هل هناك مباحثات سرية لتمرير خروج آمن لحركة النهضة الإخوانية من تونس؟

هل هناك مباحثات سرية لتمرير خروج آمن لحركة النهضة من تونس؟

هل هناك مباحثات سرية لتمرير خروج آمن لحركة النهضة الإخوانية من تونس؟


12/06/2023

قال منذر الونيسي، الرئيس المعيّن لحركة النهضة التونسية: إنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي دعا من محبسه إلى التزام الصبر والهدوء والحكمة، في مقارعة ما سمّاه "الاستبداد". مؤكداً أنّها رسالة جامعة للشعب التونسي بالتكاتف ونبذ الفرقة. وأضاف الونيسي خلال مشاركته في برنامج "المسائية"، عبر شاشة الجزيرة مباشر، أنّ الحركة لا تدري ما هو مصير الانتخابات الرئاسية القادمة في العام المقبل 2024.

وشدّد الونيسي على أنّ الحل في تونس ينبغي أن يكون من خلال تفعيل آلية الحوار الداخلي، والحرص على عدم إقصاء أيّ من الأطراف السياسية في البلاد. وتابع زاعماً أنّ حركة النهضة تملك 30% من الجسم الانتخابي في تونس، ولا يمكن إقصاؤها من الواقع التونسي، مؤكداً أنّ من يدعو إلى ذلك هو "عدو" للديمقراطية. ولفت الونيسي إلى أنّ "النهج التسلطي"، في الحكم وتدمير مؤسسات الدولة لن يجدي نفعاً في تونس، وهو ما أفضى إلى التعثر الاقتصادي والمالي، بحسب قوله. وتابع: "سنظل نطالب بالحل السلمي، والدعوة إلى الحوار من أجل إنقاذ البلاد من عثرتها الحالية".

وزعم الونيسي أنّ تونس تأخذ مساراً هدفه تثبيت سلطة الفرد الواحد. لافتاً إلى أنّ الشعارات التي رفعها الرئيس التونسي قيس سعيّد، ومن بينها شعار "مقاومة الفساد"،  هي شعارات فضفاضة ولم يتحقق منها شيء على الأرض.

مناورة سياسية مكشوفة

في هذا السياق، أشارت النائبة التونسية في مجلس النواب فاطمة المسدي إلى أنّ التصريحات التي جاءت من قبل الرئيس المعيّن لحركة النهضة منذر الونيسي، لم تغادر حيز المناورة السياسية، وهو أمر متكرر من جانب حركة النهضة؛ بهدف بعث صورة مغايرة لما يتم التطرق إليه في جلسات القضاء، وما تنظره من قضايا تخص أمن الوطن وسلامة الدولة.

المسدي أكدت في سياق تصريحاتها لـ "حفريات" أنّ حركة النهضة تسعى من وراء تلك التصريحات أن تبدو كأنّها في مرحلة ما بعد المراجعات، وهو ما تعتبره غير صحيح.

فاطمة المسدي: التصريحات التي جاءت من قبل الرئيس المعيّن لحركة النهضة منذر الونيسي، لم تغادر حيز المناورة السياسية

فاطمه المسدي شدّدت على ضرورة تصنيف النهضة حركة إرهابية، وذلك على خلفية إدانة أغلب قياداتها في ملفات قضائية؛ مثل: قضايا التسفير، والتآمر على أمن الدولة، وغيرها من القضايا، ولذلك ثمّة ضرورة للعمل على قرار عاجل يفضي بحلّ حركة النهضة .

زعم الونيسي أنّ تونس تأخذ مساراً هدفه تثبيت سلطة الفرد الواحد. لافتاً إلى أنّ الشعارات التي رفعها الرئيس التونسي قيس سعيّد، ومن بينها شعار "مقاومة الفساد"،  هي شعارات فضفاضة ولم يتحقق منها شيء على الأرض

ولفتت النائبة البرلمانية في ختام تصريحاتها إلى أنّ حديث منذر الونيسي محض مناورة سياسية؛ تهدف إلى فتح قناة حوار مع مؤسسة الرئاسة على أمل إنقاذ الحركة. مستطردة: "أعتقد أنّ الوقت قد فات، ولن يجدي ذلك نفعاً، ولا مجال للحوار، ولم يعد بين حركة النهضة وتونس سوى ساحات القضاء وحقوق المواطن التونسي".

صفقة للخروج الآمن

يذهب الأكاديمي التونسي عبيد خليفي إلى أنّ رسالة راشد الغنوشي، التي جاءت من خلال تصريحات الرئيس المعيّن منذر الونيسي، عبر شاشة الجزيرة، تحمل دلالات التهدئة، ولها في تقديره معنيان: أوّلاً العجز عن المبادرة والمواجهة مع رئيس يستقوي بالأجهزة الصلبة أمنياً وعسكرياً وقضائياً، والأمر الثاني المناورة والبحث عن صفقة للخروج الآمن، وليس ذلك بغريب على راشد الغنوشي الذي تعوّد على فتح قنوات حوار مع رئيس النظام السابق الراحل زين العابدين بن علي .

وكشف خليفي في سياق تصريحاته لـ "حفريات" عن معلومات وردت إليه من عدد من مصادر مطلعة موثوقة، لم يسمّها، "تتحدث عن مفاوضات غير مباشرة بين راشد الغنوشي وقيس سعيّد للخروج من هذا المأزق". مضيفاً:" في كل الأحوال تعوّد راشد الغنوشي والإسلام السياسي على المناورة السياسية في كل العهود، لكن إلى أيّ مدى ستنجح هذه المناورات مع رئيس يرفض كل الضغوطات، ويتصلب في كل موافقه حتى تجاه صندوق النقد الدولي؟".

عواطف السويدي: الونيسي  يتحايل على الواقع، وينقب عن مساحات تسمح له بتوسيع دائرة تحالفاته ضمن الأطراف المعارضة

ويختتم الأكاديمي التونسي عبيد خليفي تصريحاته لـ "حفريات" بالتحذير من وهم الاعتقاد أنّ زوال الإسلام السياسي في تونس ممثلاً في حركة النهضة يرتبط بقرار أمني قضائي، أو بقرار سياسي، إذ صحيح أنّ تجربة الحكم التي مارستها النهضة قلّصت من شعبيتها من ثلث الجسم الانتخابي إلى العُشر تقريباً، لكنّ عودة الجسم الإسلامي إلى تماسكه، أمام معارضة ضعيفة، سيعطي للحركة تفوقاً انتخابياً ملحوظاً، مهما كانت نسبته، فشروط نمو الإسلام السياسي في تونس ما زالت متوفرة، وفشل من حكموا بعدهم يخفف عنهم حدة الإدانة.

تباين في النهج بين الغنوشي والونيسي

من جانبها، قالت الكاتبة التونسية عواطف السويدي، في تصريحات خصّت بها "حفريات": إنّ خطاب الرئيس المعيّن للنهضة منذر الونيسي فيه نوع من التعقل أو المهادنة، التي أثارت احتجاج قيادات أخرى في حركة النهضة، محسوبة على جناح راشد الغنوشي، الأمر الذي يجعلنا ننظر إلى تلك التصريحات عبر قراءتين محتملتين؛ الأولى منهما تستقر عند وجود رغبة فعلية وجدية لتغيير الخط السياسي لحركة النهضة، والتحول عن منهج راشد الغنوشي القائم على المعاداة، والذهاب نحو حزب يقوم بنشاطه ضمن موقع المعارضة. بينما القراءة الثانية تكشف عن اختلافات بين الرئيس المؤقت أو الرئيس بالنيابة لحركة النهضة منذر الونيسي، وبقية المحسوبين على تيار راشد الغنوشي في الحركة، والذين ما زالوا يتكلمون بخطابه نفسه، مع الأخذ في الاعتبار أنّهم جميعاً يدركون أنّ الرئيس قيس سعيّد لن يلتفت إليهم، ولن يتفاعل مع هذه الدعوات؛ كونه يتحرك وفق رؤيته الذاتية فقط.

عبيد خليفي: رسالة الغنوشي، التي جاءت من خلال تصريحات الرئيس المعيّن منذر الونيسي، عبر شاشة الجزيرة، تحمل دلالات التهدئة

وحول تحركات النهضة التي بدت من خلال تصريحات منذر الونيسي، ومبتغاها في إعادة التموضع في الفضاء السياسي التونسي، تشير عواطف السويدي إلى أنّ الونيسي يتحايل على الواقع، وينقب عن مساحات تسمح له بتوسيع دائرة تحالفاته ضمن الأطراف المعارضة لمسار 25 تموز (يوليو)؛ كون جبهة الخلاص فشلت حتى اللحظة في تعبئة الشارع، ولم تنجح أيضاً في إقامة تحالفات مع أحزاب أخرى؛ لذلك يُعدّ طرح مبادرة الحوار محاولة لتوحيد صفوفها ولتجميع أكبر عدد ممكن من الأحزاب الأخرى والأطراف المعارضة، لكن واقعياً هي تدرك أنّ هذا غير ممكن، ولن يكون هذا الحوار مؤثراً؛ باعتبار أنّ رئيس الجمهورية لم يقبل  بفكرة الحوار مع المنظمة الشغيلة، لا سيّما بعد تثبيت البرلمان واشتغال أعماله .

وتختتم عواطف السويدي تعليقها على تصريحات منذر الونيسي، مؤكدة أنّ حركة النهضة لم يعد لديها الكثير من الحلول، إذ فشلت في تحريك الشارع من موقع المعارضة، في إطار نشاطها ضمن جبهة الخلاص خلال الأشهر الماضية. إلى ذلك تقدّر السويدي أنّ رسالة راشد الغنوشي من محبسه، وتصريحات الونيسي، هي دعوة ربما إلى التعقل وإلى الحكمة، كونهم يواجهون عدة قضايا، فضلاً عن أنّ الحركة لم تعد تملك التأثير في المشهد السياسي.

مواضيع ذات صلة:

لماذا تخلى إخوان تونس عن رئيس حركتهم في محنته؟

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

هل قطعت حركة النهضة التونسية حقاً مع الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية