هل يُعالج الإرهابيون حقاً؟

هل يُعالج الإرهابيون حقاً؟


20/10/2021

غسان حجار

يأمل صالح المحكوم بالسجن 30 عاماً في المغرب على خلفية قضية إرهاب، معانقة الحرية قريباً بعد "مصالحته" مع ذاته والمجتمع، بفضل برنامج ساعده على مراجعة الأفكار المتطرفة التي قادته إلى السجن. 

 ويستهدف برنامج "المصالحة" الذي تنظمه المندوبية العامة للسجون ومؤسسات رسمية أخرى منذ 2017، الراغبين في مراجعة أفكارهم بين المدانين في قضايا التطرف الديني.

 ويقول صالح من داخل مكتبة سجن القنيطرة الواقع شمال الرباط "آمنت بأفكار اعتقدت أنها الصواب بما فيها العنف... أحمد الله أن يدي لم تتلطخ بالدماء".

 ويوضح المسؤول في المندوبية العامة للسجون مولاي إدريس أكلمام أن البرنامج كان "ثمرة مقاربة جديدة منذ 2015 شملت تتبع تطور هؤلاء السجناء وسلوكياتهم، وفتحت باب التفكير لمساعدة الذين عبّروا عن حاجتهم لمن ينير الطريق أمامهم".

 واستفاد من البرنامج حتى الآن 207 معتقلين بينهم 8 نساء، وأفرج عن 116 منهم وخفضت عقوبات 15 آخرين. ويستمر البرنامج لكل معتقل قرابة ثلاثة أشهر.

هذا ملخص لتحقيق عرضته احدى الوكالات الدولية، من دون التشكيك في مضمونه، او في استغلاله من قبل ارهابيين ومتطرفين منظمين للافادة منه والخروج من السجن للعودة الى نشاطات ارهابية. 

مبدئياً لا يمكن رفض مبدأ الرجوع عن الخطأ، والخطيئة، ولا يمكن نفي جدوى العلاج النفسي الطبي المرافق لهذه الحالات، ولا يمكن أيضاً عدم الأخذ في الاعتبار النضج الانساني والفكري الذي يمكن أن يبلغه أي انسان، خصوصاً اذا كان سجيناً ومحكوماً لمدة طويلة من الزمن بعيدا من عائلته واحبته واصدقائه. 

لكن مجموع هذه الامور لا ينفي ايضاً الحيلة المستعملة لدى الجماعات المتطرفة والارهابية، ولا يسقط عدم اعتبار اعضائها ومنتسبيها "اولياء صالحين" عادوا عن مسارهم بهذه السهولة. 

ويمكن في هذا المجال التطرق الى جملة امور:

الاول: أن العالم الغربي اجمالا يلتزم الاعلان العالمي لحقوق الانسان بنسبة كبيرة تتجاوز عالمنا بالتأكيد، وينفذ قوانينه المختصة بهذا الشأن فيوفر للسجين حقوقه ويعيد النظر بفترة حكمه اذا اظهر حسن سيرته، وربما ندمه وعودته الى "الطريق القويم". 

ثانياً: يدرك كثيرون من الوافدين الى تلك الدول، "الثغرات القانونية" ، فيفيدون منها، بل ويستغلونها. واذكر ان احد معارفي اتهم بزراعة الحشيشة في حديقة منزله، ربما للاستعمال الشخصي، وعندما وقع في الفخ، حوّل التهمة الى والده الثمانيني الذي لا يجيز القانون اعتقاله والحكم عليه مدة تتجاوز عمره المفترض، ويقضي محكوميته المخففة بتقييد حريته عبر الحضور الى السجن يومياً من الثامنة صباحا الى الثالثة بعد الظهر. وهذه عينة مما يفعله عدد من الوافدين الى دول غربية. 

ثالثاً: ان الجماعات الارهابية التي تخطط لاعمال كبيرة عبر العالم، قادرة على الاتصال بافرادها الواقعين في "الأسر" ومساعدتهم في اعتماد وسائل خداع تفيدهم في تقصير محكوميتهم والخروج الى رحاب الارهاب مجدداً، وربما تجنيد سجناء اخرين قبل مغادرتهم مكان امكنة احتجازهم.

من هنا يمكن التشكيك بجدوى المشروع، (من دون اسقاط  احتمالات قليلة للنجاح)، وبالاموال التي تبذل من خلاله في مقابل النتائج الايجابية المتواضعة المحققة. 

معالجة الارهابيين ليست امراً سهل المنال، بالوسائل التقليدية، والخوف من ان يكون المشروع يشبه مشاريع كثيرة وكبيرة للمنظمات الاممية توفر الافادة المالية للعاملين فيها، اكثر مما تحقق مبتغاها الحقيقي، اذ غالباً ما تنجز دراسات وتقدم تحليلات تقوم على ربط الوقائع بعضها بالبعض الاخر، وينقطع الحبل قبل ان تبلغ المشاريع نهاياتها السعيدة. 

عن "النهار" العربي


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية