الأمريكيون العرب من خيانة بايدن إلى وعيد ترامب

الأمريكيون العرب من خيانة بايدن إلى وعيد ترامب

الأمريكيون العرب من خيانة بايدن إلى وعيد ترامب


26/01/2025

ترجمة: محمد الدخاخني

مع اقتراب رئاسة جو بايدن الأمريكية من نهايتها، بذل مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبايدن نفسه، جهوداً لإضفاء طابع إيجابي على أدائهم الكارثي في ​​الشرق الأوسط.

وبينما لجأ مساعدو بايدن إلى إلقاء اللوم على الآخرين بشأن الإخفاقات، في محاولة عبثية لتبرئة أنفسهم، حاول الرئيس، كما هو متوقَّع، رسم صورة مفعمة بالنجاحات. وهي صورة كانت فيها، بكلمة واحدة، مبالغة، بل كما قد يقول البعض، وهمية.

سيكون تركيز هذه المقالة أضيق. ستكون تقييماً لأداء إدارة بايدن من خلال عدسة الالتزامات التي قطعتها تجاه الأمريكيين العرب في عام 2020.

في الفترة التي سبقت انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، أصدرت حملة بايدن وثيقة بعنوان "جو بايدن والمجتمع العربي الأمريكي: خطة للشراكة". وعبَّرت الوثيقة عن تواصل مهم مع دائرة انتخابية غالباً ما تتعرَّض للتجاهل، واحتوت صفحاتها الثلاث على العديد من الوعود التي لم يُنفَّذ سوى القليل منها.

الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة: جو بايدن

على سبيل المثال، وقّعت إدارة بايدن على "قانون خالد جبارة وهيذر هير لمكافحة الكراهية" الذي يُحسِّن من طرق الإبلاغ عن جرائم الكراهية. وقد أدى القانون إلى تحسين جمع البيانات العرقية والإثنية، بما في ذلك تقديم فئة تصنيفية جديدة من شأنها تمكين إحصاء أكثر دقة لمن هم من أصل عربي. كما أنهى "حظر دخول المسلمين" ومدَّد حالة "الوضع المحمي المؤقت" إلى بلدان مختلفة في العالم العربي، على نحو يسمح للأشخاص بالبقاء في الولايات المتحدة أثناء الصراعات المستعرة في بلدانهم الأصلية.

لكن بصرف النظر عن هذه الإنجازات القليلة، فإنّ القصة التي يجب سردها تدور حول ما لم تفعله إدارة بايدن.

بادئ ذي بدء، وعدت بـ "شراكة" مع الأمريكيين العرب، ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل. وخلال أعوام ولايته الأربعة بأكملها لم يلتقِ بايدن ولا نائبته كامالا هاريس بزعماء المجتمع العربي الأمريكي. انعقدت اجتماعات ناضل ممثلو الجالية من أجلها وفازوا بها مع بلينكن والمدعي العام ميريك غارلاند، ولكن لم تكن هناك أيّ اجتماعات مع القيادة العليا في البيت الأبيض.

كان هذا في المقام الأول، لأنّ البيت الأبيض خلال الأعوام الثلاثة الأولى استوعب الأمريكيين العرب تحت فئة المسلمين، ممّا أدى فعلياً إلى محو الأمريكيين العرب كمجتمع له خصوصية إثنية. وعندما أعلن البيت الأبيض لأول مرة عن استراتيجيته لمكافحة الإسلاموفوبيا، تحدث عن قلق بشأن التعصب والتمييز وجرائم الكراهية التي أضرت "بالمسلمين، وأولئك الذين يُنظر إليهم على أنّهم مسلمون"، مستشهداً بالعرب والسيخ كأمثلة.

كان لهذا الاستبعاد تأثير على الحكومة بأكملها. لقد كان على الأمريكيين العرب، الذين ناضلوا لأربعة عقود من أجل الاعتراف بهم وإدماجهم، بدء نضالهم من جديد حتى يُدرجوا في الاجتماعات وتُسمع مخاوفهم.

ولذلك، بينما جاءت افتتاحية وثيقة حملة بايدن تقول "إنّ التعصب ضد العرب استُخدم في محاولات لاستبعاد وإسكات وتهميش جالية بأكملها...، لكنّ بايدن يحتضن شراكة الأمريكيين العرب"، في الواقع وجد البيت الأبيض طريقة جديدة لاستبعاد وإسكات وتهميش الجالية.

وبعد ذلك سارعت الإدارة إلى قبول إسرائيل في "برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية"، على الرغم من الأدلة الموثقة على أنّ إسرائيل لم تفِ بمتطلب أساسي من البرنامج، أي ضمان المعاملة بالمثل للأمريكيين العرب الساعين إلى الدخول إلى إسرائيل والخروج منها.

سارعت الإدارة الأمريكية آنذاك، إلى قبول إسرائيل في "برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية"، على الرغم من الأدلة الموثقة على أنّ إسرائيل لم تفِ بمتطلب أساسي من البرنامج

كانت الإدارات السابقة، الجمهورية والديمقراطية، قد رفضت دخول إسرائيل إلى "برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية" بالنظر إلى الأدلة الموثقة جيداً على المضايقة والتمييز ورفض دخول المواطنين الأمريكيين من أصل عربي. وكانت إدارة بايدن على دراية بأنّ هذه الممارسات مستمرة، ومع ذلك داست على حقوق مواطنيها والمتطلبات القانونية لتشريعاتها من أجل منح إسرائيل هذا الامتياز غير المستحق.

بالإضافة إلى ذلك، خلال فترة هذه الإدارة، قُتل أمريكيون عرب على يد القوات الإسرائيلية وسُرقت ممتلكاتهم وخُرِّبت. وأفضل ما فعلته الولايات المتحدة، في الرد، هو التعبير عن القلق.

وقد وعدت حملة بايدن أيضاً بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس والمكتب الفلسطيني في واشنطن، لكنّها لم تفعل ذلك.

ربما كان أكثر إخفاقات هذه الإدارة إزعاجاً هو تعاملها مع الحرب على غزة. صحيح أنّ هذه المأساة لم تندلع بكل غضبها في وقت تقديم حملة بايدن لتعهُّداتها، لكن كانت هناك وعود قدمت في وثيقة حملة 2020 توفر معياراً لقياس الأداء.

تقول إحدى فقرات الوثيقة: "يؤمن جو بايدن بقيمة كل فلسطيني وكل إسرائيلي، وسيعمل على ضمان تمتع الفلسطينيين والإسرائيليين بمقاييس متساوية من الحرية والأمن والازدهار والديمقراطية". وهنا فقرة أخرى تقول: "بايدن يعارض الضم والاستيطان...، وسيعمل على معالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة".

خلال الحرب على غزة، وبصرف النظر عن التعبير عن القلق الفارغ بشأن الضحايا الفلسطينيين والاحتياجات الإنسانية، قدّمت الإدارة لإسرائيل دعماً مفتوحاً بينما كانت تسعى لتحقيق أهدافها. وتحت زعم سخيف مفاده أنّ قدرتها على التأثير على سلوك إسرائيل محدودة، أرسلت الولايات المتحدة عشرات المليارات من الدولارات في شكل شحنات أسلحة جديدة، وأرسلت قوات أمريكية لدعم إسرائيل، واستخدمت حق النقض مراراً ضد قرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى وقف إطلاق النار، وأدانت جهود "المحكمة الجنائية الدولية" و"محكمة العدل الدولية" لكبح جماح تصرفات إسرائيل.

وحتى الآن، بينما توضِّح إسرائيل أنّها تنشئ وجوداً دائماً في غزة (وفي أجزاء من لبنان وسوريا)، ويُحرم الفلسطينيون من الغذاء والدواء والمأوى في غزة، ويموتون من انخفاض حرارة الجسم وسوء التغذية، تسارع الإدارة إلى إرسال شحنات أسلحة أخرى بقيمة (8) مليارات دولار إلى إسرائيل. وهذا هو اعتقادها بالأهمية والقيمة المتساوية لأرواح الفلسطينيين والإسرائيليين.

في حين يمكن قول الكثير غير ذلك، فإنّ النتيجة النهائية هي أنّ إدارة بايدن ستظل في أذهان الأمريكيين العرب مرتبطة بـ: رفضها الوفاء بالالتزامات التي قطعتها، وجهودها لمحو الجالية بشكل فعَّال وحرمان أعضائها من حقوقهم، وتمكينها المتعمد لحرب إسرائيل في غزة.

ولا يمكن نسيان هذه الخيانة أو مسامحتها.

المصدر:

جيمس زغبي، "ذي ناشيونال"، 20 كانون الثاني (يناير) 2025

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية