الإخوان في سوريا: إدانة العرب والتبرير لتركيا

الإخوان في سوريا: إدانة العرب والتبرير لتركيا

الإخوان في سوريا: إدانة العرب والتبرير لتركيا


14/06/2023

بينما سارع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى إدانة اللقاءات العربية بمسؤولين من الحكومة السورية، وإدانة الانفتاح العربي على النظام السوري بقيادة بشار الأسد، وعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، لم يصدر عن الائتلاف بياناً واحداً يدين التقارب التركي مع الأسد.

تُفهم مواقف الائتلاف من معرفة الطرف المسيطر عليه، وهم جماعة الإخوان في سوريا، الذين تنالهم سهام النقد من السوريين أنفسهم قبل غيرهم، بسبب الأضرار الكبيرة التي ألحقوها بالثورة.

الإخوان والمعارضة السورية

يذكر موقع الائتلاف الرسمي على الإنترنت، أنّ جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، أحد 12 مكوناً يمثلون الائتلاف، ولها حصة عضوين من 81 عضواً، هم أعضاء الائتلاف في جميع هيئاته العامة، بينما يمثّل 14 عضواً الأكراد، في المجلس الوطني الكردي والمستقلين، على الرغم من ضعف المكون الكردي داخل الائتلاف على الأرض. يبدو من ذلك وكأنّ الإخوان المسلمين لا وجود يُذكر لهم داخل الائتلاف، لكن تلك ليست الحقيقة.

يقول المحلل السياسي السوري، فراس علاوي، بأنّه على الورق نجد أنّ نسبة الإخوان عادية مثل أي جسم آخر، لكنّ الحقيقة هم الأكبر وجوداً في المعارضة؛ لأن هناك تيارات تتبع الإخوان بشكلٍ أو بآخر، وتؤمن لهم بذلك الأغلبية داخل الائتلاف المعارض.

فراس علاوي: دور الإخوان كان محدوداً في الثورة

أحد الأمثلة على ذلك، تيار المستقبل الوطني، الممثل بعضوين في الائتلاف، يشغل أحدهما منصب الأمين العام للائتلاف، وهو هيثم محمود رحمة، الذي يتبيّن بقراءة سيرته أنّه عضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومقره قطر، ويضم الشخصيات المحسوبة على الإخوان المسلمين في العالم.

يضيف علاوي لـ"حفريات" بأنّ إخوان سوريا كان لهم وجود سابق في المعارضة قبل الثورة، ممثلين في جبهة الخلاص، ومع الثورة حاولوا مثل الأجسام السياسية الاستفادة منها. ونوه بأنّ دور الإخوان على الأرض كان محدوداً في الثورة، ولكن بما أنّهم الفصيل الأكثر تنظيماً ومعرفةً ويملك المال السياسي، ولهم تواجد كبير في أوروبا والخارج، لعبوا دوراً كبيراً سيطروا من خلاله على الأجسام السياسية التي تمثل المعارضة، بدايةً بالمجلس الوطني ثم الائتلاف.

النهج الإخواني أدى إلى تقزيم المواقف السورية والإضرار بالثورة، وإبعاد دول في المنطقة عن دعم المعارضة بسبب اشتباك الإخوان السوريين بالقضايا الإقليمية

ويرى علاوي أنّ دور الإخوان كان معطلاً للعديد من قرارات المعارضة وأجسامها رغم أنّ وجودهم الرسمي محدود داخل تلك الأجسام.

ولفت إلى أنّ مشكلة الإخوان في سوريا هي أنّ فكرهم السياسي يتعارض مع المشروع الوطني؛ ويسعون لبناء الدولة الإسلامية، ولهذا كان موقفهم من الثورة ضمن هذا الفكر، وتسبب ذلك في انخراطهم في محاور إقليمية أكثر من عملهم للدفاع عن الثورة. ويوضح علاوي بأنّ النهج الإخواني الذي يحرك الأجسام التي تمثل المعارضة أدى إلى تقزيم المواقف السورية والإضرار بالثورة، وإبعاد دول في المنطقة عن دعم المعارضة بسبب الاشتباك الإقليمي للإخوان السوريين بالقضايا العربية، مثل الأزمة الخليجية - الخليجية.

إدانة العرب

بإجراء رصد سريع لعدة أشهر من بيانات المكتب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا عبر "فيسبوك"، يتضح التالي؛ لم تتناول الجماعة بأي شكل قضايا اللاجئين السوريين في تركيا، ولم تتحدث عن الجرائم التي يتعرض لها العديد منهم. كانت المرة الوحيدة التي تناولت فيها المعارضة السورية التي يهيمن عليها الإخوان مسألة تتعلق باللاجئين في تركيا عبر بيان رسمي صادر عن "الائتلاف السوري المعارض" حول قضية مقتل عدد من السوريين على يد قوات حرس الحدود التركية، والذي دعا إلى التحقيق والتواصل مع السلطات التركية بشأن تلك الحوادث.

مقابل ذلك، لم يبخل مكتب الجماعة بالبيانات التي تتدخل في الشأن التونسي والمصري، وتدافع عن الإخوان في البلدين وتدين النظام السياسي في الدولتين. وفي حالة قضية اللاجئين في لبنان، أدانت الجماعة خطط الحكومة اللبنانية لترحيل اللاجئين، بينما لم تذكر ولو مرة أي شيء عن التصريحات الرسمية وحديث الساسة الأتراك عن ترحيل اللاجئين السوريين، أو حتى قيام السلطات التركية بترحيل عدد من اللاجئين وتسليم بعضهم للنظام السوري.

رفع آيات الشكر والعرفان إلى تركيا وقطر في كل مناسبة

في موضع آخر، انتقدت الجماعة في بيان رسمي، دعوة صدرت لتنظيم إضراب للعمال السوريين في تركيا، وقالت: "إنّ الدعوة المريبة التي أطلقها بعض الناس للانخراط في إضرابٍ جماعي للعمال السوريين يوم الاثنين القادم، على الأرض التركية، لَهي دعوة تفتقر إلى الحكمة ولا تراعي واقع العمال السوريين في توقيتها، وفي مضمونها وفي غاياتها، وسيكون من نتائجها لو استُجيبَ لها، تقطيع حبال السوريين، وتكدير دار هجرتهم عليهم".

مقابل ذلك لا تألوا الجماعة جهداً في رفع آيات الشكر والعرفان إلى تركيا وقطر في كل مناسبة، وتقديم التعازي في كل حادث في تركيا. وعلى مستوى الائتلاف الوطني السوري المعارض صدرت عدة بيانات أدانت استقبال وزير الخارجية السوري في السعودية، وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، مقابل الإشادة بثوابت الموقف القطري من الثورة السورية، وشكر تركيا في كل موقف.

الناشطة السورية نسرين الريش لـ"حفريات": الإخوان أشادوا بمواقف قطر حين خرج أميرها من جلسة القمة العربية عندما حان دور كلمة بشار الأسد

تقول رئيسة مجلس إدارة مؤسسة جنى وطن السورية، الناشطة نسرين الريش، بأنّ الإخوان لم يكن لهم موقف صريح من تطبيع العرب مع الأسد، سوى تصريحات سطحية جداً غير واضحة. ولفتت لـ"حفريات" إلى أنّ الإخوان أشادوا بمواقف قطر حين خرج أميرها من جلسة القمة العربية عندما حان الدور على كلمة الأسد، بينما لم يتحدثوا عن أنّ قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية لم يكن ليتم لولا موافقة قطر؛ كون قرارات الجامعة تُتخذ بموافقة الجميع.

الولاء لتركيا

مقابل انتقاد الإخوان لمواقف عربية، حتى وإن كانت لهجتها مخففة، بعد 12 عاماً على الثورة السورية، لم يعلق الإخوان بشكلٍ رسمي على التقارب التركي السوري، برعاية روسيا وإيران. تقول الناشطة نسرين الريش، بأنّ الإخوان في سوريا على استعداد للتضحية بأي شيء وأي أحد يؤثر على علاقاتهم بتركيا وقطر؛ حيث قطر الداعم المالي لهم وتركيا الداعم السياسي.

بدوره يقول المحلل السياسي فراس علاوي، بأنّ التطبيع التركي السوري في مراحلة الأولى، ولم يكن للإخوان ردة فعل، مع وجود تبريرات من شخصيات إخوانية سورية تقيم في تركيا. ولفت إلى أنّ الإخوان لن ينتقدوا تركيا، بل يبررون خطواتها، كما فعلوا بحجة الذرائع الانتخابية وقت الانتخابات العامة في تركيا، ولهذا يتمسكون بأي تصريح رسمي تركي يصب في مضمون عدم التقارب أو استبعاد لقاء أردوغان مع الأسد، لتقديمه كحجة لصحة حديثهم.

نسرين الريش: الإخوان سيجدون موضعاً لهم في أي مسار تتخذه الأزمة السورية

وأفاد علاوي، بأنّه من المبكر الحديث عن موقف من التقارب التركي السوري، مبيناً أنّ هذا الموضوع لن يكون صعباً على الإخوان، مشيراً إلى أنّه من الممكن أن تتخذ تركيا خطوات تجاه الإخوان وليس العكس.

ومن جانبها، ترى الناشطة نسرين الريش أنّ الإخوان سيجدون موضعاً لهم في أي مسار تتخذه الأزمة السورية؛ في حال حدث التقارب بين تركيا والنظام على أسس تثبيت الوضع الراهن، سيسعى الإخوان لإقامة حكم أيديولوجي لهم في شمال غرب البلاد، وفي حال السير بالمسار الأممي سيرضون بحصة في حكومة تسوية، عبر وجودهم في الأجسام السياسية المعارضة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية