تصفية شباب الثورة: كيف تتجلى وحشية الإخوان في السودان

تصفية شباب الثورة: كيف تتجلى وحشية الإخوان في السودان

تصفية شباب الثورة: كيف تتجلى وحشية الإخوان في السودان


05/10/2024

عبدالمنعم همت

بعد ثورة ديسمبر 2018 التي أطاحت بنظام الإخوان المسلمين في السودان، ظهرت رغبة كبيرة لدى التيار الإسلامي في الانتقام من الشعب السوداني. وكانت هذه الرغبة نتيجة تخطيط محكم للعودة إلى السلطة بأيّ ثمن. الثورة، التي طالبت بالحرية والسلام والعدالة، تعاملت مع الإسلاميين بتساهل كبير، مما منحهم الفرصة للبقاء في المشهد السياسي والاستعداد لانقلابهم على الثورة. كان أحد الأخطاء الكبيرة للثورة هو عدم الحزم في التعامل مع الإسلاميين، الذين استغلوا هذا التساهل لإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط للعودة إلى السلطة. وقد تحقق ذلك عندما قاموا بانقلاب أكتوبر، الذي أشعل الحرب الحالية. لم تكن الحرب مجرد صراع على السلطة، بل كانت أيضًا انتقامًا من القوى الثورية، وخاصة لجان المقاومة، التي كانت العمود الفقري للثورة.

في خضم هذه الفوضى، استهدفت الميليشيات الإسلامية، المتحالفة مع داعش، لجان المقاومة بشكل خاص، التي كانت تقوم بأدوار إنسانية وخدمية للمجتمع بعد الثورة وأثناء هذه الحرب اللعينة. في مناطق مثل الكدرو والحلفايا، ارتكبت هذه الميليشيات مجازر بشعة بحق شباب لجان المقاومة. في حي الحلفايا، الواقع في الخرطوم بحري، تمت تصفية 120 شابًا دون محاكمة، في أعمال انتقامية تعكس العقلية الداعشية التي يتبناها الإسلاميون في سعيهم لإخضاع الشعب السوداني. وقد أظهر فيديو متداول، في منطقة الكدرو، ضابطًا يرتدي زي الجيش وهو يحمل سكينًا، معلنًا أنه سيذبح هؤلاء الشباب باعتبارهم تابعين للدعم السريع. هذا التصرف يعكس مستوى العنف المروع الذي يمارس ضدهم، ويطرح تساؤلات أخلاقية وقانونية حول كيفية التعامل مع الأسرى. حتى لو كانوا تابعين للدعم السريع، فإن ذبح الأسرى بالسكين يعد انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية والإنسانية، حيث يجب احترام كرامة الإنسان والامتثال للقوانين الدولية التي تمنع المعاملة القاسية واللاإنسانية.

إن التحالف بين الإسلاميين وداعش يمثل تهديدًا لفرض قبضة أمنية مدمرة على السودان، حيث لا يتورع هؤلاء عن استخدام العنف المفرط والإرهاب لإخضاع المدنيين. إن استهداف المدنيين، وخاصة لجان المقاومة، هو محاولة لإسكات القوى التي أسقطت نظامهم، ويعكس مخاوفهم من التهديد الذي تمثله هذه القوى على مشروعهم السياسي. تصرفات الكتائب الإسلامية، المدعومة بتنظيمات متطرفة، تشير إلى أنهم لا يبحثون فقط عن استعادة السلطة، بل عن القضاء على أيّ معارضة لخططهم. هذا النهج الانتقامي يهدد بنشر الفوضى والعنف في السودان، مما يجعل تدخل المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ضرورة ملحة لوقف هذه الجرائم.

يجب أن يُدرك المجتمع الدولي أن الأوضاع في السودان تتطلب تحركًا عاجلاً لتصنيف هذه الكتائب كمنظمات إرهابية وإجراء تحقيقات دولية حول انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة بحق المدنيين، لضمان تقديم المسؤولين إلى العدالة. إن الضغط الدولي على حكومة الإسلاميين في السودان لتوفير حماية أكبر للمدنيين، خاصة لجان المقاومة، هو أمر بالغ الأهمية. ينبغي على المجتمع الدولي أيضًا تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لتخفيف معاناة المتضررين من النزاع، من خلال تنظيم حملات دعم لتوفير الإغاثة العاجلة للنازحين والمشردين.

علاوة على ذلك، يتطلب الوضع في السودان فهمًا عميقًا للسياق التاريخي للصراع، بما في ذلك العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في تفجير الحرب. يجب تعزيز جهود المجتمع المدني، الذي كان له دور حيوي في دعم الثورة، عبر توفير الدعم والمساندة من قبل المجتمع الدولي لضمان عدم تهميشه في عملية إنهاء النزاع. ويعتبر تعزيز دور النساء والشباب في هذه العملية أمرًا أساسيًا، حيث إن تحسين حقوقهم ومكانتهم يمكن أن يسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة.

التصدي للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد يعد جزءًا لا يتجزأ من أيّ حل شامل، حيث يعاني المواطنون من الفقر والبطالة، مما يزيد من احتقان الوضع. إذا استمر العنف وعدم الاستقرار، فمن المحتمل أن تتسع دائرة الصراع وتتحول إلى أزمة إنسانية كبرى، مما يستدعي استجابة فورية وتعاونًا دوليًا لتحقيق السلام والاستقرار في السودان. إن تضافر الجهود المحلية والدولية، مع التركيز على تعزيز الحوار الوطني والمصالحة، يعد أمرًا ضروريًا لوقف الحرب. يجب على المجتمع الدولي أن يسعى لتحقيق حلول مستدامة تضمن العدالة وتعيد بناء الثقة بين جميع مكونات المجتمع السوداني، وذلك من خلال احترام حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية.

من الضروري تشجيع كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع السوداني على الانخراط في حوار مفتوح وبناء، مع استثناء الإسلاميين وحلفائهم، حيث يجب أن تشمل هذه الحوارات جميع المكونات الاجتماعية، بما في ذلك القبائل المختلفة والأحزاب السياسية والمجموعات المدنية. ومن خلال هذه العملية، يمكن الوصول إلى توافق حول كيفية إنهاء النزاع وتحقيق السلام، بما يحقق آمال الشعب السوداني في بناء دولة ديمقراطية تسودها العدالة والمساواة.

بهذه الطريقة، يمكن أن يتحول السودان من مرحلة الفوضى والعنف إلى مرحلة بناء جديد، تتجاوز فيها الآلام والمآسي السابقة، وتتجه نحو مستقبل مشرق يسوده الأمن والعدالة. إن العمل الجماعي والتضامن بين جميع فئات المجتمع سيكون لهما دور كبير في تحقيق هذا الحلم، مما يعزز من قدرة السودان على التعافي والنمو بعد سنوات من الصراع والمعاناة.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية