مساعدات ليبيا إلى تونس تشعل الجدل... والمعارضة تلتقط الحدث

مساعدات ليبيا إلى تونس تشعل الجدل... والمعارضة تلتقط الحدث

مساعدات ليبيا إلى تونس تشعل الجدل... والمعارضة تلتقط الحدث


19/01/2023

أثارت حزمة المساعدات الغذائية التي أرسلتها ليبيا إلى تونس، والتي تضم كميات كبيرة من السكر والدقيق والأرز وغيرها من المواد الغذائية، ردود فعل واسعة بين التونسيين على المنصات الاجتماعية، بين ساخر وداعم.

أمّا قوى المعارضة، فقد استغلت ذلك لتوسيع تحركاتها ضد الرئيس قيس سعيّد، الذي اتهمته بـ "التسول"، واعتبرتها تشويهاً لصورة البلاد، وأكد أنصار سعيّد أنّه اعتراف بالجميل لما قدّمته تونس تجاه الليبيين في حقبات زمنية مختلفة.

وأعلن الملحق الإعلامي للسفارة الليبية في تونس نعيم العشيبي أنّ "(96) شاحنة محمّلة بمواد غذائية أساسية (سكر وزيت ودقيق وأرز) دخلت من ليبيا إلى تونس عبر المنفذ الحدودي رأس جدير، وهي تأتي في إطار التعاون والتضامن بين الشعبين الشقيقين".

قوى المعارضة استغلت ذلك لتوسيع تحركاتها ضد الرئيس قيس سعيّد، الذي اتهمته بالتسول

وأضاف في تصريح إذاعي: "من المتوقع وصول عدد آخر من الشاحنات الليبية المحملة بالمواد الأساسية المذكورة قادمة من طرابلس إلى تونس عبر المنفذ الحدودي ذاته في الساعات المقبلة، ليصل العدد الإجمالي إلى (170) شاحنة".

ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي

هذا الخبر استحوذ على اهتمامات مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي في تونس خلال الساعات الأخيرة، وسط تساؤلات حول حقيقة الأوضاع الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، خاصة بعد تأجيل صندوق النقد الدولي النظر في اتفاق التمويل الجديد لتونس.

أزمة على المواد الغذائية في تونس

وتباينت آراء النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بشدة بشأن هذه الخطوة، بين من رأى فيها "مؤشراً على عجز الدولة عن توفير الغذاء"، وبين من أدرجها في سياق "التآزر العادي بين شعوب الدول المغاربية".

وظلت تونس على مدى أعوام بوابة ليبيا نحو العالم، سواء في عهد العقيد الراحل معمر القذافي أو بعد ثورة شباط (فبراير)، فقد وجد الليبيون في تونس ملاذاً لهم في خضم الفوضى الأمنية والسياسية التي عاشتها بلادهم.

وجد الليبيون في تونس ملاذاً لهم في خضم الفوضى الأمنية والسياسية التي عاشتها بلادهم

ويأتي إرسال هذه المساعدات بعد أقل من شهرين على زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية عبد الحميد الدبيبة إلى تونس، تعهد خلالها الدبيبة بسداد (250) مليون دولار ديوناً مستحقة لتونس قبل نهاية العام الجاري، وهي متعلقة بديون علاجية لمرضى ليبيين ومستحقات الكهرباء.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها قد أرسلت إلى تونس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي شحنة من البنزين تقدر بـ (30) ألف طن، عبر معبر رأس جدير، وهو نقطة العبور الرئيسية بين غرب ليبيا وجنوب شرق تونس الذي يعيش سكانه إلى حد كبير من التجارة عبر الحدود، بما في ذلك التهريب.

المعارضة تستغل الحدث

الحدث استغله العديد من القوى السياسية لشنّ هجوم على حكومة نجلاء بودن، ومن ورائها الرئيس قيس سعيّد، لتصفية حسابات سياسية، فقد علّق رفيق عبد السلام الوزير السابق، صهر زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، بالقول: "الحمد لله، تونس في العهد القيسي السعيد بدأت على بركة الله تشحذ من الأشقاء والجيران الزيت والسكر والأرز"، وأضاف: "الرئيس قيس سعيد قال إنّ المشكلة كلها في المحتكرين، طيب لماذا لا يضرب على أيدي المحتكرين، ويكفّ عن التسول من الخارج؟".

وكتب النائب السابق بالبرلمان المنحل توفيق الجملي: "ليبيا ترسل شاحنات إلى تونس محملة بمساعدات تتمثل في مواد غذائية، منها الزيت والسكر والأرز، مساعدات في غير الكوارث الطبيعية أو الحوادث لها دلالاتها اقتصادياً ومالياً".

إرسال شاحنات المواد الغذائية من ليبيا إلى تونس

أمّا الكاتبة ألفة يوسف، فقد قالت: "لا أعرف ما الذي أزعج التونسيين في الإعانات التي تأتينا من هنا وهناك، والحال أنّ الكفاءة الوحيدة لدى مسؤولينا هي كفاءة التسول... شكراً لكل من يساعدنا... ولا ننسى أنّ هذه الإعانات تعطى في حال الكوارث... ونحن فعلاً نعاني كوارث في الحكم... فالأمر منطقي جداً".

وكتب المدون سامي دمق: إنّ "تونس طيلة تاريخها وفي كل المحن التي عاشتها لم تتسول غذاءها مثلما تفعل اليوم"، على حدّ تعبيره.

وكتبت الناشطة حنان العريض: "لسنا في وضع جائحة، ولا في وضع المواد المفقودة بالسوق العالمية، فهل باتت تونس عاجزة عن شراء موادها الغذائية الأساسية حتى تحصل عليها في شكل مساعدات؟".

تمرّ تونس بأزمة اقتصادية ومالية خطرة، استمرت على مدى الأعوام الماضية، وأدت مؤخراً إلى نقص بعض المنتجات الغذائية الأساسية

وتمرّ تونس بأزمة اقتصادية ومالية خطرة، استمرت على مدى الأعوام الماضية، وأدت مؤخراً إلى نقص بعض المنتجات الغذائية الأساسية، على خلفية توترات سياسية قوية منذ قرارت الرئيس سعيّد التي دفعت حركة النهضة الإخوانية خارج أسوار الحكم، وخارج البرلمان.

أنصار سعيّد على الخط

وسارع أنصار الرئيس سعيّد بالرد على تعليقات المعارضة التي اتهموها بالسعي إلى تسجيل نقاط على حساب الرئيس التونسي، مؤكدين أنّ المعارضة تناست تبديدها للمال العام في مستويات مختلفة تحت عناوين فضفاضة، إضافة إلى الفساد الإداري، وانتدابات عشوائية تحكمت فيها عوامل السياسة والنقابة والمحسوبية.

 كما اعتبروا أنّ هذه المساعدات تكشف عن عمق العلاقات التونسية -الليبية، وهي بادرة اعتراف بالجميل لما قدّمه الشعب التونسي من تضحيات تجاه الليبيين في حقب زمنية مختلفة.

رفيق عبد السلام الوزير السابق، صهر زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي

من جانبه، أوضح رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير أنّ المساعدات الليبية هي مبادرة رمزية اعترافاً بجميل تونس، وما قدّمته للّيبيين خلال فترات وأزمات سابقة عاشتها ليبيا.

وتابع عبد الكبير أنّ تونس وقفت مع ليبيا في مختلف أزماتها، وأنّ جزءاً كبيراً من الليبيين يعيشون اليوم في تونس، وأنّ حكومة الوحدة الوطنية تعمل على تعزيز التكامل الليبي التونسي في كل شيء.

من جانبه، ذهب أستاذ التاريخ المعاصر في الجامعة التونسية عبد اللطيف الحناشي، في تدوينة له، إلى إكساب المساعدات طابعاً تاريخياً بالقول: "تونس وليبيا جارتان، ولهما تاريخ مشترك عبر العصور... وفي التاريخ المعاصر كانت تونس ملجأ لسكان طرابلس قبل الاحتلال الإيطالي لليبيا وبعده، وفي أغلب المدن التونسية كانت هناك أحياء خاصة بـ"الطرابلسية"، وجزء مهم من سكان البلاد التونسية من أصول ليبية (انظر الألقاب)، شخصيات سياسية وأدبية واقتصادية هي من أصول ليبية، ونذكر فقط المرحومين الحبيب بورقيبة والباهي الأدغم، وفي بداية الاحتلال الإيطالي لليبيا تطوع عدد مهم من التونسيين للقتال إلى جانب إخوتهم، وقدّموا لهم إعانات مختلفة مالية وغيرها…".

مواضيع ذات صلة:

هل ينجح القضاء التونسي في تجفيف منابع الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية