هل ضحّت القاهرة بالمهدي لكسب ودّ الخرطوم؟

هل ضحّت القاهرة بالمهدي لكسب ودّ الخرطوم؟


02/07/2018

بعد أن صمتت القاهرة، وامتنعت عن ذكر الأسباب الحقيقية لمنع المعارض السوداني الصادق المهدي من دخول الأراضي المصرية، تُرك الباب مفتوحاً أمام التأويلات التي زعمت أنّ قرار منع المهدي يأتي في سياق "تفاهمات" مصرية سودانية، جرى تتويجها بعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة في آذار (مارس) الماضي ولقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي احتفى به بشكل يحمل دلالات سياسية واضحة.

استضافة القاهرة لمعارضين سودانيين والخرطوم لعناصر من جماعة الإخوان هي أبرز المشكلات بين البلدين

التأويلات ذهبت باتجاه مقايضة رئيس وزراء السودان الأسبق، والمعارض الأعلى صوتاً وحضوراً، بالرغبة في كسب ودّ الخرطوم في مفاوضات سد النهضة والتهدئة في ملف "حلايب"؛ ما يعني التضحية بحضور المعارضة السودانية في مصر والتي أثارت جدلاً واسعاً بين البلدين اللذين تشوب علاقاتهما خلافات تهدأ وتخفت وفق ميزان التوترات بين الجارين اللذين يحلو للصحافة أحياناً أن تصفهما بـ"اللدودين".

أكد حزب الأمة أنّ المهدي غادر إلى لندن برفقة ابنته وسكرتيره الخاص

ماذا قال حزب الأمة السوداني؟

حزب الأمة السوداني المعارض الذي يتزعمه المهدي، قال في بيان أصدره أمس إنّ سلطات مطار القاهرة الدولي منعت زعيم الحزب الصادق المهدي من دخول الأراضي المصرية بعد عودته من ألمانيا، حيث شارك في اجتماعات لمعارضين سودانيين، منوهاً بأنّ "السلطات المصرية طلبت من المهدي عدم المشاركة في اجتماعات نداء السودان ولكنه رفض وأصر على السفر".

اقرأ أيضاً: الإسلام السياسي في السودان.. الجريمة الكاملة!

وأشار البيان إلى أنّ مصر طلبت من المهدي، عدم المشاركة باجتماعات برلين، وأنه رفض الطلب المصري بدعوى "رفض أية إملاءات خارجية بالشأن السوداني"، مؤكداً أنّ "الحكومة المصرية تسبح عكس التيار" وأنّ قرارها "تعسفي سيغرس إسفيناً غائراً في مستقبل العلاقات السودانية- المصرية".

وأوضح الحزب أنّ المهدي كان يشارك في اجتماعات تحالف "نداء السودان" التي عقدت هناك في 29 حزيران (يونيو)، وطلب منه مغادرة القاهرة "على أي طائرة يختارها".

ولاحقاً، أكد الحزب أنّ المهدي غادر إلى لندن برفقة ابنته وسكرتيره الخاص.

اقرأ أيضاً: مريم المهدى تطالب أردوغان بالاعتذار عن جرائم العثمانيين في السودان

ويقيم المهدي في مصر منذ أكثر من عامين. وإلى جانب رئاسته لحزب الأمة، أكبر الأحزاب السودانية المعارضة، يترأس المهدي تحالف "نداء السودان" الذي يضم حزبه وحركات معارضة تقاتل الخرطوم في إقليم دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وشغل المهدي منصب رئيس وزراء السودان قبل انقلاب الرئيس الحالي عمر البشير على الحكومة المنتخبة في 1989.

ابنة المهدي، مريم، التي تتولى منصب نائب رئيس حزب الأمة

القاهرة حذرت المهدي من إحراجها

وذكرت صحيفة "الحياة" أنّ مصادر مطلعة على ملف العلاقات المصرية- السودانية، قالت إنّ السلطات المصرية أبلغت المهدي بضرورة عدم حضور مؤتمر تحالف المعارضة "قوى نداء السودان"؛ لأنّ ذلك سيضع القاهرة في حرج كبير أمام القيادة السياسية في الخرطوم، خصوصاً بعد اختيار المهدي رئيساً للتحالف.

وكان المهدي غادر مطلع شباط (فبراير) الماضي إلى أديس أبابا للمشاركة في مشاورات مع الوساطة الأفريقية، وبعد انتهائها توجه إلى القاهرة حيث اختارها للمرة الثانية منفىً اختيارياً له.

السلطات السودانية قدمت بلاغات ضد المهدي تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام لتحالفه مع حملة سلاح

ابنة المهدي، مريم، التي تتولى منصب نائب رئيس حزب الأمة، أكدت في بيان أمس أنّ "منع المهدي من دخول مصر لم يقدّر دوره المشهود في ترسيخ معاني الحرية والسلام والإخاء، ولا علاقاته الممتدة والواسعة تواصلاً مع المجتمع المدني والسياسي والأكاديمي المصري، وهذه معانٍ لا يجوز التضحية بها من أجل إرضاء الفئة الحاكمة الآفلة في السودان". واعتبرت أنّ الإجراء الرسمي المصري يهدف إلى "إرضاء حكومة الخرطوم، وسيثير سخطاً شعبياً في السودان ومصر".

بلاغات ضد المهدي تصل للإعدام

وكانت السلطات السودانية قدمت بلاغات ضد المهدي تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام لتحالفه مع حملة سلاح، لكن المهدي قال إنه غير آبه بهذه الإجراءات، واعتبرها "كيدية"، ورهن عودته إلى السودان بـ "إنجاز مهام وطنية".

اقرأ أيضاً: السودان: تعرف على التهم الموجَّهة للصادق المهدي

واستدعت الخرطوم سفيرها لدى القاهرة في كانون الثاني (يناير) الماضي للتشاور، وفي إثر ذلك عُقد اجتماع رباعي في القاهرة، بمشاركة وزيري خارجية البلدين ورئيسي الاستخبارات، لحل الأزمة بين البلدين، وفيه طُرح موضوع استضافة القاهرة معارضين سودانيين، واستضافة الخرطوم عناصر من جماعة "الإخوان المسلمين" المُصنفة إرهابية. واتُفق خلاله على "إزالة أي خلافات وتعزيز التعاون المشترك، والعلاقات"، ودورية انعقاد الاجتماع الرباعي.

وفي السياق ذاته، زار رئيس الاستخبارات المصرية اللواء عباس كامل الخرطوم في آذار (مارس) الماضي، والتقى الرئيس السوداني عمر البشير وقيادات أمنية وعسكرية رفيعة، وظهر من مضمون الزيارة أنها بحثت في ملفات أمنية. وبعد أيام من عودة كامل، زار البشير القاهرة، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي احتفى على نحو لافت بالرئيس السوداني في تلك الزيارة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية