ملامح مرحلة ما بعد الانشقاق.. ما الرسائل التي أراد المتحدث الإعلامي للإخوان تمريرها؟

ملامح مرحلة ما بعد الانشقاق.. ما الرسائل التي أراد المتحدث الإعلامي للإخوان تمريرها؟


30/01/2022

من الواضح أنّ الصراع الداخلي بين أجنحة الإخوان لن ينتهي قريباً؛ بل مرشح لمزيد من الاشتعال والاستقطاب، فبعد فترة هدوء حذرة بين الجبهتين لإعطاء لجان المصالحة والتحقيق فرصة للعمل دون ضغوط، عادت كل جبهة تتحرك إعلامياً لكسب مزيد من الأنصار، جاء هذا بعد أن أصدرت لجنة التحقيقات صواب إجراءات القائم بالأعمال إبراهيم منير بفصل مجموعة الستة وعلى رأسهم الأمين السابق محمود حسين، فقامت مجموعة إسطنبول بتعيين علي حمد المذيع في قناة وطني متحدثاً إعلامياً، فردّت مجموعة لندن بعقد عدة لقاءات عبر منصات زوم لشرح أبعاد الأزمة، أشهرها لقاء حلمي الجزار ولقاء المتحدث الرسمي مهندس أسامة سليمان.

اقرأ أيضاً: شماتة الإخوان في الموت... بحث عن نصر زائف

وأخيراً جاء لقاء صهيب عبد المقصود المتحدث الإعلامي المنتمي لجبهة منير في حوار على قناة "مكملين"، وهو الأكثر أهمية نظراً لأنّه يحمل عدة رسائل موجهة للإخوان وغيرهم، فأول رسائل جبهة منير عدم الاعتراف بعضوية مجموعة الستة ومن انضم إليهم، زاعماً أنّ الجماعة بمؤسساتها كاملة تخضع للقائم بالأعمال إبراهيم منير، وأنّ هؤلاء اختاروا طريقاً غير طريق الجماعة، متمنياً لهم التوفيق والسداد.

لقاء حلمي الجزار:

الرسالة الثانية الاستمرار في ادعاء المظلومية، وأنّ الجماعة اختارت نهج السلمية لتُجنِّب مصر ويلات الحرب الأهلية، ولم يأتِ على لسانه أي حديث حول إسقاط الانقلاب وعودة الحكم للإخوان، وهي الرسالة المركزية التي تبناها الإخوان خلال الأعوام السابقة، الرسالة الثالثة الاهتمام بالمحبوسين وأسرهم، وتوفير البيئة لتفاوض مناسب لخروجهم من الحبس، وهي الرسالة العاطفية التي ستلعب عليها كلا الجبهتين، كما أكد على عدم وجود أي مبادرة للتصالح مع الدولة المصرية.

الصراع الداخلي بين أجنحة الإخوان لن ينتهي قريباً بل مرشح لمزيد من الاشتعال والاستقطاب

أمّا الرسالة الرابعة فهي اعتراف بأنّ أعضاء التنظيم المصري بالداخل ما يزالون يديرون أنفسهم بأنفسهم وبالطريقة التي تناسبهم والتي لن يفصح عنها لاعتبارات أمنية، كما يقول، مؤكداً على ضرورة تقويتهم لا الاستقواء بهم؛ إشارة إلى ما يقوم به الجناح الآخر بالزعم أنّهم ينالون رضا الداخل المصري عنهم.

اقرأ أيضاً: مستقبل الإخوان المسلمين.. تمسك بالتنظيم أم تحول لتيار عام؟

أما الرسالة الخامسة وهي آخر رسائل اللقاء وأكثرها أهمية، فهي أنّ "قطار التطوير انطلق ومن لا يريد الركوب ربنا يوفقه"، في إشارة إلى أنّ ثمة تنحية لعدد كبير من القياديين الحاليين في أغلب تشكيلات الجماعة وعلى كافة المستويات، كما أشار إلى أنّ ثمة تطويراً كبيراً سيشمل كافة الأسس البنائية للجماعة من مؤسسات شورية أو تنظيمية او أسس فكرية.

من ملامح التطوير الاهتمام بأدوات الجيل الحالي الذي لم يعرف خطورة الإخوان ولم يعش أحداث العقد الماضي

رغم محاولة عبد المقصود إخفاء المقصود بالتطوير ومحاوره، لكن تسريبات سابقة كشفت ملامحه مثل إعادة التراتيب التنظيمية في الجماعة، بعدما أصيب التنظيم في منظومته سواء الأسس المنظمة له أو القدرة الاستيعابية أو المهارة في التوظيف، والأهم هو سقوط الغرور التنظيمي الذي عاشه الإخوان عقوداً عديدة، وأصبح الجميع يتساءل حول حتمية التنظيم وجدواه وهل هو غاية أم وسيلة، مما سيدفع القائمين على التطوير أو التأسيس الثالث التخفيف من قيوده.

لقاء المتحدث الرسمي مهندس أسامة سليمان:

ومن المتوقع أنّه في المرحلة القادمة سيُكتفى بالانتماء الفكري شرطاً للعضوية لا الانتماء للتنظيم كما كان سابقاً، وأمّا تولية المناصب فلن ينظر إليها حسب درجة عضوية الفرد؛ بل حسب مهاراته وكفاءاته، أما الأعضاء التاريخيون فسيقدمون كأصحاب تجربة يحكون تاريخهم للأجيال التالية ولن يتولوا أي مناصب قيادية، فقد سقط الكبار في اختبار الثقة والتجرد والأخوة في الله، كما سقط الجميع في اختبار بين القيادة والجندية التي يرتكز عليها التنظيم، لهذا سيتم تنحيتهم وتقديم وجوه جديدة لم تلوث باتهامات العمالة لمخابرات أو باختلاسات مالية.

اقرأ أيضاً: لماذا يفرط الإخوان في تكوين كيانات تابعة لهم في الغرب؟

كما سيشمل ملف التطوير مسار العمل العام متمثلاً في الانسحاب الجزئي أو الكلي من الصراع السياسي الحالي، والانكفاء على الداخل وترميم العلاقات الاخوانية بالمجتمع، ووضع أسس لممارسة فكرية جديدة واختيار موضوعات مشتركة يمكن التحدث بشأنها، يزاوج ما بين توقف فاعليات التنظيم، والاعتماد على التقنية أكثر في التواصل مع المجتمعات، مع الاحتفاظ بدور الأسرة كخلية أولى في تنظيم الجماعة، مع تكثيف دور النقيب وتجديد المناهج التربوية.

اقرأ أيضاً: جبهتا الإخوان وسياسة تكسير العظام: هل تنتهي الأزمة قريباً؟

كما سيشمل تغيير خطاب الإخوان العام وسيكتفي بنشر مظلوميتهم وما يتعرض له المساجين سواء أكانوا إخواناً أو غيرهم، سيعمل الإخوان في تلك المرحلة على كسب أنصار وليس تجنيد أعضاء، مع إيجاد وكلاء يقومون بنشر مظلوميتهم للتغطية على تاريخهم السابق أو القضايا الثابتة عليهم، ونشر ثقافة الاعتراض والتشكيك في أي شيء وكل شيء، وخلق شعور بعدم الرضا المجتمعي والتأفف من أي إنجاز، مع إبراز شخصيات عامة لها ولاء للجماعة تتبنى قضايا مجتمعية غير أيديولوجية، مثل ملفات حقوق الانسان، أو الدعوة للمّ شمل المصريين وإنهاء حالة الانقسام، بزعم أنّ الخلاف مع الإخوان قسّم المجتمع وأحدث استقطاباً حاداً.. إلخ.

لقاء صهيب عبد المقصود:

وسيتم الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي وعلى وجه الخصوص القضية الفلسطينية لضمان الالتفاف حولهم مرة ثانية دون الخوف من الوقوع تحت طائلة القانون، كما سيتم تبني قضايا أخلاقية وإشعالها في المجتمع وصناعة "التريند" لها، لإثبات أنّ ثمة فراغاً أخلاقياً وقع فيه المجتمع باستبعاد الإسلاميين، وتقديم خطاب يلتف حوله عناصر المجتمع.

كان الانتماء للجماعة متوقفاً على عضوية التنظيم وفي المرحلة القادمة سيُكتفى بالانتماء الفكري

كما سيقوم الإخوان بالتوسع في اختراق المؤسسات الثقافية، والمقصود هنا ليس فقط دور النشر والكتاب، بل المؤسسات التي تهتم برعاية الموهوبين والكتاب وورش العمل والتنمية البشرية، وتنمية مهارات الطلاب والشباب والتأهيل لسوق العمل، ليس لمجرد أن تكون ستاراً لحركة التنظيم السري، بل للقيام بدور في تجهيز وتأهيل البيئة الحاضنة لأفكار الإخوان بنشر أفكار مساندة لها وان لم تكن هي ذاتها.

اقرأ أيضاً: صناعة الرموز.. كيف يستغل الإخوان شعبية المتعاطفين؟

ومن ملامح التطوير الاهتمام بأدوات الجيل الحالي في سن 12 إلى 18 وهو جيل نشأ بالكامل داخل المساحة الرقمية العالمية ويعرفها بتفاصيلها، ويحتاج الى وجود مساحة رقمية شاملة، تبدأ بمنصات فكر، ونجوم معرفة، وترفيه، وكذلك منصات تعليم وتنشئة فكرية، وكذلك محطات تثقيف ومنصات أخبار، وكتيبة من المؤثرين، الذين يتم بناء مساحاتهم بشكل مركزي وواعٍ، هؤلاء لم يتعرفوا على خطورة الإخوان، وكانوا بعيداً عن الأحداث التي وقعت منذ قرابة عقد من الزمان.

ورغم هذا لن يكون تطوير الجماعة بالصورة السهلة المتوقعة، فأمامها الكثير من العقبات منها، أنّ جرائمهم ثابتة قانوناً، ولا يمكن التنصل منها، ثانياً مازالت قيادة الدول العربية الواعية تدرك خطر عودة الإخوان حتى لو غيروا أقنعتهم، كما أنّ ثمة عقبات داخل الجماعة ذاتها، منها تكلّس العناصر القديمة وعدم فهمهم للدور الوظيفي الجديد، فالعديد من أعضاء الجماعة الكلاسيكيين، وعلى وجه الخصوص التنظيم المصري سواء في الخارج أو في الداخل، والذين يؤمنون أنّ الانتماء للإخوان لا يتم إلا عبر عمليات الفرز التي لا تتم إلا في ظل تنظيم قوي محكم قائم على الأقدمية وعلى سبق الجهاد، مع شيوع فكرة أنّ العمل لله عمل منظم ولن يتحمل الكثير منهم أن يقدم من ليس منهم لصدارة المشهد.

سيعمل الإخوان على كسب أنصار وليس تجنيد أعضاء مع إيجاد وكلاء يقومون بنشر مظلوميتهم للتغطية على تاريخهم

ويجب الانتباه إلى أنّ إصرار جبهة منير على عدم عودة مجموعة الستة إلى (الدعوة) سيدفع الفريق الخاسر لأن ينخرط في عمل مستقل تحت مظلة أفكار الإخوان، أو العودة الباهتة للتنظيم، فالمصير الحتمي لهم التوقف عن استكمال مسيرتهم الإسلامية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية