كم مليوناً قتلت الولايات المتحدة في الحروب التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر؟

كم مليوناً قتلت الولايات المتحدة في الحروب التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر؟


كاتب ومترجم جزائري
29/07/2018

ترجمة: مدني قصري


عدد ضحايا الحروب الأمريكية، منذ الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، بالكاد تمّ إحصاؤه، لكنّ مواجهة الحجم الحقيقي للجرائم المرتكبة تظلّ ضرورة أخلاقية وسياسية وقانونية ملحّة، كما يقول نيكولاس جي. أس. ديفيز (Nicolas J.S. Davies) في الجزء الثاني من بحثه المنشور في 25 نيسان (أبريل) 2018.

في الجزء الثالث والأخير من منشوره؛ يفحص نيكولاس جي. إس. ديفيز، سجل الحروب السرية والحروب بالوكالات للولايات المتحدة؛ في ليبيا، وسوريا، والصومال، واليمن، ويشدّد على أهمية الدراسات الشاملة حول الوفيات بسبب الحرب.

لا يمكن لأية جريمة مهما كانت هذه الجريمة مروعة أن تُبرّر 16 عاماً من الحرب

نيكولاس جي. أس. ديفيز؛ مؤلف كتاب "دماء في أيدينا: الغزو الأمريكي وتدمير العراق" (Blood On Our Hands: the American Invasion and Destruction of Iraq)، وكتب الفصل حول "أوباما في الحرب ترتيب الرئيس الرابع والأربعين: تقرير عن الفترة الأولى لباراك أوباما كقائد تقدمي" (Grading the 44th President: a Report Card on Barack Obama’s First Term as a Progressive Leader.). يقول نيكولاس جي. أس. ديفيز:

"في الجزء الأوّل والثاني من هذا المنشور، قدّرتُ أنّ حوالي 2.4 مليون عراقي قُتلوا نتيجة الغزو غير القانوني لبلدهم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عام 2003. والآن سأتناول الموتى الأفغان والباكستانيين كجزء من تدخل الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2001. وفي الجزء الثالث: سأفحص الوفيات الناجمة عن الحرب في ليبيا والصومال وسوريا واليمن. ووفق تقرير الجنرال الأمريكي المتقاعد، تومي فرانكس، الذي قاد الحرب ضدّ طالبان في أفغانستان، ردّاً على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001؛ فإنّ الحكومة الأمريكية لا تأخذ في الحسبان الخسائرَ المدنيّة التي تسبّبت فيها "هل تعلم أننا لا نحسب الجثث"، هكذا قال فرانكس ذات يوم.

كتاب "دماء في أيدينا: الغزو الأمريكي وتدمير العراق" لـ"نيكولاس جي. إس. ديفيز"

فكما شرحت ذلك في الجزء الأول، حاولت الولايات المتحدة تبرير غزواتها في أفغانستان، وفي العديد من البلدان الأخرى، كردّ شرعي على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) الإرهابية. لكنّ الولايات المتحدة لم تهاجَم من قبل دولة أخرى في ذلك اليوم، ولا يمكن لأيّة جريمة، مهما كانت مروّعة، أن تبرّر 16 عاماً من الحرب، ولم ينته الأمر، ضدّ سلسلة من البلدان التي لم تهاجِم الولايات المتحدة.

جرائم ضدّ الإنسانية

وكما قال قاضي نورمبرغ السابق، بنيامين فيرينكز، للإذاعة الوطنية العامة، بعد أسبوع من الهجمات الإرهابية: "كانت هذه جرائم ضدّ الإنسانية، وليست "جرائم حرب"؛ لأنّ الولايات المتحدة لم تكن في حالة حرب، ليس أبداً ردّاً مشروعاً معاقبة الأشخاص الذين ليسوا مسؤولين عن ارتكاب خطأ".

أفغانستان

عام 2011، كان الصحفي الاستقصائي الحائز على جائزة "غاريث بورتر" يقوم بأبحاث حول الغارات الليلية لقوات العمليات الخاصة الأمريكية في أفغانستان، لمقاله "كيف قام ماكريستال وبتريوس ببناء آلة قتل عشوائية"(How McChrystal and Petraeus Built an Indiscriminate Killing Machine)، كان انتشار الغارات الليلية من 2009 إلى 2011 جزءاً مركزياً من تصعيد باراك أوباما في الحرب الأمريكية في أفغانستان، وقد قام بورتر بتوثيق زيادة تدريجية، قدّرها بــ 50 مرّة، عدد الغارات في الشهر، من 20 غارة شهرياً في أيار (مايو) 2009، إلى أكثر من 1000 غارة شهرياً في نيسان (أبريل) 2011.

لكنّ الغريب أنّ بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان "يوناما"(MANUA)  قد أبلغت عن انخفاض في عدد المدنيين الذين قتلتهم القوات الأمريكية.

اقرأ أيضاً: ترامب لن يجعل أمريكا أكبر، إنه يرقص فوق الجثة

استندت تقارير هذه البعثة MANUA، بشأن وفيات المدنيين، إلى التحقيقات التي أجرتها اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان (AIHRC)، في هذا الشأن قام نوري شاه نوري، وهو صحفي أفغاني يعمل مع بورتر حول المقال، بمقابلة نادر نادري، المفوّض التابع للجنة، لمعرفة ما كان يجري.

لقد شرح نادري لنوري: "... هذا الرقم لا يمثل سوى عدد الوفيات بين المدنيين في 13 حادثة تم التحقيق فيها بدقة، ولم يشمل الوفيات في 60 حادثة أخرى تمّ تلقّي شكاوى بشأنها، لكن لم يتم التحقيق فيها بدقة بعد".

وتابع بورتر قائلاً: "لقد قدّر نادري منذ ذلك الحين أن العدد الإجمالي للمدنيين الذين قتلوا خلال الغارات الليلية الـ 73 التي كانت موضوع الشكاوى بـ 420 شخصاً"، "لكنّ المفوضية تعترف بأنها لا تستطيع الوصول إلى معظم المناطق التي تهيمن عليها حركة طالبان، وأن سكان هذه المناطق لا يدركون إمكانية تقديم شكوى إلى اللجنة بشأن الغارات الليلية. وبالتالي، لا اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان، ولا الأمم المتحدة تدركان النسبة الكبيرة من الغارات الليلية التي تؤدي إلى مقتل مدنيين".

اقرأ أيضاً: خفايا الصفقة المنتظرة بين أمريكا وكوريا الشمالية مع إيران

ومنذ ذلك الحين، قامت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، بتحديث عدد المدنيين الذين قتلوا خلال الغارات الليلية الأمريكية عام 2010، وهو العدد الذي ارتفع من 80 إلى 103، وهو العدد الذي ما يزال بعيدًا عن تقديرات نادري (420). لكن، كما أوضح لنا نادري، فإنّ هذا التقدير لا يمثل سوى جزء صغير من عدد المدنيين الذين قتلوا في حوالي 5000 غارة ليلية في ذلك العام، التي كان معظمها يحدث في مناطق لم يكن فيها أشخاص يملكون أي اتصال مع بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان أو اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان.

وكما اعترف بذلك مسؤولون عسكريون أمريكيون كبار لـ "دانا بريست"، و"ويليام أركين" من صحيفة "واشنطن بوست"؛ فإن أكثر من نصف الغارات التي تقوم بها قوات العمليات الخاصة الأمريكية تستهدف الشخص الخطأ أو المنزل الخطأ، بحيث كانت الزيادة الحادة في عدد القتلى من المدنيين نتيجة يمكن التنبؤ بها، ومتوقعة من مثل هذه الزيادة الهائلة في هذه الغارات المميتة "القتل أو الأسْر".

اقرأ أيضاً: أمريكا تشارك الاحتلال الصهيوني في مجزرة الإثنين الأسود

أحصت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان 36.754 حالة وفاة من المدنيّين، حتى نهاية عام 2017، فإذا كانت هذه التقارير (بالغة) السلبية تمثل 5٪ من إجمالي عدد القتلى من المدنيين، كما في غواتيمالا، فإنّ العدد الفعلي للوفيات سيرتفع إلى ما يقرب من 735000، وإذا كانت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان قد حجبت الحصيلة الحقيقية لغواتيمالا، من حيث عدد القتلى من المدنيين، ولم تحسب سوى 3 إلى 4% من الوفيات الفعلية، فإنّ المجموع الفعلي يمكن أن يصل إلى 1.23 مليون مدني.

لو أضفنا هذه الأرقام إلى تقديري لعدد المقاتلين الأفغان الذين قُتلوا على الجانبين، يمكننا عندئذ أن نُقدّر أن حوالي 875000 أفغاني، قتلوا منذ عام 2001، بحدٍّ أدنى 64000 و1.4 مليون كحد أقصى.

شنّت الولايات المتحدة حوالي 430 غارة بطائرات بدون طيار في باكستان

باكستان

وسّعت الولايات المتحدة حربها في أفغانستان إلى باكستان، عام 2004، وبدأت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "CIA"، في شنّ غارات بطائرات بدون طيار، وبدأ الجيش الباكستاني، تحت ضغط من الولايات المتحدة، حملة عسكرية ضدّ المتشددين الجنوبيين في وزيرستان، المشتبَه في صلتهم بالقاعدة وطالبان الأفغانية، ومنذ ذلك الحين، شنّت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 430 غارة بطائرات بدون طيار في باكستان، وفقاً لمكتب الصحافة الاستقصائية، كما قام الجيش الباكستاني بعدّة عمليات في المناطق الحدودية لأفغانستان.

اقرأ أيضاً: إميل أمين: أمريكا لن تتوقف عن اللعب بورقة التطرف

أفاد مكتب الصحافة الاستقصائية؛ بأنّ 2515 إلى 4026 شخصاً قتلوا خلال غارات أمريكية بطائرات بدون طيار في باكستان، لكن هذا لا يمثل سوى جزء صغير من إجمالي عدد قتلى الحرب في باكستان؛ فقد قدّر كروفورد وبرنامج تكاليف الحرب (Costs of War) في جامعة بوسطن، عدد القتلى الباكستانيين بنحو 61300 بحلول آب (أغسطس) 2016، استناداً في المقام الأول إلى تقارير من معهد باك لدراسات السلام (PIPS) في إسلام أباد، وبوابة الإرهاب لجنوب آسيا (SATP) في نيودلهي، وشمل ذلك 8200 جندي وشرطي و 3100 ألف مقاتل متمرد و22.100 مدني.

العدد التقديري للوفيات في ليبيا وسوريا والصومال واليمن

في الجزء الثالث والأخير من هذه المقالة؛ سأقوم بتقدير عدد الوفيات الناجم عن الحروب السرية والحروب بالوكالة في ليبيا وسوريا والصومال واليمن.

الإشادة بالحرب في عهد أوباما

أشاد كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين بالعقيدة الأمريكية بالحرب السرية والحرب بالوكالة التي ازدهرت في ظلّ إدارة أوباما، كنهج للحرب "مقنَّع وصامت وخالٍ من وسائل الإعلام"، وتابعوا تطوّر هذه العقيدة لغاية الحروب الأمريكية في أمريكا الوسطى في ثمانينيات القرن العشرين، وفيما كانت عمليات تجنيد فرق الموت في العراق وتدريبها وقيادتها ومراقبتها تُطلق عليها "خيار السلفادور"، فقد اتبعت الإستراتيجية الأمريكية في ليبيا وسوريا والصومال واليمن، في الواقع، هذا النمط بشكل أوثق.

اقرأ أيضاً: إدانة بريطانيا بقتل المدنيين في العراق

لقد كانت هذه الحروب كارثية بالنسبة إلى شعوب كلّ هذه الدول، لكنّ النهج "المقنَّع، الصامت والخالي من الإعلام" الذي تبنّته الولايات المتحدة، كان ناجحاً للغاية من حيث الدعاية التي لا يعرف معظمُ الأمريكيين إلا القليل جداً عن دور الولايات المتحدة في العنف والفوضى المستعصية التي التهمتها.

الحرب السرية والحرب بالوكالة التي ازدهرت في ظلّ إدارة أوباما

إنّ طبيعة الهجمات الصاروخية غير الشرعية، والرمزية إلى حدّ كبير في سوريا، في 14 نيسان (أبريل) 2018، والتي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، تختلف إلى حدّ كبير مع طبيعة حملة القصف "الخفية والصامتة وغير الإعلامية" التي قادتها الولايات المتحدة، والتي دَمّرت الرقة والموصل، ومدناً سورية أخرى كثيرة، بأكثر من 100.000 قنبلة وصاروخ منذ عام 2014.

اقرأ أيضاً: أوباما تجاهل هذه الجرائم

سكان الموصل والرقة وكوبان، وسرت، والفلوجة والرمادي، وتاورغة، ودير الزور، ماتوا مثل الأشجار التي تسقط في غابة من الغابات؛ حيث لم يكن هناك صحفيون أو طواقم تلفزيونية غربية لتسجيل مجزرتهم، فكما طلب ذلك هارولد بينتر في خطاب قبوله جائزة نوبل عام 2005: "هل حدثت هذه الوفيات؟ وهل هي تُعزى على أيّة حال إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة؟ الإجابة هي نعم، لقد حدثت وهي، على أيّة حال، تعزى إلى السياسة الخارجية الأمريكية. لكنكم لن تعرفوا ذلك، لم يحدث هذا أبداً، لم يحدث أبداً أيّ شيء، حتى عندما حدث ذلك، فإنّ ذلك لا يحدث، لم يكن الأمر مهمّاً، لم يكن للأمر أيّة أهمية".

ليبيا

المبرّر القانوني الوحيد لحلف الناتو وحلفائه من الملوك العرب لإلقاء ما لا يقل عن 7700 قنبلة وقذيفة على ليبيا، وغزوها بقوات العمليات الخاصة، اعتباراً من شباط (فبراير) 2011، كان القرار 1973 لمجلس الأمن؛ الذي أذن بـ "جميع التدابير اللازمة" لغرض محدّد بدقّة، ألا وهو "حماية المدنيين في ليبيا".

لكنّ الحرب، على العكس من ذلك، قتلت العديد من المدنيين، أكثر بكثير من أيّة تقديرات لعدد القتلى خلال التمرد الأول، في شباط (فبراير) وآذار (مارس) 2011، التي تراوحت بين 1000 قتيل (تقدير الأمم المتحدة)، و6000 قتيل (وفق الرابطة الليبية لحقوق الإنسان). وهكذا، فشلت الحرب بوضوح في هدفها المعلن والمرخَّص "حماية المدنيين"، حتى لو حققت هدفاً مختلفاً وغير مرخّص به وهو الإطاحة، غير القانونية، بالحكومة الليبية.

بعد قصف لحلف شمال الاطلسي لمدينة طرابلس، ليبيا، ومقتل العديد من المدنيين

قطر في مقدمة الهجوم على ليبيا

قرار مجلس الأمن لعام 1973 يحظر صراحة "أيّة قوة احتلال أجنبية من أيّ نوع كانت على أيّ جزء من أراضي ليبيا"، لكنّ حلف شمال الأطلسي وحلفاءه شنّوا غزواً سرياً على ليبيا، بواسطة الجنود القطريين، وقوات العمليات الخاصة الغربية التي خططت لتقدّم المتمردين عبر جميع أنحاء البلاد، ودعت إلى شنّ غارات جوية ضدّ القوات الحكومية، وقادت الهجوم النهائي على المقرّ العسكري لباب العزيزية في طرابلس.

رئيس الأركان القطري، اللواء حمد بن علي العطية، أعلن بفخر واعتزاز: "كنا معهم، وكان عدد القطريين في الميدان بالمئات في كلّ منطقة، التدريب والاتصالات كانت في أيدي قطر، وقد أشرفت قطر على خطط المتمردين؛ لأنّهم مدنيون، ولم تكن لديهم خبرة عسكرية كافية ...".

اقرأ أيضاً: حينما ينتهك رئيس أمريكا.. القانون الدولي

وفق تقارير موثوق بها؛ قام ضابط أمن بالضربة القاضية التي أودت بحياة الزعيم الليبي معمر القذافي، بعد أن تمّ إلقاء القبض عليه وتعذيبه على يد "متمرّدي الناتو".

خلص تحقيق أجرته لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية في المملكة المتحدة عام 2016، إلى أنّ: "تدخلاً محدوداً لحماية المدنيين تحوّل إلى سياسة انتهازية لتغيير النظام بالوسائل العسكرية"، ما أدّى إلى "الانهيار السياسي والاقتصادي، والمواجهات بين القبائل، والأزمات الإنسانية، وأزمات الهجرة، وانتشار انتهاكات حقوق الإنسان، وانتشار أسلحة نظام القذافي في المنطقة، ونمو الدولة الإسلامية في إفريقيا الشمالية".

تقارير سلبية حول وفيات المدنيين في ليبيا

بعد الإطاحة بالحكومة الليبية، حاول الصحفيون معرفة الموضوع الحساس لوفاة المدنيين، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى مبررات القانونية والسياسية للحرب، لكنّ المجلس الوطني الانتقالي (NTC)، الحكومة الجديدة غير المستقرة التي شكلها المنفيون والمتمردون المدعومون من الغرب، توقف عن إصدار تقديرات عامة للضحايا، وأمر موظفي المستشفيات بعدم الكشف عن المعلومات للصحفيين.

 بالقرب من الحدود بين تونس وليبيا

قدّر زعيم للمتمردين، في آب (أغسطس) 2011، أنّ 50000 ليبي قد قتلوا، وفي 8 أيلول (سبتمبر) 2011؛ أصدر وزير الصحة الجديد في المجلس الوطني الانتقالي، ناجي بركات، بياناً أفاد بأنّ (30000 شخص) قد لقوا حتفهم، وفقد 4000 آخرون، وفق مسح قامت به المستشفيات والمراكز الصحية ومسؤولون محليون، وقادة تمرّد، في معظم البلاد التي كان المجلس الوطني الانتقالي يسيطر عليها آنذاك، وقال إنّ الأمر سيستغرق عدة أسابيع أخرى لإكمال التعداد؛ لذا توقّع أن يكون الرقم النهائي أعلى.

بعد 16 عاماً من الحرب و6 ملايين حالة وفاة و6 دول مدمَّرة يجب إدراك التكلفة البشرية للحروب الأمريكية

في نزاعات أخرى، لم تكن التقارير السلبية قادرة على حساب أكثر من خُمس الوفيات التي اكتشفتها الدراسات الوبائية الشاملة و"النشطة"، وبالنظر إلى جميع هذه العوامل؛ يبدو أنّ العدد الفعلي للقتلى في ليبيا يتراوح بين خمسة إلى اثني عشر ضعفاً من العدد الذي حسبته دراسة(Libya Armed Conflict) عام 2011، و((Libya Body Count، و(ACLED Armed Conflict Location and Event Data Project).

أقدّر أنّ حوالي 250000 ليبي قتلوا في الحرب والعنف والفوضى التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في ليبيا، في شباط (فبراير) 2011، والتي ما تزال مستمرة حتى اليوم، مع الأخذ بنسبة 5: 1 و12: 1 من الوفيات المحسوبة بشكل سلبي كالحدود الخارجية، فإنّ الحد الأدنى لعدد الأشخاص الذين قُتلوا سيكون 150000، والحد الأقصى سيكون 360000.

سوريا

بدأ دور الولايات المتحدة "المقنّع، الصامت والخالي من الإعلام" في سوريا، في أواخر عام 2011، مع عملية "CIA" لتهريب المقاتلين الأجانب والأسلحة إلى سوريا ...، والعمل مع قطر والسعودية من أجل عسكرة الاضطرابات التي بدأت مع الاحتجاجات السلمية للربيع العربي ضدّ الحكومة البعثية السورية.

اقرأ أيضاً: "داعش في سوريا" عنوان الحرب الإعلامية بين روسيا وأمريكا

الجماعات السياسية السورية، ومعظمها يسارية وديمقراطية، والتي نظمت احتجاجات غير عنيفة في سوريا في عام 2011، عارضت بقوة هذه الجهود الأجنبية لإطلاق حرب أهلية، وأصدرت بيانات قوية ضد العنف، والطائفية والتدخل الأجنبي.

تقدير الوفيات العنيفة في سوريا

جميع التقديرات العامة لعدد القتلى في سوريا التي جمعتُها، تأتي بشكل مباشر أو غير مباشر من المرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR)، بقيادة رامي عبد الرحمن، في كوفنتري، المملكة المتحدة. ويتم تمويل عمله جزئياً من قبل الاتحاد الأوروبي ومن جانب حكومة المملكة المتحدة جزئياً.

واجه المرصد السوري لحقوق الإنسان نقداً شديداً، بسبب التشكيك في موضوعية بياناته، يبدو أنه قد قلّل من تقدير عدد المدنيين الذين قُتلوا بسبب الغارات الجوية الأمريكية، لكن قد يرجع ذلك أيضاً إلى صعوبة وخطر الإبلاغ من إقليم داعش، كما كان الحال أيضاً في العراق.

قصف منازل ومباني في مدينة حمص، سوريا. 9 يونيو 2012

يقرّ المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ تعداده لا يمكن أن يكون تقديراً إجمالياً لكلّ الذين قتلوا في سوريا، وفي أحدث تقرير له، في آذار (مارس) 2018، أضاف 100000 إلى حسابه للتعويض عن الإبلاغ الناقص، و000 45 آخر لإضافة السجناء الذين قُتلوا أو فقدوا في حجز الحكومة، و000 12 للأشخاص الذين قتلوا أو اختفوا في عهدة تنظيم داعش، أو المتمردين الآخرين.

اقرأ أيضاً: "نار وغضب": كتاب عن سوريالية أمريكا اليوم وحقيقتها العارية

وباستثناء هذه التعديلات، فإنّ تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الصادر في آذار (مارس) 2018، يفيد بوفاة 353935 من المقاتلين والمدنيين في سوريا، ويشمل هذا المجموع 106390 مدنياً، و63820 جندياً سورياً، و58130 عضواً في الميليشيات الموالية للحكومة (بما في ذلك 1630 من حزب الله و6886 من الأجانب)، و63360 من أعضاء تنظيم داعش، وجبهة فتح الشام (سابقاً النصرة، وغيرها من الجهاديين الإسلاميين)، و62039 مقاتلاً آخرين من المناهضين للحكومة، و196 جثة مجهولة الهوية.

إذا قسّمنا هذا الرقم بين المدنيين والمقاتلين، فإنه يمثل 106488 مدنياً، و247447 مقاتلاً قُتلوا، بما في ذلك 63820 جندياً من الجيش السوري....

هل سيدرك الشعب الأمريكي التكلفة البشرية لحروب بلاده؟

بعد 16 عاماً من الحرب، وحوالي 6 ملايين حالة وفاة عنيفة، و6 دول مدمَّرة بالكامل، وزعزعة استقرارها، بات من الملحّ أن يدرك الشعب الأمريكي التكلفة البشرية الحقيقية لحروب بلادنا، والطريقة التي تمّ التلاعب بنا وتضليلنا حتى نغلق عيوننا، قبل أن يستمروا لفترة أطول، ويدمّروا المزيد من البلدان، ويقوّضوا مزيداً من سيادة القانون الدولي، ويقتلوا الملايين الآخرين من بني البشر.


المصادر: lesakerfrancophone  و les-crises.fr


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية