مقتل والي غرب دارفور.. عنف قديم متجدد ببصمة النظام السابق وأسلوب "الإخوان"

مقتل والي غرب دارفور.. عنف قديم متجدد ببصمة النظام السابق وأسلوب "الإخوان"

مقتل والي غرب دارفور.. عنف قديم متجدد ببصمة النظام السابق وأسلوب "الإخوان"


15/06/2023

تشهد مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور (غرب السودان)، أحداثاً مأساوية ومروّعة منذ انطلاق الصراع بين القوتين العسكريتين في منتصف نيسان (أبريل) الماضي. وبحلول مساء الأربعاء 14 حزيران (يونيو) بلغت الأمور ذروتها باعتقال ومن ثم قتل والي ولاية غرب دافور، خميس أبكر بدم بارد ووحشية.

وفيما اتهم الجيش السوداني، فجر الخميس، قوات الدعم السريع باختطاف أبكر وتصفيته – على حد وصفه -  واصفاً ما حدث بالتصرف الوحشي، لم يصدر عن قوات الدعم السريع أي تصريح بهذا الخصوص، حتى اللحظة، إلاّ أنها ناشدت في بيان نشرته على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ مواطني إقليم دارفور بمختلف مكوناتهم بعدم الاستجابة لمخططات الفلول الرامية لإحداث اقتتال بين أهل الإقليم مع بعضهم البعض، وطالبهم بالتصدي لخطابات الكراهية والفتنة، خاصة في ولاية غرب دارفور .

من قتل الوالي؟

 ووصف البيان ما يحدث في غرب دارفور بالقتال القبلي والفتنة التي تديرها أذرع النظام البائد المتطرفة – وفقاً لعبارته - وطالب مواطني الجنينة بتحكيم صوت العقل ونبذ الخلافات العنصرية والجهوية البغيضة، مؤكداً أنّ موقف الدعم السريع الثابت من الأزمة في غرب دارفور وهو الالتزام بالحياد.

آثار الاشتباكات في دارفور

ودانت حركة العدل والمساواة السودانية، مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، مشيرة إلى أنّ مجموعة مسلحة اقتحمت منزله واختطفته إلى جهة مجهولة، ثم ظهر مقطع فيديو لاغتياله. وقال حسن إبراهيم فضل، نائب أمين الإعلام في الحركة إنّ ميليشيات مسلحة، هي من قتلت والي غرب دارفور، ووصفت الحركة ما يجري في مدينة الجنينة بالكارثة والإبادة الشاملة للمدنيين، وشددت أنّ عملية اغتيال أبكر ستقود الولاية والإقليم بأكمله إلى ما لا تحمد عقباه.

اقتتال قبلي مُبكِّر

وبدأ العنف القبلي في مدينة الجنينة مبكراً قبل اندلاع الحرب في الخرطوم بسنوات، إذ أفادت تقارير متطابقة – صدرت في منتصف كانون الثاني (يناير)2021، بأنّ اندلاع أعمال عنف ذات طابع قبلي في الجنينة أدّى إلى سقوط مئات الضحايا وتشريد 108 آلاف شخص من مخيم كريندينغ للنازحين بالقرب المدينة.

 ووفقاً للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس في تصريح له صدر في  6 نيسان (أبريل) 2021 فإنّ ما يربو عن 40 شخصاً قتلوا وأصيب 58 بجراح، ونزح آلاف المدنيين من منازلهم بالجنينة بولاية غرب دارفور، إثر أعمال عنف قبلية.

يعتقد مراقبون أنّ الصراع القبلي في ولاية غرب دارفور وحاضرتها الجنينة، فيه بصمة النظام السابق وجماعة الإخوان وحزبها (المؤتمر الوطني)، الذي عبث تاريخياً بإقليم دافور من خلال اللعب على التناقضات القبلية

 

وكان مجلس الأمن والدفاع السوداني برئاسة عبد الفتاح البرهان أعلن حالة الطوارئ في المدينة في 5 نيسان (أبريل) 2021 – قبل حرب الخرطوم بعام كامل -  لاحتواء الوضع، وحث قوات الأمن الحكومية على منع المزيد من العنف وعلى استعادة النظام لصالح جميع المدنيين.

ومع اندلاع الأحداث الأخيرة في الخرطوم، أظهر مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع فتح مستودع للأسلحة الخفيفة تابع للجيش أمام مواطني الجنينة للدفاع عن أنفسهم، حيث اتهم بعض المساندين لقوات الدعم السريع والي غرب دافور وقيادة الفرقة (15) مشاة من الجيش السوداني التي يقع مقرها على بعد نحو 4 كليومترات من وسط المدينة.

بدأ العنف القبلي في مدينة الجنينة مبكراً قبل اندلاع الحرب في الخرطوم بسنوات

 وكانت تقارير صحفية كشفت عن اختباء خميس أبكر داخل مقر قيادة الفرقة منذ 20 نيسان (أبريل) الماضي، بعد اغتيال نائب مدير شرطة ولاية غرب دارفور، برتبة عميد، من قبل جهة مجهولة، إبان أحداث العنف التي اندلعت حينها وما تزال، حيث تم تدمير المدينة وحرق سوقها ومؤسساتها الحكومية بشكل كامل.

بصمة الإخوان

ويعتقد مراقبون أنّ الصراع القبلي في ولاية غرب دارفور وحاضرتها الجنينة على وجه الخصوص، فيه بصمة النظام السابق وجماعة الإخوان وحزبها (المؤتمر الوطني)، الذي عبث تاريخياً بإقليم دافور من خلال اللعب على التناقضات القبلية، وتشكيل الميليشيات ذات الطابع العرقي وتقسيم التركيبة الديمغرافية بالإقليم اعتباطاً إلى جماعات عربية موالية لحكومة البشير وأخرى أفريقية مناهضة لها ومتمردة عليها، ووفقاً لهذه النظرية أطلق النظام السابق ما عرف بميليشيا الجنجويد بزعامة شيخ جماعة المحاميد العربية القوي موسى هلال للعمل بجانب الحكومة في القضاء على تمرد القبائل الأفريقية – بحسب زعمهم – حيث ارتكبت تلك الميليشيا؛ فضلاً عن الجيش السوداني من الفظائع ما تم تصنيفها من قبل الأمم المتحدة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعمليات تطهير عرقي بحق المجموعات الأفريقية.

من وراء ستار

ويرجح المراقبون ضلوع قيادة الفرقة (15) بالجنينة بتوجيه من القيادة العليا للجيش في الخرطوم التي يسيطر عليها ضباط موالون للنظام السابق، في أحداث العنف القبلي التي تزامنت من اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم، من أجل إحداث اقتتال قبلي وإجبار قوات السريع إلى التركيز على دافور وتشتيت تمركزها في الخرطوم ونقل الحرب من العاصمة إلى الإقليم المأزوم بالتنسيق مع والي غرب دارفور الراحل خميس أبكر، وحاكم إقليم دافور مني أركو مناوي الذي دعا المواطنين صراحة إلى حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم في محاولة لوضعهم مباشرة أمام فوهة بندقية الدعم السريع، فيما لاذ هو وقواته بمدينة الفاشر عاصمة الإقليم ولم يحرك ساكناً إزاء الأحداث في مدينة الجنينة، وهذا ما فعله الجيش السوداني نفسه إذ التزم ثكناته، وفقاً للوالي أبكر الذي أدلى بتصريحات قبل اعتقاله وقتله أكد فيها غياب الجيش والقوات المشتركة المكونة من الحركات المسلحة بقيادة حاكم الإقليم عن المشهد الدامي في الجنينه بشكل تام، الأمر الذي يشير إلى أنّ ثمة مؤامرة محكمة من أجل وضع الجماعات العربية والأفريقية في مواجهات قبلية دامية لصرف الأنظار، ربما عن انتهاكات واسعة النطاق يُخطط لها في مقبل الأيام من قبل النظام السابق الذي يحرك أعوانه الأحداث ويديرون حرب الخرطوم من وراء ستار.

مواضيع ذات صلة:

كيف تؤثر عقوبات واشنطن على الصراع السوداني؟

العراق: أزمة الكهرباء تحرج حكومة السوداني... ما دور واشنطن وطهران؟

كارثة إنسانية مرتقبة في السودان بعد تعليق محادثات جدة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية