
منذ إطلاق الرصاصة الأولى في حرب 15 نيسان (أبريل) الماضي ظهرت دلائل تشير إلى سيطرة (تنظيم الإخوان) في السودان على مجريات العنف والاقتتال ومحاولات عرقلة العملية التفاوضية في مدينة جدة السعودية، من أجل العودة إلى السلطة مرة أخرى وإقصاء الآخر.
وبرزت خلال الآونة الأخيرة أصوات تدعو إلى إشراك الإخوان المسلمين "النظام البائد" في مفاوضات إنهاء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، بعدما فشلت مبادرات وجولات سابقة، ضمت حصراً طرفي القتال.
وقال القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) كمال بولاد: إنّ "إشراك نظام الكيزان في المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب يتقاطع مع قرار الشعب السوداني الذي ثار ضده، ومع أهداف ثورة كانون الأول (ديسمبر) التي أسقطته".
بولاد: إشراك نظام الكيزان في المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب يتقاطع مع قرار الشعب السوداني الذي ثار ضده، ومع أهداف ثورة كانون الأول (ديسمبر).
وقال بولاد في تصريح صحفي لموقع (الحرة): إنّ "إشراك من وصفهم بـ "الفلول" في المفاوضات سيكون بمثابة مكافأة لهم على الحرب التي أشعلوها من أجل القضاء على الثورة، مع أنّ الصحيح أن تتم محاكمتهم على جرائمهم خلال حكمهم، وعلى إشعالهم الحرب الحالية".
وأشار إلى أنّ "نظام البشير لا يؤمن بالديمقراطية، ولن يكون حريصاً عليها، وليس هناك مصلحة للقوى السياسية أو المؤسسة العسكرية في إشراك نظام أسقطته ثورة شعبية في المفاوضات".
وأكد بولاد على أنّ "ممثلي الاتحاد الأفريقي أو الاتحاد الأوروبي يمكن أن يجلسوا مع ممثلين للنظام السابق، لكن لا يمكن أن يتم فرض النظام السابق على الشعب السوداني أو القوى الثورية التي أسقطته".
ولفت إلى أنّ "إيقاف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي يتم بقرار من الشعب السوداني وقوى ثورة كانون الأول (ديسمبر)، ولن يقبل السودانيون بقرارات تتقاطع مع موقفهم الرافض للنظام السابق".
المنصور: جولات التفاوض السابقة برهنت على أنّ قادة الجيش لا يملكون الجرأة للمضي في المسار السلمي لحل الأزمة.
من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية عز الدين المنصور إلى أنّ "غياب الإرادة لدى طرفي القتال، وعدم التزامهما بما جرى الاتفاق عليه في منبر جدة بالسعودية، يحتم ضرورة توسيع الأطراف المشاركة في المفاوضات".
وقال المنصور: إنّ "جولات التفاوض السابقة برهنت على أنّ قادة الجيش لا يملكون الجرأة للمضي في المسار السلمي لحل الأزمة، رغم تأكيداتهم المستمرة بضرورة التفاوض، ممّا يشير إلى أنّهم لا يسيطرون على القرار كليّاً داخل الجيش".
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أنّ "تأثير الحركة الإسلامية على مجريات العمل القتالي لا تحتاج إلى براهين، ولا يختلف عليه اثنان، إذ أنّ الترقي إلى الرتب العليا والمواقع القيادية بالجيش كان حكراً على منسوبي النظام السابق وحدهم".
وأضاف: "الآن تقاتل كتيبة البراء بن مالك التي يقودها المصباح أبو زيد إلى جانب الجيش، وهي كتيبة تابعة للنظام السابق، وهذا وحده كفيل بضرورة إشراكهم في المفاوضات، بوصفهم طرفاً مقاتلاً، أو مؤثراً في القتال والقرار العسكري".
وقد أثير جدل واسع بشأن تلك الكتيبة، ويربط سياسيون وناشطون بينها وبين نظام الرئيس السابق عمر البشير، بينما تقول قوات الدعم السريع إنّ "الكتيبة من أذرع الإخوان المسلمين، المصنفة كمرجعية دينية لنظام البشير".
الفاضل يستبعد أن توافق القوى الثورية والسياسية على إشراك النظام السابق في المفاوضات، خاصة بعد جريمة الحرب التي تأذى منها السودانيون.
في المقابل، استبعد المحلل السياسي الجميل الفاضل أن توافق القوى الثورية والسياسية على إشراك النظام السابق في المفاوضات، "خاصة بعد جريمة الحرب التي تأذى منها السودانيون".
وقال الفاضل: إنّ "وجود النظام السابق على طاولة المفاوضات يُعدّ بمثابة جائزة له على الجرائم المتراكمة التي اقترفها ضد الشعب السوداني".
ولفت المحلل السياسي إلى أنّ "الحديث عن إشراك النظام السابق في المفاوضات من منطلقات أنّه يملك كتيبة تقاتل على الأرض، أو أنّ قادته يؤثرون على قرار الجيش، حديث حالم، ويجافي المنطق، لأنّ الشعب السوداني لن يقبل بعودة النظام السابق تحت أيّ ظرف من الظروف".
بدوره، قال المفكر والباحث السياسي السوداني النور حمد: إنّه "بات واضحاً أنّ الحركة الإسلامية هي من تدير المعارك الآن، وأنّ البرهان والكباشي لا يملكان سلطة القرار، ممّا يعني حتمية انهيار أيّ اتفاق قادم لوقف إطلاق النار".
وأضاف حمد في تغريدة على منصة (إكس): "وعليه ربما يضطر المجتمع الدولي والإقليمي للتدخل للقضاء على مختطفي قرار الجيش من الإرهابيين، مثلما جرى ضد تنظيم (داعش) في سوريا".
حمد: بات واضحاً أنّ الحركة الإسلامية هي من تدير المعارك الآن، وأنّ البرهان والكباشي لا يملكان سلطة القرار، ممّا يعني حتمية انهيار أيّ اتفاق لوقف إطلاق النار.
الأصوات التي تنادي بإشراك النظام السابق في المفاوضات يبدو أنّها ليست محصورة على بعض الأكاديميين وبعض القوى السياسية، فقد نشرت وسائل إعلام سودانية معلومات عن لقاءات جرت بين لجنة تابعة للاتحاد الأفريقي وبين ممثلين للنظام السابق والإخوان المسلمين.
وكان الناطق باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بكري الجاك قد كشف عن لقاء جمع ممثلين للنظام السابق مع لجنة بالاتحاد الأفريقي في بورتسودان والقاهرة.
وقال الجاك في مقابلة مع (راديو دبنقا): إنّ الاتحاد الأوروبي أيضاً التقى ممثلين للنظام السابق في القاهرة.
وكان نائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي قد أجرى مفاوضات غير معلنة مع نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، في العاصمة البحرينية المنامة، في كانون الثاني (يناير) الماضي، لكنّ المفاوضات توقفت عقب تسريب معلومات عنها.
وقد سارعت قوى الحرية والتغيير إلى اتهام الإخوان "بتدبير حملة انتقادات وتخوين ممنهجة ضد كباشي، لقطع الطريق على مساعيه لإتمام التفاوض مع قوات الدعم السريع".
مواضيع ذات صلة:
- بجريمة فظيعة... كتائب الإخوان في السودان تعيد إلى الأذهان جرائم داعش
- قصة وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في السودان.. ماذا فعلوا؟