وسط استياء الناس: الكتلة النيابية لإخوان الأردن تحت المراقبة

الكتلة النيابية للحركة الإسلامية تحت مجهر الأردنيين

وسط استياء الناس: الكتلة النيابية لإخوان الأردن تحت المراقبة


30/10/2024

لم يعد يفصل الأردنيين عن افتتاح الدورة العادية للبرلمان العشرين سوى أيام قليلة، وسط تساؤلات تتردد في الأوساط السياسية وحتى الشعبية حول كيف سيتفاعل مجلس النواب الجديد مع القضايا الراهنة، لاسيما بعد التغييرات التي أدخلت على تركيبته، بنجاح الحركة الإسلامية الممثلة في ذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي في حصد الأكثرية (31 مقعدا من مجمل 138 مقعدا) في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وتشكل الدورة النيابية الجديدة، المقرر افتتاحها في الثامن عشر من نوفمبر المقبل، اختبارا جديا لشكل العلاقة بين السلطة السياسية والحركة الإسلامية، والتي شهدت خلال السنوات الأخيرة الكثير من الهزات لعل أخطرها ما جد الجمعة 18 أكتوبر الجاري، حينما باركت الحركة عملية نفذها عضوان ينتميان إليها لعملية إطلاق نار استهدفت جنودا إسرائيليين جنوب البحر الميت وأسفرت عن إصابات.

وأحدث موقف الحركة الإسلامية وذراعها حزب جبهة العمل الإسلامي صدمة لدى الرأي العام الأردني، كما خلّف استياء كبيرا في الأوساط السياسية التي رأت في ما حدث مؤشرا خطيرا على تغير في نهج الحركة، واقترابا أكثر من محور “المقاومة” الذي تتزعمه إيران.

ولئن حاولت الحركة الإسلامية التراجع عن تلك “الزلة”، عبر التأكيد على أنها عملية فردية ولم تجر بتنسيق معها، أو تتبناها، مشددة على أنها لا تزال تحافظ على نفس الثوابت الوطنية، لكن الأردنيين لا يبدون اقتناعا ويرون في سلوك الحركة مستقبلا ولاسيما تعاطيها في مجلس النواب المقياس الذي سيجري اعتماده في ما إذا كان ما حدث مجرد “اندفاعة” أم هو “تحول” يجب التعامل معه.

ومنحت الانتخابات النيابية التي جرت في سبتمبر الماضي تفوقا لحزب جبهة العمل الإسلامي، من حيث عدد المقاعد، وذلك بفضل التعديلات التي أدخلت على القانون الانتخابي للمملكة.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان لحزب العمل الإسلامي القدرة على تشكيل أغلبية، في ظل مناقشات تجري خلف الكواليس بين القوى المعتدلة لبناء تحالف، لكن الثابت أن الحزب الإسلامي سيكون له دور مؤثر تحت قبة البرلمان.

ويأتي افتتاح الدورة النيابية الجديدة مع استمرار التصعيد في المنطقة، وتأثيراته على الأردن، ما يتطلب تحقيق المزيد من اللُّحمة، خلف القيادة السياسية، للتقليل من تداعيات ما يجري.

ويرى مدير مركز “الحياة – راصد”، الذي يراقب عمل البرلمان، عامر بني عامر، أنه “مع فوز جبهة العمل الإسلامي بـ31 مقعدًا، تبرز فرص جديدة لإعادة إنتاج نهج جديد للتفاعل مع المواطنين ومؤسسات الدولة”.

ويشدد بني عامر في تصريح لصحيفة “الغد” المحلية، على أنه “يجب على الكتلة الإسلامية استثمار هذه الفرصة لتقديم حلول عملية للقضايا الوطنية، بدلاً من الاكتفاء بتسجيل المواقف والشعبويات، عبر التركيز على القضايا الملحّة مثل البطالة والتعليم والصحة، وغيرها من الأولويات الوطنية”، مشيرا إلى أن “هذا النهج الجديد، قد يدفع باقي الكتل في البرلمان لتحسين أدائها، وتبني إستراتيجيات أكثر فعالية في التفاعل مع القضايا الوطنية، بدلاً من التركيز على المناكفات السياسية، ما سيخلق حافزا للتنافس الإيجابي بين الكتل، ويؤدي إلى تقديم حلول أفضل للتحديات المطروحة”.

ولا يتردد النائب عن حزب جبهة العمل ينال فريحات، بوصف تاريخ المشاركات الإسلامية في الانتخابات بـ”الإيجابي”، بدليل صناديق الاقتراع وتصويت المواطنين للحزب في الانتخابات الأخيرة، التي استندت على تجارب سابقة للحزب في مجالس نيابية سابقة، لأنها “الكتلة الأقوى والأصلب والأكثر حفاظا على المبادئ” وفق تعبيره.

ويقول فريحات لـ”الغد”، إن الحزب يشكل حزب الأكثرية وليس حزب الأغلبية، فالأغلبية هي للحزب الذي يحرز عدد مقاعد 50 + 1، أما الأكثرية فتكون عند حصد الحزب أكبر عدد من المقاعد، لهذا “فإن الجديد في هذه المرحلة يكمن في إمكانية التخصصية، وسيكون هنالك توزيع للمهام والملفات على مختلف المجالات والتخصصات، مع وجود خبراء ومختصين في الكتلة، كما سيجري تفعيل اللجان الموجودة في حزب الجبهة ليجري الاستفادة من العقول وبيوت الخبرة الموجودة فيه وفي الحركة”.

وكشف، أنه سيجري “تتويج العمل بمشروع حكومة الظل التي أُعلن عنها سابقا، ويتمثل وجوده في الدول الديمقراطية كبريطانيا، بأن الحزب الذي لم تسنح له الفرصة بتشكيل حكومة، يشكل حكومة ظل لمراقبة أداء الحكومة الحقيقية والفعلية، وهو ما نسعى للوصول إليه، وهذه خطوتنا المقبلة، ما سيتيح لنا تبني القضايا الوطنية في المجالات البرامجية، خصوصا على مستوى الطاقة والنقل والتعليم والصحة، وغيرها من القطاعات الإستراتيجية”.

ولا يشارك المحلل السياسي منذر الحوارات نفس التفاؤل مع الفريحات، حيث يرى بضرورة الانتظار، ومراقبة الأداء، اعتمادا “أولا على طبيعة لجان مجلس النواب المقبل، والحصيلة التي ستخرج بها الكتلة الإسلامية كحصة لها، أم سيكونون خارج معادلة اللجان، وهذا ستبنى عليه مواقف لاحقة للجبهة جهة قضايا عديدة، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية”.

ويعتقد الحوارات أنه في حال “خروج (الإسلاميين) من لعبة اللجان وتقسيماتها، سيكون موقفهم حادا، وربما سيقفون في مواجهة الحكومة بأغلب القضايا، وسيحاولون الاستفادة من القاعدة الشعبية لزيادة رصيدهم الاجتماعي، وبالتالي، فمعارضتهم للحكومة ستمنحهم دفعة كبيرة في المرحلة المقبلة”.

ويرى المحلل السياسي الأردني أن نقطة انطلاقهم في حال حصول هذه التحولات، تكمن في “معارضة الحكومة التي تملك برنامجها الخاص، في مقابل برنامجهم الخاص بالحزب، وبالتالي سيكون لديهم ما يحاججون به، في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي”.

ويشير الحوارات إلى نقطة انطلاق ثانية، ستحدد دور الحركة في المرحلة المقبلة، وهي تتعلق بالجانب السياسي المتأثر بالتطورات الإقليمية أولا، فـ”العدوان على غزة ولبنان، سيكون نقطة انطلاق شعبية، يستثمر حزب جبهة العمل عبرها منصات المجلس للتعبير عن مواقفه السياسية، والذي يستميل كثيرا من الناس”.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية