العراق: أزمة الكهرباء تحرج حكومة السوداني... ما دور واشنطن وطهران؟

أزمة الكهرباء تحرج حكومة السوداني... ما دور واشنطن وطهران في ذلك؟

العراق: أزمة الكهرباء تحرج حكومة السوداني... ما دور واشنطن وطهران؟


07/06/2023

تواجه حكومة محمد شياع السوداني أولى اختباراتها الخدمية، في ظل تذبذب الطاقة الكهربائية وارتفاع درجات الحرارة في العراق، إذ يعاني العراقيون في شهر حزيران (يونيو) الجاري، من القطع المتواصل للكهرباء، وارتفاع أسعار التجهيز الأهلي، ممّا يضع الحكومة التي وعدت الشارع المحلي بتحسن الخدمات أمام اختبار المصداقية من عدمها.

وتتغاضى الحكومة العراقية عن الإدانة المباشرة لمسببات تردّي الواقع الكهربائي من جديد، بعدما عاش العراقيون فترةً من استقرار تجهيزهم بالطاقة في الأشهر الماضية. واعترف السوداني بأنّ مشكلة الطاقة في بلاده "مشكلة مزمنة"، مؤكداً الحاجة إلى "الاستعدادات العالية" لتجاوز الأزمة، وعدم الاعتماد على الطاقة المستوردة.

ويُعزى السبب في تذبذب الطاقة الكهربائية في العراق إلى تقليص الجانب الإيراني إمدادات غازه المصدّر إلى العراق، ممّا خسّرَ المنظومة الوطنية نحو (6) آلاف ميغا واط، وأدى إلى حدوث تراجع في ساعات التجهيز اليومي.

ويرى أعضاء في مجلس النواب العراقي أنّ الخلافات الأمريكية الإيرانية أخذت تنعكس على واقع الطاقة في البلاد، مؤكدين أنّ الرفض الأمريكي دفع المستحقات الإيرانية بـ "الدولار" يقف وراء تقليص طهران لحصة بغداد من الغاز  المستورد.

ويعتمد العراق بشكل كبير على واردات الغاز الإيراني لتغذية شبكة الكهرباء، وتولد البلاد نحو (14) ألف ميغاواط من الشبكة المحلية، إلى جانب ما يقارب من (4) آلاف ميغاواط إضافية عن طريق استيراد الغاز والطاقة.

تواجه حكومة محمد شياع السوداني أولى اختباراتها الخدمية، في ظل تذبذب الطاقة الكهربائية وارتفاع درجات الحرارة في العراق

ويُعتبر العراق المستورد الأساسي لأكثر من 80% من صادرات إيران من الكهرباء خلال الأعوام القليلة الماضية، علماً أنّه أنفق أكثر من (81) مليار دولار لإصلاح ذلك القطاع، إلا أنّ الفساد الحكومي، والتجاذبات السياسية، حالا دون استقراره منذ عقدين. 

وترجع أزمة الكهرباء الوطنية إلى تسعينيات القرن الماضي، نتيجة الحصار الدولي المفروض على العراق في ظل حكم صدام حسين، فضلاً عن الحروب المتتالية التي استنزفت البلاد. ويحتج السكان المحليون منذ أعوام طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء، خاصة في فصل الصيف، إذ تصل درجات الحرارة أحياناً إلى (50) درجة مئوية.

أزمة طهران وواشنطن

ويبدو أنّ العراق بات ضحية الصراع الأمريكي الإيراني على كافة المستويات، بما فيها المستوى الخدمي. وترفض الولايات المتحدة الأمريكية أن تسدد الحكومة العراقية المستحقات المالية لصادرات الغاز الإيراني بعملة الدولار. وترى واشنطن أن منعها يأتي ضمن خطتها لمنع تدفق عملتها الصعبة إلى طهران.

ويفتقد العراق لأيّ حلول بديلة عن الغاز المستورد من إيران لإدامة التيار الكهربائي بشكلٍ مستمر، كما أنّ الغاز الإيراني يُعدّ الأسرع والأنسب من حيث الجودة والسعر.

عضو لجنة الطاقة النيابية داخل راضي: الغاز الإيراني المستورد تحوّل إلى مشكلة سياسية بين الولايات المتحدة وإيران والعراق

ويقول عضو لجنة الطاقة النيابية داخل راضي: إنّ "الإنتاج الحالي من الطاقة الكهربائية يصل من (18.5 إلى 19) ألف ميغاواط يومياً، لكن هناك عقبات في إيصال مستحقات الغاز الإيراني عبر المصرف العراقي للتجارة، وهذه مشكلة رئيسة".

ويوضح أنّ "إيران تجهّز العراق بالكمية المطلوبة من الغاز مقابل ثمن، وهذا الثمن تضعه وزارة الكهرباء في المصرف العراقي للتجارة، لكنّ المشكلة في عملية التحويل، فلا تصل المبالغ إلى إيران"، مشيراً إلى أنّ "الغاز الإيراني تحوّل إلى مشكلة سياسية بين الولايات المتحدة وإيران والعراق".

وأكد أنّ "العراق بحاجة إلى (28-30) ألف ميغاواط، ولكن إذا توفّر الغاز الإيراني فمن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى (22ـ23) ألف ميغاواط، وهذه النسبة تغطي مساحة كافية من كل المحافظات بالتجهيز من (16 إلى 18) ساعة يومياً".

يُعتبر العراق المستورد الأساسي لأكثر من 80% من صادرات إيران من الكهرباء خلال الأعوام القليلة الماضية

ودعا عضو لجنة الطاقة النيابية إلى "حلّ مشكلة الغاز الإيراني بطريقة سياسية وسريعة، نظراً لعدم وجود بديل عن الغاز الإيراني للبلاد على المدى القريب، وكل الدول التي تجهّز البلاد بالغاز يتمّ عن طريق البواخر، أمّا الغاز الإيراني، فهو يصل عن طريق الأنابيب، وهو ما يجعله مرغوباً من حيث الجودة والسعر".

محاولة حكومية

وبدخول شهر حزيران (يونيو) الجاري، يعاني العراقيون من انخفاض ساعات التجهيز الكهربائي، مقابل ارتفاع درجات الحرارة بشكلٍ مخيف. ووصلت درجات الحرارة خلال الأسبوع الجاري إلى (45) درجة مئوية، ويتأرجح التجهيز الكهربائي ما بين (12 إلى 15) ساعة في اليوم الواحد.

وتحاول الحكومة أن تطرح حلّ الاعتماد على القطاع الأهلي في المساهمة بتجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائية، عبر الضغط على أصحاب المولدات الأهلية، وتحديد سعر الأمبير الكهربائي الواحد؛ في محاولة منها لتهدئة غضب الشارع المحلي.

وبحسب مختصين، يخسر البلد سنوياً نحو (40) مليار دولار؛ بسبب نقص إنتاج الطاقة، وتشمل الخسائر هذه الأموال الكبيرة التي يصرفها العراقيون على شراء الطاقة، والخسائر في قطاعات الصناعة والزراعة، والمشكلات الصحية التي يسببها الانقطاع المستمر للكهرباء.

في بداية العام الجاري وقّعت الحكومة العراقية مع أكثر من شركة دولية، لإدامة القطاع الكهربائي، والوصول إلى الجاهزية المطلوبة

ومنذ أيام يعقد الفريق الحكومي المختص بهذا الشأن اجتماعات دورية من أجل البحث في كيفية السيطرة على أسعار الكهرباء في القطاع الأهلي، والحيلولة دون ارتفاعها، واستثمار تردي التجهيز الحكومي من قبل أصحاب المولدات الأهلية.

وعلى الرغم من التردي الواضح للقطاع الكهربائي، إلّا أنّ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أكد أنّ حكومته "وضعت مشكلة الكهرباء ضمن الأولويات، وأنّ التعامل مع هذه المشكلة المزمنة يتطلب عملاً واستعداداً عاليين، لأنّ المواطن ينتظر الحلول التي تنهي أزمة الكهرباء المستمرة".

وأوضح أنّ الحكومة "ماضية بخططها في استثمار الغاز المصاحب، والغاز الطبيعي في مجال الطاقة، من أجل تقليل الاعتماد على الغاز المستورد، فضلاً عن منع الآثار الضارة التي يتسبب بها حرق الغاز المصاحب".

التعاقد مع شركات دولية

وفي بداية العام الجاري وقّعت الحكومة العراقية مع أكثر من شركة دولية لإدامة القطاع الكهربائي، والوصول إلى الجاهزية المطلوبة، فقد وقّعت الحكومة في شهر كانون الثاني (يناير) مذكرة تفاهم مع شركة (جنرال إلكتريك) الأمريكية، لتعاود في شهر شباط (فبراير) توقيع مذكرة تفاهم مع شركة (سمينز) الألمانية.

 توقيع مذكرة تفاهم مع شركة (سمينز) الألمانية

وتضمنت كلتا المذكرتين محاور أساسية عدة، ستسهم في تطوير المنظومة الكهربائية في مجال الإنتاج، وزيادة كفاءته، والنقل، والصيانة، وخفض انبعاثات الكربون، لدعم تحول الطاقة في البلاد.

وبحسب بيان حكومي، فإنّ التفاهمات مع شركة (جنرال إلكتريك) الأمريكية تفضي إلى "التعاقد على أعمال الصيانة الطويلة الأمد لمدة (5) أعوام لإدامة عمل وحدات إنتاج الطاقة التي تم تجهيزها من الشركة، إلى جانب زيادة كفاءة عمل وحدات إنتاج الطاقة العاملة حالياً من خلال تحديث المنظومات الملحقة بها، وإنشاء محطات جديدة لإنتاج الطاقة الكهربائية على مراحل تتناسب مع الوقود المتوافر والتمويل".

وأمّا بشأن مذكرة التفاهم مع (سيمنز) الألمانية، فإنّها ستقدّم دراسة متكاملة للعراق، تتضمن الكيفية التي تتم فيها الاستفادة من الغاز المصاحب في دعم وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.

مواضيع ذات صلة:

إيران تفاقم أزمة الكهرباء العراقية... ماذا فعلت؟

أكبر مشروع إماراتي لإنهاء أزمة الكهرباء في اليمن.. ما تفاصيله؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية