من صفات النبي الكريم.. الرحمة المحمدية

الرَّحْمَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ

من صفات النبي الكريم.. الرحمة المحمدية


27/09/2023

عبدالله محمد السبب

بسم الله الرحمن الرحيم: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)}: صدق الله العظيم.

هكذا انطلقت رحلة نبي الأمة، محمد بن عبدالله، رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: (الولادة)، في عام الفيل الحبشي؛ قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (164)} «آل عمران»؛ وفي يوم الاثنين 12 ربيع الأوّل في العام الحادي عشر للهجرة، كانت الوفاة في بيت أم المؤمنين، عائشة بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما.. عن عمر (63) عاماً، وبين الولادة والموت، ثمة آيات خير وبشائر للناس، وعلامات رحمة بهم.. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)} «الأنبياء»، وقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (128)} «التوبة»؛ وقوله «صلى الله عليه وسلم» عن نفسه: (يا أيها الناس، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ).

على ضوء تلك المقولة النبوية النقية، وانطلاقاً من رسالته للناس: «من لا يَرْحم لا يُرحم».

ولأنَّ «الراحمون يرحمهم الرحمن» كما قال صلى الله عليه وسلم، فقد بدأ بنفسه في تعامله مع البشر والشجر والمدر والحجر، ليكون القدوة البشرية الصالحة؛ إذ سمع يوماً في الصلاة صوت طفلٍ يبكي، وهو يحب أن يُطوّل في الصلاة، فاستعجل فيها رَحْمَةً بالطفلِ الذي يبكي لَعَلَّهُ جائِعٌ أو مَريِضٌ، وَرَحْمَةً بِقَلْبِ أُمّهِ عندما تَسْمَعُ وَلَدَها يَبْكي، فَرَقَّ قَلْبُ النَّبي فاستعجلَ في الصلاة.

ولأنه يهتمّ بشأن الضعفاء، ويأمُر بحُسن مُعاملتهم، ويوصي بهم وبأداء حُقوقهم، فقد أوصى الناس بالخدَم الذين يعملون عندهم: (إنَّ إخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فأعِينُوهُمْ).. ولعل ما حكاه خادم النبي أنس بن مالك رضي الله عنه، عن التعامل النبوي معه، برهان عدل ودليل حُسن تعامل يدفعنا إلى الاقتداء به، والأخذ بما تركه لنا من سُنَنٍ قَوْلِيَّةٍ وفِعْلِيّة.. يقول أَنَسْ: (خَدَمْتُ النبي صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنينَ، فما قال لي: أُفٍّ، ولا: لِمَ صنَعْتَ؟ ولا: ألاَّ صَنَعْتَ).

وهكذا؛ حكايات وحكايات، والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يطول ويطول، وأمثلة الرحمة المحمدية عديدة ومتعددة الأوجه والمظاهر والمواضع والأزمنة والأمكنة، دون أن تكون لنا القدرة على الإحاطة بها، أو تقصي أثرها على المجتمع العالمي؛ منذ ولادته التاريخية التي أطاحت أبرهة الأشرم ورَوَّضت فِيِلَهُ «محموداً»، وحتى آخر لحظة في عمره المنذور للإسلام والمسلمين.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية