كيف تكونت شبكة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية؟

كيف تكونت شبكة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية؟

كيف تكونت شبكة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية؟


07/05/2025

في العام 1962 تأسّس اتحاد الطلاب المسلمين على يد مجموعة من الإخوان في أمريكا الشمالية، وأصبحت اجتماعات الإخوان تجري في مؤتمرات ومعسكرات اتحاد الطلاب". وفي العام التالي تم إنشاء هيكل تنظيمي أكثر رسمية من قبل اثنين من أعضاء الإخوان، أحمد توتونجي وجمال برزنجي، اللذين ساعدا في تأسيس رابطة الطلاب المسلمين (MSA) في جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين. وفي سنواتها الأولى وزعت رابطة الطلاب المسلمين في اجتماعات فروعها ترجمات إنجليزية لكتابات حسن البنا وسيد قطب وغيرهما من المنظّرين الإسلاميين. ومن ثمّ تمّ تجنيد الأعضاء المسلمين العرب في رابطة الطلاب المسلمين الذين تبنوا هذه الإيديولوجيات في جماعة الإخوان

وقاد برزنجي وتوتونجي وزميل ثالث للإخوان يُدعى هشام الطالب تأسيس الاتحاد الإسلامي الدولي للمنظمات الطلابية (IIFSO) في العام 1969. وكان توتونجي أوّل أمين عام له، وشغل صديقه هشام الطالب منصب نائب الأمين. وجميعهم ولدوا في كردستان العراق، وبعد إكمال دراستهم في المملكة المتحدة، جاؤوا إلى الولايات المتحدة للدراسات العليا ولكن أيضًا لمواصلة تنظيم أنشطة الشباب المسلم. لعب هؤلاء الرجال الثلاثة دورًا حاسمًا في التأسيس الأصلي للإخوان، والمأسسة الرأسية والأفقية في الولايات المتحدة على مدى عقود، وتطوير الروابط بين الإخوان الأمريكيين وشبكات الإخوان الدولية الأخرى.

أذرع متعددة لتنظيم واحد

في العام 1973 ساهم برزنجي والطالب أيضًا في تأسيس الصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية (NAIT). ووفقًا لوثائق تأسيسه، كان الغرض من الصندوق هو "خدمة المصلحة العليا للإسلام وجمعية الطلاب المسلمين في الولايات المتحدة وكندا" من خلال إنشاء مؤسسة غير ربحية معفاة من الضرائب (تُعرف بالعربية باسم الوقف). وقد تلقى الصندوق مبالغ طائلة، ممّا سمح له بتشكيل مجموعة متنوعة من الجمعيات المهنية الإسلامية، بالإضافة إلى بناء المدارس والمراكز الإسلامية ودور النشر.

أحد مؤسسي المعهد العالمي للفكر الإسلامي في أمريكا: جمال برزنجي

وبحلول أواخر سبعينيات القرن العشرين أصبح من الواضح أنّ العديد من الطلاب الذين قدموا إلى الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وجنوب آسيا لم يعودوا إلى ديارهم. وفي أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979 تدفق المزيد من الأموال والأدبيات إلى البلاد. وخلال هذه الفترة تلقت NAIT أموالاً وتمكنت من السيطرة على المساجد الأمريكية، ومع الوقت أصبحت تمتلك ما يقرب من (300) مركز إسلامي ومسجد ومدرسة في الولايات المتحدة. وتشير وثائق أخرى لـ NAIT إلى أنّها في عام 2002 كانت تملك صكوك ملكية 20% من حوالي (1200) مسجد في أمريكا في ذلك الوقت.

كما أسّس عدد من المرتبطين برابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي المعهد العالمي للفكر الإسلامي عام 1981، وهو مركز أبحاث مُكرّس لـ"أسلمة المعرفة". على سبيل المثال، بعد هذه الأسلمة أعيد تسمية إسبانيا بشكل دائم بـ "الأندلس". ومن بين مؤسسي المعهد العالمي للفكر الإسلامي (IIIT) برزنجي وتوتونجي، بالإضافة إلى عبد الحميد أبو سليمان، (كان قائدًا للمنتدى العالمي للشباب الإسلامي مع برزنجي)، ويعقوب ميرزا (الرئيس التنفيذي لمؤسسة SAAR المنحلة، وهي منظمة لجمع التبرعات مرتبطة بحماس)، وسيد سعيد (رئيس اتحاد الطلاب المسلمين آنذاك)، وأنور إبراهيم (مؤسس حركة طلابية ماليزية (ABIM) تابعة للمنتدى العالمي للشباب الإسلامي، ونائب رئيس وزراء ماليزيا لاحقًا). 

انضم لاحقًا إسحاق أحمد فرحان، وزير التعليم الأردني السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. ويؤكد المعهد العالمي للفكر الإسلامي (IIIT) أنّه "يدعم مشاريع بحثية تدرس إعادة بناء الفكر الإسلامي والنظرة العالمية بناءً على مبادئ القرآن الكريم والسنّة النبوية". 

اختراق الجيش الأمريكي

أقنع المعهد الدولي للفكر الإسلامي (IIIT) حكومة الولايات المتحدة أيضًا بضرورة أن تكون المرجع الرسمي للإسلام في الجيش الأمريكي. في الواقع، كُلِّف عبد الرحمن العمودي، وهو زميل مقرب من قيادة المعهد، من قِبَل الحكومة الأمريكية عام 1991 باختيار رجال دين مسلمين للجيش الأمريكي. وأصبح العمودي شخصية سياسية بارزة في واشنطن، وكان ضيفًا متكررًا للرئيسين كلينتون وبوش في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الثانية. هذا الرجل الذي كان يُشاد به سابقًا باعتباره معتدلًا للغاية، أُدين لاحقًا بتهم الإرهاب وحُكم عليه بالسجن (23) عامًا. كما كشفت وزارة الخزانة الأمريكية لاحقًا أنّ العمودي قد حوّل أكثر من مليون دولار إلى فرع لتنظيم القاعدة في المملكة المتحدة. 

ومن المنظمات الرئيسية الأخرى التي تأسست عام 1981 بمشاركة كيانات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين الأمريكية، مثل اتحاد الطلاب المسلمين (NAIT) واتحاد الطلاب المسلمين (MSA)، الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)، التي تصف نفسها بأنّها منظمة جامعة لجميع المسلمين في أمريكا الشمالية. تأسست ISNA في ولاية إنديانا في 14 تموز (يوليو) 1981 "لدعم قضية الإسلام وخدمة المسلمين في أمريكا الشمالية لتمكينهم من تبنّي الإسلام كأسلوب حياة كامل". 

وتمثل ISNA امتدادًا لاتحاد الطلاب المسلمين. ووفقًا للوثائق الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين، "تطور اتحاد الطلاب المسلمين ليصبح الجمعية الإسلامية في أمريكا الشمالية (ISNA)، ليشمل جميع الجماعات الإسلامية من المهاجرين والمواطنين، وليكون نواة للحركة الإسلامية في أمريكا الشمالية". 

من المنظمات الرئيسية الأخرى التي تأسست عام 1981 بمشاركة كيانات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين الأمريكية، مثل اتحاد الطلاب المسلمين (NAIT) واتحاد الطلاب المسلمين (MSA)، الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA)

نفوذ إخواني 

من المفيد أن نمعن النظر في (3) فقط من الرجال الذين أسسوا أو أداروا منظمة ISNA. خلفيتهم السلفية واضحة، وكذلك صلتهم بمنظمات أخرى مرتبطة بالإخوان المسلمين أُنشئت داخل الولايات المتحدة. 

ساهم سيد سيد في تأسيس منظمة ISNA. وبعد هجرته إلى الولايات المتحدة، تخرج في جامعة إنديانا عام 1984، ويبدو أنّه قضى حياته المهنية بأكملها يعمل في منظمات مرتبطة بـ ISNA. شغل منصب الأمين العام لها، ويشغل حاليًا منصب المدير الوطني لمكتب التحالفات بين الأديان والمجتمعات التابع لها. كما شغل سيد منصب رئيس رابطة الطلاب المسلمين، والأمين العام لـ IIFSO، وهو عضو في المجلس الاستشاري لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR)، وهي جماعة ضغط مقرها واشنطن . ومن المثير للاهتمام أنّ سيرته الذاتية الرسمية تغفل أنّه شغل منصب مدير التواصل الأكاديمي في المعهد الدولي للفكر الإسلامي (IIIT) من عام 1984 إلى عام 1994.  

جمال بدوي هو قائد بارز آخر في الجمعية الإسلامية الأمريكية. وُلد بدوي في مصر وحصل على درجة البكالوريوس في الاتصالات من جامعة عين شمس بالقاهرة، والتي تُعرف الآن بأنّها كانت مركزًا لنشاط الإخوان المسلمين خلال أعوام بدوي هناك. 

هاجر بدوي إلى الولايات المتحدة عام 1963 للحصول على درجة الدكتوراه في الإدارة من جامعة إنديانا، وانضم إلى فرع الجمعية الإسلامية الأمريكية المحلي. وكان بدوي عضوًا في مجلس مستشاري الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية منذ عام 1988، وخدم في مجلس إدارة الجمعية من عام 1991 حتى عام 1993. وهو أيضًا عضو في اللجنة التنفيذية لمجلس الفقه الأمريكي، الذي يُدار كمجموعة تابعة للجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، ويتألف من مجموعة من العلماء المسلمين الذين يجيبون عن أسئلة الفقه ويصدرون الفتاوى الدينية. 

منظمة كير ودورها في التمكين الإخواني

في أعقاب اجتماع عقد في فيلادلفيا عام 1993 بين قادة جماعة الإخوان ونشطائها، والذي ناقش الحاجة إلى الانخراط في جهود الدعاية، تمّ تأسيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) في واشنطن العاصمة. تتمثل مهمته المعلنة في "تعزيز فهم الإسلام، وتشجيع الحوار، وحماية الحريات المدنية، وتمكين المسلمين الأمريكيين، وبناء تحالفات تعزز العدالة والتفاهم المتبادل".

 ورغم أنّ هذه الأهداف تبدو طبيعية، إلا أنّ جماعة الإخوان المسلمين غالبًا ما تستخدم مصطلحات كهذه كنايات لأعمال أكثر خبثًا. وتشير مذكرةٌ للإخوان كُتبت عام 1991 إلى "قاموس" يستخدمه الإخوان لفك رموز المعنى الحقيقي لكلماتهم، والتي تُوضع بين علامتي اقتباس في الوثائق المكتوبة. 

 تمّ تأسيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) في واشنطن العاصمة، في أعقاب اجتماع عقد في فيلادلفيا عام 1993 بين قادة جماعة الإخوان ونشطائها

والحقيقة هي أنّ كير أُنشئت من قِبل الإخوان للتأثير على الحكومة الأمريكية، والكونغرس، والمنظمات غير الحكومية، والهيئات الأكاديمية والإعلامية. وقد وصف الإخوان الإعلام بأنّه "أقوى من السياسة"، وسلطوا الضوء على أهمية تدريب النشطاء على "تقديم رؤيةٍ للحزب الديمقراطي الأمريكي" تكون مقبولة لدى الأمريكيين. وأشار عمر أحمد، أحد مؤسسي كير، صراحةً إلى ضرورة "التسلل إلى وسائل الإعلام الأمريكية والجامعات ومراكز الأبحاث". 

ويمكن اعتبار منظمة (كير) "مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية"، التي كان من بين مؤسسيها كبار قادة جماعة الإخوان المسلمين والاتحاد الإسلامي الطلابي في الولايات المتحدة، واحدة من أكثر الجماعات المرتبطة بالإخوان المسلمين تمويهاً في الولايات المتحدة. 

وعلى مدى أعوام نجحت (كير) في تصوير نفسها كمنظمة إسلامية رئيسية، وقد عوملت على هذا النحو من قبل العديد من المسؤولين الحكوميين الأمريكيين، بما في ذلك الرئيسان كلينتون وبوش.

جدير بالذكر أنّ غسان العشي، الذي أسس مؤسسة الأرض المقدسة وشغل منصب أمين صندوقها ثم رئيس مجلس إدارتها، كان مسؤولًا أيضًا عن تأسيس جمعية المسلمين الأمريكيين، وكان عضوًا مؤسسًا في فرع مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية في تكساس (كير ـ تكساس). 

وعليه، واصل الإخوان بناء قاعدة دعم إسلامية في الولايات المتحدة، وكذلك البدء في الضغط لصالح تنفيذ أجندتهم، والهيمنة على المجتمع المسلم في الولايات المتحدة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية