ما سيناريوهات الحكم في غزة ما بعد الحرب؟

ما سيناريوهات الحكم في غزة ما بعد الحرب؟

ما سيناريوهات الحكم في غزة ما بعد الحرب؟


08/11/2023

مع انطلاق "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، طرحت واشنطن ودول التحالف الأوروبي مقاربة مزدوجة تتضمن تقديم دعم "مفتوح" لإسرائيل، يشمل تزويدها بكل ما تحتاجه، أمنياً وعسكرياً، وغطاءات سياسية بتثبيت مقاربة "حق إسرائيل بالدفاع عن النفس"، بتوصيف حربها ضد حركة حماس باعتبارها حرباً ضد منظمة إرهابية، وباستثمار "صور وفيديوهات"، بعضها مزعومة، لاجتياح عناصر المقاومة الفلسطينية مستوطنات غلاف غزة.

ورغم ما شهده الموقفان؛ الأمريكي والأوروبي، من تحولات، بعد تحرك الرأي العام العالمي، بما فيه داخل أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتقارير منظمات دولية حول ارتكاب إسرائيل جرائم حرب في غزة، والمظاهرات في كثير من العواصم العالمية، الرافضة للقصف الإسرائيلي الذي يستهدف المشافي والمدارس، ويخرق القانون الإنساني الدولي، وإعلانات واشنطن أنّها تحاول إقناع القيادة الإسرائيلية بإقرار هدن "تكتيكية"؛ أي بوقف مؤقت لإطلاق النار، لتمكين الغزيين من النزوح إلى الجنوب، بعد تقسيم قطاع غزة إلى شمالي وآخر في الجنوب، بعد الهجوم البري الإسرائيلي على القطاع، رغم كل ذلك إلّا أنّ الموقف الأمريكي ما زال يتخندق بمرجعية تقديم كل الدعم لإسرائيل، وتبرير حربها على غزة، بما فيها من جرائم ضد الإنسانية.

استمرار حالة الارتباك والصدمة لدى القيادة الإسرائيلية

منذ زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل، ولقاءاته مع القيادة الإسرائيلية، أكيد أنّ على إسرائيل الإجابة عن الأسئلة الصعبة، ومؤكد، كما اتضح لاحقاً، أنّ تلك الأسئلة تتعلق بمستقبل قطاع غزة، ما بعد القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها للقطاع، باعتبار ذلك هدفاً متفقاً عليه، وغير خاضع للمناقشة، فأمريكا بعد تجارب في القضاء على أنظمة وحكومات في "العراق وأفغانستان"، تعلمت دروساً بأنّه بالتزامن مع الحرب لا بدّ من طرح البدائل المحتملة للحكومة والنظام المنوي إسقاطه، ولا شك أنّ أسئلة بايدن جاءت في سياقات ليس ضبط الاندفاع الإسرائيلي وحالة الارتباك والتشنج والرغبة بـ "تدمير حماس وقطاع غزة"، بل في سياقات التوافق بين واشنطن وتل أبيب على البديل في حكم قطاع غزة، لإنتاج سردية سياسية يفترض أن تعمل واشنطن على تمريرها، دولياً وإقليمياً وعربياً، وخلال الاتصالات مع السلطة الوطنية الفلسطينية.

مهما تعددت السيناريوهات لحكم غزة، وبافتراض تحقيق إسرائيل لهدف القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها للقطاع، فإنّ اتجاهات إسرائيلية مدعومة أمريكياً وأوروبياً، وربما عربياً، ترى أنّ السيناريو الأنسب والقابل للتنفيذ هو عودة السلطة الفلسطينية لقيادة غزة

عملياً، المؤكد أنّ هناك العديد من السيناريوهات المطروحة لشكل ومضمون السلطة التي ستتولى قيادة قطاع غزة، إلّا أنّها جميعها مجرد أفكار من غير الواضح مدى واقعيتها، والقدرة على تنفيذها على أرض الواقع، ذلك أنّها ما زالت مرتبطة بفرضية القضاء على حركة حماس أوّلاً، وهو هدف ليس مؤكداً تحقيقه وبشكل حاسم في المدى المنظور، رغم احتمالات تحقيق نجاحات في إضعاف حركة حماس، ومع ذلك فإنّ القاسم المشترك بين المشاريع المطروحة أمريكياً وإسرائيلياً وبدعم أوروبي، هو ضمان أنّه لن تشكل حماس أو أيّ فصيل فلسطيني تهديداً لإسرائيل بأيّ صيغة، وتبرز هنا سيناريوهات: أن تحتل إسرائيل كامل قطاع غزة، وتنفذ مخططات تهجير سكانه إلى سيناء، وتقسيم غزة إلى قاطع شمالي وآخر في الجنوب، ويتم العمل لاحقاً لتهجير سكان شمال القطاع إلى جنوبه، وبما يمهد لتفاقم أزمات إنسانية ستكون القاهرة مضطرة معها على استقبال النسبة الكبرى من سكان قطاع غزة، هذا السيناريو يتم العمل به حالياً منذ دخول الدبابات الإسرائيلية إلى مدينة غزة، ونجاحها في تقسيم القطاع إلى شمالي وجنوبي، وبموازاة ذلك تطرح سيناريوهات تقسيم قطاع غزة إلى (3) مناطق: "شمالية ووسطى وجنوبية"، على غرار تقسيمات أوسلو في الضفة الغربية، وإلى جانب ذلك تطرح سيناريوهات تتضمن نشر قوات دولية تابعة للأمم المتحدة في القطاع، وهناك تسريبات حول مشاركة قوات عربية إلى جانب القوات الدولية.

السيناريو الأنسب والقابل للتنفيذ هو عودة السلطة الفلسطينية لقيادة قطاع غزة، ولكن بصيغة جديدة

واضح أنّ السيناريوهات المسرّبة حتى اليوم تعكس استمرار حالة الارتباك والصدمة لدى القيادة الإسرائيلية بمستوييها: السياسي والعسكري، رغم إجماع الحكومة والمعارضة والجيش في إسرائيل على أهمية تحقيق هدف القضاء على حماس، وهو الهدف المتفق عليه بين إسرائيل وأمريكا والدول الأوروبية، وربما كان لافتاً ما أدلى به نتنياهو من تصريحات يؤكد فيها أنّ "إسرائيل ستتحمل لفترة غير محددة المسؤولية الأمنية الشاملة، لأننا رأينا ما يحدث عندما لا نتحمل تلك المسؤولية الأمنية"، وبالتزامن أكد نتنياهو أنّه مع وقف إطلاق نار تكتيكي، هدفه إدخال مواد الإغاثة الإنسانية للقاطع الجنوبي من قطاع غزة، وتوفير طرق آمنة لإمكانية إطلاق سرائح رهائن لدى حماس.

وفي الخلاصة؛ فإنّه ومهما تعددت السيناريوهات لحكم غزة، وبافتراض تحقيق إسرائيل لهدف القضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها للقطاع، فإنّ اتجاهات إسرائيلية مدعومة أمريكياً وأوروبياً، وربما عربياً، ترى أنّ السيناريو الأنسب والقابل للتنفيذ هو عودة السلطة الفلسطينية لقيادة قطاع غزة، ولكن بصيغة جديدة تتضمن صلاحيات أوسع للسلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما يرجح أن يتم العمل عليه في المراحل القادمة، لا سيّما أنّ السلطة الفلسطينية تؤكد الربط بين الضفة وغزة ومسؤوليتها عنهما.

مواضيع ذات صلة:

هل تستطيع السلطة الفلسطينية أن تحكم غزة؟

نتنياهو يكشف بعض مخططاته في غزة عقب الحرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية