هل تبدأ القاعدة وداعش بتنفيذ عمليات في إثيوبيا والسودان قريباً؟

هل تبدأ القاعدة وداعش بتنفيذ عمليات في إثيوبيا والسودان قريباً؟

هل تبدأ القاعدة وداعش بتنفيذ عمليات في إثيوبيا والسودان قريباً؟


15/06/2023

يرتبط نشاط وتواجد تنظيم داعش في أيّ دولة بمدى انتشار الفوضى وتحول الدولة فيها إلى دولة فاشلة أو شبه فاشلة؛ بسبب تفشي صراعات إثنية وعرقية ودينية وطائفية، تتزامن مع أزمات اقتصادية ومستويات فقر وجوع وفساد وصراعات بين النخب السياسية، وقد كانت هذه الأسباب المرجعية الأساس في انطلاق القاعدة، ولاحقاً داعش، في العراق ثمّ في سوريا، وامتداداتهما في اليمن وليبيا، وهو ما أوجد جدالات حول العلاقة المرجعية للديني "الإيديولوجيا"، والسياسي "الاستبداد والفساد" في نشوء الإرهاب، ويذهب كثيرون إلى أنّ الاستبداد والفساد والفوضى هي المرجعية الأساس التي تشكل حاضنة لنشوء التطرف المفضي إلى الإرهاب.

هذا التوصيف للدول الفاشلة أو شبه الفاشلة واقع تعيشه أغلبية الدول الأفريقية، فيما يُعرف بجنوب الصحراء، سواء في أواسط أفريقيا أو في شرقها، وهو ما يُعرف بالقرن الأفريقي الذي بدأ فيه الإرهاب مبكراً مع انطلاقات القاعدة الأولى في أوائل تسعينات القرن الماضي من الصومال وجوارها، أو فيما يُعرف بمناطق الساحل الأفريقي في دول غرب أفريقيا، وصولاً إلى مالي والنيجر ونيجيريا وبوركينو فاسو وسيراليون، وغيرها من أشباه الدول التي تعاني أزمات اقتصادية حادة، وصراعات وانقسامات قبلية ودينية وانقلابات عسكرية متكررة، غير بعيدة عن تدخلات دولية، هدفها تأمين مناطق نفوذ واستثمارات تتم بتعاون مع أقسام من السلطات وزعماء قبائل ومع قادة الإرهاب.

لعل تمدد القاعدة وداعش باتجاه إثيوبيا يبدو سيناريوهاً واقعياً في ظل هشاشة الدولة في إثيوبيا، واشتعال شرارة صراع ديني، الذي يُعدّ سبباً كافياً لدخول التنظيمين

في أفريقيا قصة الإرهاب ربما مختلفة عن مناطق أخرى في العالم، ففي الوقت الذي تم فيه حسم الصراعات خارج أفريقيا بين القاعدة وداعش لصالح تنظيم داعش، لا سيّما في العراق وسوريا، فإنّ هذا الصراع ما زال محتدماً في أفريقيا بين التنظيمين، ومع تعرّض تنظيم داعش لضربات موجعة في العراق وسوريا، وعودته إلى أساليب القاعدة من خلال ممارسة حروب سرّية "حروب العصابات"، وتراجعه عن مقاربة العمل العلني والاحتفاظ بالأرض، يطرح اليوم وعلى نطاق واسع تقديرات مخابراتية تشير إلى أنّ أفريقيا ستكون الساحة التالية لتنظيم داعش، وممارسة نشاطاته بصورة مماثلة لصورة انطلاقه في العراق وسوريا، لا سيّما في المناطق الأكثر هشاشة والدول الأكثر ضعفاً.

يرتبط نشاط وتواجد تنظيم داعش في أيّ دولة بمدى انتشار الفوضى وتحول الدولة فيها إلى دولة فاشلة أو شبه فاشلة

واذا كان معروفاً للمتابعين أن تشهد دول مثل؛ الصومال في القرن الأفريقي ومالي والنيجر ونيجيريا نشاطات للقاعدة وداعش، بشكل مباشر أو عبر تنظيمات بايعت القاعدة أو داعش، مثل الشباب الصومالي وبوكو حرام وغيرها، فإنّ متغيراً جديداً يشي بأنّنا على موعد مع تصعيد سيقوده تنظيم داعش في ساحة جديدة في القرن الأفريقي، فقد أصدر التنظيم بياناً دعا فيه المسلمين في إثيوبيا لإعلان الجهاد بعد صدامات وقعت بسبب هدم مساجد ضمن مشروعات تطوير عمرانية، تهدف لدمج (6) بلدات تحيط بالعاصمة أديس أبابا، وخروج مظاهرات بعد أداء الصلوات في المساجد تعترض على إجراءات هدم وُصفت بالتمييزية، ويبلغ عدد المسلمين في إثيوبيا حوالي (31) مليوناً، يشكّلون تقريباً ثلث عدد السكان البالغ (117) مليوناً،  وتشهد إثيوبيا التي يحكمها نظام فيدرالي نزاعات عرقية دموية أبرزها بين الحكومة المركزية وإقليم تيغراي، الذي توقف بعد اتفاق مصالحة "هشة" تم التوصل إليها بين الجانبين قبل عدة أشهر.

وكانت سلطات أديس ابابا قد أعلنت عام 2019 اعتقال العديد من عناصر ينتمون لتنظيم داعش وحركة الشباب الصومالية التي هي الفرع الرئيس للقاعدة في الصومال، وهو ما يشير إلى تنافس التنظيمين لجعل إثيوبيا ساحة لهما، لا سيّما بعد توفر الأسباب الدينية، "أغلبية مسيحية وأقلية مسلمة"، وجوارها مع الصومال؛ ممّا يسهل مناورات التنظيمين في الحركة، يضاف إلى ذلك تعدد الصراعات القبلية في إثيوبيا مع تفشي اتهامات بالفساد وازدياد مستويات الفقر والمجاعات.

قصة الإرهاب في السودان تبدو أكثر خطورة، استناداً إلى استمرار بقايا "المؤتمر الشعبي الإسلامي" الذي شكّله حسن الترابي ليكون عنواناً للتنظيمات الإسلامية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأنّ علاقة السودان خلال حكم البشير كانت وثيقة مع الجماعات الإرهابية

ولعل تمدد القاعدة وداعش باتجاه إثيوبيا يبدو سيناريوهاً واقعياً في ظل هشاشة الدولة في إثيوبيا، واشتعال شرارة صراع ديني، الذي يُعدّ سبباً كافياً لدخول التنظيمين، وربما لن نكون بعيدين عن إعلان داعش أو القاعدة تنفيذ عمليات نوعية في إثيوبيا، لكنّ السيناريو الأخطر هو نفاذ القاعدة وداعش إلى السودان، لا سيّما أنّ ما يشهده السودان منذ "15/4/2023" من حرب أهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتردد وعلى نطاق واسع أنّ من بين أسبابها مكاسب واستثمارات في مناجم الذهب وغيره من الثروات، بمرجعيات فساد في أوساط النخبة السودانية، وتداعيات هذه الحرب بنشوء حالة فوضى غير مسبوقة في بلد يزيد عدد سكانه على (45) مليوناً، منهم حوالي (6) ملايين يعيشون في العاصمة الخرطوم، وبدء ظهور صراعات جديدة فيه بمرجعيات انفصالية على أسس عرقية وقبلية، بالتزامن مع أزمات إنسانية حادة، أسفرت إلى تاريخه عن لجوء حوالي مليون سوداني إلى دول الجوار، بالإضافة إلى حركة نزوح داخلي لآلاف السودانيين.

قصة الإرهاب في السودان تبدو أكثر خطورة منها في إثيوبيا

وإذا كان إرهاب القاعدة وداعش سينطلق في إثيوبيا بحجة حماية المسلمين ومقدساتهم ضد تمييز مسيحي، فإنّ قصة الإرهاب في السودان تبدو أكثر خطورة، وذلك استناداً إلى؛ أوّلاً: استمرار بقايا "المؤتمر الشعبي الإسلامي" الذي شكّله حسن الترابي ليكون عنواناً للتنظيمات الإسلامية في الشرق الأوسط وأفريقيا، ثانياً: أنّ علاقة السودان خلال حكم عمر البشير كانت وثيقة مع الجماعات الإرهابية، فقد اختار أول زعيم للقاعدة (أسامة بن لادن) السودان للإقامة والاستثمار فيها بعد تحرير أفغانستان من الاحتلال السوفييتي، ثالثاً: مشاركة أكثر من (10) آلاف سوداني في تنظيمات جهادية في ليبيا واليمن، بالإضافة إلى الصومال وبعض البلدان الأفريقية، وهو ما يوفر أرضية لانطلاق القاعدة وداعش في مناطق مختلفة بالسودان، رابعاً: ما يتوفر عليه السودان من مناجم ذهب، خاصة في ولاية البحر الأحمر الأكثر قرباً من الصومال وأثيوبيا، التي ستشكّل عامل إغراء للتنظيمين لخوض مغامرة النفاذ إلى السودان لتأمين موارد مالية، بالإضافة إلى مواصلة الاتجار بالمخدرات، وربما سيشكل وجود (فاغنر) وشركات تعدين أوروبية وروسية وصينية دافعاً للتنظيين، بحجة استعادة موارد وثروات البلاد المنهوبة.

مواضيع ذات صلة:

إرهاب داعش والقاعدة في أفريقيا يتمدد ولا ينحسر

مجموعة فاغنر.. جرائم المرتزقة عابري القارات في أفريقيا

داعش يغير تكتيكاته وخارطته داخل أفريقيا... ما الأهداف والتداعيات؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية