كيف تدير روسيا وتركيا معركة إدلب بمعزل عن "الأسد"؟

سوريا

كيف تدير روسيا وتركيا معركة إدلب بمعزل عن "الأسد"؟


03/09/2018

لم تتوقف التحليلات والتكهنات، حول سيناريوهات ما قد تؤول إليه الحرب ونتائجها، منذ بدأت التسريبات الصحافية، من شخصيات قريبة، داخل النظام السوري، وأعضاء في الحلف الإقليمي الموالي له، حول شن قوات "الأسد"، المدعومة من طهران وموسكو، الحرب على محافظة إدلب، شمال غرب سوريا، والتي تعد آخر معاقل الفصائل المسلحة والمعارضة السورية، في المنطقة التي يقطنها حوالي ثلاثة ملايين سوري، من بينهم، أكثر من مليون نازح، لاذوا بها فراراً من الاقتتال، في مناطق مختلفة.

في بداية الثورة كانت تخضع إدلب لسيطرة الجيش الحر، إلا أن النظام استطاع انتزاعها منه في 2012

فمن منطقتي درعا والغوطة الشرقية، انتقل إلى درعا، ما يربو على النصف مليون شخص، فيما يتوقع كثيرون حدوث أزمات إنسانية وتعقيدات سياسية، ترافق المعركة حال نشوبها وشن النظام هجماته، والتي اقترب موعدها، بحسب مصادر مقربة من النظام.
كما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء، عن مسؤول في التحالف الإقليمي، الداعم للأسد، لم تذكر اسمه، نية النظام لبدء الهجوم على إدلب، وأنها بصدد "اللمسات الأخيرة للإعداد للمعركة، دون تحديد موعد الهجوم".

اقرأ أيضاً: معركة إدلب.. هل ستكون الحاسمة؟
بيد أنه ذكر خطة النظام، الذي ينوي من خلالها استهداف الأجزاء الجنوبية والغربية، في البداية، والتي تسيطر عليها المعارضة، وليس مدينة إدلب نفسها، بهدف شل الإمدادات والدعم التي قد تحصل عليه وتطويقها.

استخدام الكيماوي في خان شيخون بإدلب

وأشار المسؤول في التحالف الإقليمي، إلى أنّ المرحلة الأولى من الهجوم، ستشمل بلدة جسر الشغور، وسهل الغاب، على الجانب الغربي، من أراضي المعارضة، وبلدات اللطمانة، وخان شيخون، ومعرة النعمان، في جنوبها، وهي المناطق التي سيؤدي انتزاعها من سيطرة فصائل المعارضة، إلى استعادة النظام طريقين مهمين، كانا يؤديان من حلب إلى حماة واللاذقية.
المعقل الأخير للنظام والمعارضة
تعد إدلب ثاني المحافظات السورية المحررة، بشكل كامل من أي تواجد لقوات النظام السوري وحلفائه الإقليميين، وذلك منذ العام 2015، حيث تضم العديد من الفصائل المسلحة للمعارضة، تحت مسمى "جيش الفتح".
وفي السنة الأولى للثورة السورية، كانت تخضع إدلب لسيطرة الجيش الحر، إلا أنّ النظام استطاع انتزاعها منه في العام 2012، على إثر وقوع اشتباكات بينهما في أيلول (سبتمبر) عام 2011، أسفرت عن خسارته المحافظة ومركزها.
وفي آذار (مارس)، عام 2015، تمكنت جبهة النصرة من السيطرة على إدلب، وطرد قوات حزب الله المتمركزة هناك.

من منطقتي درعا والغوطة الشرقية، انتقل إلى درعا ما يربو على النصف مليون شخص نازح

وقبل عام، نفذ النظام السوري في مدينة خان شيخون، التابعة لمنطقة معرة النعمان بمحافظة إدلب، إحدى أكبر الهجمات الكيماوية الشرسة التي أسفرت عن مقتل 83 من المدنيين، كان ثلثهم من الأطفال، استخدم فيها غاز للأعصاب، بحسب محققين من الأمم المتحدة أكدوا في نتائج تقريرهم، استخدام قوات "الأسد" غاز السارين.
تعد إدلب ذات أهمية إستراتيجية للمعارضة والنظام، على حد سواء؛ فهي من ناحية، تشكل الامتداد الجغرافي بين مدينة حلب وحماة واللاذقية، ومن ناحية أخرى، تضم المحافظة تكتلات مختلفة من ثوار مدينة حماه، فضلاً عن الهاربين من المناطق، التي يسيطر عليها ما يعرف بـ "تنظيم الدولة الإسلامية"، في ريف حلب الشرقي والرقة ودير الزور، ناهيك عن النازحين من مختلف المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، والذين رفضوا العودة إلى حكم الأسد، وذلك، بموجب اتفاقات "إجلاء".
وبحسب تقرير للأمم المتحدة، فإنّ عمليات الإجلاء من الغوطة الشرقية، ودرعا، وغيرهما من مناطق المعارضة التي انتزعت الحكومة السيطرة عليها ساهمت في نزوح ما يربو على نصف مليون شخص إلى إدلب، أو إلى محيطها، خلال الشهور الستة المنصرمة.
النظام يواصل رفع درجة التوتر
وبينما بدأ النظام السوري بإلقاء المنشورات، على أجزاء من محافظة إدلب، مع مطلع الشهر الماضي، لدعوة الأهالي للتعاون مع الجيش النظامي، حفاظاً على أمنهم، يتوقع مراقبون أن يكرّر النظام ما فعله في الغوطة، في خطة الهجوم؛ حيث قطع طرق الإمداد من ريف حلب الغربي، ثم تقسيم إدلب لعدة مناطق معزولة، بحيث يحرمها من أي دعم ميداني وعسكري، ولا يتوافر أي ممرات آمنة للمدنيين والجرحى، ويكثف، في المقابل، هجماته الجوية، وهي الإستراتيجية "الأسدية"، التي اعتمدها في كل حروبه ضد المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها، عبر استهدافهم بعمليات القصف الممنهجة؛ لا سيما، المنشآت الحيوية، كالمستشفيات ومراكز الدفاع المدني، بما يؤدي إلى كارثة إنسانية، توثقها وتكشف عنها أعداد القتلى والجرحى.

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب يعرقل "الإخوان المسلمون" توافق السوريين في إدلب
وإلى ذلك، قالت الأمم المتحدة، في بيان لها، الأربعاء الماضي، أنّ الهجوم المرتقب لقوات النظام السوري، على محافظة إدلب السورية، في شمال غرب البلاد، قد يفضي إلى تهجير ما لا يقل عن 800 ألف شخص، يعيشون أصلاً في وضع إنساني مأساوي.
توقعت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، التابع للأمم المتحدة في دمشق، ليندا توم، أن يكون للهجوم نتائج "كارثية".
سيناريوهات الصراع في إدلب
وفيما يتصل بالموقف الإقليمي والدولي، يبدو أنّ روسيا وتركيا، هما اللاعبان الرئيسيين، في معركة إدلب. غير أنّ استعادة النظام السوري لإدلب، يشكل تهديداً استراتيجياً، على تلك المناطق التي سيطرت عليها أنقرة، خاصة بعد عمليتي غصن الزيتون ودرع الفرات، ومن ثم لا تتوانى عن رفض المعركة والتحذير منها.

وفاة طفلة متأثرة بغاز الأعصاب

وعلى النقيض، يقف الموقف الروسي الداعم على أكثر من مستوى، عسكرياً وسياسياً، إلى جانب نظام الأسد، فقد وصف الكرملين إدلب بأنها "بؤرة للإرهابيين" وطالب بإنهاء وتصفية الأمر القائم.
وأفصح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، بأنّ التدريبات البحرية الروسية، المقررة في البحر المتوسط يبررها الوضع في إدلب.
وفي حديثه لــ"حفريات"، يوضح الصحافي السوري، سردار ملادرويش، مدير شبكة "آسو" الإخبارية، أنّ النظام السوري يريد استعادة إدلب ومناطق شمال شرق سوريا، لكنه، في المقابل، يعاني من قلة وشح الموارد والقوة العسكرية، ونجد أثر ذلك، في عدم استطاعته تدبير أمر حلب، مثلاً، خاصة، في ظل تراجع الدعم الإيراني عن السابق، والذي ابتعد بدرجة ما عن الواجهة السورية، أمام تقدم روسيا". وأضاف أنّ موسكو "تبحث عن تسوية سياسية، وتكتفي بسيطرة النظام على المناطق التي تخضع لنفوذه حالياً. وثمة اتفاق بين روسيا وأمريكا، على استعادة مؤسسات الدولة، ثم تقرير مصير النظام والأسد".

اقرأ أيضاً: مخططات أمريكية تتعلق بمقاتلي داعش المحتجزين في سوريا..ما هي؟
وتعد خطوة توجه النظام وروسيا، إلى إدلب، "أحد السيناريوهات المطروحة، لكن، حتى الآن"، وفق ملادرويش الذي يقول "لا يوجد ثبات في كون النظام سيسيطر على المحافظة، أو يكون بمقدوره استعادتها؛ لأن المفاوضات الجارية بخصوص إدلب، مرهونة، بالأساس، بتلك المفاوضات الجارية بين تركيا وروسيا، حيث تقرر نتائجها ومخرجاتها مصير إدلب في النهاية، والتي اعتمدت في أجد جوانبها، على توصيف الإرهاب فيها، وتحديده في هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، بالإضافة إلى قوات الأيغور القادمة من شرق آسيا".
وبحسب سردار، فإنه وفقاً لنتائج المفاوضات، واحتساب أن قوات الإيغور وهيئة تحرير الشام، هما الطرفان اللذان يصنفان، بأنهما إرهابيان، فذلك يعني، حتماً، حل الجبهة لنفسها، "وهو ما يعطي مؤشرات واضحة على أنّ تركيا، هي التي تملك زمام الأمور وتقود، وربما، تكون استطاعت أن تقنع الجبهة، بحل نفسها بدلاً من الصراع، وبالتالي، تلتحق بجبهات أخرى، وتشكيل قوى مختلفة عبر التنسيق مع فصائل المعارضة في إدلب".

اقرأ أيضاً: الوجود الإيراني في سوريا بين المطرقة الإسرائيلية والسندان الروسي
ويشير مدير شبكة "آسو" الإخبارية إلى أنّ الأمر ذاته قد حدث في درعا، حيث تم الاتفاق بين الروس وفصائل المعارضة على التسوية، والآن، يشترك الطرفان في إدارة العديد من المناطق هناك. وبالتالي، فإنّ "اقتحام إدلب فيه الكثير من الصراعات السياسية، بعد أن باتت قبلة للفصائل المسلحة المهاجرة، من بؤر الحرب والاقتتال، خصوصا السنية".
وفي تقدير ملادرويش، فإنّ "الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، لن تستطيع تحمّل كلفة الحرب ونزوح هؤلاء الناس، إذا اندلعت المعركة، حيث سنكون أمام هجرة سورية جديدة لأوروبا، فإدلب هي المحطة الأخيرة، لبدء التسويات السياسية والوصول للمرحلة الإنتقالية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية