مبادرة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي... ما بنودها؟ وهل يقبلها الفلسطينيون؟

مبادرة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي... ما بنودها؟ وهل يقبلها الفلسطينيون؟

مبادرة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي... ما بنودها؟ وهل يقبلها الفلسطينيون؟


12/09/2022

في تاريخ حافل بمبادرات لم يرقَ تنفيذها إلى الحبر الذي كتبت به لغياب الإرادة الحقيقة لتنفيذها لحلّ أزمة شعب عاش على مدار نحو قرن من الزمان تحت وطأة احتلال يضع عينه على كامل أراضي فلسطين التاريخية وربما يتعداها، طرح مسؤول أمريكي مبادرة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ووفقاً لموقع "القدس"، فإنّ المبادرة التي أطلقها، أمس، مدير "مجموعة استشارات السلام في واشنطن" جيروم سيغال، ترتكز على مرجعيتي "مبادرة السلام العربية"، و"إطلاق استفتاءين للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي"، واعتبر سيغال أنّ هذه المبادرة ستكون بديلة عن اتفاقية "أوسلو".

وتأتي المبادرة الجديدة بعد (6) أشهر من كشف الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء في نهاية آذار (مارس) الماضي عن أنّ الاحتلال الإسرائيلي ابتلع 85% من (1.682) كم2 من أرض فلسطين التاريخية التي استغلها اليهود في عهد الانتداب البريطاني، بنسبة 6.2%.

 شرارة السلام

المثير للدهشة أنّ "شرارة السلام" أو المبادرة التي تحدث عنها سيغال وضعها (4) مسؤولين بينهم إسرائيليون، ولم تشمل فلسطينياً واحداً، فقد قال سيغال، على هامش مؤتمر لإطلاق المبادرة في فندق الهلال الأحمر في مدينة البيرة: "جئت إلى هنا حتى أشعل شرارة لعملية سلام للفلسطينيين، هذه الفكرة بدأت عام 2012، وكتبها (4)، أنا بمساعدة شلومي بن عامي، وخفير سولانا، وتوم شيلنق، نريد أن نضع مبادرة بديلة لعملية السلام الحالية، والمبادرة الجديدة من شأنها تغيير السياسات في إسرائيل والولايات المتحدة".

وعبّر سيغال عن تطلعه أن يدعو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، في خطاب مقرر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري، إلى تشكيل بعثة خاصة للأمم المتحدة تتعلق بالشأن الفلسطيني وتُدعى "يونيسكوب 2"، يتمّ تشكليها خلال (4) شهور، وتقوم بوضع خطة شاملة لإنهاء النزاع، ورفع هذه الخطة إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، على أن تقوم البعثة الأممية، كما حدث في 1947؛ أي قبل إعلان دولة الكيان الصهيوني بعام واحد، على غرار "يونيسكوب 1" بزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاستماع إلى شهادات من جميع شرائح المجتمع المدني والمعنيين بالقضية الفلسطينية.

جيروم سيغال

وأشار المسؤول الأمريكي إلى أنّه كان قد تحدث مع "أبو مازن" في هذا الأمر قبل (7) أعوام، مضيفاً: "سوف نفعلها".

صفعتان من بايدن

في معرض حديثه عن مبادرته الطموحة، كشف سيغال عمّا وصفه بـ"صفعتين" من الرئيس الأمريكي جو بايدن للقضية الفلسطينية؛ "الأولى عندما قال للفلسطينيين: "لا يوجد عندي شيء، وسأصلّي لكم"، والثانية عندما ذهب إلى السعودية، وقال لهم: "انسوا موضوع الفلسطينيين".

وتابع سيغال: "نحاول الوصول إلى "أبو مازن" لأجل أن يرد على هاتين الصفعتين، وهدفنا إقناعه أن يُضمّن خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري هذا الخيار بالمطالبة بتشكيل لجنة يونيسكوب 2".

طرح مسؤول أمريكي مبادرة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ترتكز على "مبادرة السلام العربية" و"استفتائين للفلسطينيين والإسرائيليين"

 

ووفق سيغال، "فإنّ يونيسكوب 2 ستطلب من منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية أن تقرأ خطتها بإجراء استفتاءين للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وإن كانت هنالك تعديلات، وإسرائيل سترفض ذلك تماماً، لكن كلما كان ارتباط الفلسطينيين بالعملية السلمية أقوى، فهو أفضل لهم، والرفض الإسرائيلي يعزز موقفهم، وإن قال أبو مازن سنذهب للاستفتاء في ظل رفض إسرائيلي لإجرائه، فإن ذلك سيشاهده العالم، وسيخلق حالة جديدة لدى الشعب الإسرائيلي، خاصة أنّ (5) انتخابات أجريت في إسرائيل، ولم يطرح أحد كيفية إجراء سلام مع الفلسطينيين".

موت "أوسلو"

قال سيغال: "لم يعد هنالك شريك إسرائيلي للمفاوضات، وهذه المبادرة تأتي للتجهيز لما بعد أوسلو، وفي ظل أنّ بايدن يدير ظهره للقضية الفلسطينية، وموت اتفاقية أوسلو يعني أنّه لا يوجد شريك إسرائيلي، وعندما لا يوجد شركاء لعملية السلام، هناك توجهان بالذهاب للمجتمع الدولي وللشعبين، والبحث عن سلام بدون الحكومتين الفلسطينية والإسرائيلية".

في هذه الأثناء، أشار سيغال إلى توقيع التماس مقدّم من (50) شخصية معظمهم نشطاء من المجتمع المدني، وسيرسل إلى (160) دولة، ومطالبتهم الجمعية العمومية بتشكيل لجنة "يونيسكوب 2" وإجراء استفتاء لدى الشعب الفلسطيني في كلّ أماكن تواجده، والإسرائيلي بمن فيهم الفلسطينيون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.

عودة إلى الأجندة الدولية

ممثلة فلسطين لمنظمة استشارات السلام في واشنطن سهير فريتخ قالت: "تأتي هذه المبادرة التي أطلقت اليوم بدعم من المجتمع المدني لدعم منظمة التحرير الفلسطينية بأنشطتها الدبلوماسية"، مضيفة: "نحن نبحث عن دعم العالم للقضية الفلسطينية، ونحاول أن نعيد القضية الفلسطينية إلى الأجندة الدولية".

المثير للدهشة أنّ المبادرة التي تحدث عنها سيغال وضعها )4( مسؤولين بينهم إسرائيليون، ولم تشمل فلسطينياً واحداً

 

في هذه الأثناء، تلا الناشط المجتمعي محمد شديد نص مبادرة السلام، التي أكد أنّ الموقعين عليها يسعون إلى سلام عادل ودائم بين إسرائيل وفلسطين، وأنّهم يدعون الدول الأعضاء والدول بصفة مراقب في الأمم المتحدة، بما فيها دولة فلسطين، لاتخاذ الإجراءات الضرورية لعقد جلسة خاصة للجمعية العمومية للأمم المتحدة من أجل دعم حلٍّ عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

بنود يونيسكوب 2

تنص بنود المبادرة الجديدة على أنّه يتوجب على البعثة الأممية "يونيسكوب 2"، التي لم تُشكّل بعد، أن تعتمد على معايير أساسية؛ هي مبادرة السلام العربية لعام 2002، وقرارات الأمم المتحدة 242، و338 و194، والقدرة على إجراء استفتاء في كلا الجانبين، بما يشمل استفتاء للشعب الفلسطيني وفي مقدمته اللاجئون في بقاع الأرض، مع استثناء المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، واستفتاء مواطني دولة إسرائيل.

ومبادرة السلام هذه، وبالاعتماد على هذه المعايير، لن تقوم بالعمل على تجسير الهوة في المفاوضات السابقة بين الطرفين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وإنّما ستسعى للحصول على أقصى دعم محتمل من الإسرائيليين والفلسطينيين كشعوب وأفراد، من خلال الاعتماد على استفتاء الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي على مقترح السلام، على حدّ قول "القدس".

ووفقاً للمبادرة الجديدة، فإنّ "الأمين العام للأمم المتحدة سيقوم، بعد رفع مقترح خطة السلام وإجراء التعديلات اللازمة، بتقديم المقترح لحكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وسيطلب منهم أن يكون الرد خلال (3) شهور، وتقديم تحسينات مقبولة في المقترح لدى الطرفين، وبعد انتهاء المهلة وبدون الاعتماد على الحصول على موافقة أيّ من الطرفين القيام بعملية الاستفتاء للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، بما فيه من يعيشون في الشتات، وأيضاً سكان القدس الشرقية غير الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية، على مشروع السلام للأمم المتحدة."

عبّر سيغال عن تطلعه أن يدعو أبو مازن، في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري، إلى تشكيل "يونسيكوب2"

 

 وأكدت المبادرة أنّ الأمم المتحدة تقوم بالإشراف والمراقبة على عملية الاستفتاء في المناطق المختلفة من العالم، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وأنّ عملية الاستفتاء الفلسطينية ستكون المرحلة الأولى، وفي حال مقاطعة أيٍّ من الطرفين لهذه العملية، فعلى الطرف الآخر المضي قُدماً بدون أن يتأثر بالمقاطعة.

وبحسب المبادرة، فإنّه حال أظهرت نتائج الاستفتاء الفلسطيني دعم وتأييد لمقترح السلام الأممي، وكان الطرف الإسرائيلي في حالة من السلبية، ولم يوافق على القيام بالاستفتاء، فإنّ الأمين العام للأمم المتحدة سيقدّم المقترح الأممي إلى رئيس إسرائيل على اعتبار أنّها مبادرة سلام فلسطينية إلى الشعب الإسرائيلي.

 وأكدت المبادرة أنّ الأمين العام للأمم المتحدة سيطلب من الجمعية العمومية التأكيد على أنّ الاستفتاء هو مظهر من مظاهر حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ويطلب من جميع الدول وأيضاً الجهات الدولية الفاعلة للتأكيد أنّه في حال قبول إسرائيل لمقترح السلام، فإنّ هذه الدول وغيرها من المنظمات الدولية، واحتراماً لحق تقرير المصير الفلسطيني، سيصوّتون لصالح المقترح بإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية