كارثة إنسانية مرتقبة في السودان بعد تعليق محادثات جدة

كارثة إنسانية مرتقبة في السودان بعد تعليق محادثات جدة

كارثة إنسانية مرتقبة في السودان بعد تعليق محادثات جدة


06/06/2023

في تحرك عاجل، طالبت (هيومن رايتس ووتش) مجلس الأمن الدولي باتخاذ خطوات أقوى للتعاطي مع التدهور السريع للوضع الإنساني في السودان. وخصّت المنظمة الأعضاء الأفارقة الـ (3) بالمطالبة بدعم زيادة مراقبة الوضع الحقوقي، وفرض عقوبات صارمة على القادة العسكريين المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، وكذلك فرض عقوبات فردية محددة الهدف على المسؤولين عن انتهاك القانون الدولي، مع توسيع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة؛ ليشمل البلاد بأكملها.

وبحسب آخر الإحصائيات، أدى النزاع المسلح بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، إلى مقتل ما لا يقلّ عن (730) شخصاً، وإصابة أكثر من (5500) بجروح، مع نزوح أكثر من (1.4) مليون شخص وفقاً للأمم المتحدة، ودمرت الأطراف المتحاربة البنية التحتية الحيوية اللازمة لحياة المدنيين، بما في ذلك قطاعات المياه والكهرباء.

عدم وجود آليات لحماية المدنيين

(هيومن رايتس ووتش) طالبت مجلس الأمن الدولي بالعمل على حماية المدنيين، لا سيّما في دارفور، والعمل على ضمان المراقبة المكثفة للوضع هناك، ونشر موظفين إضافيين، والإبلاغ بانتظام عن انتهاكات القانون الدولي وحقوق الإنسان من قبل القوات المتحاربة. وأضافت: "يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ إجراءات سريعة وملموسة لمنع المزيد من الفظائع، وتعزيز المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة".

وحتى الآن، ركز الأعضاء الأفارقة الـ (3) في مجلس الأمن، الجابون وغانا وموزمبيق، على دعم جهود الاتحاد الأفريقي لتأمين وقف إطلاق النار، واستئناف الحوار بين الأطراف المتحاربة.

(هيومن رايتس ووتش) طالبت مجلس الأمن بالعمل على حماية المدنيين في السودان وضمان المراقبة المكثفة للوضع هناك

وقد أدى القتال في المناطق المأهولة، وكذلك الهجمات على مرافق الرعاية الصحية، إلى زيادة الخسائر في أرواح المدنيين وممتلكاتهم. ووثقت الأمم المتحدة (22) هجوماً على مرافق الرعاية الصحية منذ بدء الصراع، وقال العديد من السكان إنّهم لم يتمكنوا من نقل القتلى أو المصابين إلى مرافق طبية بسبب القتال.

وتسبب القتال في تحويل العاصمة الخرطوم إلى ساحة حرب عشوائية، ويفتقر العديد من المناطق إلى الكهرباء والمياه الجارية، وأدى الصراع أيضاً إلى تأجيج العنف العرقي في منطقة دارفور الغربية، ممّا أسفر عن مقتل المئات هناك.

نهب مقار منظمات الإغاثة

على الصعيد الميداني، واصلت الأطراف المتحاربة مهاجمة ونهب مقار منظمات الإغاثة، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية. في 23 أيّار (مايو) الفائت أبلغت منظمة أطباء بلا حدود عن نهب واحتلال مستودع تابع للمنظمة في الخرطوم، كما أبلغت وكالات الإغاثة الدولية عن وجود عقبات أمام الحصول على تأشيرات لموظفيها الأجانب.

وإلى الآن، أصدر مجلس الأمن بياناً عاماً واحداً فقط بشأن الأزمة في السودان، منذ اندلاع الصراع في 15 نيسان (أبريل) الماضي، ورفض الأعضاء الأفارقة الـ (3) بياناً قدمته المملكة المتحدة بشأن السودان في مجلس الأمن.

ركز الأعضاء الأفارقة الـ (3) في مجلس الأمن، الجابون وغانا وموزمبيق، على دعم جهود الاتحاد الأفريقي لتأمين وقف إطلاق النار، واستئناف الحوار بين الأطراف المتحاربة

مجلس الأمن ناقش تجديد مهام عمل بعثة (UNITAMS) قبل انتهاء صلاحيتها في 3 حزيران (يونيو) الجاري، والتي تأسّست في حزيران (يونيو) 2020، وعلى الرغم من مهمتها السياسية إلى حد كبير، إلّا أنّ البعثة لديها تفويض لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، والمساعدة في حماية المدنيين، لا سيّما في دارفور.

البيت الأبيض يفرض عقوبات

من جهته أعلن البيت الأبيض يوم الخميس الماضي أنّه سيفرض عقوبات على شركات الدفاع الرئيسية، والأشخاص الذين يساعدون على استمرار العنف في السودان، بعد أن فشلت الأطراف المتحاربة في الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.

وتطبق قيود التأشيرات الجديدة على مسؤولين من القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، وقادة من النظام السابق، والمتواطئين في العمل على تقويض التحول الديمقراطي في السودان، وفقاً لوزارة الخارجية.

أعلن البيت الأبيض أنّه سيفرض عقوبات على شركات الدفاع الرئيسية والأشخاص الذين يساعدون على استمرار العنف في السودان

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أصدر في 4 أيّار (مايو) الماضي أمراً تنفيذياً بتوسيع صلاحيات السلطات الأمريكية لفرض عقوبات، رداً على أعمال العنف في السودان، ورغبة في المساعدة على إنهاء الصراع.

مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان قال في بيان: "تهدف هذه الإجراءات إلى محاسبة المسؤولين عن تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان".

بدورها، قالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان رسمي: إنّه تمّ تحديد (4) شركات تابعة لطرفي الصراع، من بينها شركة الجنيد للأنشطة المتعددة المحدودة، التي يسيطر عليها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وشقيقه نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وشركة السودان ماستر تكنولوجي للأسلحة، المرتبطة بالقوات المسلحة السودانية.

شركة الجنيد تدير (11) شركة تابعة، عبر قطاعات اقتصادية متعددة، بما في ذلك صناعة الذهب، وهي أبرز المصادر الحيوية للإيرادات لعائلة دقلو

جدير بالذكر أنّ شركة الجنيد تدير (11) شركة تابعة، عبر قطاعات اقتصادية متعددة، بما في ذلك صناعة الذهب، وهي أبرز المصادر الحيوية للإيرادات لعائلة دقلو.

كما يحتوي نظام الصناعات الدفاعية، المرتبط بالقوات المسلحة السودانية، على مئات الشركات التابعة التي تصنع الأسلحة الصغيرة والأسلحة التقليدية والذخيرة والمركبات العسكرية، وتستخدم الشركة نظاماً معقداً لإخفاء ملكيتها لهذه الشركات التابعة، وللحصول على خطابات اعتماد مواتية من بنك السودان المركزي، وغالباً ما تتخلف عن سداد تلك القروض، وفقاً لوزارة الخزانة.

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين: "من خلال العقوبات، نستطيع قطع التدفقات المالية الرئيسية إلى كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، ونحرم الطرفين من الموارد اللازمة لدفع رواتب الجنود، وإعادة التسلح، وإعادة الإمداد، وشن الحرب في السودان".

وما يزال من غير الواضح مدى تأثير تلك العقوبات على تمويل طرفي الصراع، أو على مسار الحرب التي تدخل أسبوعها السابع. وتقول إدارة بايدن إنّها تنسق مع الاتحاد الأفريقي والسعودية وآخرين في المنطقة؛ في محاولة للضغط على الطرفين لإنهاء الصراع.

تعليق محادثات السلام

في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، علقت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية محادثات السلام التي كانت تجري في مدينة جدة السعودية، منذ أواخر أيّار (مايو) الماضي، وفي بيان مشترك، قالت الدولتان الوسيطتان: إنّ "القرار يأتي نتيجة الانتهاكات الخطيرة المتكررة لوقف إطلاق النار، قصير الأمد، وتمديد وقف إطلاق النار الأخير يوم الإثنين". وكان الجيش السوداني قد علق مشاركته في المحادثات في اليوم السابق.

ووفقاً للبيان الأمريكي السعودي المشترك، فقد أبلغ البلدان كلا الجانبين بما يتعين عليهما القيام به؛ لإظهار التزام ذي مغزى بمحادثات جدة. وقال البيان أيضاً إنّ قوات الدعم السريع والجيش أبلغا بعضهما البعض "بإجراءات بناء الثقة، التي يريدون تنفيذها" من قبل القوة الأخرى قبل استئناف مفاوضات السلام.

بات مصير الأزمة السودانية مجهولاً، وإن أصبح الطريق إلى الجحيم مفتوحاً أمام الجميع، بعد أن تنصلت الأطراف المتحاربة من مسؤولياتها، وأصبح الوصول إلى السلطة هو الهدف الوحيد للفرقاء.

مواضيع ذات صلة:

كيف يؤثر الصراع في السودان على دول الشرق الأوسط؟

هدنة هشة واغتصاب جماعي وصراع إثني في دارفور... السودان إلى أين؟

صراع السودان يعمق أزمات الاقتصاد... ما السيناريوهات المحتملة؟

الصفحة الرئيسية