مناورات الإخوان وملف المرتزقة في ليبيا.. إلى أين؟

مناورات الإخوان وملف المرتزقة في ليبيا.. إلى أين؟


18/01/2022

ما يزال ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا، يمثل العقبة الرئيسيّة أمام استكمال خريطة الطريق، وتحقيق الاستقرار السياسي، الأمر الذي تجلى بوضوح في أزمة تأجيل الانتخابات، والتهديدات التي أطلقتها الميليشيا على تعدد توجهاتها، الأمر الذي أدّى، بالإضافة إلى مشكلات أخرى، إلى تأجيل الاستحقاق الذي انتظره الليبيون طويلاً.

اقرأ أيضاً: ليبيا: هل ينهي مجلس النواب مهام الدبيبة؟

وقبل أسبوع، حذّرت منى يول، رئيسة مجلس الأمن الدولي، من عدم حسم ملف المرتزقة، مؤكدة أنّ "الوجود الأجنبي للمرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، يمثلان مشكلة وتحدياً أمام التوصل إلى حل". وأضافت السفيرة النرويجيّة التي تتولى بلادها رئاسة مجلس الأمن الدولي: "لقد شجعنا وطالبنا في كل بيان وتصريح، بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، وهذه رغبة الليبيين كذلك، وأتفق على أنّ هذه مشكلة، وعلينا الاستمرار والضغط من أجل مغادرتهم".

محمود الكزة: حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي للإخوان، مايزال يؤكد في بياناته على أهمية الوجود العسكري التركي، ويطالب بتأجيل الانتخابات؛ بداعي عدم التوافق على قاعدة دستوريّة

يول لم تبد اندهاشها من تأجيل الاستحقاق الانتخابي في ليبيا، والذي كان مقرراً في 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، مطالبة "كل الأطراف في ليبيا إلى بذل المزيد من الجهد، من أجل الاتفاق حول المضي قدماً بشكل ديمقراطي بحيث يمكن إجراء الانتخابات". كما كشفت أنّ مجلس الأمن الدولي سوف يعقد اجتماعاً حول ليبيا في كانون الثاني (يناير) الجاري، من أجل مناقشة ملف التجديد، الخاص ببعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا.

إصرار دولي على خروج المرتزقة

من جهة أخرى، توجه وفد ليبي رفيع المستوى إلى العاصمة الروسية موسكو، برئاسة حسين القطراني، النائب الأول لرئيس الحكومة الليبيّة وبرفقته وزراء: النفط، والصحة، والتخطيط، من أجل مناقشة ملف المرتزقة، وإخراج القوات الأجنبيّة، وفقاً لما صرّح به القطراني، الذي وجه في وقت سابق انتقادات لاذعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنيّة، عبد الحميد الدبيبة.

وفي سياق الملف نفسه، عقد عبدالرزاق الناظوري، القائد العام المكلف للجيش الليبي، اجتماعاً في سرت مع محمد الحداد، رئيس أركان المنطقة الغربية، وذلك لبحث سبل توحيد المؤسسة العسكرية، ووضع الآليات اللازمة لإغلاق ملف المرتزقة والقوات الأجنبيّة.

اقرأ أيضاً: مناورة جديدة لإخوان ليبيا... ما هدفها؟

كما وجهت القاهرة رسالة واضحة وحاسمة في هذا السياق، مؤكدة عدم التهاون في إخراج كافة المقاتلين الأجانب من ليبيا، حيث أكد السفير بسام راضي، الناطق باسم الرئاسة المصرية، على هامش اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، برئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، محمد ديبي، أنّ "الجانبين اتفقا خلال اللقاء، الذي عُقد بالقاهرة، على ضرورة تضمين العملية السياسيّة في ليبيا آلية واضحة؛ لخروج كافة المرتزقة، والقوات الأجنبية من البلاد، مع ضمان عدم تسرب الأسلحة والعتاد العسكري لديهم إلى المحيط الإقليمي".

أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، عن بدء تنفيذ عملية الانسحاب المرحلي للمرتزقة الأجانب، بمغادرة ثلاثمائة منهم للأراضي الليبيّة

وفيما يبدو، فقد أثمرت هذه الضغوط عن تحريك عملي للملف، حيث أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، عن بدء تنفيذ عملية الانسحاب المرحلي للمرتزقة الأجانب، بمغادرة ثلاثمائة منهم للأراضي الليبيّة، الأمر الذي اعتبرته، آن كلير لوجندر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسيّة: "بادرة إيجابية أولى، بعد مؤتمر باريس في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) ". وأضافت: "يتعين الآن أن يلي ذلك انسحاب المرتزقة، والمقاتلين الأجانب، والقوات الأجنبية، انسحاباً كاملاً، وفي أسرع وقت ممكن".

وعلى إثر ذلك، أفادت مصادر ليبيّة مطلعة، في تصريحات نقلتها صحيفة "العين" الإخباريّة، أنّ هناك قوائم كاملة، تتضمن أسماء "الدفعة الثانية من المقاتلين الأجانب، المقرر مغادرتها البلاد، مرجحة أن تكون من غرب ليبيا".

الإخوان واختراق المكون الأمازيغي

ومع الإصرار الدولي على حسم هذا الملف، الذي من المنتظر أن يؤثر بشكل سلبي على جماعة الإخوان وحلفائها، تحاول الجماعة البحث عن روافد داخليّة بديلة، داخل المكون الأمازيغي، حيث أذاعت فضائيّة، ليبيا الأحرار، الذراع الإعلامية للإخوان، بياناً مشتركاً لـلمجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، والمجلس الاجتماعي لقبائل الطوارق، تضمّن مبادرة تقترح "تشكيل لجنة من المترشحين للانتخابات الرئاسيّة، مع الاحتفاظ بحقهم لممارسة العملية الانتخابية، من مهامها وضع قاعدة دستوريّة توافقيّة؛ لإجراء الانتخابات، وتشكيل حكومة أزمة وتوحيد مؤسسات الدولة". كما دعت المبادرة إلى "حل جميع الأجسام المتصدرة للمشهد الليبي، وهي مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والهيئة التأسيسيّة لإعداد مشروع الدستور، ولجنة حوار جنيف".

جدير بالذكر أنّ عديد الأذرع الإخوانيّة في ليبيا، حاولت الحشد خلف المرشح الرئاسي، نوري أبو سهمين، الذي ينتمي إلى المكون الأمازيغي، ويحظى بدعم وتأييد مفتي الإخوان في ليبيا، الصادق الغرياني، لكنّ المفوضيّة العليا للانتخابات رفضت طلبه، وفقاً للمادة العاشرة من البند السابع لقانون الانتخابات، حيث كان لديه حكم قضائي سابق، الأمر الذي يمنع ترشحه، لكنّ المرشح الأمازيغي أعلن وقتها أنّه سوف يتقدم بطعن ضد قرار استبعاده من الترشح، ودشنت الميليشيا التابعة للإخوان، ومنابر الجماعة في الغرب، حملة لنصرة أبو سهمين، بزعم أنّ الحكم القضائي الذي صدر ضده كان بسبب تبرعه لبناء مسجد في حقبة القذافي، ومع حملة الضغط، صدر قرار بعودة أبو سهمين إلى السباق الرئاسي، بأمر دائرة الطعون في محكمة استئناف طرابلس .

مناورات الجماعة والخطط البديلة

الناشط السياسي الليبي، محمود الكزة، خصّ "حفريات" بتصريحات، أكّد فيها أنّ محاولة اختراق المكون الأمازيغي ليست جديدة، فالإخوان يتحركون في اتجاهين: الأول؛ هو عرقلة التسوية السياسيّة، والثاني؛ هو محاولة التمدد والانتشار بين مكونات الشعب الليبي، لافتاً إلى أنّه منذ مجيء حكومة الوحدة الوطنيّة، والإخوان يضغطون من أجل إفشال مقررات لجنة (5+5)، مع الطعن المستمر في القاعدة الدستوريّة، لإهدار الوقت، وإبقاء الحال كما هو عليه، مع استمرار بث خطاب الفرقة والكراهية.

الأذرع الإخوانيّة في ليبيا، حاولت الحشد خلف المرشح الرئاسي، نوري أبو سهمين، الذي ينتمي إلى المكون الأمازيغي، ويحظى بدعم وتأييد مفتي الإخوان في ليبيا، الصادق الغرياني

السياسي البرقاوي أكّد كذلك أنّ حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي للإخوان، مايزال يؤكد في بياناته على أهمية الوجود العسكري التركي، ويطالب بتأجيل الانتخابات؛ بداعي عدم التوافق على قاعدة دستوريّة، برغم ترشح بعض الشخصيات الإخوانية، كما حذّر مجلس الإفتاء التابع للمفتي المعزول بأمر مجلس النواب، الصادق الغرياني، من إجراء الانتخابات في موعدها المؤجل، في بيانه الأخير، بالتزامن مع إصرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية، على عدم دفع رواتب الجيش شرقي البلاد، للشهر الرابع توالياً، وبدون مبرر.

الكزة توقع تأجيل الانتخابات مرة أخرى، الأمر الذي سوف يجد فيه الإخوان متنفساً سياسيّاً، يواصلون به مناوراتهم الخاصّة لعرقلة ملف التسوية، ومنع خروج المرتزقة الأجانب، عبر تبنّي مشاريع سياسيّة تدفع تجاه زيادة الاحتقان. واستطرد: "ها هم الآن يتبنون مبادرة الأمازيغ والطوارق؛ لإتاحة أكبر وقت ممكن، من أجل ترسيخ قواعدهم في البلاد، وتمكين الميليشيات التابعة لهم". وأبدى المصدر تشاؤمه إزاء مستقبل العملية السياسيّة في البلاد، طالما ظل الإخوان يتغلغلون في مفاصل الدولة، اعتماداً على مليشياتهم المسلحة، وأسلحة المرتزقة المشهرة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية