لماذا طالبت تركيا وقطر بتنحّي الأسد عن قيادة سوريا مجدداً؟

لماذا طالبت تركيا وقطر بتنحّي الأسد عن قيادة سوريا مجدداً؟


27/09/2018

خلافاً للسياقات العامة لتطورات الأزمة السورية، التي استقرّت منذ أكثر من عامين، في أوساط الحلفين، اللذين تقودهما الولايات المتحدة من جهة، وروسيا من جهة أخرى، على القبول ببقاء الرئيس بشار الأسد في قيادة سوريا، ولو في مرحلة انتقالية، بالتزامن مع الحديث عن التوافقات التي يجري بحثها بإشراف المبعوث الأممي لسوريا، دي مستورا، حول دستور سوري جديد، يضمن سحب صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح رئيس وزراء منتخب، ونزع صلاحيات الرئيس في تعيين رئيس الحكومة والوزراء، انفردت القيادتان التركية والقطرية في الأمم المتحدة بإعادة المطالبة برحيل الأسد، كشرط للحلّ السياسي في سوريا.

انفردت القيادتان التركية والقطرية في الأمم المتحدة بإعادة المطالبة برحيل الأسد، كشرط للحلّ السياسي في سوريا

قضية بقاء الأسد على رأس سوريا، أصبحت قضية خارج النقاش، والشروط المتبادلة دولياً، منذ عامين، ولم تعد مطروحة، لا من قبل الولايات المتحدة، ولا حتى من قبل إسرائيل، وتراجعت عنها دول أوروبية، تحديداً فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وغاب مصطلح ومفهوم غياب الأسد عن القاموس السياسيّ لدول كثيرة في المنطقة؛ كالسعودية والإمارات والأردن، كشرط للحلّ السياسي في سوريا، في ظلّ قناعات ترسّخت بعدم قدرة المعارضة السورية "عسكرية أو سياسية"، على أن تكون بديلاً لنظام الأسد، وقناعات بعدم تكرار الأخطاء الكبرى التي اقترفتها أمريكا في العراق، من هنا؛ كانت المطالبة بالحفاظ على الدولة السورية، ومؤسساتها، خاصة الأمنية والعسكرية، قاسماً مشتركاً تمّ التوافق عليه بين كلّ الخصوم في سوريا، هذا إضافة إلى قناعات بأنّ البدائل للأسد محدودة، وتكاد تنحصر في "الإسلاميين" و"الإرهابيين"، وهو ما يعني ذهاب سوريا، في حال إسقاط الأسد، إلى سيناريو الفوضى والصوملة والدولة الفاشلة.

وإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا تطرح القيادتان التركية والقطرية، مجدداً، وعبر منصة الأمم المتحدة، موضوع المطالبة برحيل الأسد، كشرط لإنهاء الأزمة السورية، ولمصلحة من تأتي مثل هذه الدعوة بهذه المرحلة؟

اقرأ أيضاً: كيف تدير روسيا وتركيا معركة إدلب بمعزل عن "الأسد"؟

أولاً: هناك فروق في الأوزان النسبية، لكلّ من قطر وتركيا، في الأزمة السورية، رغم القواسم المشتركة الكثيرة بين القيادتين، خاصة دعم ورعاية الإخوان المسلمين في المنطقة، بمن فيهم الإخوان السوريون، من هنا فإنّ الموقف التركيّ تجاه الأسد، من قبل تركيا، يأخذ حيزاً من الاهتمام والتعامل معه أكثر منه موقف قطر، المنسحبة عملياً من القضية السورية، إلا في حدود دعم الموقف التركي، ودعم "هيئة تحرير الشام"، وفصائل إسلامية مسلحة في إدلب وبعض مناطق سوريا.

البدائل للأسد محدودة، وتكاد تنحصر في "الإسلاميين" و"الإرهابيين"، وهو ما يعني ذهاب سوريا، في حال إسقاط الأسد، إلى سيناريو الفوضى

ثانياً: تدرك تركيا أنّ بقاء الأسد يشكّل أبرز القواسم المشتركة، بين حليفيها روسيا وإيران، مع اختلاف الغايات والشكل والمضمون لكلٍّ منهما؛ فهل يرتبط الموقف الحاليّ بانزياحات في الموقف التركيّ والخلافات مع إيران، برزت على خلفية قضية إدلب، التي تدلّ مؤشراتها على أنّ فجوة عميقة باتت قائمة بين الموقفين التركي والإيراني، لا يستبعد معها وقوع صدامات بين قطاعات الجيش التركي مع المليشيات الإيرانية، خاصة في إدلب وريفها، في ظلّ إدراك تركيّ بأنّ أهمّ أهداف إيران في سوريا؛ بقاء الأسد على رأس السلطة، بما يضمن استمرار إستراتيجيتها بتأمين طريق طهران، بغداد، دمشق، ثم بيروت.

ثالثاً: لم تقابل المقاربة التركية تجاه بقاء الأسد بأيّة ردود فعل سلبية من قبل أمريكا وإسرائيل والدول الأوروبية، فيما التزمت روسيا وإيران الصمت تجاهها، وهو ما يمكن معه تفسير الدعوة التركية القطرية بأنّها لا تعدو أن تكون رسالة ضغط على القيادة السورية، في سياقات المطالبات الأمريكية والإسرائيلية للأسد بإخراج إيران من سوريا، وهو ما تردّد حول اتفاق تم إنجازه بين روسيا من جهة مع أمريكا وإسرائيل، تبعته تصريحات معلنة لقيادات إسرائيلية وتسريبات حول رسائل سعودية للقيادة السورية، مضمونها الالتزام ببقاء الأسد على رأس سوريا مقابل إخراج إيران من سوريا.

اقرأ أيضاً: مذبحة داعش بالسويداء.. فتش عن التحالف مع الأسد

لا تمتلك قطر ولا تركيا فرض شروط لمستقبل القضية السورية، بمستوى بقاء الأسد، أو مغادرته السلطة في سوريا؛ لأنّهما تدركان أنّ قراراً بهذا المستوى، تمّ اتخاذه في عواصم القرار "موسكو وواشنطن" ببقاء الأسد، وبتوافق على إعادة إنتاج سوريا جديدة، عنوانها الفدرالية، دولة جديدة غير ممانعة، تمضي قدماً في سلام مع جارتها إسرائيل، ومن المؤكد أنّ الدعوة التركية القطرية وصلت إلى القيادة الإيرانية في طهران، والتي ستعزّز قناعاتها بانتهاء مرحلة تحالفات "تفاهمات" الضرورة، التي جمعت طهران بأنقرة، بإشراف من روسيا، خاصة بعد لقاء سوتشي مؤخراً، بين الرئيسين؛ بوتين وأردوغان، والاتفاق الذي تمّ إنجازه بخصوص إدلب، خلافاً للمطالب الإيرانية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية