ما هو مصير عصابة البجع التركية في مرحلة ما بعد البيرق؟

ما هو مصير عصابة البجع التركية في مرحلة ما بعد البيرق؟


19/11/2020

علي عبادي

يتذكر الكثيرون رواية الإثارة القانونية قضية البجع، التي صدرت في 1992 للمؤلف جون غريشام قبل أن تتحوّل إلى فيلم. وتروي القصة مصير طالب في كلية الحقوق، كتب تقريرا بعد مقتل اثنين من قضاة المحكمة العليا المختلفين أيديولوجيا في الولايات المتحدة.
لكن في تركيا، تحمل قضية البجع معنى مختلفا تماما. فهي إشارة لعصابة البجع، وهي جناح من حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، ويُعتقد أن صهر الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير المالية السابق بيرات البيرق يقودها.
ولا يزال مستقبل المجموعة السرية، التي تضاعف نفوذها في تركيا من خلال تشويه المعارضة على الشبكات الاجتماعية ونشر معلومات مضللة، غير واضح مع استقالة البيرق غير المتوقعة.
اشتهرت العصابة لأول مرة بعد أن صدرت وثيقة في 1 مايو 2016 تحت عنوان قضية البجع، وحددت نقاط الخلاف بين أردوغان ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو. وفي الشهر التالي، استقال داوود أوغلو من منصبه، في خطوة فُسرت على نطاق واسع على أنها تهميش للوزير من الرئيس.
ويعتقد الكثيرونّ بأن المجموعة بقيت تحت قيادة البيرق وشقيقه الأكبر سرحات، وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة تركواز الإعلامية الموالية للحكومة. ويُعتقد أنها تتطلع إلى تعيين البيرق على رأس حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد الرئيس رجب طيب أردوغان.

لكن، ووفقا للصحفي التركي، فرات أرز، الذي كان من بين أعضاء مؤسسة "بوسفور غلوبال" الفكرية، تبقى العصابة قريبة من أردوغان بقدر ما هي قريبة من عائلة البيرق. وأكد أن رئيس المجموعة، صهيب أويوت، وزوجته هلال كابلان، يقدمان تقارير لأردوغان كل ثلاثة أشهر حول أنشطتها.
يُنظر إلى اجتماع سنة 2019 بين أردوغان ومؤسسة "بوسفور غلوبال"، التي تُعتبر جزءا من آلة الدعاية للحكومة التركية، على أنها دليل على العلاقات الوثيقة بين الرئيس التركي وعصابة البجع.
ونشرت "بوسفور غلوبال" تغريدة وصورة، جمعت مساعد أردوغان فخر الدين ألتون، ورئيس مركز "بوسفور غلوبال" سلمان أوغوت، وهلال كابلان، ونائب رئيس المؤسسة.

وفقا للصحفي إيفي كريم سوزيري، استهدفت المجموعة داوود أوغلو في يونيو 2015، كما يتضح من مقال لأوغوت في مجلة أكتويل التابعة لمجموعة تركواز. وعندما ننظر في سجل عصابة البجع، نرى وثائق كشفت عنها مجموعة القرصنة اليسارية التركية "ريد هاك" في 2016، حيث نشرت رسائل بريد إلكتروني زعمت أنها للبيرق.

أظهرت المعلومات التي كشفت عنها رسائل البريد الإلكتروني أن الأكاديمي، إدريس كارداش، هو الذي أسس هذه المجموعة في سبتمبر 2015. وتلقى البيرق هذه المعلومات من أوغوت. ورفع دعوى قضائية ضد الصحفيين الذين تحدّثوا عن هذه الرسائل وسجنوا لأشهر.

تضمنت بعض الأسماء المقترحة لتشكيل مجلس الإدارة في البريد الإلكتروني في ذلك الحين أوزغوت وصالح تونا والمؤلف صادق أوناي ومالك ألتينوك ورجل أعمال لم تحدد هويته، من بين آخرين.

تشكلت المجموعة، ثم بدأت مرحلة البحث عن مقر. ويعرف اليوم باسم قصر البجع، بعد تأجيره لمؤسسة "بوسفور غلوبال". ويعرف الجميع أن مركز الأبحاث هذا كان واجهة لعصابة البجع. وتؤكد الوثائق التي كشفت عنها مجموعة القرصنة "ريد هاك" على صفحة مدونة مخصصة لهذا العقار أن الإيجار الشهري بلغ 20 ألف ليرة. وحسب الصحفي فرات أرز، جاء التمويل من ميديبول، وهو مستشفى وكلية طب رائدة أسسها فخر الدين قوجة، الذي عيّنه أردوغان وزيرا للصحة.

وأصبحت المجموعة في دائرة الضوء بعد استقالة داوود أوغلو في 2016. واستمدت قوتها من الشبكة الواسعة التي أطلقتها عبر تركيا، بحضورها الممتد من الإعلام إلى القضاء. ويُعرف أنها لا تستهدف المعارضة التركية فقط. فهناك العديد من الشخصيات الإسلامية التي تقف ضدها، بما في ذلك بعض الصحفيين الإسلاميين في البلاد. كما كانت جوهر العديد من المناقشات حول حزب العدالة والتنمية الحاكم لسنوات.

وأثار مقال لديليك غونغور في صحيفة ديلي صباح الموالية للحكومة في 2019، والذي لفت الانتباه إلى مزاعم تعيين شخصيات مؤيدة لغولن في مناصب حساسة في القضاء التركي، انتقادات شديدة من وزير العدل عبد الحميد غول. وزعم تقرير إخباري في خدمة "بي بي سي" التركية أن الوزير مستهدف بسبب صدامه مع البيرق. وبعد أن عبّر غول عن إحباطه لأردوغان، شوهد إلى جانب الرئيس التركي أكثر من مرة، وهو ما فُسر على أنه علامة على أنه تحت حماية أردوغان.

يترك صمت هذه المجموعة المتشابك مع أجندة حزب العدالة والتنمية السياسية، بعد استقالة البيرق، مجالا للتساؤل حول مستقبلها. وتبدو تصريحات أردوغان الأخيرة التي أعلن فيها عن فترة جديدة من الإصلاحات في تركيا، بما في ذلك القضاء، جديرة بالذكر.

وقال أليجان أولوداغ، وهو صحفي في "جمهورييت" التركية اليومية، في مقال بتاريخ 28 ديسمبر 2019 أن عصابة البجع في القضاء في إسطنبول تواجه مشاكل مع وزارة العدل.

وتُعتبر إعادة تعيين أردوغان لعدد من البيروقراطيين الذين أقالهم البيرق من وزارة المالية خلال الأسبوع الماضي تطورا آخر قد لا يكون لصالح المجموعة.

ويبقى أن نرى ما إذا أدار أردوغان ظهره لمجموعة البجع. ويعدّ هذا ممكنا. إذ يحمل رجل تركيا القوي سجلّا يصوّر سهولة تهميشه لشخصيات كانت في دائرته المصغّرة.

بالإضافة إلى كل هذا، يمكن أن يعرّض بروز هيكل يقف في مواجهة المجموعة مكانها للخطر. وكما أثبتت استقالة البيرق، ليست المجموعة فعالة كما يعتقد الكثيرون، وذلك بسبب عدم قدرتها على تحريك الرأي العام على وسائل التواصل الاجتماعي.

يمكن أن نذكر عددا من الشخصيات الإعلامية البارزة المعروفة بعلاقاتها مع المجموعة. وإذا قصّ أردوغان أجنحة عائلة البيرق، ستحول تلك الشخصيات الإعلامية ولاءاتها إلى قصر الرئاسة بين عشية وضحاها.

من ناحية أخرى، أدت استقالة وزير الداخلية سليمان صويلو، الذي وُصف بأنه أكبر منافس للبيرق، إلى تحريك موجة من مؤيديه على وسائل التواصل الاجتماعي لإعادته إلى منصبه.

ويجب ألا نتفاجأ إذا رأينا عناصر من داخل حزب العدالة والتنمية، أو شريكه الأصغر، حزب الحركة القومية اليميني المتشدد، تحل محل مجموعة البجع في حالة اضمحلالها. وستحدد التطوّرات كيف ومتى يمكن اتخاذ هذه الخطوة.

عن "أحوال" تركية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية