
أحمد رفعت
نعود إلى تاريخ «الإخوان» الأسود.. المكتوب بالدم والخسة والانتهازية.. بدأنا هذه المجموعة من المقالات ذات العناوين المختلفة من قبل «٣٠ يونيو» والعودة إلى الخلف، فى محاولة لقراءة جديدة لجرائم هذه الجماعة.. التى أساءت كما قلنا لحلفائها، ممن قبلوا الترشح لبرلمان ٢٠١٢ تحت رايتها، بمن فيهم المنتمون إلى تيارات هى فى الأصل معادية للجماعة، والجماعة تضعهم فعلياً فى خانة الأعداء.
لكننا كنا بين انتهازية فى جانب، وإلى جوارها «الهبل» السياسى الذى جعل هذه القوى والتيارات تزعم أن الجماعة «فصيل وطنى» أشركته وشاركته الحياة السياسية طوال عصر الرئيس مبارك، حتى كانوا هم أنفسهم أول الضحايا، كما ذكرنا الأسبوع الماضى، ليس فى النسب المهينة بالقوائم الانتخابية الممنوحة لكل حزب، وإنما أيضاً فى التجاهل إلى حدود المهانة بعد نجاح «مرسى» واختطاف السلطة، وصولاً إلى تحطيم منصات هؤلاء فى ميدان التحرير، بعدما ظنوا أنه يمكنهم الاحتجاج على سلوكيات «مرسى» وعصابته، وكان الصمت عليها فضيحة تُنهى وجود هذه القوى إلى الأبد.
وخاصة الإعلان الدستورى الغبى الإجرامى الذى صادر فيه الرئيس الإخوانى القانون ذاته، ومعه السلطات الثلاث التشريعية والقضائية إلى جوار التنفيذية، بل ووجدناه بالفعل فى تصرّفات سوقية يهاجم قضاة ورجال النيابة المصرية وكبار الصحفيين، بل ويقر بأنه يتدخّل -أو سعى للتدخل- فى أعمال النيابة العامة!
وكل ما سبق -وهو من حظ الأجيال الحالية والقادمة، حتى لا يزيف الإخوان وعيهم كما فعلوا مع جيل كامل سابق- مسجل صوتاً وصورة.. وبأوامر أجهزة الجماعة أثناء حكمهم المشئوم للبلاد، وليس مسجلاً ولا مصوراً خلسة وبطرق غير مشروعة!
وكثير من زعماء مصر والعالم -زعماء بقى- كانوا ينفعلون على خصومهم، أو ضد بعض السياسات أو الملاحظات التى لا تعجبهم، ويتحفّظون عليها، لكن حتى ذلك كان يقدّم بشكله المقبول، بل بعضه كان جذاباً يتداوله الناس إلى اليوم، يحسبونه لصالح الزعيم أو الرئيس أو الحاكم الذى منحوه تأييدهم يوماً ما.. وليس خصماً منه، حتى لو تحتوى على خروج عن النص أو السياق العام لخطب الزعماء والرؤساء والحكام، لكن شيئاً منها لم يقدم -كما قلنا- بالسوقية التى شاهدناها، والتى أتت ولله الحمد بنتائج عكسية ضد صاحبها وأصحابه، وأيقن من لم يوقن بعدها أننا وقعنا فى يد عصابة كبيرة، ولا حل إلا بتخليص مصر منها.
وهو ما يُفسّر هذا الإقبال الكبير على استمارات حركة تمرد، دون خوف من الجماعة ورئيسها ومندوبها فى قصر الحكم ولا ميليشياتها التى قتلت عند القصر الجمهورى واختطفت وسجنت وعذبت مواطنين مصريين أحراراً شرفاء، منهم صحفيون وكتاب ودبلوماسيون سابقون وحاليون وأطباء وسياسيون بارزون ومن كل فئات أبناء شعبنا البطل، وكانت «جريمتهم» وكل ما ارتكبوه خروجهم للتظاهر ضد من لا يعجبهم وما لا يعجبهم من إجراءات وقرارات وشخصيات فى الحكم وحوله، فكان الرصاص والعصى والوحشية الرد الأول من ميليشياتهم الإجرامية، والحمد لله وللتاريخ أن سجلت أيضاً كاميرات الدنيا كلها كل ذلك!
وللحديث بقية.
الوطن