مخيم الركبان في مهب أوراق الضغط السياسية بين موسكو وواشنطن

سوريا

مخيم الركبان في مهب أوراق الضغط السياسية بين موسكو وواشنطن


06/11/2018

قبل أيام قليلة، وصلت مساعدات إنسانية من قبل الأمم المتحدة إلى مخيم الركبان، الواقع بالقرب من الحدود الأردنية، ويقطن فيه نحو الـ50 ألف نازح، في ظروف إنسانية شديدة الصعوبة، وكان من المفترض أن تصل هذه المساعدات إلى المخيم، في 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2018، غير أنّها تأجلت بسبب معارضة النظام في دمشق، بذريعة وجود أسباب أمنيّة، تحول دون حدوث ذلك، حيث يسيطر الجيش السوري على مدخل المخيم، وقام بمنع وصول أي إمدادات غذائية وصحية له، فيما تعد تلك أول قافلة إغاثة من الأمم المتحدة تدخل المخيم، منذ كانون الثاني (يناير) العام الماضي.

مخيم "الموت" في شرق سوريا

تشمل المساعدات الإغاثية، المكونة من 78 شاحنة، والتي وصلت للمخيم السبت الماضي، حوالي 10 آلاف خيمة وأكواخ من الطين، وتشير الأمم المتحدة إلى أنّ النساء والأطفال، يشكلون نسبة 80 في المئة من سكان المخيم، ويعانون من سوء تغذية وأمراض مزمنة، خاصة التهاب الكبد الوبائي (فيروس سي)، وتؤكد مجموعات الإغاثة، أنّ العديد من الحوامل في المخيم، ينجبن دون وجود عناية صحية كافية.

اقرأ أيضاً: سؤال الثورة الأخير: ماذا كنتم تفعلون في سوريا؟

ومن جهته، ذكر الهلال الأحمر السوري، في بيان له، إنّ "المساعدات تتألف من 78 شاحنة محملة بحوالي مواد غذائية، وأكياس طحين، وألبسة لنحو 18 ألف طفل، و10 آلاف مواد للنظافة الشخصية، وحوالي 1200 رزمة خاصة بالأطفال حديثي الولادة".

وأوضح منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، علي الزعتري، المقيم في دمشق، إنّهم "يطلقون حملة طارئة لتلقيح نحو 10 آلاف طفل ضد الحصبة وشلل الأطفال، وغيرها من الأمراض المهددة للحياة".

أطفال مخيم الركبان

مخيم الركبان بين همجية الأسد وعدوان داعش

يتحكم في مخيم الركبان، الذي أنشئ في العام 2012، كمحطة عبور للنازحين نحو الأردن، قبل أن يتحول إلى مخيم رسمي نهاية العام 2014، عدة عوامل؛ من بينها العوامل الطبيعية والمناخية للمخيم، وظروف الطقس القاسية، نظراً لوجوده في عمق الصحراء؛ حيث يندر توافر المياه الصالحة للشرب والنقية، ولا تنبت فيه النباتات والأعشاب حتى الصحراوية، بالإضافة إلى العواصف الرملية المستمرة، ويضاف إلى ذلك، الجغرافيا السياسية الجديدة التي تشكلت على تخوم الحرب السورية، ما جعل مصير المخيم بمثابة ورقة ضغط سياسية، بيد النظام وحلفائه، لتحقيق أغراضهم السياسية والاستراتيجية، ووفق رؤى اللاعبين الرئيسيين، موسكو وواشنطن.

يعد مخيم  الركبان من أكبر المخيمات في سوريا ويتراوح عدد المقيمين فيه بين 60 إلى 65 ألف نسمة

فالمخيم يقع في المنطقة الجنوبية الشرقية من سوريا، ويمتد في نقطة جغرافية بمساحة 55 كم، تفصله عن قاعدة التنف العسكرية، التابعة للتحالف الدولي، برعاية الولايات المتحدة، وهي منطقة خاضعة لحمايتها، ويصعب الوصول لها، دون تنسيق وتفاهم مع النظام وحلفائه، خاصة بعد سيطرته على المناطق في الحدود الشرقية.

مخيم الموت

في حديثه لـ "حفريات"، يوضح عقبة أبو عبد الله، أحد أبناء المخيم، أنّ "الركبان" يضم ضحايا النظام السوري، من جهة، وتنظيم "داعش"، من جهة أخرى، ومعظم المتواجدين في المخيم؛ هم من ريف حمص، الذين فروا من تنظيم داعش، وقصف النظام ومعاركه، فضلاً عن نازحين من الرقة والبوكمال ودرعا.

اقرأ أيضاً: زواج قاصرات اللجوء السوري: طفلات في مرتبة أمهات

ويعاني المخيم من "إهمال شديد، ما فاقم من الأوضاع الإنسانية التي يتكبدها الأطفال؛ بسبب غياب الرعاية الصحية وسوء التغذية"، كما قال أبو عبد الله، بالإضافة إلى عدم توافر مدارس لتعليمهم، ومياه صالحة للشرب، وأمصال من الأمراض المنتشرة بين أهل المخيم، خاصة، لدغات العقارب والحشرات السامة؛ فهناك "900 طفل مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، وخلال الشهر الماضي تشرين الأول (أكتوبر) توفي 14 شخصاً، من بينهم أطفال ونساء".

ويسعى النظام السوري إلى الضغط بكل الوسائل، بغية تصفية المخيم، وإنهاء الوضع القائم بشتى الطرق؛ لأن بقاءه يجعل من سيطرته منقوصة وغير كاملة على المناطق التي استعادها لسيطرته، في شرق سوريا، وعلى امتداد الحدود السورية العراقية الأردنية؛ وهو المثلث الذي يقع فيه المخيم، ويحتمي بقاعدة التحالف الدولي.

الخيم المهترئة في المخيم

لماذا حاصر النظام السوري مخيم الركبان؟

مخيم الركبان الذي أنشئ بعد قيام الثورة السورية، على إثر قيام النظام بقصف المناطق في حمص والسخنة، بمساعدة الطيران الروسي، يرفض المصالحة التي يحاول فرضها النظام عليه، كما يوضح، مضر حماد الأسعد، المنسق العام للرابطة السورية لحقوق اللاجئين لـ "حفريات".

يوضح عقبة أبو عبد الله من مخيم الركبان أنه يضم ضحايا النظام السوري وتنظيم داعش من جهة أخرى

ويعد المخيم، بحسب الأسعد، من أكبر المخيمات في سوريا، ويتراوح عدد المقيمين فيه بين 60 إلى 65 ألف نسمة؛ فالأعداد متفاوتة بسبب حالات النزوح والعبور إلى الحدود؛ ففي وقت من الأوقات، وصل عدد المتواجدين بالمخيم إلى 120 ألف نسمة، لكن كثير منهم عبروا الحدود الأردنية.

وبالرغم من محاولة النظام السوري كل فترة وأخرى، إرسال "العصابات المسلحة"، كما يصفها الأسعد، إلى المناطق المتاخمة للمخيم، سواء من المليشيات العراقية أو الإيرانية، لقطع الطريق عنه، ومنع وصول أي إمدادات له، بهدف الضغط على العناصر التي ترفض تفكيك المخيم، والعودة إلى أحضان النظام، إلا أنهم يتمسكون بموقفهم الرافض للعودة لمناطق سيطرة النظام، في ظل الضغوط الكبيرة عليهم ومعاناتهم؛ لأنه سبق لمن عاد من أهالي المخيم لبلاده، بعدما استولى عليها النظام، أن تعرضوا للاعتقال والقتل، بالإضافة إلى تجنيد الشباب في الجيش، والزج بهم في الصفوف الأولى للمعارك، فقتلوا أثناء مهاجمة المدن السورية التي قام بها الأسد.

يعاني المخيم من إهمال شديد ما فاقم من الأوضاع الإنسانية التي يتكبدها الأطفال

وإلى ذلك، فإنّ المخيم يتعرض للنهب والسرقة واستهداف القاطنين فيه، بواسطة مقاتلي تنظيم داعش، الذين يمررهم النظام أحياناً، لتنفيذ عمليات تفجيرية، واغتيال بعض العناصر النشطة في الثورة، والمعارضة للنظام، ناهيك عن إرسال الجواسيس لخطف الأهالي، كما يؤكد المنسق العام للرابطة السورية لحقوق اللأجئين.

اقرأ أيضاً: سوريا إذ تتحول إلى ساحات مفتوحة لحروب بالوكالة

وبسؤاله عن العناصر التي تنظم الحياة داخل المخيم، خاصة في ما يتصل بالشأن السياسي والعلاقة مع النظام والأطراف المعارضة، يشير الأسعد إلى أنّ الفصائل التي يخضع لسيطرتها المخيم من المعارضة السورية؛ تتشكل من "جيش أحرار العشائر"، و"جيش مغاوير الثورة"، بالإضافة إلى مجموعة كتائب أخرى، بعضها ينتمي للثورة ومعارضة النظام، وأخرى تتصل بالجماعات العشائرية المتمركزة في المخيم.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية