محللون لـ "حفريات": تركيا تدعم حماس لتقوية التواجد الإخواني في غزة

حماس

محللون لـ "حفريات": تركيا تدعم حماس لتقوية التواجد الإخواني في غزة


09/01/2020

تواصل تركيا محاولاتها تعزيز تواجدها في البلدان العربية كافة، من خلال تقديم الدعم المالي أو السياسي، أو العسكري، وكان للقضية نصيب من الدعم التركي، رغم التقارب بين تركيا و"إسرائيل"، ووجود العديد من المصالح المشتركة بينهما.

تدخل تركيا في الملف الفلسطيني لمصلحة اسرائيل، ويأتي في سياق توزيع الأدوار، فأنقرة لا تستطيع أن تقدم شيئاً للفلسطينيين

وتشهد العلاقات التركية مع السلطة الفلسطينية تطوراً وطيداً خلال الفترة الأخيرة، في عدد من المجالات، إضافة إلى التأييد السياسي لمواقف السلطة، وإلى جانب ذلك تقدّم أنقرة الدعم المالي لحركة حماس، التي تختلف مع قيادة السلطة وحركة فتح، فهذا يطرح علامات استفهام على مدى القدرة التركية للتوفيق على هذه العلاقات التي تبدو متناقضة.
وتدور التساؤلات حول: ما هي الأهداف التي تسعى إليها تركيا من دعم الفلسطينيين؟ وما هو سرّ العلاقة المتناقضة مع أطراف الصراع؟ ولماذا لم تنجح الرئاسة التركية في إنهاء الانقسام الفلسطيني رغم علاقتها الجيدة بفتح وحماس؟ وما هي المصالح التي تسعى تركيا لتحقيقها من وراء دعمها للفلسطينيين وعلاقتها بـ "إسرائيل"؟ ولماذا لم تقطع علاقتها مع إسرائيل بسبب الجرائم التي ترتكبها بحقّ الفلسطينيين التي تدّعي أنّها تدافع عنهم وتدعمهم؟ وهو ما أماط اللثام عنه محللون سياسيون ومختصّون تحدثت إليهم "حفريات".

تركيا تسعى لاستعادة نفوذها
في هذا السياق، يقول المختص في العلاقات الإقليمية، محمد إبراهيم، في حديثه لـ "حفريات": "تركيا تسعى لاستعادة نفوذها في الشرق الأوسط، بعد سقوط الخلافة العثمانية، وتحسين علاقتها مع الدول العربية والإسلامية، بهدف التقرب من العرب؛ فهي تدعم السلطة الفلسطينية، وتساندها في مواقفها السياسية ليكون لها نفوذ في المنطقة، وتعتقد أنّ التقرب من القضية الفلسطينية يؤهلها لأن تكون دولة كبيرة".

اقرأ أيضاً: حماس من عدو إلى شريك محتمل لإسرائيل
ويضيف: "أما فيما يخصّ دعم تركيا لحركة حماس؛ لأنّ الأخيرة تتبع لتنظيم الإخوان المسلمين، الذي ينتمي إليه الحزب الحاكم في تركيا "العدالة والتنمية"، فهذا الدعم من البعد الأيديولوجي، فعلاقة الطرفين قوية جداً، خاصة أنّ غالبية قيادات الحركة يمتلكون عقارات وأملاكاً في الأراضي التركية، وبعضهم حصل على الجنسية".

اقرأ أيضاً: في الجدل بين فتح وحماس عن غزة ومستقبلها
ويواصل حديثه: "تركيا تدعم مؤسسات حركة حماس في قطاع غزة، وذلك لتقوية التواجد الإخواني في قطاع غزة، لتزيد من قوة الحركة كطرف خاضع مقرَّب منها، وينفذ سياستها في الشرق الأوسط، فهي تريد أن يكون لها حلفاء في المنطقة بعد أن فقدت ثقلها نتيجة تدخلها في الشؤون الداخلية لعدد من البلدان العربية، وتمويلها للعمليات العسكرية داخلها".

أردوغان يسعى للخلافة
ويفيد إبراهيم بأنّ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يرى نفسه امتداداً للعثمانيين، الذين سيطروا على الإقليم وحكموه ما يقارب 400 عام، وليس امتداداً للأتاتوركية، التي انعزلت داخل الحدود التركية، وأنّه يريد أن يكون خليفة يحكم سائر البلدان العربية، وأن تكون له وصاية على المسجد الأقصى.

اقرأ أيضاً: ما سر دعم إيران لحركتي حماس والجهاد؟
ويعلّل سبب عدم افتعال تركيا مشاكل بين الفلسطينيين، كما فعلت في عدد من الدول العربية، بأنّها تريد أن تأخذ الفلسطينيين إلى جانبها، إضافة إلى الوجود الإسرائيلي في فلسطين، الذي يجعل كافة التدخلات محكومة بسقف محدّد؛ لذلك اقتصر الدعم التركي للفلسطينيين على حدود الدعم السياسي والمعنوي والمالي، لا العسكري، كما في سوريا وليبيا، وغيرهما من الدول.
ويبين أنّ تركيا غير معنية بتحقيق المصالحة الفلسطينية بين حركتَي فتح وحماس؛ لأنّه في حال إتمامها، سوف تتغير المعادلة؛ لأنّ حركة حماس لن تبقى تحكم القطاع، وبالتالي تفقد وجود الإخوان في غزة؛ لذلك ليس من مصلحة تركيا إنهاء الانقسام الفلسطيني.

لماذا تدعم تركيا الفلسطينيين؟
ويشير إلى أنّ تركيا تتخذ من دعم الفلسطينيين وسيلة ممر عبر الشرق الأوسط، لتبييض صورتها أمام العالم، بسبب ما تفعله في بعض الدول، فهي دخلت من البوابة الإنسانية بذريعة مساعدة سكان قطاع غزة، للتغلب على الحصار الإسرائيلي، وتقديم المساعدات، إضافة إلى دخولها من البوابة السياسية وتأييدها للسلطة الفلسطينية في مواقفها تجاه القضية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: حماس تختار الحُكم بديلاً عن الحرب
ويلفت إلى أنّ القضية الفلسطينية، قبل وصول أردوغان إلى الحكم، لم تكن من أولويات السياسة التركية، فالتطورات التي شهدها الإقليم الفترة الماضية، دفعت تركيا للبحث عن قوة عاطفية لإقناع العالم بسياستها وأهدافها، لذلك توجهت نحو دعم القضية الفلسطينية، التي لديها بعد عاطفي في كثير من الشعوب.

منح الأدوار السياسية
وفي السياق ذاته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، نضال خضرة، لـ "حفريات": "علاقة تركيا مع المتناقضات السياسية على الساحة الفلسطينية علاقة لها حدود معينة مسموح بها، لا تستطيع تركيا تجاوزها؛ فهي لا تستطيع دعم حماس بالأسلحة؛ لذلك يتركز دعمها على المؤسسات الخيرية، ومكاتب الحركة الخاصة، إضافة إلى أنّها لا تستطيع الوقوف إلى جانب السلطة بوجه إسرائيل، ويأتي ذلك في إطار منح الأدوار السياسية؛ حيث إنّه لا يمكنها تجاوز "إسرائيل" في هذا الأمر".

التطورات دفعت تركيا للبحث عن قوة عاطفية لإقناع العالم بسياستها وأهدافها، لذلك توجهت نحو دعم القضية الفلسطينية

ويضيف: "رغم الدعم التركي للفلسطينيين، إلا أنّ لتركيا علاقات إستراتيجية مع "إسرائيل"، ولدى البلدين تعاون في عدة مجالات، وهناك ما يقارب أكثر من ٣٠ اتفاقية سرية أمنية بينهم، إضافة إلى التبادل التجاري الذي يتعدّى ٤ مليارات دولار سنوياً، بين "إسرائيل" وتركيا؛ لذلك من الصعب قطع العلاقات التركية الإسرائيلية بسبب الجرائم التي تُرتكب بحقّ الفلسطينيين".
ويردف قائلاً: "تركيا دولة مستثمرة، تستثمر الأحداث بشكل جيد، كما تمّ استثمار حادثة سفينة مرمرة، عام 2010، عندما رفعت سقف مطالبها في بداية الأزمة، وطالبت بالاعتذار والتعويض، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وبعد أشهر معدودة انتهت القضية باعتذار خجول من قبل "إسرائيل"، وإتمام صفقة عسكرية بـ 200 مليون دولار، ودون رفع الحصار عن غزة".
دور مريب
ويلفت إلى أنّ عدم استغلال تركيا قوة علاقتها مع السلطة الفلسطينية وحركة حماس، والتأثير في الطرفين لإنهاء الانقسام الفلسطيني، هذا يعني أنّ هذا الدور مريب، ويخالف المصلحة الوطنية الفلسطينية.
ويفيد بأنّ تدخل تركيا في الملف الفلسطيني هو لمصلحة إسرائيل، ويأتي في سياق توزيع الأدوار، لكنّ تركيا لا تستطيع أن تقدم شيئاً للفلسطينيين لا ينسجم مع مصالح إسرائيل الأمنية والسياسية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية