هجوم جربة يجدد إثارة شكوك اختراق الأمن التونسي... ما علاقة حركة النهضة الإخوانية؟

هجوم جربة الدموي يجدد إثارة شكوك اختراق الأمن التونسي... ما علاقة حركة النهضة؟

هجوم جربة يجدد إثارة شكوك اختراق الأمن التونسي... ما علاقة حركة النهضة الإخوانية؟


16/05/2023

مثّلت دائماً التعيينات والإقالات في وزارة الداخلية وعلى رأس بعض المناصب الأمنية محل شبهات وشكوك بالتوظيف السياسي لصالح حركة النهضة الإخوانية التي استلمت حكم البلاد منذ العام 2011، وتغلغلت في كل مرافق الدولة حتى 25 تموز (يوليو) 2021.

الشكوك تعيد إثارتها في كل مرة العمليات الإرهابية والهجمات الأمنية التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الـ (10) الماضية، والتي أودت بحياة المئات من التونسيين، بينهم أجانب، سواء من المدنيين أو عناصر من المؤسستين؛ الأمنية والعسكرية، وقد أعادها هذه المرّة "هجوم جربة" الدموي الذي أودى بحياة (6) أبرياء، بينهم أجنبيان.

ويجري جدل واسع حول طبيعة الهجوم في جربة بين من اعتبرها عملية "إجرامية" وآخرين وصفوها بـ"الإرهابية"، لكنّ الراوية الرسمية حتى الآن تحصرها في البعد الإجرامي؛ إذ استهدف الهجوم "معبد الغريبة" اليهودي، الذي أكمل فيه مئات اليهود الزيارة السنوية إلى كنيس الغريبة الأقدم في أفريقيا.

وقُتل (3) من عناصر الشرطة و(2) من الزوار -أحدهما يحمل الجنسيتين التونسية والإسرائيلية والآخر فرنسي تونسي- برصاص المهاجم قبل أن يرديه عناصر الأمن.

وفتح مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا الأربعاء "تحقيقاً بتهمة القتل بما يتصل بمجموعة إرهابية"، وتعهد الرئيس إيمانويل ماكرون بمكافحة "معاداة السامية".

نواب يطالبون بمراجعة التعيينات

على خلفية الهجوم، دعا نواب البرلمان التونسي الجديد إلى ضرورة مراجعة التعيينات الأمنية التي جرت منذ العام 2012، وقال النائب طارق مهدي: إنّ هناك ضرورة ملحّة اليوم لمراجعة بعض التعيينات في السلك الأمني وفي جميع الاختصاصات، ومراجعة الإعفاءات.

ودعا النائب أحمد بنور إلى إعادة النظر في التعيينات للمشمولين بالعفو التشريعي العام، متحدثاً عن وجود تعيينات جرت بالولاءات، وفق تعبيره.

أعاد هجوم جربة الشكوك حول اختراق الأجهزة الأمنية أثناء حكم الإخوان

وحث بدوره النائب محمد زياد على ضرورة مراجعة التعيينات في سلك الأمن والأئمة الذين يبثون خطاباً تكفيرياً، داعياً إلى ضرورة الإحاطة الفعلية بعائلات الضحايا.

وكانت التعيينات في المؤسسة الأمنية في تونس تخضع لتدقيق شديد خلال نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، لكنّ هذا التدقيق تم إلغاؤه بعد الثورة، وسط اتهامات توجه لبعض الأطراف السياسية بتعيين على أساس الولاءات، خلال المرحلة السابقة.

مطالب بحلّ حركة النهضة

بدورها، أكدت النائبة فاطمة المسدي، يوم الخميس خلال جلسة عامة للبرلمان، أنّ حادثة جربة "أثبتت اختراق النهضة للمؤسسة الأمنية، داعية إلى مراجعة كل التعيينات في الجهاز الأمني خلال العشرية الأخيرة، مطالبة في هذا الصدد بحلّ حركة النهضة وتصنيفها تنظيماً إرهابياً".

ويوم الأربعاء اتهم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (يساري) النهضة بالوقوف وراء هجوم جربة، معتبراً أنّ نشر الإرهاب بالبلاد تزامن مع صعودها إلى الحكم في 2011، وذلك عبر اختراق أجهزة الدولة وتشكيل عصابات أمنية موازية وتنصيب نقابات أمنية موالية، إلى جانب إغراق البلاد بالسلاح والمال الفاسد".

التعيينات والإقالات في وزارة الداخلية وعلى رأس بعض المناصب الأمنية محل شبهات وشكوك بالتوظيف السياسي لصالح حركة النهضة الإخوانية

وسبق أن طالب عدد من السياسيين وحتى الأمنيين بمراجعة تلك التعيينات على مدار الأعوام الماضية، لكن اليوم تعود هذه المطالبات وبقوة، خصوصاً بعد خروج حركة النهضة الإخوانية، التي تقف وراء هذه التعيينات، من الحكم، على خلفية قرارات الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو).

واتهم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (يساري) النهضة بالوقوف وراء هجوم جربة، معتبراً أنّ نشر الإرهاب بالبلاد تزامن مع صعودها إلى الحكم في 2011، وذلك عبر اختراق أجهزة الدولة وتشكيل عصابات أمنية موازية وتنصيب نقابات أمنية موالية، إلى جانب إغراق البلاد بالسلاح والمال الفاسد".

وسارعت حركة النهضة التي صدر ضد رئيسها راشد الغنوشي أمر إيداع بالسجن بتهمة التآمر على أمن الدولة، إلى إعلان مقاضاتها لمسؤول حزب الوطنيين الديمقراطيين منجي الرحوي، محّمّلة إيّاه مسؤولية ما اعتبرته "ادعاءات كاذبة وتحريضاً على الحركة ومنتسبيها".

الشكوك تعيد إثارتها في كل مرة العمليات الإرهابية والهجمات الأمنية التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الـ (10) الماضية التي حكم فيها الإخوان

بدورها، دعت مكونات من المجتمع المدني من بينها نقابة المحامين، إلى تكثيف الأبحاث لملاحقة الأطراف المتورطة في حادثة جربة، التي أسفرت عن مقتل (5) أشخاص بينهم (3) أمنيين، مطالبة بتحميل المسؤوليات في أي تقصير أو تسلل إرهابيين إلى أجهزة الأمن الوطني، وفق بيان صدر عنها.

إسلاميو تونس واختراق المؤسسة الأمنية والعسكرية عبر التاريخ

يُذكر أنّه تاريخياً دائماً ما اعتمدت الحركات الإسلامية وخاصة الجهادية منها في المنطقة العربية وفي تونس أسلوب اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية لأغراض مختلفة، بعضها يتعلق بمحاولات انقلابية وبعضها الآخر بضمان أمنها الخاص.

وكانت وسائل إعلام محلية قد كشفت في عام 2014 تمكن جماعة أنصار الشريعة من تجنيد عناصر في الأجهزة الأمنية تعمل لصالحها، من خلال مدها بالتقارير الأمنية أو من خلال المشاركة في عملية تهريب أميرها سيف الله بن حسين إلى خارج البلاد.

ومنذ تشكلها في السبعينيات انطلقت "الجماعة الإسلامية" (تحولت فيما بعد إلى "الاتجاه الإسلامي" ثم إلى "حركة النهضة") في توجيه عدد من التلاميذ المنتمين إليها إلى مدارس ضباط الصف الذين شكّلوا فيما بعد النواة الأولى للجهاز العسكري والأمني للتنظيم في جيش البر.

واستطاع التنظيم الاخواني التغلغل داخل ثكنات الجيش من خلال عشرات العناصر المجندة، الذين حاولوا إقامة مساجد في الثكنات، كما اعتمدت الجماعة على عناصر في جهاز الديوانة (الجمارك) في تسهيل عمليات التهريب التي كانت تقوم بها، سواء تهريب الأشخاص أو البضائع المتمثلة أساساً في بعض الأسلحة الخفيفة.

وفي شهر كانون الثاني (يناير) 1986 توجه إلى باريس بأمر من محمد شمام، قائد الجهاز الخاص في الجماعة، لتوريد (5) آلاف قنبلة غاز مشل للحركة، كي يستعملها عناصر الجهاز في العمليات الخاصة والاعتداءات ضد رجال الأمن والخصوم السياسيين وداخل أسوار الجامعة خلال الصراع مع قوى اليسار الطلابي، غير أنّ أمر العملية تم كشفه من قبل الجهات المختصة، حين اعتقل رجل الأمن "يوسف الهمامي" الذي كان يتخذ من منزله مخزناً لأسلحة التنظيم .

مواضيع ذات صلة:

الهجوم على معبد الغريبة التونسي: حادث أمني أم تدبير إخواني إرهابي؟

تونس: هل حركة النهضة الإخوانية وراء "هجوم جربة"؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية