كيف يعمل التطرف في بريطانيا؟

كيف يعمل التطرف في بريطانيا؟


18/11/2020

أحمد الباز

لسنوات طويلة، كان هناك مداً ملحوظاً للأفكار المتطرفة في أوروبا عموماً وبريطانيا خصوصاً، لتلك الدرجة التي باتت أوروبا هي التي تقوم بتصدير المقاتلين الإرهابيين إلى منطقة الشرق الأوسط وليس العكس كما كان حاصلاً منذ التسعينيات. ورغم ذلك، وفي غفلة من الزمن وفي ظل التغاضي الأوروبي عن هذا التمدد الخطير، فإن أوروبا بدأ تشعر بوجود خطر يحيق بها، وأحد مظاهر تعقيده، أنه يعيش في القلب الأوروبي. تحاول هذة الدراسة تتبع نمو التطرف في أوروبا وبريطانيا على وجه الخصوص، بما يعنيه هذا التمدد من ممارسة السلوك المتطرف بكل أريحية على الأراضي الأوروبية، والمطالبة بتغيير القيم الأوروبية لصالح تلك القيم التي تعتمدها التنظيمات المتطرفة.

دعوات من منظمات إسلامية فى بريطانيا للإطاحة بأنظمة دول معترف بها من الأمم المتحدة

تحتضن بريطانيا على أراضيها العديد من المنظمات الإسلامية التى تدعو صراحة إلى الإطاحة بأنظمة شرعية  رسمية منتخبة لدول مُعترف بها من قبل الأمم المتحدة، ومثال ذلك:

تم تأسيس ما يُعرف بالمجلس الثورى المصرى ، على يد أفراد من جماعة الإخوان المسلمين، والعضوه فيه ” مها عبدالرحمن عزام” الوجه الأكثر بروزاً، والتى تحمل الجنسية البريطانية، ويدعو المجلس فى بنده التأسيسي الثالث إلى “إسقاط الحكم ” فى جمهورية مصر العربية.

فى لقاء مع قناة ” مكملين “ الفضائية والتى تبث من تركيا، دعا ” محمد شريف كامل” أمين عام المجلس الثورى المصرى، الذى ترأسه البريطانية ” مها عزام” إلى ( مقاومة) نظام الحكم فى مصر، بهدف إسقاطه، [1]

يرأس يوسف القرضاوى ( إئتلاف الخير) ، والذى صنفته وزارة الخزانة الأمريكية كمنظمة إرهابية على خلفية التورط فى تمويل ودعم أعمال العنف فى الشرق الأوسط[2]، وهو إئتلاف  يضم 52 جمعية تعمل فى بريطانيا واوروبا وأمريكا، وهى تجمع أموالاً لتذهب إلى منظمات تحمل أفكاراً متطرفة جهادية، مثل الإخوان المسلمين، كما أن فكر القرضاوى نفسه يحمل توجهات متطرفة، وهو المحظور من دخول بريطانيا [3]، حيث كان قد أفتى  فى لقاء على قناة الجزيرة القطرية بجواز تفجير الفرد نفسه فى مجموعات من البشر بعد أن يأخذ الإذن من التنظيم الذى يتبعه..[4]

منتدى الجمعيات الخيرية الإسلامية، وهى مظلة دعم وتمويل لنحو 10 جمعيات فى بريطانيا تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، تضم معها جمعية “المعونة الإسلامية”، “المساعدة الإسلامية”، “الأيادى الإسلامية”، “النداء الإسلامى” ، وقد خضع المنتدى لتحقيقات فى بريطانيا وصنفت نحو 6 مؤسسات تابعة للمنتدى أنها تمول أعمال عنف فى الشرق الأوسط، حتى قامت الحكومة البريطانية فى ديسمبر 2014، بسحب مائتين وخمسين ألف جنية استرلينى 250الف استرلينى، من حساب المنح التى كانت قد قدمتها الحكومة لدعم المنتدى والجمعيات التابعة له.[5]

دعا عزام التميمى، المقيم فى بريطانيا، وأحد أبرز قيادات الإخوان فى بريطانيا ورئيس مجلس إدارة قناة ” الحوار” المملوكة للإخوان المسلمين والتى تبث من بريطانيا إلى إسقاط أنظمة الحكم العربية عموماً، والأنظمة الخليجية خصوصاً. [6]

إنطلقت بعض هذة الدعوات من على أراضى بريطانية، أو من أشخاص يحملون الجنسية البريطانية، أو من مؤسسات تعمل على الأرض البريطانية،  على الرغم من صدور قرار مجلس الأمن رقم 1373 لسنة 2001 والذى ألزم فى بنوده الدول والمؤسسات على الحرص على عدم توفير الظروف الملائمة لكل من يمول أو يخطط أو يدعم أو يشارك فى عمليات إرهابية أو يحاول توفير الظروف المناسبة لها!!  [7]

يدعو قرار مجلس الأمن رقم 1624 لسنة 2005 إلى أن تقاوم الدول وبشدة ما يعرف بإسم ” الإنتداب الإرهابى” واستعمال القانون لمنع التحريض على القيام باعمال إرهابية، وبحسب الدرسة الاستقصائية الصادرة عن مجلس الأمن لمتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1624 ، فإن ملاحظة قد وردت ضمن الملاحظات فيما يخص دول أوروبا الغربية وهى أن دول الإتحاد الأوروبى ملزمة بتجريم ” التحريض العلنى”

يبدو أن هناك تناقضاَ فى بريطانيا بين القول والفعل، فعلى الرغم من أن مجلس العموم البريطانى فى تقريره ( ) قد وضع بعض المعايير لتعريف الإرهاب والإرهابى، والتى تنطبق جميعها على الدعوات أعلاه، إلا أنه لم يتم إتخاذ أى إجراء رادع بخصوص حامليها، حيث ورد من ضمن ما ورد فى تقرير مجلس العموم فى البند رقم 40 من المرسوم رقم 2000 أن الإرهابى هو

عضو منتمى لمنظمة ارهابية او يقوم بعمل دعاية لأحد المنظمات الأرهابية

من يقوم بعمليات تمويل او غسيل أموال لحساب أحدى المنظمات الإرهابية.

من يقوم بأعمال التدريب على استخدام السلاح او يشارك فيها.

من يدير منظمة إرهابية.

من يملك أدوات او يجمع معلومات لإستخدامها فى إطار إرهابى.[8]

 

كيف يهدد التطرف  وحدة وسيادة وأمن بريطانيا؟

شهدت شوارع بريطانيا العديد من التظاهرات وجولات الأشخاص من ذوى الفكر المتطرف، يدعون إلى تحكيم الشريعة الإسلامية فى بريطانيا، والقضاء على الديمقراطية هناك وكل المبادىء التى تأسست عليها بريطانيا.

كانت مجموعة ممن يحملون أفكاراً متطرفة  مشابهاً لما ينادى به تنظيم داعش، قد أقاموا وقفة فى أحد شوارع لندن حاملين أعلام تنظيم داعش السوداء، وأعلن أحدهم أنهم يخططون لرفع هذا العلم على 10 داوننغ ستريت ، ليتم الحكم بالشريعة الإسلامية فى بريطانيا، وإسقاط النظام القائم عليه الحكم فى بريطانيا، .[9]

تم تسجيل العديد من تحركات أفراد فى شوارع بريطانيا، يتجولون ويطلقون على المارة من غير المسلمين فى الشوارع أنهم كفاراً، ويمكن ملاحظة أنهم يتعاملون بحدة مع ضباط الشرطة، محتمين بالقوانين البريطانية التى يعلمون أنها لن تقوم باستجوابهم إلا إذا تم الإمساك بدليل قاطع باشتراكهم فى عمليات إرهابية،    [10]

تم تسجيل خروج المئات من البريطانيين إلى مناطق القتال فى الشرق الأوسط كسوريا والعراق، وقد قاموا لاحقاً بتصوير العديد من المواد الفيلمية التى تثبت وجودهم هناك، والتى يهددون من خلالها بريطانيا   [11]

يجب أن تعلم السلطات البريطانية أن السماح وغض البصر عن تحركات المتطرفين فى بريطانيا أو من يقومون بمسيرات دينية عبر استغلال الحريات فى شوارع بريطانيا، أمر من شأنه أن يساعد على ظهور صراعات طائفية فى المملكة، نظراً لكون هذا الأمر سيثير حساسية وحفيظة المسيحيين فى بريطانيا وأوربا الذين يرون أمامهم أناس يعيشون على ارض بريطانيا يدعون إلى القضاء على القيم والمبادىء والأسس الدستورية والقانونية التى تأسست بموجبها المملكة المتحدة، مما سيترتب عليه إندلاع صراعات طائفية، وقد تم بالفعل رصد مثل هكذا تحركات توحى بوجود إحتمالات لإندلاع صراع طائفى فى بعض شوارع بريطانيا، .. [12]

من الممكن أن تساهم إنتشار الرموز الدعائية الخاصة بالتنظيمات المتطرفة فى شوارع بريطانيا الى إحداث حالة من الذعر والقلق، وهو ما قد تم رصده بالفعل عندما قام أحد الاشخاص بالتجول بالقرب من مقر البرلمان البريطانى حاملاً علم تنظيم داعش، بالإضافة إلى أنه جعل طفلته تحمل هى الأخرى علماً صغيراً لداعش وترفرف به، الأمر الذى تسبب فى إحداث حالة من الرعب تم رصدها عبر ردود أفعال الناس على السوشيال ميديا خصوصاً من هؤلاء الذين كانوا فى محيط الواقعة. [13]

دعا يوسف القرضاوى فى برنامج على قناة الجزيرة القطرية إلى السيطرة على أوروبا، وفتحها على يد المسلمين عبر جيوش من الدعاة والأئمة المسلمين، بشكل يهدد أمن وإستقرار وسيادة دول أوروبا كلها..[14]

تحتضن بريطانيا على أراضيها العديد من الشخصيات التى تحمل أفكاراً متطرفة وتدعو الى القيام بعمليات إرهابية فى العديد من دول العالم ومنها دول أوروبا، ومنهم “هانى السباعى”

هانى محمد السباعى، مصرى ، مدير مركز المقريزي في لندن الذي صدر قرار بإغلاقه  عام 2015، مولود 1961، كان عضواً في جماعة الجهاد الإسلامي. يعيش في بريطانيا كلاجئ سياسي. شارك في حرب المجاهدين في أفغانستان. حوكم في مصر غيابياً (1999) في قضية العائدين من ألبانيا، وعوقب بالسجن لمدة 15 عاماً، لجأ إلى بريطانيا عام 1998 وهو العام الذي أعلن فيه بن لادن تأسيس الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين.

في عام 2001 أعلن تأييده لهجمات 11 سبتمبر، كما أيد هجمات 7 يوليو 2005 في لندن واعتبرها انتصاراً للإسلاميين المجاهدين. بعد ذلك بأشهر قليلة (سبتمبر 2005) ورد اسمه في قائمة أصدرتها الأمم المتحدة تشمل الأشخاص الخاضعين للحظر الدولي بسبب علاقتهم بالإرهاب، كما يخضع أيضاً للرقابة المالية بواسطة اللجنة المختصة بتتبع تمويل الإرهاب التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية.

تم إغلاق مركز المقريزي ومنع السباعي من الظهور في البرامج التليفزيونية، ولكنه الآن يستخدم قنوات اليوتويوب في مواصلة دعايته المتطرفة. معروف بارتباطه بالقاعدة والتنظيمات الموالية لها بما في ذلك الجهاد الإسلامي في مصر وأنصار الشريعة في تونس.

أشارت التحقيقات في الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة سوسة التونسية في يونيو 2015 إلى وجود علاقة بين السباعي وبين منفذي الحادث، كما يرتبط السباعي أيضاً بعلاقات قوية مع جماعة أنصار الشريعة المتطرفة الموالية للقاعدة في تونس وبلدان المغرب العربي.

فى حوار تلفزيونى له، يرى ” السباعى” المقيم على الأراضى البريطانية أن أسامة بن لادن الذى أفتى بجواز قتل كل من هو غير مسلم بأنه مجدد الإسلام فى العصر الحديث  [15]

متطرفون محتملون تحولوا إلى إرهابيون حقيقيون تحت نظر الأمن البريطانى  

خالد مسعود : منفذ حادث ويستمينيستر 22 مارس 2017

يبلغ من العمر 52 عاما ( إسمه قبل أن يشهر إسلامه هو أدريان روسيل أجاو)

لاعب كمال أجسام سابق..ولد فى دارفورد بمقاطعة كنت عام 1964

له تاريخ من العنف باستخدام السكين…وتمت ادانته لأول مرة فى عام 2003. .سُجن لفترات متقطعه من عدة سجون هى ويست ساسيكس, فورد. وايلاند, نورفولك وسجن ايست ساسيكس, خضع للفحص بواسطة جهاز MI5  ولكن لم يتم اعتبار خطرا على الأمن[16]

عمل مدرسا للغة الأنجليزية وتزوج عام 2004 من سيدة تدعى فارزانا ماليك ولكنها تركته وهربت بعد عام واحد من الزواج ثم تزوج من سيدة أخرى تدعى روهى حيدرة، تنزانية الجنسية.

سافر الى المملكلة العربية السعودية لتدريس اللغة الإنجليزية للمغتربين وقضى هناك عاما واحداً ثم عاد الى بريطانيا وتنقل ما بين ليوتون وشرق لندن وبيرمنجهام وكان يقوم بالتدريس للمغتربين العرب برنامج تدريسى بعنوان اقرأ..IQRA،  وهنا توقف جهاز المخابرات الداخلية MI5  فى تتبعه [17]

سلمان عبيدى: منفذ هجوم مانشستر22 مايو 2017

فى 22 مايو 2017 وقع  هجوما داميا في مدينة مانشستر راح ضحيته 22 شخصا كانوا يحضرون حفلا غنائيا.

منفذ الهجوم الانتحاري سلمان عبيدي معروف لدى أجهزة الأمن البريطانية

أوضحت الحكومة حينها أن عبيدي كان معروفا لدى أجهزة الأمن البريطانية وكان مرتبطا بخلية متشددين في المدينة.

تم القبض عليه عام 2012 لكن تم الإفراج عنه بعدها بقليل..سافر الى ليبيا فى 25 ابريل عام 2017 ثم عاد الى مانشستر فى 18 مايو قبل الحادث بأربعة ايام..

وأظهرت معلومات أخرى أن والد سلمان هو رمضان بوالقاسم العبيدي، أحد أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة، وصنفته الأجهزة الأمنية الليبية ضمن عناصر تنظيم “القاعدة”.، وقد استطاع

تأكيداً لإخفاق الأجهزة الاستخباراتية الداخلية، فقد تم فتح تحقيق فى إغفال التعامل مع سلمان العبيدى كتهديد مفترض.

تم إنذار الأجهزة الأمنية عن عبيدى ثلاث مرات قبل الهجوم، خلال ارتياده جامعة مانشستر كوليدج تواصل خمسة من أصدقائه بالشرطه محذرين من أفكاره المتطرفة، عندما تحدث عن إعجابه بالإرهابيين وأنه لا يرى الاستشهاد خطأ

صرح امام السيد محمد سعيد الصايتى إمام المركز الإسلامى فى مانشستر والمعروف باسم مسجد دودزبيرى ان السيد عبيدى ابدى الكثير من تطرفه بعد ما خطب امام المسجد خطبة عن تنظيم داعش [18]

اكتشفت السلطات فى مانشستر صفحة على الفيسبوك بإسم يوسف حنا ( وهو إسم مستعار) ولكن اثبتت الصور التى احتوتها الصفحة انها تخص رمضان عبيدى والد سلمان..وعليها بوست يصور فيه ابو انس الليبى ( المتهم بتفجير سفارات أمريكا فى كينيا وتنزانيا) على انه اسد..وقال حرفيا فى بوست ارسله فى اكتوبر 2013 ” نبى نعرف كم واحد حاطط صورة هذا الأسد فى بروفايله…الطحالب يمتنعون”  ومنذ ذلك التاريخ لم يتم كتابة اى بوستات على الحساب..كما احتوىت الصفحة على صور لميليشيات مسلحة رجحت ان يكون رمضان عبيدى احد رجال تنظيم عبد الحكيم بلحاج المعروف بأسم جماعة الجهاد الليبية الإسلامية  [19]

خوارزم شاه زاد بات: أحد منفذى هجوم لندن بريدج 3 يوينو 2017

فى الفيلم الوثائقى المشهور “The Jihadis Next Door”. كان قد ظهر شخصاً يحمل علم تنظيم داعش، إسمه ” خورام شاه زاد بات ” البالغ من العمر 27 عاماً  [20]  ،  وقد كان خوارزم شاه    قد خضع للتحقيق بسبب التطرف عام 2015، لكن الشرطة قالت إنها لم تجد أي أدله تشير إلى تخطيطه لهجوم مفترض.

يعد الرجل الثانى فى تنظيم المهاجرون الذى يقوده انجم شودرى والذى تمت محاكته عام 2016 بتهمة دعوة مسلمى بريطانيا للإنضمام لتنظيم القاعدة وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة أعوام.

فى عام 2015 تلقت المباحث الفيدرالية الأمريكية معلومات من عميلها فى بريطانيا جيسى مورتون يحذر فيها من نشاطات خورام شازاد على صفحات التواصل الأجتماعى الخاصة بتنظيم المهاجرون, كما حذرت السيدة جاسبارى من محاولة خورام أسلمة ابنها وإتصلت بالشرطة ولكنها لم تتلقى رد..رفم انها ارسلت صورة لخورام مرفقة برسالتها للشرطة بحسب ما صرحت به السيدة جاسبارى لصحيفة الجارديان [21]

فى عام 2017 ظهر فى هذا الفيلم مسنفيداً من القوانين البريطانية بشأن حماية الحريات متحدثاُ بأفكار متطرفة وداعياً لتحكيم الشريعة فى بريطانيا هو ورفاقه، وكان ختام هذة المسيرة المتطرفة تحت تغاضى المؤسسة الأمنية البريطانية أن قام بأحد عمليات الذئاب المنفردة

كانت معلومات قد تم تداولها تشير الى ارتباط شاه زاد بات، بالخلية التي نفذت سلسلة الهجمات الدامية في يوليو 2005 المعروفة بهجمات 7/7. حيث قدم المساعدة لمنفذى الهجوم، خصوصاً أنه كان على صلة بالانتحارى محمد خان الذى قجر نفسه فى الهجمات التى راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلاً.

يوسف زغبا: أحد منفذى هجوم لندن بريدج  3 يوينو 2017

ايطالى من أم مغربية, يبلغ من العمر 22 عاماً، تم توقيفه فى مطار بولونا فى ايطاليا عام 2013 عندما اراد السفر الى سوريا حاملا تذكرة ذهاب فقط, وجدت اجهزة الشرطة ادوات دعاية لتنظيم داعش على الكمبيوتر الشخصى الخاص به,إلا أن السلطات الإيطالية قامت بإخلاء سبيله لانه لم تثبت ضده اى تهمة ولكنهم ابلغوا السلطات البريطانية فيما بعد انه شخص تحوم حوله الشكوك.

فى إيطاليا انضم يوسف زغبا لتنظيم المهاجرون الذى يعد التنظيم الأخطر من حيث عدد من استطاع ضمهم الى تنظيم داعش فى سوريا حيث تقول الإحصائيات ان هذا التنظيم مسؤوا عن ضم مالا يقل عن ثلث اعضاء داعش من المسلمين الأوروبيين وقد تم تكوين هذا التنظيم ( المهاجرون) عن طريق عمر بكرى وأنجم شودرى ، وكان هذا التنظيم مسؤولا عن الأحداث التى هزت مطار لندن عام 2005 . [22]

يكشف تقرير جهاز الأمن الداخلي في بريطانيا الصادر في مارس 2017، بعنوان “عمليات مؤسسات الشرطة لتطبيق قانون مكافحة الإرهاب”، عن محدودية عدد الذين تم القبض عليهم باتهامات ترتبط بالإرهاب، إذ لم يتجاوز عددهم بداية من عام 2016 حتى مطلع عام 2017 حوالي 260 متهمًا مقارنة بحوالي 282 متهمًا في عام 2015، ويتضمن التقرير عدة دلالات أساسية، منها تراجع عدد قضايا الإرهاب، حيث  يشير التقرير إلى أنه من بين 260 تم القبض عليهم للاشتباه في اتهامات تتعلق الإرهاب بداية من عام 2016 حتى مطلع عام 2017، لم يتم توجيه اتهامات رسمية إلا لحوالي 79 متهمًا، وتم إطلاق سراح 68 آخرين دون اتهامات، بينما تم الإفراج عن 90 منهم بكفالة مالية.

من بين المتهمين البالغ عددهم 79 لم تتم محاكمة سوى 31 منهم، ولم تصدر أحكام قضائية بالإدانة إلا على حوالي 28، من بينهم 7 متهمين تمت تبرئتهم من اتهامات الإرهاب، في مقابل إصدار أحكام قضائية ذات طابع جنائي ضدهم، وهو ما يكشف مدى بطء وتيرة إجراءات التقاضي في قضايا الإرهاب.

كيف يتم التجنيد؟

فطن قادة التطرف فى بريطانيا مؤخراً لإحتمالات أن تقوم الشرطة برصد المراكز الإسلامية، لذلك وبحسب أحد التقارير الصادرة عن شرطة برمنجهام فإن المسؤولين عن تجنيد الشباب المسلم قد وضعوا خطط بديلة للتجنيد داخل صالات الجيم والمقاهى الصغيرة التى يرتادها الشباب [23]... لذا يجب وضع احتمالات الخطط البديلة للتصدى فى الإعتبار

العديد من المتطرفين المحتملين أو المتطرفين الفعليين لا تظهر عليهم علامات التطرف قبل إنخراطهم فى العمل المسلح، لذا من الصعب تعقبهم، كما أن محاولة التواصل مع الأسر لمعرفة إن كان أبنائهم قد ظهرت عليهم علامات تطرف يبدو أنه أمر صعب، لذا يجب أن تقوم المؤسسات المعنية بالبحث عن برامج تعقب ورصد ومنع، فالعديد من الأباء وبعد إكتشاف مقتل أبنائهم فى سوريا أو إنخراطهم فى العمل المتطرف يؤكدون أن ابنائهم حتماً قد وقعوا أسرى لأشاص اخرين قد استطاعوا السيطرة على عقولهم وتجهيزهم للسفر.

يعتمد المتطلعون للإنضمام إلى تنظيمات إسلامية متطرفة على الإنترنت فى تشكيل البنية المعرفية بمفهوم الجهاد، وتكون منصات تويتر وفيسبوك والمنتديات الجهادية سبيلا لذلك الأمر، إلا أنه قد تم رصد أحد الطرق مؤخراً للحصول على هذة المعرفة ايضاَ عبر شراء الكتب الدينية من خلال ” أمازون” .

كشف تقرير مجلس العموم البريطاني الصادر فى يونيو 2016 عن الإرهاب في بريطانيا عن تصاعد معدلات التطرف بين الشباب، حيث بلغت نسبة المتهمين من الشباب بين 25 و29 عامًا في جرائم الإرهاب منذ عام 2001 حتى يونيو 2016 حوالي 24% مقارنةً بحوالي 47% للشباب فوق سن ثلاثين عامًا، بينما بلغت نسبة الشباب في الفئة العمرية بين 21 و24 عامًا حوالي 17%، وهو ما يكشف تركز اهتمامات الإرهاب في الفئات العمرية المختلفة للشباب، وانخراط نسبة كبيرة من الشباب في سن النضج في التنظيمات المتطرفة، وهذا التجنيد لن يتم إلا فى الأماكن التى يرتادها هؤلاء الشباب بشكل كبير. [24]

يشير تقرير مؤسسة هنرى جاكسون إلى أن نسبة 93% من الأرهابيين فى بريطانيا من الذكور ونسبة 7% من الإناث.

يبلغ متوسط عمر النسبة الغالبة من الإرهابيين حال القبض عليهم 22 عاما.

نسبة 72% من الإرهابيين يحملون الجنسية البريطانية.

نسبة 16% من الإرهابيين تحولوا الى الإسلام من أديان أخرى.

نسبة 26% من الإرهابيين خضعوا لتحقيقات مسبقة.

نسبة 76% من الأرهابيين كانوا معروفين لدى السلطات.

نسبة 44% من الإرهابيين مرتبطين بمنظمات إرهابية مدرجة فى قائمة المنظمات المحظورة.

نسبة 22% من الإرهابيين مروا بعمليات تدريبات فى معسكرات [25]

دور الأئمة والمساجد فى إنتاج التطرف

تعانى أوروبا فى العموم من خلل فى معرفة خريطة المساجد والأئمة القائمين على الخطبة، حيث تتشارك العديد من المنظمات الإسلامية ومنها منظمات تحمل فكراً متطرفاً فى إدارة هذة المساجد ونشر الفكر المتطرف المعادى للدول التى تقوم عليها هذة المساجد نفسها.

حيث تتداول خطباً تحمل أفكاراً متطرفة وتحرض على المواطنيين فى أوروبا سواء كانوا مسيحيين أو يهوداً أو من أصحاب معتقدات أخرى باعتبارهم كفاراً .

تم تسجيل خطباً تحمل هذة الدعاوى فى بريطانيا، ومنها خطباً من مسجد ” جرين لاين” فى برمنجهام ، حيث وصف إمام المسجد وإسمه “أبو أسامه” اليهود والمسيحيين بأنهم كذابون وكفاراً ، وانه يجب كرههم، وأنه يجب على المسلمين أن يعيشوا فى دولة تحكم بالشريعة الإسلامية، وعندما تتحقق هذة الدولة يجب القيام بقتل هؤلاء الكفار.. [26]

بعد عملية ” شارلى أيبدو” 2017 فى فرنسا، أكد وزير الداخلية الفرنسي “برنار كازنوف” بأن هناك إجراءات صارمة لترحيل كل خطيب يحض على الكراهية” ، كما أن رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، كان قد أرسل برسالة إلى أئمة المساجد فى بريطانيا، جاء فيها ( علينا أن نظهر لشبابنا الذين يمكن أن يُستهدَفوا، أن المتطرفين لا يملكون شيئًا ليقدموه لهم، عليكم أن تظهروا لهم أن هؤلاء الرجال الذين يكنون الكراهية، لا مكان لهم في مساجدكم أو أي مكان عبادة) . قوبلت رسالته حينها بانتقادات من قبل الجمعيات الإسلامية هناك، ليرد كاميرون مدافعًا عن رسالته: (إن أي شخص يقرأ الرسالة، ويجد فيها مشكلة يعاني هو نفسه في رأيي من مشكلة حقيقية) … وهذا دليل على وجود أزمة فكرية داخل المساجد

يجب التنبيه على أن الحالة المعرفية للائمة إنما تساعد على تسهيل نشر خطاب العنف والكراهية فى أوروبا، فالعديد ممن يقومون بالخطبة فى المساجد ليسوا خريجى مدارس دينية، بعضهم عمالاً أو من هؤلاء الذين تسيدوا المنابر لصلاتهم ببعض المنظمات الإسلامية فى أوروبا، وبعضهم ضحل الثقافة ولا يعرف الإنجليزية، الأمر الذى يعيق تواصلهم وإندماجهم فى المجتمع، ويسهل استمرارية حملهم للأفكار المتطرفة، ومن ثم نشرها فى الأرجاء.

يجب التأكيد على أن الكثير من الأئمة يأتون الى بريطانيا بعد أن تلقوا تعليمهم أو تدريبهم في بلدان أخرى مثل باكستان وبنغلادش، وللأسف يأتون الى بريطانيا بأفكار ومفاهيم لا تتناسب والحياة فى بريطانيا.، بل وتتسم في أحيان كثيرة بالتشدد.

يواجه الشباب المسلم فى بريطانيا مشكلة فى التواصل مع أئمة المساجد، حيث أن غالبيتهم قادمين من الخارج وكبار فى السن ، الأمر الذى لا يساعد على التواصل بين الإمام المُسن ومرتادي المسجد من الشباب، وهذا الوضع يؤثر سلبيا على طبيعة الدور المُفترض أن يلعبه المسجد والإمام في تأهيل وتثقيف الشباب المسلم

الغالبية العظمى من الأئمة الأجانب الذين يشرفون على المساجد والمراكز الإسلامية في بريطانيا غير مطلعين بشكل كاف على النظام السياسي والاجتماعي والقانوني والاقتصادي في بريطانيا.

قطاع عريض من الأئمة يأتى إلى بريطانيا وهو حاملاً الأعراض الطائفية من بلده الأم، أو يتم نقل هذة الأعراض إلى الداخل الأوروبى عبر الإنترنت أو عبر منظمات إسلامية تحض على الكراهية، وبذلك يمكن القول أن أوروبا وبريطانيا على وجه الخصوص باتت أرضاَ خصبة لاستقطاب الإضطرابات الطائفية والمذهبية من العديد من البلدان، والتى يتم نشرها على الأرض الإنجليزية عبر العديد من الأدوات أهمها أئمة المساجد، حيث نجد مثلاً أن أحد أئمة المراكز الإسلامية، وهو هندى مسلم قد قرر أن يحرض المسلمين الذين يخطب فيهم بخطاب كراهية ضد الهندوس من بنى وطنه، ساخراً من معتقدات الهندوس وطريقة عبادتهم، الأمر الذى يعمل على تغذية نار الصراع الطائفى وتعزيزه فى بريطانيا ونقله إلى بلاد أخرى أيضاَ.  [27]

يدعو بعض الأئمة فى المراكز الإسلامية فى بريطانيا إلى النيل من الكفار وقتلهم، بل وقتل من ترك الإسلام ، كذلك قتل المتحولون جنسياً والذين يمارسون الجنس مع بعضهم البعض عن طريق رميهم من أماكن عالية، وهى نفس طريقة القتل التى استخدمها تنظيم داعش  عندما قتلوا رجلاً  فى سوريا إدعوا أنه مارس الجنس مع رجل أخر [28]، بالإضافة إلى الدعوة نحو تعميق كراهية الكفار (غير المسلمين) فى بريطانيا الكافرة ومنع الإبتسامة فى وجوههم.  [29]

يفاجىء بعض الأباء لاحقاً بأن ابنائهم قد التحقوا بتنظيم داعش، سواء عبر السفر الى مناطق سيطرة التنظيم أو عبر التحول الى ذئاب بشرية، ويشير بعض ممن تم إجراء مقابلات معهم أنهم لم يلمحوا أى تغييرات على أبنائهم قبل هذا الإنخراط سوى التغيب عن اللقاءات الأسرية والبقاء وحيداً أكبر وقت ممكن، إلا أنهم لم ينتبهوا للأمر ظناً منهم أنها تغييرات سن المراهقة، إلا أن السيد ” وليد الراج” مسلم بريطانى والذى أجرى حواراً صحفياً بعد مقتل ابنه ” محمد” فى سوريا قد قال أن ابنه كان كثير التواجد خارج المنزل، وبسؤاله عن السبب فإنه كان يرد قائلاً” كنت فى المسجد”، ولاحقاً اكتشف ان ابنه البالغ من العمر 22 عاماً كان قد انضم لتنظيم داعش ثم سافر إلى أن قتل هناك [30]

أثناء التحقيقات، يكون هناك إجابة واحدة من أمهات المتطرفين، وهى” لم يعلمنا أحد ولم يعلموا ابناءنا طرق التصدى لمحاولات التجنيد ” لذا فإنه من الواضح وجود نظام ” دفاع مجتمعى ” ضعيف غير قادر على التصدى للدعاية المتطرفة.

دور السجون فى إنتاج التطرف

مؤخراً، تم استخدام مصطلح ” أمراء السجون” للدلالة على سيطرة قادة التطرف الموجودين داخل السجون الاوروبية، حيث استطاع هؤلاء الأمراء تشكيل خلايا ومجموعات داخل أماكن الإحتجاز، الأمر الذى دفع السلطات إلى نقل المتشددون إلى سجون عالية الحراسة، سجون داخل السجون.

إلا أن سياسة ” سجون داخل السجون” ربما تأتى بنتائج عكسية،   حيث حذر ستيف جيلان – الذى شغل منصب الأمين العام لرابطة ضباط السجون – من أن وحدات العزل المتخصصة يمكن ان تتحول الى خليج جوانتانامو بريطاني يمنح السجناء “المصداقية والمكانة” قائلاً:    “أنت تجعل قضيتهم سياسية، وتعطيهم المصداقية قبل أن تعرف أنك أنشأت خليج جوانتانامو بريطاني. إننا دولة كبيرة ولدينا نظام توزيع سليم لا يعطي هؤلاء الأفراد مصداقية أو الأهمية التي لا شك أنهم سيحصلون عليها في ظل هذه الوحدات “

لذا فإن برامج كبح التطرف ربما تكون أكثر فاعلية، إلا أنه يجب الحذر أثناء إختيار أئمة السجون، يجب أن يكونوا مؤهلين للهدف الذى اختيروا من أجله، حيث كانت تقارير[31] استقصائية قد أكدت على أن بعض أئمة السجون ينشرون الفكر المتطرف والكراهية، على عكس ما تم إختيارهم بشأنه، ذلك عبر توزيع كتيبات تحمل أفكاراً متطرفة، وفى تقرير تم تسليمة للحكومة، كان المحققون قد وجدوا أوراق دعائية تشجع على قتل الكافرين, ومنشورات تحض على معاداة النساء وكراهية المثليين وكتيبات إسلامية متطرفة تدعو إلى ازدراء المجتمع البريطاني، وبحسب نفس التقرير فقد وجد المحققون أن رجال الدين في عدة سجون, والذين تعينهم وزارة العدل, يشجعون السجناء على جمع التبرعات لجمعيات خيرية إسلامية مرتبطة بالإرهاب الدولي.

وجدت المراجعات أيضًا أن الكثير من رجال الدين لم يكونوا مستعدين لأعمال مواجهة التطرف, والذي كانوا أحيانًا لإنهم تنقصهم القدرة ، أو أنهم لا يملكون الرغبة فى ذلك لعدم إقتناعهم بالشكل الكافى.

نظراً للقوة التى تتمتع بها المجموعات الإسلامية فى السجون البريطانية، فإن الكثير من المجرمين يتحولون إلى الإسلام داخل السجن لكسب حماية العصابات المسلمة ( أحد هؤلاء شخص إدين بجريمة قتل إسمه “ليفى بيلفيلد والذى تحول إلى الإسلام داخل السجن وغير إسمه الى يوسف رحيم” إتهمته مصادر السجن باعتناق الدين فقط للحصول على مزايا خاصة, مثل الطعام الحلال والمزيد من الوقت خارج زنزانته من أجل الصلاة. وقال  إتحاد ضباط السجون أن هناك عدد كبير مما يُسمى “مسلمي المصلحة” الذين يعتنقون الدين لإنهم يريدون استغلال النظام…. وحتى لو لم يتحول هؤلاء إلى الفكر المتطرف وظلوا تحت تعريف “مسلمى المصلحة” فهم يشكلون مصدر قوة للجماعات الإسلامية فى داخل السجن نظراً لأنهم يرفعون أعداد المسلمين فى الداخل بما يشكل أحد مصادر الشعور بالقو

كان محام بارز قد قال للمحكمة الجنائية المركزية بوجود ضغط “للامتثال إلى آراء دينية معينة” في سجن بيلمارش بسبب القوة التي يحظى بها السجناء المسلمون المتطرفون.[32]

لماذا تفشل بريطانيا فى مواجهة التطرف؟

وضعت بريطانيا العديد من المشاريع بخصوص إعادة دمج غير البريطانيين فى أصولهم داخل المجتمع، سواء من خلال المؤسسات المدنية أو الجامعات، إلا أن أى من هذة المشاريع لم تنجح بشكل كامل، لأنها تكون وليدة الأزمة وليست مشروع لذاته وذو هدف مستدام، كما أنها تعانى من ضبابية كبيرة، ويراها البعض وهمية وغير واقعية ، لأن التدخل السريع لمنع تمدد التطرف هو الحل، خصوصاً فى ظل وجود شخصيات ومؤسسات تحمل فكراً متطرفاً أو داعماً للتطرف فى بريطانيا وأوربا، لذا فإن الأولوية تقتضى التعامل مع هذة المؤسسات أولاً لحساسية عامل الوقت.

من الملاحظ أن جهود الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب في مجملها، خليط من البيروقراطيات والإجراءات. فالدول صغيرة الحجم قد اعتمدت منذ سنوات على جهود الإنفاذ التي تبذلها الدول الكبرى. واستغلت شبكات المقاتلين الأجانب العائدين من داعش ثغرات الاتحاد الأوروبي، لتضرب القارة حيث مكمن ضعفها. خصوصاً أن بعض الدول الصغيرة  مثل الدنمارك وهولندا ليس لدىها منظمات استخباراتية كبيرة أو قدرة كافية على التحقيق في متابعة شبكات داعش ذات الخبرة التي تتغلغل عبر الحدود وتتواصل سرًّا   .[33]

الدول الأوروبية لا تتشارك المعلومات الاستخباراتية ولا تتقاسم رؤاها بالسرعة التي يقوم بها خصومها من الإرهابيين. ورغم أن اليوروبول والإنتربول يفعلان ذلك نوعًا ما، إلا أنهما لا يملكان السلطة أو ما ينتج عنها من تجهيزات لاجتياز الشبكة المعقدة للحدود الأوروبية والإجراءات، وعرقلة الإرهابيين الذين يعملون دون عائق.

يلاحظ أن أوروبا لم تستطيع حتى الأن فهم ماهية التطرف والجماعات المتطرفة بقدر بعض الدول العربية التى أنتجت تقارير ودراسات عن هذا الأمر ، الأمر الذى يترتب عليه إفتقار تام للمعلومات الأساسية حول أنشطة هذة الجماعات وفكرها وأهدافها وتأثيرها على المسلمين فى أوروبا.

المشكلة التي تعاني منها بريطانيا، تحديدا ربما في مجال الاستخبارات اكثر من الجانب الشرطي الامني، فمازالت بريطانيا تشهد عمليات ارهابية ينفذها عناصر ذات سجل جنائي وارهابي، دون منعها، وهذا مايعتبر مأخذ على الاستخبارات البريطانية.العمليات الارهابية التي شهدتها بريطانيا، تكشف بانها مازالت، غيرجاهزة بعد لمواجهة التطرف والارهاب، فمازالت جماعات “الاسلام السياسي”  تنشط على الاراضي البريطانية، بكل درجات تطرفها وانواعها، مع توقعات ان بريطانيا ممكن ان تشهد عمليات ارهابية متكررة، وهذا يعود الى حقيقة بان بريطانيا لم تحسم بعد موقفها منتلك الجماعات.

لقد اصبحت بريطانيا بالفعل، اكثر عرضة لعمليات ارهابية، بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي، وهذا يعني ان ما كانت تتوقعه بريطانيا ان تكون اكثر امنا بخروجها، هو غير صحيح، وان امن بريطانيا لم يعد مهددا من الخارج ومن موجات اللاجئين والهجرة، لكن بريطانيا مازالت مهددة من الداخل. فالعمليات التي نفذت في بريطانيا وفي دول اوروبا في الغالب هم مواطنون تلك الدول

التهديدات الامنية الى بريطانية في الغالب هي تهديدات داخلية، التقارير كشفت بان مايقارب 75% من العمليات الارهابية التي تم تنفيذها في بريطانيا، كانت من الداخل، تجدر الإشارة إلى ان تنظيم داعش، سرح اعداد كبيرة من المقاتلين الاجانب من سوريا والعراق بعد تعهدهم بتنفيذ عمليات ارهابية في اوطانهم ، اوربا.

توصيات

يمكن ملاحظة ضعف إستجابة العديد من أجهزة أوروبا أثناء العمليات الإرهابية ، لذا يتوجب إنشاء لجان للتحقيق فى إخفاقات الاستخبارات وإعادة العمل على تصميم مراحل العمل التى تحتاج إلى وقت كبير يسهل أثناءه قيام المتطرفين بعملياتهم.

يجب أن يتم بناء حالة من المشاركة بين العديد من الأطراف والمؤسسات لقطع الطريق على من يفكر فى الإنخراط فى التطرف، على أن تبدأ هذة الحلقة من إمام المسجد وأحد المؤسسات الرسمية فى المحتمع المحلى والمصحات النفسية، على أن يشارك فيها أفراد من الشرطة ومؤسسات أمنية لوضع أفضل خطط للتعقب إذا كان الإنخراط قد حدث، أو للعلاج اذا لم يكن قد حدث

الدول الأوروبية لا تتشارك المعلومات الاستخباراتية ولا تتقاسم المسؤوليات، ورغم أن اليوروبول والإنتربول يفعلان ذلك نوعًا ما، إلا أنهما لا يملكان السلطة أو ما ينتج عنها من تجهيزات لاجتياز الشبكة المعقدة للحدود الأوروبية والإجراءات، وعرقلة الإرهابيين الذين يعملون دون عائق، لذا يجب العمل على إنشاء هيئة تنسيق أمنى مشتركة تهتم بالبعد الاستخباراتى.

وتيرة الهجمات تشير إلى أن العمليات المستقبلية ستكون قريبة ومتشابهة. ولذلك فبدلا من إعادة تصميم بيروقراطية مكافحة الإرهاب ببطء، ينبغي أن يبدأ الاتحاد الأوروبي على الفور إنشاء فرقة عمل تركز بشكل حصري على تهديدات داعش لأوروبا. وفي حالات مثل الاتحاد الأوروبي اليوم، تثبت فرق العمل أنها أكثر فعالية من البيروقراطية. وإذا أذن لهم، يمكنهم تنظيم الموارد بسرعة حول القضايا القديمة، وإناطة المهمة والمسئولية إلى كيان واحد، وتوفير غطاء أعلى للمحققين يتجاوز الولايات القضائية، وتسهيل تبادل المعلومات الاستخباراتية الهامة، وتحقيق قدرات أعلى في المناطق التي كانت تفتقر إليها في السابق، والتغلب على التحديات اللغوية وإنشاء تسلسل قيادي واضح لصنع القرار

تعرف بعض الدول الأوروبية أن هناك بعض الأحياء التي تعد ملاذًا آمنًا للإرهابيين في الدول المجاورة، مثل فرنسا في حالة مولنبيك، ولكنها تفتقر إلى السلطة والقدرة على توفير عناصر الاستخبارات البشرية بشكل مناسب بين سكان تلك الأحياء. ويمكن أن تساعد فرقة العمل على القضاء على هذا النقص.

كان لبريطانيا تجربة مميزة عبر إدماج مواطنيها المسلمين في الجيش البريطاني، ومنحهم المزايا وإعداد البرامج التي تساعدهم على عملية الاندماج الوطني، والشعور بأنهم يعملون ضمن جيش بلدهم وليس مجرد عناصر مسلحة تقوم بمهمة مسلحة، وإنما هي مهمة وطنية. وعلى ذلك يجب أن تعمل الحكومة البريطانية على ادماج مسلميها ضمن برنامجها الوطني ومبادئ المواطنة.

هناك حتمية لتوطين الدعاة ورجال الدين المسلمين بما يخضعهم لمعايير وطنية ومناهج دينية تحترم الدولة والنظام ومعايير المواطنة.

الجالية المسلمة تُدار من الخارج! هذا أول خطأ وهو أول هدف يجب إصلاحه، يجب إعادة دفّة الحراك الفكري إلى الداخل البريطاني وفق معايير خطة الدمج والمواطنة. فلابد من بناء هويّة وفق محددات واضحة، فأكثر مشكلات الجاليات المسلمة المتنامية وخاصة البريطانية سببها (الهوية): هل أنا بريطاني مسلم .. أم مسلم بريطاني؟ خاصة ممن أصولهم ترجع إلى جنسيات أخرى. ولذلك من المهم بناء هوية للبريطاني المسلم.

يجب أن يتم تعزيز القدرات الإستخباراتية، وتعزيز اللقاءات بين عائلات المقاتلين الذين خرجوا إلى مناطق الصراع للحصول على أكبر قدر من المعلومات، ويجب أن تكون قنوات الاتصال مع هذة العائلات بشكل لائق، لتعزيز أواصر الثقة، وأن يكون التعامل من خلال مؤسسات مدنية لا مؤسسات شرطية، على أن تكون المؤسسات الشرطية قد رتبت الأمر سابقاً مع هذة المؤسسات المدنية الاجتماعية.

يجب أن تركز مكافحة الإرهاب على إطار تشريعى يوفر الظروف المناسبة لتجريم الجنايات التمهيدية، فبالنظر الى معظم العمليات التى تمت فى أوروبا، فإن الإرهابيين قد تم وضعهم تحت الملاحظة لكن لم يتم اتخاذ قرار قضائى رادع بحقهم.

.يجب الإعتماد أكثر على مفهوم ” الشرطة المجتمعية” أو كما تسميه توصيات الأمم المتحدة ” الخفارة المجتمعية” التى تعمل من خلال مشاركة بين الشرطة المؤسسات الاجتماعية المدنية المحلية.

عن "مركز الإنذار المبكر"

الصفحة الرئيسية