لماذا يعد الضمّ الإسرائيلي للمحميات الطبيعية في فلسطين جريمة حرب؟

فلسطين

لماذا يعد الضمّ الإسرائيلي للمحميات الطبيعية في فلسطين جريمة حرب؟


15/04/2020

في خطوة إسرائيلية هي الأولى من نوعها من توقيع اتفاقية أوسلو، بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال، للالتفاف والسيطرة على منطقة الأغوار وسرقة ونهب أراضيها لإنشاء البؤر الاستيطانية من بوابة المحميات الطبيعية، أعلن وزير جيش الاحتلال، نفتالي بينيت، في 15 كانون الثاني (يناير)، عن إقامة سبع محميات طبيعية للمستوطنين في منطقة الأغوار تقدّر مساحتها 130 ألف دونم، معظمها "أراضي دولة، والبقية، بحسب التقديرات، 20 ألف دونم من الأراضي هي أراض بملكية فلسطينية خاصة، وتوسيع 12 محمية طبيعية".

اقرأ أيضاً: تركيا وإسرائيل.. تجارة وأوهام

ووفق الموقع الإلكتروني لصحيفة "جروزاليم بوست" عن وزارة الدفاع الإسرائيلية؛ فإنّ المحميات ستتواجد في المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية، التي تشكّل 60٪ من مساحتها، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

وقسم اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير وإسرائيل، عام 1993؛ الضفة الغربية إلى منطقة "أ"، وهي تخضع للسيطرة الفلسطينية الكاملة، ومنطقة "ب" تحت السيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية، فيما تقع المنطقة "ج" تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.

تقع المنطقة "ج" تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة

وبحسب سلطة جودة البيئة الفلسطينية، فإنّ اتفاق أوسلو نصّ على تسليم المحميات الطبيعية في الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، لكنّ هذا ما لم يحصل بشكل فعلي، باستثناء 15 سلمها الاحتلال لوزارة الزراعة الفلسطينية عام 1995، وعلى الخرائط هناك 19 محمية طبيعية، من بين 50 تنتشر في الضفة الغربية.

وتنتشر بالضفة 176 مستوطنة يسكنها قرابة 670 ألف يهودي، بحسب معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالسلطة الفلسطينية، إضافة إلى 128 بؤرة استيطانية و94 موقعاً عسكرياً، و25 موقعاً صناعياً، و25 موقعاً سياحياً وخدماتياً.

خليل التفكجي لـ"حفريات": مصادرة المحميات الطبيعية هو جزء من سياسة الضمّ الصامت للأراضي التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي

وبحسب المصدر نفسه؛ فإنّ ما مساحته 3458 كيلومتراً مربعاً من أراضي الضفة البالغة 5664 كيلومتراً مربعاً مصنفة "ج"، أي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، 78% منها استهدفت بإجراءات الاحتلال العسكرية والاستيطانية.

وكانت الخارجية الفلسطينية قد ندّدت بالقرار الإسرائيلي، وقالت إنّه يعني "وضع اليد على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية المصنفة (ج)، ونصب مظلة استعمارية جديدة لمحاربة الوجود الفلسطيني في تلك المناطق"، وأوضحت أنّ مسمى المحميات الطبيعية هو "شكل من أشكال الاستيلاء على الأرض الفلسطينية".

ودان الأردن القرار الإسرائيلي الذي يأتي في سياق تعزيز للاستيطان عبر مصادرة الأراضي الفلسطينية، وشدّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية، ضيف الله الفايز، على "ضرورة تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته لوقف سياسة الاستيطان الإسرائيلية، التي تقوض جهود حلّ الصراع وتحقيق السلام الشامل، وإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم (2334)."
الضمّ الصامت للأرض
بدوره، يرى مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية ببيت الشرق في القدس المحتلة، خليل التفكجي؛ أنّ "الإعلان الإسرائيلي عن المحميات الطبيعية هو جزء من سياسة الضمّ الصامت للأراضي التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي"، مبيناً أنّه "منذ عام 1967 وحتى عام 1995؛ 500 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية كانت تعدّ محميات طبيعية، ومن عام 1995 حتى عام 1996؛ تمّ الإعلان عن 12 ألف دونم كمحميات طبيعية، وهذه المحميات تقع داخل مناطق الضفة الغربية المصنفة (ج)، التي تشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية".

اقرأ أيضاً: مساعدات تركية لإسرائيل.. هل تكشف ازدواجية حزب العدالة والتنمية؟

ويضيف التفكجي في حديثه لـ "حفريات": "فلسطين تضمّ أكثر من 51 محمية طبيعية تقع 50 منها داخل الضفة الغربية، وتسيطر إسرائيل على 36 محمية منها"، مشيراً إلى أنّ "الأمر رقم (363) يخول الإدارة المدنية الإسرائيلية بالإعلان عن أيّة منطقة ما في الضفة الغربية كمحمية طبيعة بموجب أوامر تصدرها، وبالإعلان الإسرائيلي عن محميات طبيعية جديدة يعني ذلك أن تضمّ سلطات الاحتلال وتستولي على أراضي الفلسطينيين، دون الدخول في قضايا لدى محكمة الجنايات الدولية، التي ترى أنّ عملية الضمّ الإسرائيلي في هذه المحميات هي جريمة حرب، بالتالي الإعلان عن هذه المحميات يعني ضمّ المزيد من الأراضي بشكل غير مباشر".
المحميات الطبيعية تضمّ تجمعات بدوية، وتسعى إسرائيل إلى إخراج سكانها

تحقيق أهداف اقتصادية وسياحية
ولفت إلى أنّ "المحميات الطبيعية تضمّ تجمعات بدوية، وتسعى إسرائيل إلى إخراج سكانها دون أن يكون هناك ضجيج إعلامي، ومن أكبر هذه التجمعات منطقة الخان الأحمر؛ حيث لا يستطيع الفلسطينيون البناء في هذه الأراضي أو حتى زراعتها بعد تحويلها من قبل الاحتلال إلى مناطق عسكرية مغلقة"، مبيناً أنّ جزءاً من هذه المحميات سيتمّ نقله إلى مستعمرات إسرائيلية، وضمّها ضمن نفوذ المستوطنات التي سيتم ضمّها مستقبلاً إلى الجانب الإسرائيلي، كما حدث في وقت سابق في منطقة جبل أبو غنيم، التي كانت تعدّ محمية طبيعية، إلى أن أقدمت سلطات الاحتلال تحويلها إلى مستوطنة إسرائيلية جديدة".

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا يجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي

وتابع التفكجي: "الاحتلال يركز في تهويده على منطقة الأغوار الفلسطينية، التي تشكل 27% من مساحة الضفة الغربية، التي يبلغ تعداد سكانها 60 ألف فلسطيني، وتضمّ ما يقارب 10 آلاف مستوطن إسرائيلي تحت ذرائع وحجج واهية، وهي تحقيق الأمن، في حين أنّ الهدف الرئيس هو تحقيق الأهداف الاقتصادية الإسرائيلية؛ كون منطقة الأغوار تعدّ سلة الغذاء المبكر، بالتالي؛ تحقيق عوائد اقتصادية بالدرجة الأولى، وثانياً تشجيع السياحة العلاجية لوجود البحر الميت".

وعمّا هو المطلوب فلسطينياً للتصدي للقرار الإسرائيلي، يقول التفكجي: "السلطة الفلسطينية لا تمتلك برنامجاً سياسياً باتجاه منطقة الأغوار؛ لذلك يتوجب عليها تحديد برنامج واضح اتجاه المنطقة، التي تعدّ جزءاً من الدولة الفلسطينية، مع ضرورة لجوئها إلى محكمة الجنايات الدولية، التي أصبحت تعدّ سيفاً مسلطاً على الجانب الإسرائيلي بسبب سياساته العنصرية في الضفة الغربية المحتلة".
الالتفاف على القرارات الدولية
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، عماد البشتاوي، لـ "حفريات": "القضية لا تتعلق بالمحميات الطبيعية، إنّما بالسياسة الإسرائيلية، التي تسيطر عليها أحزاب اليمين واليمين الإسرائيلي المتطرف والأحزاب الدينية، كحزب البيت اليهودي، الذي يتزعمه نفتالي بينيت، وزير الجيش الإسرائيلي"، مشيراً إلى أنّ "الاحتلال يرفع شعاراً بضمّ المناطق المصنفة (ج) بالضفة الغربية، من خلال الالتفاف على الشرعية والقرارات الدولية، بحجة استغلال هذه المناطق في إقامة محميات طبيعية، وبناء مشاريع ومدن صناعية مشتركة".

اقرأ أيضاً: كورونا يتفشى بين الإسرائيليين ويكشف هشاشة التجهيزات الطبية

وبيّن أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يهدف من سيطرته على مناطق الأغوار للتهجير القسري لسكانها تحت مسمّى إقامة المحميات الطبيعية، بالتالي، تجميع السكان البدو في مناطق محددة من أجل السيطرة على مساحات واسعة من الأغوار، كما حدث في منطقة النقب، بعد أن تمّ إعلان بعض القرى بأنّها مناطق عسكرية، وتمّ تجميع سكانها في مناطق معينة لتكون الأراضي الواسعة ضمن السيطرة الإسرائيلية، لا الفلسطينية، في محاولة لقيام الاحتلال بترسيم حدود جديدة على الأرض".
السلطة الفلسطينية لا تمتلك برنامجاً سياسياً باتجاه منطقة الأغوار

تسويق نفسه انتخابياً
وبسؤال البشتاوي عن سعي بينيت من وراء قراره الأخير لتسويق نفسه انتخابياً، قال: "نفتالي بينيت لا يحاول أن يستقطب أصوات اليمين في فترة الانتخابات فقط، بل ويحاول طرح نفسه كرئيس وزراء لإسرائيل، ومن خلال المشاريع التي أعلن عن إقامتها في المنطقة (ج)، فهو يسعى إلى منح الجنسية الإسرائيلية لأكثر من 70 ألف مواطن، والاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، ليتمكّن بينيت من رسم سياسات ليست قريبة المدى فقط؛ بل سياسات بعيدة المدى كمرشح يميني يسعى لتولي مناصب عليا في السياسة الإسرائيلية".

إسرائيل تسعى لتجميع السكان البدو في مناطق محددة للسيطرة على مساحات واسعة من الأغوار، كما حدث في النقب

ولفت إلى أنّ "إسرائيل بقرارها تسعى إلى إسقاط موضوع الأرض من أيّة مفاوضات حلّ نهائي، وهي محاولات إسرائيلية ليست جديدة، إنما يسعى إليها الاحتلال منذ قيام المشروع الصهيوني ووصول حزب الليكود اليميني المتطرف إلى سدة الحكم"، مبيناً أنّ "السياسات الإسرائيلية واضحة فيما يتعلق بضمّ أكبر كمية من الأرض بأقل عدد من السكان، بهدف تجميع السكان الفلسطينيين في كانتونات في مراكز المدن الرئيسة والقرى المحيطة بالمدن، وتفريغ المناطق المصنفة (ج) من سكانها".

ودعا البشتاوي إلى ضرورة أن يكون هناك مشروع فلسطيني واحد يتبني فكرة واحدة حتى وإن اختلفت الأيديولوجيات، للجم الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بحقّ المناطق الفلسطينية بالضفة الغربية، إضافة إلى استجماع موقف عربي ودولي، متمثلاً بالقوى الرئيسة، كروسيا والاتحاد الأوروبي، للتصدي للقرارات الإسرائيلية التعسفية التي تهدف إلى سرقة الأرض الفلسطينية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية