لماذا يخشى الإسرائيليون نتائج الانتخابات الفلسطينية؟

لماذا يخشى الإسرائيليون نتائج الانتخابات الفلسطينية؟


15/04/2021

يبدو أنّ الاحتلال الإسرائيلي قلق أكثر من أيّ وقت مضى من نجاح الانتخابات التشريعية، المقرر انعقادها في أيار (مايو) المقبل، بعد حالة التشرذم والصراعات التي شهدتها حركة فتح، وهو ما يثير مخاوف إسرائيل من صعود حركة حماس وفوزها في هذه الجولة من الانتخابات، بالتالي، سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة.

وكان رئيس الشعبة الإستراتيجية في الجيش الإسرائيلي، طال كالمان، قد قال إنّ "إسرائيل تتابع عن كثب تطورات الانتخابات في الأراضي الفلسطينية".

وأضاف في مقابلة مع صحيفة "يسرائيل هيوم"، في 25 آذار (مارس) الماضي: "لقد قررت دولة إسرائيل عدم التدخل في انتخابات السلطة الفلسطينية، لكنّنا بالتأكيد قلقون بشأن إمكانية تعزيز حركة حماس في الضفة الغربية".

إسرائيل تتابع عن كثب تطورات الانتخابات في الأراضي الفلسطينية

ويقول محلل الشؤون السياسية لصحيفة "هآرتس" العبرية، يوسي ميلمان، في 4 آذار (مارس) الماضي؛ إنه "بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية وحكومة إسرائيل، سيكون من الأفضل لو لم تجر هذه الانتخابات، وتشاركهم في ذلك جهات بالسلطة الفلسطينية، أيضاً نرى أنّه بات من الأفضل البحث عن أعذار لتأجيل الانتخابات، ومن أجل ذلك تمّ الاتفاق على تقسيم الانتخابات إلى ثلاث مراحل، وإمكانية إلغاء الانتخابات ما تزال واردة.

حركة فتح تعاني

وينقل ميلمان عن القائد العسكري الإسرائيلي، ميخائيل مليشطين، قوله: "هذه الانتخابات تضع أمام إسرائيل الكثير من المخاطر والعقبات، حركة فتح تعاني نتيجة انقسامات داخلية، وكذلك من انخفاض شعبيتها لدى الجمهور الفلسطيني، بينما تظهر حماس مزيداً من القوة والوحدة في الصفوف والهدف، هذه المعطيات كنا قد شهدنا مثلها في انتخابات عام 2006، فقد تعود الأمور مرة أخرى للمسار نفسه الذي سارت فيه من قبل".

إسرائيل تحاول، بكل الطرق، ألا تظهر للعالم أنّ فلسطين تشهد حالة من الديمقراطية؛ عبر إجرائها الانتخابات، وهو ما تركز عليه حالياً بشكل حثيث

وكشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، في 26 آذار (مارس)، النقاب عن موقف إسرائيل من الانتخابات الفلسطينية التي من المقرّر أن تجري في أيار (مايو) المقبل.

ووفق الصحيفة العبرية؛ هناك قرار إسرائيلي بعدم التدخل بالانتخابات الفلسطينية المقبلة، لكنّها متخوفة من تقوية حماس في الضفة.

ونقلت الصحيفة عن رئيس الشعبة الإستراتيجية والدائرة الثالثة في إسرائيل، قوله: "فيما يتعلق بالانتخابات الفلسطينية المقبلة، هذا حدث نتابعه عن كثب".

 وكان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد أمر بإجراء الانتخابات العامة في الثاني والعشرين من أيار (مايو)، والانتخابات الرئاسية في الحادي والثلاثين من تموز (يوليو)، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في الحادي والثلاثين من آب (أغسطس).

حذر وخوف إسرائيلي

من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي، د. عبد المجيد سويلم، في حديثه لـ "حفريات": "إسرائيل تنظر بحذر للخلافات القائمة داخل حركة فتح بشكل خاص والانتخابات الفلسطينية بشكل عام؛ إذ يتخوّف الاحتلال من هزيمة فتح خلال الانتخابات الفلسطينية نتيجة حالة الانقسام السائدة حالياً بين قياداتها، وخوضها الانتخابات بعدة قوائم لا بقائمة واحدة، وهو ما يؤدي، من وجهة النظر الإسرائيلية، إلى إضعاف الحركة، وتعزيز موقف حركة حماس للفوز في الانتخابات المقبلة".

الكاتب والمحلل السياسي، د. عبد المجيد سويلم

ولفت إلى أنّ "إسرائيل تخشى إجراء الانتخابات الفلسطينية، ومن المتوقع ألا يوافق الاحتلال على إجرائها مع مواصلة عمليات التسويف والمماطلة، وهو ما يتطلب من الشعب الفلسطيني التجهيز والتحضير للمعركة القادمة لمواجهة الاحتلال حول موضوع الانتخابات والقدس"، مبيناً أنّ "دولة الكيان لديها العديد من الوسائل والأساليب والآليات، التي من شأنها عدم إعطاء أيّة فرصة للفلسطينيين، لاتخاذ إجراءات أو الإقدام على أيّة خطوة حول انعقاد الانتخابات".

إسرائيل تكره التوافق الفلسطيني

وبيّن أنّ "إسرائيل تحاول، بكل الطرق، ألا تظهر للعالم أنّ فلسطين تشهد حالة من الديمقراطية؛ عبر إجرائها الانتخابات، وهو ما تركز عليه حالياً بشكل حثيث، في ظلّ وجود أزمة سياسية خطيرة داخل إسرائيل، مع الهجوم المتزايد على القضاء والمصالح الخاصة لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، المتهم بعدة قضايا فساد، وهي صور سلبية لا تريد إسرائيل أن تظهر للعالم أنّ الوضع السياسي الفلسطيني يشهد حالة من التوافق على إجراء الانتخابات الفلسطينية، وهي تعيش أزمة سياسية محتدمة".

المحلل السياسي فتحي بوزيه لـ"حفريات": فوز حماس بالانتخابات التشريعية المقبلة، هدف بعيد المنال، ومن المستبعد أن يتكرر سيناريو عام 2006 على الإطلاق

وتابع سويلم: "الخلافات القائمة داخل حركة فتح من الممكن تسويتها داخل البرلمان، مع تجييش الحركة لكافة أنصارها باتجاه التصويت لحصولها على الأغلبية بالمجلس التشريعي، بالتالي، دخول المجلس التشريعي الفلسطيني كقائمة واحدة من شأنه أن يقضي على جميع الخلافات وحالة الشرذمة التي كانت سائدة، ويغلق الطريق أمام أيّة محاولات من شأنها تعميق الفجوة، في محاولة لإفشال الاستحقاق الوطني المتمثل بإجراء الانتخابات".

اقرأ أيضاً: الانتخابات الفلسطينية: هل تحطّم فتح وحماس تشاؤم المراقبين؟

ولا يعوّل سويلم على إمكانية لجوء الاحتلال للمغامرة بمواجهة دولية في حال إقدامه على منع الانتخابات بالقوة، وذلك لعدم اكتراث إسرائيل بما يقوله العالم، في ظلّ تعمّدها القيام بسلوكيات تخالف قرارات المجتمع الدولي التي لا تعيرها أيّ اهتمام، للمضي بما تخططه وتخفيه في جعبتها نحو حسم موافقتها على إجراء الانتخابات في القدس على سبيل المثال، أو حول إجراء الانتخابات الفلسطينية بشكل عام".

تأزيم الانقسام الفتحاوي

ويرى المحلّل السياسي المقرَّب من حركة فتح، فتحي بوزيه؛ أنّ "إسرائيل لا تريد إجراء الانتخابات بالقدس لإفشالها، وذلك لسياسة الاحتلال التي تقوم على تفريق أيّة محاولات فلسطينية لرأب الصدع والوصول إلى برنامج وطني، وإنهاء حالة الانقسام السائدة، لتنتهج سياسة الدول المستعمرة، والتي تقوم على مبدأ الاستبداد والديكتاتورية"، مشيراً إلى أنّ "الاحتلال طالب الرئيس محمود عباس بتأجيل الانتخابات، خوفاً من فوز حركة حماس وحصولها على مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني".

المحلّل السياسي المقرَّب من حركة فتح، فتحي بوزيه

ويضيف بوزيه، خلال حديثه لـ "حفريات": "الاحتلال يحاول تأزيم حالة الانقسام التي تشهدها حركة فتح في حال فشل في منع إجراء الانتخابات، إلا أنّ دخول الحركة الانتخابات الفلسطينية في ثلاث قوائم، لا يعبّر بالضرورة عن حالة التشرذم في صفوفها، وقد يصبّ ذلك في صالح فتح في الحصول على غالبية مقاعد المجلس التشريعي".

واستشهد بوزيه بما حصل من حالة تمرّد وانقسام لحركة فتح خلال الانتخابات التي جرت عام 2006، والتي حصلت فيها حركة حماس على غالبية الأصوات؛ إذ خاضت الحركة الانتخابات في قائمة واحدة وحصلت فيها على 410 آلاف صوت"، موضحاً أنّ "دخول فتح في ثلاثة قوائم من شأنه رفع نسبة التمثيل النسبي للحركة إلى أكثر من 70 مقعداً".

هدف بعيد المنال

وتابع: "إسرائيل تريد فوز حركة حماس في الانتخابات من خلال حملة الاعتقالات التي يقوم بها جيش الاحتلال لأنصارها في الضفة، وذلك لكسب حالة من التعاطف الشعبي معها"، مبيناً أنّ "هناك تقارب بين اليمين المتطرف الإسرائيلي والإخوان المسلمين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، بقيادة عضو الكنيست منصور عباس، لذلك تفعل إسرائيل كلّ ما بوسعها من أجل فوز حركة حماس، على الرغم من مهاجمتها ورفضها لخوض الحركة للانتخابات أمام وسائل الإعلام".

اقرأ أيضاً: ماذا يعني إشراك المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية المقبلة؟

وأكّد بوزيه؛ أنّ "فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية المقبلة، هو هدف بعيد المنال، ومن المستبعد أن يتكرر سيناريو عام 2006 على الإطلاق، لاختلاف الظروف والأهداف التي كانت تنتهجها الحركة خلال الانتخابات الماضية، والتي كانت تشكل قوة معارضة، ولا تسيطر على القطاع حالياً؛ حيث عاقب الشعب الفلسطيني حينها حركة فتح لصالح انتخاب حركة حماس".

وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني؛ أنّ "دخول حماس في معترك النظام السياسي، على غرار حركة الجهاد الإسلامي، التي بقيت كفصيل مقاوم دون الدخول في العملية الانتخابية، هي محاولة من قبل إسرائيل لإفشال الحركات الإسلامية بشكل عام وتقويضها".

الصفحة الرئيسية