لتكن "العلا" منطلقاً لترميم الوضع العربي

 لتكن "العلا" منطلقاً لترميم الوضع العربي


11/01/2021

أسعد عبود

قمّة العلا التي نجحت في رأب الصدع الخليجي، يجب أن تكون منطلقاً لترميم الوضع العربي عموماً، والانتقال إلى معالجات جدية في دول عربية أخرى لا تزال تعيش تحت وطأة التجاذبات الإقليمية والدولية.

ولو لم يتسنّ لإيران وتركيا كل هذا الفراغ السياسي الناجم عن تداعيات الربيع العربي، الذي استحال دماراً، لما كانت هاتان الدولتان تمكنتا من بناء نفوذ إقليمي واسع والتغلغل إلى قلب دول عربية وجعلها ساحات في صراعها مع أميركا أو مع أوروبا أو مع قوى أخرى. 

قادت مغامرات صدام حسين ومن ثم الغزو الأميركي للعراق هذا البلد إلى أن يتحوّل ساحة لإيران وللولايات المتحدة ولا يزال كذلك حتى اليوم. العراق مثلاً  يتمتع بكل المقوّمات التي تؤهله ليكون دولة محورية، لها وزنها الإقليمي، ولها مكانتها الوازنة في تقرير شؤون المنطقة، لكنه اليوم غارق في صراعات داخلية واضطرابات سياسية، وتتحكم به إيران، من جهة، والولايات المتحدة، من جهة أخرى. أما العرب فهم الغائب الأكبر عنه.

وهذه هي سوريا التي تعيش أزمة مديدة منذ عشرة أعوام، يتقاسم النفوذ فيها إلى إيران، روسيا والولايات المتحدة وتركيا. أما العرب فهم الغائب الأكبر عنها.   

وليبيا، ليست بحال أفضل مع تزايد النفوذ التركي الذي يكاد يعود بهذا البلد ليكون مجرد ولاية من الولايات التركية. أما العرب فهم الغائب الأكبر عن المشهد.

وما يصحّ على العراق وسوريا وليبيا، يصحّ على لبنان الذي أنهكه الصراع الأميركي - الإيراني، ودفع به إلى هاوية الإفلاس، بينما العرب هم الغائب الأكبر عنه. 

والآن، مع التغيّر الحاصل في البيت الأبيض وتسلّم إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن الزمام، وفي ظل توقعات بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، وتخفيف العقوبات عن إيران، فإن المنطقة تدخل في مرحلة جديدة لها من المستلزمات، غير تلك التي كانت سائدة في ظل إدارة دونالد ترامب. 

ومثل هذا التحوّل لا يسع أن تبقى الدول العربية غائبة عنه. وحسناً فعلت قمة مجلس التعاون الخليجي التي حققت الانفراج في العلاقات بين دول المجلس، في وقت تقبل المنطقة على تطوّر بهذا المستوى من الخطورة.  

إلا أنه برغم ما تحقق في العلا، فإنه يتعين استكمال خطوات المصالحة في اتجاه دول عربية أخرى، بغرض انتشالها من براثن النفوذ غير العربي.

لماذا سيبقى العراق خارج الحسابات العربية، وكذلك سوريا وليبيا ولبنان. وذلك يتطلب خطوات حاسمة على طريق إعادة الوئام بين الدول العربية. والحياد السلبي قد لا يحقق المرتجى، لكنّ الانخراط الإيجابي في شؤون المنطقة، من شأنه أن يشكل عاملاً طارداً للقوى الإقليمية الأخرى.  

ويمكن اليوم البناء على الإيجابيات التي أرستها قمة العلا، كي يبدأ تحرك ناشط في اتجاه إعادة لمّ الشمل العربي لمواكبة القادم من التطورات على شتى الصعد.

وآن الآوان، كي يعي العرب أن دورهم في الأعوام العشرة الأخيرة، كاد يتلاشى بفعل الحروب الداخلية من جهة، وبفعل صراع القوى الأجنبية فوق أرضهم.  

إن استعادة العرب دورهم، تتطلب عملاً دؤوباً كي لا تظل الدول العربية مجرد ساحات، بل يجب أن تكون نقطة انطلاق لتقرير شؤون المنطقة والفعل البناء فيها. 

عن "النهار" العربي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية