ماذا يعني الظهور المسلح للمقاتلين الفلسطينيين في مدينة غزة وهل ستتمكن إسرائيل من القضاء على حماس؟

ماذا يعني الظهور المسلح للمقاتلين الفلسطينيين في مدينة غزة وهل ستتمكن إسرائيل من القضاء على حماس؟

ماذا يعني الظهور المسلح للمقاتلين الفلسطينيين في مدينة غزة وهل ستتمكن إسرائيل من القضاء على حماس؟


29/11/2023

شريف بيبي

مع إعلان الهدنة وتكشف حجم الدمار الذي لحق بالقطاع، حيث تشير تقديرات منظمات دولية وأممية إلى أن أكثر من 60% من مبانيه باتت غير صالحة للسكن، فضلا عن التكلفة البشرية الهائلة في صفوف الفلسطينيين، يعتبر مراقبون أن الأهداف الإسرائيلية باتت بعيدة جدا عن المنال. وفقا للمتابعين، ألحقت إسرائيل أضرارا جسيمة بالبنى التحتية لقطاع غزة وأدى قصفها لخسائر مدنية كبيرة، هذا أثر على صورتها خاصة لدى حلفائها، الذين باتوا يشككون أيضا بقدرتها على الاستمرار بالحرب.

ولعل أحد أبرز العوامل التي تصب في مصلحة هذا التحليل كان الظهور العلني المسلح لعناصر "كتائب القسام" الجناح المسلح لجركة حماس، في وسط مدينة غزة، التي كانت مسرحا أساسيا لعمليات الجيش الإسرائيلي وللقصف العنيف. ظهور المقاتلين رافقه تنسيق دقيق لعملية تسليم المحتجزين للصليب الأحمر، وما رافقها من متابعات إدارية ولوجستية.

في ثالث أيام الهدنة، أرفقت الفصائل الفلسطينية حضورها في مدينة غزة بعرض عسكري لافت اعتبره مراقبون إثباتا على أن قواها مازالت موجودة وأنها قادرة على التحكم بالمجريات الميدانية.

"الظهور المسلح في غزة رسالة بشأن جهوزية حماس القتالية"

في هذا الإطار، قال عمر الرداد، الخبير الأمني والعسكري من الأردن، إن حماس أرادت من "الظهور المسلح للمقاتلين الرد مباشرة على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن تطهير شمال القطاع من المقاتلين وسيطرة الجيش الإسرائيلي التامة".

ويضيف "كما أنها أرادت دحض الادعاءات الإسرائيلية بأن المحتجزين موجودين في مناطق في جنوب القطاع، وهذا ما ثبت عكسه حيث تمت عمليات التسليم في قلب مدينة غزة".

ووفقا للخبير العسكري، فإن حماس والفصائل الفلسطينية أرادت أيضا إرسال رسائل أخرى بشأن جهوزيتها القتالية وحضورها على الساحة، خاصة في الشمال، "فمن الجدير بذكره هو ظهور الكتيبة النسائية خلال عمليات التبادل، وهذا يعتبر جزء من الرسالة التي تقول بأن حماس مازالت ممسكة بزمام الأمور الميدانية وبأن بنيتها العسكرية لم تتعرض لأضرار مدمرة".

وأورد "ولإظهار مصداقيتها، أعلنت حماس بعد بدء سريان الهدنة عن استشهاد عدد من قياديها خلال الحرب، منهم أحمد الغندور، قائد كتائب القسام شمال القطاع، ما يعطيها نوعا من الثقة الميدانية".

وقال الرداد "من الواضح أن القضاء على حماس لم يتم، لا عسكريا ولا سياسيا ولا حتى منعها من إدارة القطاع، هذا يظهر بتنسيقها مع الهيئات الدولية والإنسانية في عدد من الملفات، منها المساعدات الإنسانية، وعلى رأسها التنسيق مع الصليب الأحمر الدولي على عمليات التبادل".

"تنسيق نوعي"

قبل عدة أيام، نشر موقع "مونيتور" الإلكتروني مقالا أشار فيه إلى إنه رغم الحملة الإسرائيلية العنيفة على قطاع غزة، هناك قادة إسرائيليون يعترفون بأن القضاء على حماس مازال بعيدا، على الرغم من تدمير البنية التحتية في شمال القطاع.

الموقع الإلكتروني أورد شهادات لمصادر عسكرية إسرائيلية أكدت فيها أن حماس ما زالت تحتفظ بمعظم قوتها، وأن المقاتلين الفلسطينيين يمكنهم التنقل بين جنوب القطاع وشماله من خلال شبكة الأنفاق الواسعة.

أما صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية فنقلت عن مصادر أمنية أمريكية قولها إن الاستخبارات الأمريكية تشكك في قدرة إسرائيل على القضاء على حركة حماس. وأضافت الصحيفة في مقال نشر الأسبوع الماضي أن الجيش الإسرائيلي بإمكانه إلحاق أضرار بحماس، لكنه لن يستطيع القضاء على أيديولوجيتها.

هنا، يعيد الخبير العسكر عمر الرداد تأكيده على أن "عمليات التبادل أظهرت تنسيقا نوعيا لدى حماس بين كافة أذرعها ومواقعها ومجموعاتها، ما يوحي بأن آليات التواصل والاتصالات لديها لم تتعرض للتدمير، وهذا يعني أيضا أنها مازالت متحكمة بالقطاع". ويضف "أمثلة كثيرة على ذلك يمكن استقاؤها من الصحافة الإسرائيلية، التي أعلنت قبل أيام عن لقاء المطلوب رقم واحد لإسرائيل، يحيى السنوار، بعدد من المحتجزين الإسرائيليين في منطقة ما جنوب القطاع، وتحدث إليهم بالعبرية، ما يعطي صورة عن مدى تماسك البنية التحتية للحركة وذراعها العسكري".

الرداد شدد على أن حماس ما زالت تقوم بأنشطتها "على الرغم من المآسي الإنسانية والمشاكل الهائلة التي تواجه سكان القطاع بفعل الحرب. حماس كسبت جولة الهدنة بالصورة".

"تكتيكات وخطط وربما أسلحة جديدة"

في هذا السياق، رأى مراسل شؤون الجيش والأمن في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع، أن مراوغة حماس مع إسرائيل خلال الهدنة ومراحل صفقة التبادل، "تعكس الفخ الذي نصبه السنوار للجيش المتوغل في القطاع"، مع ارتفاع الضغوطات الشعبية الإسرائيلية لتحرير جميع المحتجزين.

وأورد يهوشع في مقاله أن "إصرار القيادة العسكرية على استئناف الحرب يعكس قناعة قيادة هيئة الأركان بأن التوغل البري كان يجب أن يتجه نحو عمق رفح، وإحكام الحصار على حماس هناك، لإطلاق سراح جميع المحتجزين في صفقة واحدة والتهديد بتحويل غزة إلى مخيم كبير للاجئين".

هنا يبرز الكلام الذي يتحدث عن خان يونس، كونها الهدف القادم للجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، خاصة بعد ورودها في عدد من التقارير الإعلامية.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، نشرت"وول ستريت جورنال" مقالا قالت فيه إنه "بعد انتهاء الهدنة، من المتوقع أن تشن إسرائيل هجوما كبيرا على خان يونس، مسقط رأس يحيى السنوار، زعيم حماس وأبرز المطلوبين لها في القطاع".

ووفقا لم أوردته الصحيفة، فإن إسرائيل تعتقد أن السنوار يدير ورئيس الجناح المسلح لحماس محمد الضيف، يديران الحرب من أنفاق داخل خان يونس.

لكن وفقا لعمر الرداد، "عسكريا، إذا استكملت الحرب، من المتوقع أن تكشف حماس عن تكتيكات وخطط جديدة، وربما أسلحة جديدة، ما سيكون له انعكاسه على المجريات. من المتوقع أن نشهد إدارة أفضل للمجريات من قبل حماس، حيث أنها من المؤكد قامت بإعادة التموضع والتذخير".

وأضاف "إعادة التموضع تنطبق أيضا على الجيش الإسرائيلي، خاصة في ضوء الخسائر الجسيمة التي مني بها منذ بدء عملياته ضد القطاع. مثلا، بدأت وحدات إسرائيلية بإعادة التموضع في مناطق، والانسحاب من مناطق أخرى، مثل ما حصل في ميناء غزة".

وختم بالقول "كما من المتوقع أن نشهد المزيد من المفاجآت من الشمال".

عن "مونت كارلو الدولية"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية