هل تأثر رصيد السيسي الشعبي بالحملات المكثفة لتنظيم الإخوان ؟

رصيد السيسي!

هل تأثر رصيد السيسي الشعبي بالحملات المكثفة لتنظيم الإخوان ؟


25/10/2022

محمد صلاح

لم يخلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عادته، فرغم كثافة الحملات التي يتبناها تنظيم "الإخوان المسلمين" الإرهابي ضده والمواقف المسيئة له من بعض المحسوبين على تيارات أخرى، وتوقع المحللين أن يقدم الى شعبه أحلاماً وردية والكثير من الوعود بزوال قريب للأزمة الاقتصادية وانتهاء معاناتهم جراء ارتفاع الأسعار، وأن يطرح صورة غير منطقية للمستقبل، خرج الرجل أول من أمس وتحدث في مؤتمر اقتصادي ليصدم مؤيديه قبل معارضيه بأرقام وحقائق ومعلومات مفادها أن المعاناة قد تستمر لفترة وأن الصعوبات لن تتبخر بسهولة، وأن الأزمات الاقتصادية تتعامل معها الدولة بحرص حتى لا تؤدي الى مزيد من الصعوبات. المهم أن السيسي تحدث عن رصيده لدى شعبه ولم يخف أنه استغله لتمرير قرارات صعبة، من بينها تعويم الجنيه، باعتباره اجراء ضرورياً لم يكن أحد غيره قادراً على اتخاذه خوفاً من تأثيره في شعبيته، معتبراً أن "أخطر شيء الرضا الشعبي بما يتحصل عليه المواطن مباشرة، وحرص الحاكم على ذلك حتى لو كان على حساب مستقبل الوطن وحاضره".

محصلة سنوات مرت على المصريين منذ ثورة الشعب ضد حكم "الإخوان" لم يتوقف خلالها معارضو الحكم، سواء من "الإخوان" أو من حلفائهم أو من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي ومجاهدي "الفايسبوك"، عن ترويج فكرة مفادها أن غضب الناس من ارتفاع الأسعار أو إنفاق الدولة على إعادة هيكلة البنية التحتية أو المشاريع الكبرى يعكس الانخفاض في شعبية السيسي، كذلك لم تتوقف محاولات بعض الطامحين والمشتاقين إلى مناصب تنفيذية ابتزاز الرجل والضغط عليه بالزعم أن تذمّر الناس من انخفاض الجنيه أمام العملات الحرة، وخصوصاً الدولار الأمريكي، هو رد على عدم تطبيق سياسات بعينها أو مضي السيسي في سياسات أخرى. 

بين كارهي النظام ومبتزيه أهداف مشتركة وإن اختلفت الآليات والوسائل، أولئك وهؤلاء استندوا دائماً إلى أن السيسي وعد الناس بانفراجات وأن الناس لم يشعروا بانخفاض في الأسعار مثلاً فذلك يعني، بالنسبة الى كارهيه ومبتزيه، أن الناس انفضوا عنه! ولكي تكتمل الصورة كان لا بد من حملة في وسائل إعلام "الإخوان" ومواقع التواصل الاجتماعي هدفت إلى السخرية من كل مشروع جرى إنجازه وأي فكرة هدفت الى تطوير الخدمات أو جذب الاستثمارات، واستغلال بعض الأمور الإجرائية التقليدية كاختيار الوزراء أو المسؤولين للعب على العقول، وكي يتم تزيين تلك الصورة لا بد من واقعة تستحوذ على الاهتمام باستثمار برنامج تلفزيوني في قناة إخوانية يعتمد على مداخلات المشاهدين فتتصل سيدة لتؤكد على الهواء كل هذه المعاني دفعة واحدة وتصرخ عبر الشاشة بأنها لا تستطيع الإنفاق على أبنائها "لأن سياسات السيسي فشلت"، وأنه "خدع الناس بمشاريع لم تحقق أي عائد لمصلحة المواطن"، ولأنه أيضاً "صادر منهم حرياتهم التي كانوا يتمتعون بها".

عموماً سيستمر هؤلاء على حالهم يعيشون عالماً افتراضياً خلقوه لأنفسهم، تماماً مثل الذين اختزلوا حياتهم وحصروها في نشاطهم على صفحاتهم في "فايسبوك" لا يدرون حتى ما يحدث في بيوتهم أو ماذا يفعل أبناؤهم! أما أصحاب النظريات "الثورية" فهم يتحدثون إلى أنفسهم ويعرفون أن جموع الناس انفضوا عنهم، إلا من بعض المغيبين وأصحاب المصالح، تماماً كما حال "الإخوان" الذين كانوا صدقوا قدرتهم على إسقاط الحكم وإزاحة السيسي بالإرهاب والضغوط الدولية ونشر الخوف في الشارع أو بالدعوات المتتالية الى الثورة والاعتصام والفوضى ثم وجدوا أنفسهم خارج السياق.

في كلام السيسي الأخير إشارات الى أن ما خُرِّب في عقود طويلة لا يمكن إصلاحه في سنوات قليلة، خصوصاً مع ندرة الموارد مقابل ازدياد أعداد السكان وارتفاع طموحات الناس، وكثرة معاول الهدم التي تعمل على إفشال أي حكم يأتي بعد "الإخوان"، مقابل حركة بناء ضرورية ومشاريع ضخمة تُخرِج مصر من عثرتها. 

لم يكترث السيسي بالدعوة التي يروج لها "الإخوان" الى التظاهر في الأسبوع الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بالتزامن مع قمة المناخ التي تستضيفها مصر في مدينة شرم الشيخ، ربما ثقة منه بفشل الدعوة وانصراف الناس عنها، رغم إداركه ترصد "الإخوان" ومنصات التنظيم لاصطياد كل كلمة ينطق بها لنسج القصص والحكايات التي تستهدف تحريض الناس ضد حكمه.

الحقيقة أن لا منافس للسيسي على أرض الواقع حتى الآن، رغم أن عناصر التحالف المعارض له يتعجلون رحيله ولا يتحملون الصبر حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة كي يطرحوا منافساً له، هم بالأساس أضعف من أن يتمكنوا من حشد الناس ليدعموا مرشحاً لينافس السيسي ويفوز عليه، إلا أن تصرفاتهم تُظهر رغبتهم الجامحة في إسقاطه وإبعاده وإفشال تجربته، أما شعبية السيسي فلا مجال لمعارض للزعم بانخفاضها ولا مقياس يعتمد عليه مؤيدوه للترويج لارتفاعها، إذ لا يوجد في مصر مركز بحثي واحد موثوق بنتائجه أخضع شعبية الرجل للقياس، لكن من يتجول في شوارع مصر ومدنها أو محافظاتها ويتنقل بين شمالها وجنوبها يدرك أن حال المصريين الآن أفضل كثيراً من أحوالهم أيام "الإخوان"، ولا يمكن مقارنته بشعوب دول أخرى عصف بها الربيع العربي.

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية