نكبة الإخوان في الأردن تضاف إلى سجل الانتحار السياسي للجماعة

نكبة الإخوان في الأردن تضاف إلى سجل الانتحار السياسي للجماعة

نكبة الإخوان في الأردن تضاف إلى سجل الانتحار السياسي للجماعة


24/04/2025

تشهد جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ومعها ذراعها السياسية "حزب جبهة العمل الإسلامي"، واحدة من أكثر مراحلها توتراً واضطراباً منذ عقود، في ظل الضربة التي تعرّض لها التنظيم، إثر قرار وزارة الداخلية بتفعيل حكم القضاء الأردني بحظر الجماعة وأنشطتها في البلاد.

وفي المقابل تتصاعد التحركات داخل البرلمان الأردني مطالبة بمحاسبة الحزب الإخواني، وسط تساؤلات جدية عن مستقبل الجماعة في البلاد، وما إذا كان الأردن يتجه نحو قرار حلّ الحزب الأكبر تمثيلاً للتيار الإسلامي المعارض.

ضربة أمنية: خلية تابعة للإخوان تحت المجهر

في منتصف نيسان (أبريل) الجاري كشفت تقارير أمنية أردنية عن تفكيك خلية تتبع الإخوان المسلمين، كانت تخطط ـ بحسب المصادر الأمنية ـ لتنفيذ عمليات تستهدف منشآت حيوية وشخصيات سياسية في البلاد، وقد تمّ رصد أفراد الخلية على مدار أشهر، وتم ضبط مواد متفجرة ووسائل اتصال مشفرة خلال المداهمة. وجاء في البيان الرسمي أنّ الخلية "تلقت تدريبات داخلية وخارجية، وتواصلت مع عناصر مرتبطة بتنظيمات متطرفة في الإقليم"؛ الأمر الذي فتح باب التساؤلات حول تحول بعض أجنحة الجماعة إلى العمل العنيف، رغم تأكيد قيادات الحزب على سلمية مسارهم السياسي.

ولم تُعلن الأجهزة الأمنية تفاصيل موسعة حول أفراد الخلية أو مخططاتها، واكتفت بالإشارة إلى أنّها "تحت السيطرة الكاملة"، وأنّ التحقيقات ما تزال جارية، ممّا أثار حملة إعلامية مكثفة ركزت على خطورة جماعة الإخوان، خاصّة مع اعتراف أفراد الخلية خلال التحقيقات الأولية بتلقي توجيهات من عناصر في الخارج على صلة بالتنظيم الدولي للإخوان، إلا أنّ التفاصيل الكاملة ما تزال قيد التحفظ الأمني.

لم تُعلن الأجهزة الأمنية تفاصيل موسعة حول أفراد الخلية أو مخططاتها، واكتفت بالإشارة إلى أنّها "تحت السيطرة الكاملة"

بدورها حاولت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن التنصل من الجريمة، ونفت أيّ علاقة لها بالخلية المذكورة، وزعمت أنّ الزجّ باسم الجماعة يأتي ضمن حملة ممنهجة لتشويه صورتها، وإضعاف دورها الاجتماعي والسياسي، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في القضية، وزعم حزب جبهة العمل الإسلامي أنّه جهة مستقلة عن أيّ تيار سياسي.

البرلمان يتحرك: مطالبات بمساءلة حزب الإخوان

بالتزامن مع الضربات الأمنية المتتابعة، شهد مجلس النواب الأردني تحركات من عدد من النواب تدعو إلى التحقيق مع حزب جبهة العمل الإسلامي، بل طرح البعض فكرة إعادة النظر في الترخيص القانوني للحزب الذي يعمل بمخالفة أحكام الدستور وقانون الأحزاب، وطالب عدد كبير من النواب بإحالة ملف الحزب إلى اللجنة القانونية، متهمين إيّاه بالتحريض على الدولة، واستغلال المنابر الدينية والسياسية لأهداف حزبية، بالتزامن مع وجود أدلة على ارتباط عناصر من الحزب بخطابات تحريضية تمّ تداولها خلال فترات الاحتجاجات الشعبية الأخيرة.

وبعد أن صدر قرار حظر جماعة الإخوان في الأردن، اقتحمت قوات الأمن مقر الحزب في عمّان، عقب الإعلان عن الحظر، وبدأت بعمليات تفتيش واسعة، وضبط وثائق وأوراق ومراسلات، في خطوة اعتبرتها قيادة الحزب تصعيدًا غير مسبوق.

من جهته، زعم الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المهندس وائل السقا أنّ الحزب مستمر في أداء دوره الوطني كحزب سياسي أردني مستقل استقلالية تامة عن أيّ جهة أخرى، ويعمل وفق الدستور والقانون الأردني والأنظمة ذات العلاقة، وأنّ الحزب ليس له علاقة تنظيمية بأيّ جهة أخرى، وأنّه يثق بالقضاء الأردني الذي يمثل صاحب الكلمة الفصل في تأكيد سلامة الوضع القانوني للحزب، معبّراً عن ثقته في مرور الأزمة التي يمرّ بها الوطن إلى برّ الأمان، والاستناد إلى الحوار ولغة العقل، والتأكيد على ما يمثله تمتين الجبهة الداخلية من هدف مقدّس لدى جميع الأردنيين.

الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي: المهندس وائل السقا

بدورها، أعلنت كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية النيابية تأييدها المطلق للقرار الصادر عن وزير الداخلية مازن الفراية، بحظر نشاطات جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قانونًا، واعتبارها كيانًا غير مشروع لا مكان له في الحياة العامة أو السياسية .لافتة إلى أنّها حذّرت مراراً من خطر الجماعة المحظورة وتغوّلها على الحياة السياسية والمؤسسية، مشددة على أنّ الحياة الحزبية لا تُبنى على الازدواجية، ولا على الولاء المزدوج، ولا على اختراق القانون من بوابات مغلّفة بالخطاب الديني أو الشعارات الشعبوية.

والسؤال المحوري الذي يتردد اليوم في الأوساط السياسية والإعلامية هو: هل سيتم حل حزب جبهة العمل الإسلامي؟

رغم عدم وجود مؤشرات رسمية قاطعة، فإنّ المؤشرات الميدانية والسياسية توحي بإمكانية تصعيد المشهد، في حال ثبوت ارتباط قانوني أو أمني بين الحزب والخلية التي تمّ ضبطها، وقد تتجه الدولة نحو حلّ الحزب بقرار قضائي، حيث إنّ كل مسوغات الحلّ أصبحت متاحة وموجودة، وتنتظر القرار السياسي لتفعيلها.

ويمكن القول: إنّ جماعة الإخوان المسلمين في الأردن تقف اليوم عند مفترق طرق حقيقي، يهدد استمرارها كقوة سياسية، فبين ضغوط أمنية وتحركات برلمانية، تبدو الجماعة في أمسّ الحاجة إلى إعادة تقييم ذاتي، قبل أن تجد نفسها خارج المعادلة السياسية تماماً. أمّا الدولة الأردنية، فقد بدت حتى الآن حريصة على ضبط التوازن بين مواجهة الخطر الأمني، والحفاظ على الانفتاح السياسي، لكنّ ضبط النفس هذا قد لا يستمر طويلاً إذا واصل المشهد تصعيده.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية