هل سيقبل القادة العرب "صفقة القرن"؟.. عمرو موسى ودنيس روس يُجيبان

صفقة القرن

هل سيقبل القادة العرب "صفقة القرن"؟.. عمرو موسى ودنيس روس يُجيبان


13/11/2018

قال الأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، إنّ "القادة العرب ليسوا فقط هم مَن عليهم قبول صفقة القرن، بل أيضاً الشعوب العربية"، لافتاً الأنظار إلى أنّ "الاضطرابات والتغيرات التي شهدتها المنطقة في السنوات السابقة تجعلنا ندرك أنّه بعد الآن لا يمكن تجاهل الشعوب العربية والتغاضي عن آراء الشباب، والقادة العرب لن يقبلوا بصفقة يعرفون بأنها لن تكون مقبولة على المستوى الشعبي".

اقرأ أيضاً: 10 أفكار روّجها الإعلام حول "صفقة القرن"

وأكد السياسي المصري البارز أنّ الدول العربية لا تستطيع توفير غطاء للفلسطنيين للقبول باتفاق سيئ، لكنهم سيرْعَون الاتفاق في حال كان ملبياً مطالب الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً: هل تقبل حماس بـ"صفقة القرن" على قاعدة دولة في غزة؟

من جانبه، قال المستشار السياسي السابق في إدارة الرئيس باراك أوباما، دنيس روس، "إنه ما من شك في أنّ القضية الفلسطينية تبقى قضية عربية رئيسية لأنها رمزٌ لغياب العدالة، إلا أنّ المنطقة تعاني مشاكل خطيرة أخرى، فلا يمكننا غض الطرف عن الحربين السورية واليمنية ونتائجهما الكارثية"، على حدّ تعبيره.

المستشار السياسي السابق في إدارة الرئيس باراك أوباما، دنيس روس

الصفقة النهائية

جاء كلام السياسييْن المخضرمين في مداخلتهما في ختام أعمال ملتقى أبوظبي الإستراتيجي الخامس، الذي نظمه مركز الإمارات للسياسات في أبوظبي، في الحادي عشر والثاني عشر من الشهر الجاري.

اقرأ أيضاً: هل تستجيب المصالحة الفلسطينية لـ"صفقة القرن" أم تواجهها؟

وقال روس إنّ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تحدث خلال الحملة الانتخابية الرئاسية عن "الصفقة النهائية" لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد ذلك شاعت تسمية "صفقة القرن" في وسائل الإعلام. وأضاف بأنّ "الرئيس ترامب يرى نفسه مختلفاً عن الرؤساء الأمريكيين السابقين، وأنّ بإمكانه تحقيق مثل هذه الصفقة".

موسى يرد على روس في قضية القدس

وفي ما يتعلق بمسألة القدس، أشار روس إلى أنّ ترامب وعد خلال الحملة الانتخابية بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، "فهو مقتنع بهذا القرار على الرغم من رفض وزيري الدفاع والخارجية له". وفيما قال روس إنّ ترامب "أكد أنّ نقل السفارة لا يعني الاعتراف بالحدود الراهنة للقدس"، ردّ عليه عمرو موسى  بتأكيده أنّ كل "ما يُقال عن أنّ قرار ترامب حول القدس لم يعترف بحدود المدينة المقدسة، إنما يُغفل في حقيقة الأمر أنّه اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فضلاً عن أنّ المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، صرّح إثر القرار بأنّ القدس كما هي عاصمة أبدية لإسرائيل". وأشار السياسي المصري إلى أنّ الإدارات الأمريكية السابقة كانت تضع على أجندتها إدارة النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، ولكن عندما تحدث الرئيس ترامب عن "حل جذري للنزاع"، فإنّ هذا الأمر كان شيئاً جديداً، "لكن ظهر لاحقاً أنّ صفقة ترامب تتبنّى وجهة النظر الإسرائيلية، وهي لا تُشكّل صفقة بأي حال من الأحوال"، على قول موسى، الذي لفت الأنظار إلى ثلاث نقاط أساسية، تُعَدُّ قصوراً في هذه الصفقة وهي:

موسى: الدول العربية لا تستطيع توفير غطاء للفلسطنيين للقبول باتفاق سيئ لكنهم سيرْعَونه إن كان ملبياً مطالب الفلسطينيين

أولاً، أنّ "صفقة القرن"، كما يطرحها ترامب، استبعدت بداية قضية مدينة القدس من الصفقة.

ثانياً، أنها تأتي مرة أخرى بالخيار الأردني (بمعنى أنْ تكون الدولة الفلسطينيّة في المملكة الأردنيّة الهاشميّة وتوسيع الدور الأمني الأردني في الضفة الغربية) إلى الطاولة.

ثالثاً، أنّ الصفقة تأتي بالخيار المصري (منح جزء من سيناء لإقامة دولة فلسطينية عليها) لأول مرة. وقال موسى "لا أعتقد أنّ الأردن أو مصر أو حتى الفلسطينيين سيقبلون بذلك. وإذا ما تمّ استبعاد قضيتي القدس واللاجئين والتعامل مع المستوطنات كأمر واقع، فكيف يمكن لطرف فلسطيني أو عربي قبول الصفقة".

اقرأ أيضاً: سوريا وإيران و "صفقة القرن" في اختبار قمة هلسنكي

موسى: لا أعتقد أنّ الأردن أو مصر أو حتى الفلسطينيين سيقبلون بذلك

روس: ربما لن يُكشف عن الصفقة قريباً

من جهته، قال دنيس روس، وهو حالياً مستشار لـ "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، إنّ أحداً لم يرَ الخطة بعدُ، وثمة نقاط تسربت للإعلام وخضعت للنقاش بشكل عام. وتابع "مع أنّ إدارة ترامب أشارت إلى أنّ الخطة ستُطرح قريباً، لكني أعتقد أنّها لن تُكشف قبل الانتخابات الإسرائيلية العامة المتوقعة في شهر شباط (فبراير) أو آذار (مارس) 2019، مؤكداً في هذا الصدد أنّه "من الخطأ أن نحكم على هذه الخطة قبل أن نطلع على تفاصيلها. وأعتقد أنّ الخطة يجب أن تحظى بنوع من المصداقية لدى الطرفين، ويجب أن تُعطي العرب شيئاً يسمح لهم لأن يقولوا بأنّ الخطة جيدة، كما أنّ على الخطة أن تقدم شيئاً بخصوص قضايا الحل النهائي، مثل القدس واللاجئين".

الرأي العام العربي

وفي سجاله مع الأمين العام السابق للجامعة العربية حول موقف الشعوب العربية من "صفقة القرن" قال روس "صحيح أنّ الرأي العام في المنطقة مهم بخصوص القضية الفلسطينية، وأعتقد أنه إذا كان القادة العرب يخشون من الرأي العام بخصوص الصفقة فسيكون الوضع ضبابياً". وأضاف "يبقى السؤال هو كيفية معرفة حقيقة الرأي العام، وهل يجب على القادة العرب قيادة الرأي العام أم الخضوع له؟ لننظر إلى القضايا المهمة التي تواجهها المنطقة، والتحديات التي تجابه حياة الشباب ومستقبلهم".

اقرأ أيضاً: مباحثات حمساوية-إسرائيلية في السويد لتمرير "صفقة القرن"

وفي تلميحٍ إلى أنّ ضغوط الرأي العام الشعبي لا تقتصر على الجانب العربي فقط قال روس "إذا كانت الصفقة جيدة فيمكن للقادة العرب أن يوفروا غطاءً للفلسطينيين، فالأخيرون ينظرون إلى أنفسهم بوصفهم اللاعب الأضعف، كما أن إسرائيل لن تقدم أي تنازل جذري حقيقي، خصوصاً أنّ قادة إسرائيل حساسون أيضاً تجاه الرأي العام الإسرائيلي"، في ظل أجواء انتخابية إسرائيلية قريبة.

أهمية القضية الفلسطينية

عمرو موسى قال إنه ينبغي توضيح مسألة جوهرية؛ حيث "ساد انطباع لدى أوساط غربية أنّ أهمية القضية الفلسطينية تراجعت، وأنه يمكن إيلاء الأولوية إلى قضايا عربية وإقليمية أخرى"، لكن هذا الانطباع، يضيف موسى "كان خطأ، فالقضية الفلسطينية لا تزال حية لدى الشعوب العربية، وحتى الدول العربية التي أصبحت تواجه تحديات خطيرة تدرك أهمية القضية الفلسطينية، والدليل أنه لم يوافق أحد من العرب على قرار إدارة ترامب بخصوص نقل السفارة الأمريكية إلى القدس"، أو ما تقدمه الصفقة بشأن المدينة المقدسة.

اقرأ أيضاً: لماذا كل هذا الجدل حول "صفقة القرن"؟

وعلى الرغم من تراجع حظوظ مبادرة السلام العربية، قال موسى "أعتقد أنه يجب دعم المبادرة العربية للسلام لعام 2002، التي تلبّي على نحو متوازن مطالب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي".

موسى يعتقد بأنّ "حل مشكلة الشرق الأوسط لا ينتهي بتغيير إيران لسياساتها"

البعد الإقليمي

وفي سياق السجال حول الدور الإقليمي في صفقة القرن وحل القضية الفلسطينية نبّه روس إلى أنه "ظهر في الآونة الأخيرة اقتناع لدى إسرائيل ودول عربية بضرورة بناء علاقات إستراتيجية بين الطرفين، ومَثّل هذا الأمر حافزاً لإدارة ترامب للتوصل إلى صفقة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحميل الدول العربية مسؤوليتها في هذا الشأن"، وكشف روس عن أنّ "جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات كان يعتقدان بأنه يمكن إحلال العرب محل الفلسطينيين في الصفقة". وأضاف السياسي الأمريكي أنه "عندما تسلم الرئيس ترامب السلطة كان هناك شعور في واشنطن بتغير جديد يحصل في المنطقة بخصوص العلاقة بين العرب والإسرائيليين، بسبب أنّ الطرفين العربي والإسرائيلي أصبحا ينظران بالطريقة ذاتها إلى مصادر التهديدات الأمنية المشتركة، المتمثلة في إيران والإرهاب".  وتابع "لم تعرف المنطقة في الماضي مثل هذا التقارب الإستراتيجي العربي الإسرائيلي".

موسى: القضية الفلسطينية لا تزال حية لدى الشعوب العربية، وحتى الدول التي أصبحت تواجه تحديات خطيرة تدرك ذلك

لكن عمرو موسى يميل إلى الاعتقاد بأنّ "حل مشكلة الشرق الأوسط لا ينتهي بتغيير إيران لسياساتها الخارجية الخشنة في الإقليم، ولا بأنْ تفهم تركيا أنها لا يمكنها أن تقود المنطقة العربية"، مؤكداً أنه "لا مناص من حل القضية الفلسطينية".

إلى ذلك، قال روس إنه ينبغي أن تُقدم الصفقة خطياً إلى القادة العرب المعنيين بمحاولة الوصول إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتحديداً قادة مصر والسعودية والأردن والمغرب والإمارات، مشيراً إلى أنّه "يجب أن تأخذ الخطة بالاعتبار ملاحظات هؤلاء القادة، كما أنّه يجب على الخطة في نهاية المطاف أن تلبي مطلب الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة،  لأنّ أي حل لا يرتكز على حل الدولتين لن يقبله الفلسطينيون"، على حدّ قوله.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية