو منفذاً حوّل أعوانها وجهتهم إلى القصبة حتى تكون لهم مربعاً ومرتعاً، متناسين أن الحكومة أو الوزارة الأولى أو كتابة الدولة للرئاسة، كما كانت تسمى، مُهمّتها هي مساعدة رئيس الدولة على القيام بوظيفته التنفيذية".

وأضاف: "سنواصل إحباط كل المؤامرات والمناورات حتى نبقى أعزّاء، وحتى تبقى الراية التونسية مرفوعة عالية، ولن نفرّط أبدًا في ذرة واحدة من تراب هذا الوطن العزيز، فإما حياة تسرّ الصديق، وإما ممات يغيظ العِدا".

كما أشار إلى أن "الضغوط التي مُورست كانت شديدة، ومن مصادر متعددة في الداخل والخارج، إلا أن الإرادة في مواصلة معركة التحرير الوطني كانت أشد وأقوى".

من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي، محمد الميداني لموقع "العين الإخبارية"، إن "أيادي الإخوان مزروعة في كل مكان داخل الدولة وتعمل على تعطيل سير عمل الحكومة وتأجيج الأوضاع داخل البلاد"، موضحا أن "الرئيس قيس سعيد تحدث خلال مجلس الأمن القومي عن ضغوطات شديدة تمارس على تونس من الداخل والخارج للإفراج عن المساجين من الإخوان وحلفائهم".

وأوضح أن "المدوري لم يكن حازما مع كل هذه المحاولات التي كانت تهدف للمساس باستقرار البلاد، وفشل في إدارة كل الأزمات التي واجهها منذ توليه المنصب، ولم يكن يعي أهمية المؤامرات التي تحاك ضد تونس.. لذلك فإن الإقالة لم تكن مفاجئة.

عدم استيعاب الحكومة التي يتم تعيينها للتوجهات الكبرى 

وقال المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إن "الراهن السياسي في تونس يستبطن أزمة سياسية تتمثل في عدم استيعاب الحكومة التي يتم تعيينها للتوجهات الكبرى والخيارات الإستراتيجية التي يرسمها رئيس الجمهورية".

ودعا إلى إيجاد حلقة وسطى بين رئاستي الجمهورية والحكومة لتذليل الصعوبات ومساعدة الوزارة في وضع الخطط والبرامج التي تستجيب لما يهدف إليه قيس سعيد من إستراتيجيات وأهداف كبرى من دون أن يستبعد أن تكون "إمكانات الدولة المادية لا تسمح بتنفيذ سياسات رئيس الجمهورية في جوانبها الاقتصادية والاجتماعية".

المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي: محسن النابتي

ومثلت ظاهرة عدم الاستقرار الحكومي في تونس علامة أزمة خلال الـ10 أعوام التي تلت 2011، باعتبار الصراعات التي كانت تنخر منظومة الحكم بين مجموعات سياسية ولوبيات مالية، علاوة على مساوئ النظام القائم وقتها على رئاسات ثلاث، وهو ما لم يسمح بتوحيد القرار السياسي، إلا أن هذا الواقع لم يتغير بعد عام 2021، لحظة إنهاء تلك المرحلة السياسية وتدشين تونس لمرحلة جديدة يمتلك فيها رئيس الجمهورية كل السلطات.

وقد شدد النابتي على "أن أكثر رئيس حكومة عمّر بعد عام 2021، هي نجلاء بودن التي استمرت في رئاسة الحكومة لعام وبضعة أشهر، مما يعكس خللاً هيكلياً في الحكم، وهو ما ستكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية وخيمة"، داعياً إلى "ترجمة مطالب الـ25 من يوليو المتمثلة في ثنائية الاستقرار والكفاءة في الاختيارات السياسية".

ولفت إلى أن رئيسة الحكومة الجديدة، هي من أكثر الوزراء استقراراً مع رئيس الجمهورية، متسائلاً عن برامجها الاقتصادية والاجتماعية وإن كانت ستُحدث نقلة في العمل الحكومي أم أنها ستجد المصير ذاته بعد فترة محددة؟.

تغيير متوقع

هذا ويعتبر الداعمون لسعيد أن هذا التغيير على رأس الحكومة هو تعديل متوقع بالنظر لمردود رئيس الحكومة الحالي، إذ يقول محمود بن مبروك، أمين عام حزب "مسار 25 جويلية" المساند لسعيد، إن "هناك قطيعة واضحة بين ما يطالب به الرئيس وما تنجزه الحكومة".

ويتحدث السياسي التونسي، إلى موقع "النهار"، عن عدم انسجام في العمل الحكومي، قائلاً: "هناك قرارات يتخذها الرئيس ولا تنفذ، ما يدفعه إلى إعادة التأكيد عليها مرة أخرى وهذا دليل واضح على أن المدوري لم يقم بالدور الذي عهد به إليه".

ويعتبر أن المدوري الذي تدرج بسرعة من منصب رئيس مدير عام إلى رئيس للحكومة "لا يملك الخبرة الكافية للقيام بهذه المهمة".

وفي تقديره فإن اختيار الزعفراني، التي عُينت وزيرة منذ أول حكومة بعد التدابير الاستثنائية في البلد واستمرت في هذا المنصب رغم تغيير الحكومة في أكثر من مرة، دليل على أنها "تحظى بثقة الرئيس" الذي اختار أن يكون رئيس الحكومة هذه المرة "ممن له خبرة بالشأن الحكومي".

بن مبروك تابع أيضا: "تغيير المسؤول إذا ثبت فشله أفضل من الإبقاء عليه بحجة الحفاظ على الاستقرار الحكومي"، معتبراً أن "المقياس الوحيد الذي تقوم عليه فلسفة الرئيس سعيد هو مدى نجاح أي مسؤول مهما كان مركزه في القيام بواجبه وتحقيق الأهداف التي عين من أجلها".

ويشير إلى أن سعيد دائماً ما يشدد على أن "أي مسؤول يمكن تغييره حتى بعد ساعة من تعيينه إذا ثبت أنه غير كفء لتحمل المنصب".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية