
يبدو أنّ حركة (حماس) حتى هذه اللحظة لم تجد دولة أخرى توافق على استضافة مكتبها السياسي، بعد الحديث عن توجه قطر إلى إغلاق مكتب الحركة بعد أعوام طويلة من الاستضافة والحماية.
وقد تفرّق قادة حركة (حماس) في أكثر من دولة، ويبحثون في العواصم عن إمكان استضافة نشاط الحركة، لكنّهم يواجهون عراقيل كثيرة ورفضاً واضحاً لأيّ عمل حزبي داخل الأراضي التي يزورونها.
وأقرت قطر على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها ماجد الأنصاري بصورة رسمية مغادرة قيادة (حماس) أراضيها، وأنّ "قادة فريق التفاوض الحمساويين غير موجودين في الدوحة حالياً، ويتنقلون بين عواصم مختلفة"، وفق ما نقلت شبكة (سي إن إن).
وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي أول من أمس: إنّ المكتب السياسي لحركة (حماس) في الدوحة لم يتم إغلاقه بشكل دائم، وذلك في أعقاب تقارير تفيد بأنّ أعضاء من الحركة الفلسطينية انتقلوا إلى تركيا.
وأضاف الأنصاري أنّ أيّ تحرك من جانب قطر لإغلاق المكتب بشكل دائم هو قرار ستسمعون عنه منا مباشرة، ولا ينبغي أن يكون جزءاً من التكهنات الإعلامية، وقد نشرت (حفريات) سابقاً تقريراً يتعلق باتفاق ضمني بين حماس والدوحة حول خروجها دون أن تطلب قطر ذلك منعاً للإحراج.
وبحسب معلومات (إندبندنت عربية)، فإنّ قادة (حماس) تفرقوا في أكثر من دولة، ويبحثون في العواصم عن إمكان استضافة نشاط الحركة، لكنّهم يواجهون عراقيل كثيرة ورفضاً واضحاً لأيّ عمل حزبي داخل الأراضي التي يزورونها.
وتفيد المعلومات الواردة أنّ رئيس العلاقات الخارجية في حركة (حماس) أسامة حمدان غادر لبنان إلى موريتانيا، وهناك التقى قادة سياسيين، وزار الرئيس محمد ولد عبد العزيز في القصر الرئاسي، وطرح عليهم إمكان استضافة مكتب الحركة السياسي.
ووجد وفد (حماس) في موريتانيا تضامناً غير محدود، لكنّ نواكشوط رفضت فكرة فتح مكتب تمثيلي رسمي للحركة، ووافقت على استقبال بعض القادة كحالات إنسانية، بعدما ضاقت بهم الأرض نتيجة الحرب والملاحقة، شرط عدم ممارسة أيّ نشاط سياسي.
وزارة الخارجية الجزائرية رفضت فتح مكتب سياسي للحركة على أراضيها، لكنّها وافقت على منح بعض قادتها إقامات إنسانية والقليل من العمل السياسي.
وتكرر هذا السيناريو مع وفد (حماس) الذي يزور الجزائر برئاسة عضو المكتب السياسي سامي أبو زهري، إذ رفضت وزارة الخارجية فتح مكتب سياسي للحركة على أراضيها، لكنّها وافقت على منح بعض قادتها إقامات إنسانية والقليل من العمل السياسي الذي يقتصر على بعض المؤتمرات الصحافية فقط، ثم بعد ذلك سحبت منهم هذه الصلاحيات.
وتشير المعلومات أيضاً إلى أنّ قادة (حماس) الذين ضاقت بهم الأرض استقبلوا اتصالات مع عواصم عربية تفتح لهم أراضيها لاستضافتهم مع إمكان ممارسة نشاطهم السياسي، لكنّ الحركة رفضت ذلك لانعدام الأمن.
وبحسب المعلومات، فقد اتصل القيادي في المكتب السياسي لجماعة الحوثيين اليمنية محمد البخيتي بأعضاء قيادة (حماس)، وأبلغهم بإمكان استضافة مكتبهم السياسي في صنعاء مهما كانت العواقب، كما كتب محافظ ذمار عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" الحوثيين في اليمن محمد البخيتي في تدوينة عبر منصة (إكس): "نرحب بقادة حماس في صنعاء"، لكنّ الحركة رفضت العرض لعدم توفر الأمان لأعضائها.
كما نقل أنّ حركة (حماس) تلقت اتصالاً من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يعرض إمكان استضافة مكتب الحركة في العاصمة الخرطوم، لكنّ وزارة الخارجية السودانية نفت ذلك، وقالت إنّ ذلك غير صحيح.
وفي ظل هذه الأجواء قرر كبار قادة (حماس) السفر إلى تركيا من أجل التباحث حول إمكان التوصل إلى اتفاق في شأن فتح مكتب سياسي للحركة، واستضافة عناصر الفصيل في أنقرة، وهو ما كشفت عنه هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان).
وانتشرت صورة لوفد (حماس) الذي يزور تركيا في لقاء جمعهم مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، وتبيّن اللقطة أن الطرفين يجريان محادثات شفهية، ممّا يؤكد وجود قادة الحركة الفلسطينية في أنقرة.
وبين تركيا وحركة (حماس) علاقات جيدة، وهي العلاقات الطيبة نفسها التي تجمع أنقرة مع تل أبيب، وعلى رغم ذلك فإنّ الدوائر الرسمية التركية تظهر تعاطفاً إعلامياً قوياً مع (حماس) زاد مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل (13) شهراً.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصورة علنية: إنّه "لا أحد يستطيع أن يجعلنا نصنف (حماس) منظمة إرهابية، وتركيا دولة تتحدث بصراحة مع قادة الحركة وتدعمهم بقوة".
وبين الفينة والأخرى يزور قادة (حماس) الأراضي التركية، ويلتقون قادة بارزين في أنقرة، ومن بين تلك اللقاءات اجتمع رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن مع قادة من المكتب السياسي للحركة في شأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وعلى رغم هذا الود فإنّ تركيا قد لا توافق على استضافة مكتب (حماس) السياسي، وقد تستقبل قادة الحركة لأسباب أخرى، وقال أردوغان: إنّ "مكان قادة (حماس) الطبيعي هو الدوحة وليس أنقرة".
وفي السياق قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: "لقد رأينا للتو التقارير في الأيام القليلة الماضية التي تفيد بأنّ (حماس) انتقلت إلى تركيا"، مضيفاً: "لكن بالطبع، سنوضح للحكومة التركية، كما أوضحنا لكل دولة في العالم، أنّه لا يمكن أن يكون هناك المزيد من العمل كالمعتاد مع حماس"، وفق ما أوردت (بي بي سي).
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت أول من أمس عقوبات على (6) من قادة حركة حماس، من بينهم قياديان من قطاع غزة موجودان خارجه منذ بداية الحرب الإسرائيلية في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ممّا يفاقم أزمات الحركة التي تبحث عن دولة بديلة لاستضافة قادة الحركة.
والأشخاص الذين فرضت عليهم العقوبات هم: غازي حمد وباسم نعيم ومحمد نزال وعبد الرحمن غنيمات وموسى عكاري وسلامة مرعي.
وتتهم واشنطن عدداً منهم بأنّهم شخصيات قيادية في الذراع العسكرية لحركة (حماس)، وأنّهم مسؤولون عن تنفيذ عمليات استهدفت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين قبل أعوام. وسبق أن فرضت عقوبات على شخصيات فلسطينية بارزة منذ بداية عملية "طوفان الأقصى"، وكان من أبرزهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار وشقيقه محمد وقائد كتائب القسام محمد الضيف وشخصيات عسكرية وسياسية أخرى.