موقف إخوان باكستان من مسيرة عمران خان يعكس حالة من الفصام السياسي

موقف إخوان باكستان من مسيرة عمران خان يعكس حالة من الفصام السياسي

موقف إخوان باكستان من مسيرة عمران خان يعكس حالة من الفصام السياسي


31/10/2022

في تطور لافت للأحداث في باكستان، أعلن رئيس الوزراء السابق، عمران خان، عن تحرك مسيرة ضخمة، انطلقت يوم 28 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وبحسب البرنامج المقرر لها، فإنّ هذه المسيرة التي أطلق عليها اسم "آزادي مارش"، تنطلق من ليبرتي تشوك لاهور، لتمر بمدن مختلفة قبل أن تنتهي في إسلام أباد في يوم 3 أو 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وسوف يقودها رئيس الوزراء السابق بنفسه. ولهذا الغرض، تم تجهيز حاوية ضخمة طولها 40 قدماً ومجهزة بشكل جيد، وتحتوي على جميع الترتيبات الأمنية، بما في ذلك أربع كاميرات CCTV. ومولدات كهرباء، ونظام صوت، وخدمة الواي فاي، ومرافق للطبخ.علاوة على ذلك، هناك أيضاً مساحة تتسع لــ 80 شخصاً على سطح الحاوية.

الهدف الرئيسي من هذه المسيرة الطويلة، هو إجبار الحكومة الحالية، التي يدعوها عمران خان وحزبه بــ "الحكومة المستوردة"، على إجراء انتخابات جديدة على الفور. من جهة أخرى، أوضحت الحكومة أنّها ليست في عجلة من أمرها، وأنّه من الممكن إجراء الانتخابات بحلول نهاية العام المقبل.

صدام وعنف محتمل

وعلى الرغم من تأكيد عمران خان على أنّ مسيرته الطويلة ستكون سلمية، وأنّها سوف تقتصر على المواقع المقترحة، وفقاً لتوجيهات المحكمة العليا في إسلام أباد، إلّا أنّ هناك مخاوف من حدوث أعمال عنف، حيث عبر عضو مجلس الشيوخ فيصل فودة، في مؤتمر صحفي يوم 28 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، عن بالغ قلقه من حدوث مواجهات محتملة، في ظل ما وصفه بالوضع الأمني والوطني "المعقد"، لافتاً إلى أنّ الأمر يتطلب نوعاً من الاستقرار السياسي، في ظل وضع اقتصادي شديد الحرج؛ جعل كلّ عمل الحكومة يعتمد على القروض والمساعدات الخارجية، وهو أمر لن يتم إلّا في ظل هدوء داخلي.

 رئيس الوزراء الباكستاني السابق، عمران خان

 يُذكر أنّ رئيس الوزراء شهباز شريف، يزور الصين هذه الأيام، من أجل مجموعة من الأولويات مرتبطة بالاحتياجات الاقتصادية ومتطلباتها الأمنية. ويعكس الاتجاه نحو الصين، إستراتيجية تعتمد على تنويع مصادر المساعدات.

انتقادات الإخوان تكشف التناقضات

على الرغم من دعواته السابقة للتظاهر والاعتصام، انتقد سراج الحق، أمير الجماعة الإسلامية، الذراع السياسية للإخوان في باكستان، تحركات عمران خان، زاعماً أنّ الأخير لا يتحلى بالمسؤولية، وأنّه غير قادر على فهم أثر ما يقوم به على الاقتصاد، واصفاً قراره بتحريك المسيرة بـ"الخاطئ والشائن لأمة تعاني بالفعل من الكثير من المشاكل". مضيفاً أنّ "الاقتصاد في حالة خراب، بينما أسعار المواد الأساسية بعيدة عن متناول الناس، والحوار الوطني ضروري؛ لإنهاء حالة عدم الاستقرار". عارضاً من جديد وساطة الجماعة الإسلامية من أجل الوصول إلى مصالحة وطنية.

على الرغم من تأكيد عمران خان على أنّ مسيرته الطويلة ستكون سلمية، وأنّها سوف تقتصر على المواقع المقترحة، وفقاً لتوجيهات المحكمة العليا في إسلام أباد، إلّا أنّ هناك مخاوف من حدوث أعمال عنف

كانت الجماعة الإسلامية قد نظمت قبل أسبوع اعتصاماً عند طريق روهري الجانبي؛ احتجاجاً على محنة ضحايا الفيضانات، والفساد في تقديم المساعدات. بحسب وصف أميرها الذي قاد الاعتصام، بينما رفع المتظاهرون شعارات ضد حكومة السند والحكومة الفيدرالية.

أمير الجماعة الإسلامية قال إنّ ضحايا الفيضانات يعانون التشرد والجوع، بينما الحكومة نائمة. واتهم حكومة السند والحكومة الفيدرالية بالتخلي عن ضحايا الأمطار والفيضانات. وقال إنّه بسبب عدم كفاءة حكومة السند، فإنّ ضحايا الفيضانات يجلسون بلا حول ولا قوة، والآلاف يرقدون على الطرق السريعة ومعسكرات الإغاثة في كل مدينة، والحكومات الإقليمية والفدرالية مشغولة فقط بوضع الخطط. وقال إنّ سكان السند تأثروا من عدم إدارة الحكومة لأزمة الفيضانات، أكثر مما تأثروا من الفيضانات.

أمير الجماعة الإسلامية تهكم قبل أيام على رئيس الوزراء، شهباز شريف، وقال إنّ الأخير سوف يصرخ قريباً: لماذا أخرجتوني من الحكومة.

كان سراج الحق قد واصل خطابه التحريضي في دأب، طيلة الأيام الماضية، وقال إنّ الشباب فقط هم الذين يمكنهم تحرير البلاد من براثن الإقطاعيين والمافيا، وقال كذلك إنّ الشعب لن يستطيع أحد خداعه بعد الآن، بعد أن أصبح الجميع يعاني من الإرهاب الاقتصادي والسياسي. بحسب وصفه، وحاول أمير الإخوان استدعاء الشباب الباكستاني إلى المواجهة مع الحكومة، وقال إنّ 65٪ من السكان شباب، وهم بصيص الأمل في إشعال نار الثورة الإسلامية في البلاد، وكشف عن أنّ مؤتمر "زند آباد الباكستاني" للقيادة الشبابية، الذي تنظمه الجماعة، هو بداية هذا الحراك.

 رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف

وكان أمير الجماعة الإسلامية قد قال في كلمته أمام المؤتمر، الذي نُظم تحت رعاية شباب الجماعة الإسلامية في مينار، إنّ الحكومة تمارس التمييز بين الفقراء والأغنياء في كلّ شيء، وبحسب صحيفة "جيونيوز" المحلية، تهكم على مسيرة عمران خان، وقال إنّ ما يفعله الأخير مفهوم، حيث تم التقاطه ليصبح رئيساً للوزراء، ثم وجده نفسه بعد ذلك بلا سلطة.

كانت الجماعة الإسلامية قد نظمت قبل أسبوع اعتصاماً عند طريق روهري الجانبي؛ احتجاجاً على محنة ضحايا الفيضانات، والفساد في تقديم المساعدات

لم ينس سراج الحق استخدام الغطاء الديني كعادته، حيث قال: "نريد بناء دولة رفاهية على نظام القرآن، ونهج النبي المصطفى". قبل أن يقدم وعوده الانتخابية قائلاً إنّ "الجماعة الإسلامية لديها قيادة شفافة، ولم تدخر جهداً لمساعدة ضحايا الفيضانات، إذا انتخبنا الشعب، فلن نأخذ منعطفاً عن سياسة كشمير، ولن نتراجع عن دعم كشمير". كما لفت إلى أنّ الجماعة لن تتراجع عن ضغوطها من أجل الإفراج عن عافية صديقي.

يُذكر أنّ الباكستانية عافية صديقي، الملقبة بسيدة تنظيم القاعدة، تواجه أحكاماً بالسجن لــ 86 عاماً في السجون الأمريكية، بعد أن اعتقلتها القوات الأمريكية في أفغانستان في عام 2008.

مواضيع ذات صلة:

كيف جرى التنسيق بين إخوان باكستان وشهباز شريف لإسقاط الحكومة؟ ما دور واشنطن؟

رئيس وزراء باكستان الجديد شهباز شريف يثمن دور الخليج... ماذا قال؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية