كيف تطورت الأوضاع الأمنية في تونس بعد خروج الإخوان من الحكم؟

كيف تطورت الأوضاع الأمنية في تونس بعد خروج الإخوان من الحكم؟

كيف تطورت الأوضاع الأمنية في تونس بعد خروج الإخوان من الحكم؟


21/11/2024

رغم أن التطورات الميدانية تشير إلى تعافي الأوضاع الأمنية في تونس منذ 25 تموز / يوليو 2021 بخروج الإخوان من الحكم، إلا أن خيوط الجماعة المزروعة داخل مفاصل الدولة مازالت تعمل على تنفيذ مخططات لتأجيج الأوضاع في البلاد، فيما تقود السلطات الأمنية والعسكرية جهود مكثفة لمكافحة الإرهاب بشكل يومي في عدة مناطق لتعقب ما تبقى من العناصر المشبوهة وشل تحركاتها.

 ومنذ سنة 2011 ووصول الإخوان للحكم، تحولت الجبال الغربية التونسية إلى حاضنة للمجموعات الإرهابية التي جعلت من جبال سمامة وجبل المغيلة والشعانبي جحيماً مزروعاً بألغام تحصد الأرواح وتفتك بالأبرياء وتحرمهم من البحث عن قوتهم اليومي.

يُذكر أن إخوان تونس الذين تدفقوا منذ نحو عقد من الزمن قادمين من المنافي والسجون، سمموا البلاد بفكرهم المتطرف، وحولوها لحاضنة إرهاب عابر للحدود، بحسب تقارير استخبارية، وهو ما يضع الرئيس التونسي قيس سعيد، في عهدته الجديدة، أمام تحدي تعافي الأمن التونسي.

الرئيس التونسي: قيس سعيد

مخططات إخوانية تعبث بأمن البلاد

والأسبوع الماضي، جدد سعيد دعوته، مرة أخرى، للتصدي للمخططات الإخوانية التي تحاول العبث بأمن البلاد، وذلك خلال لقائه بوزير الداخلية خالد النوري، الخميس، بقصر قرطاج، حيث دعا إلى "مضاعفة الجهود للتصدي للأطراف التي تعمل على استهداف أمن التونسيين وزعزعة الدولة".

وقد أكّد سعيّد ضرورة مضاعفة الجهود للتصدي لكل أصناف الجرائم، خاصة تلك التي تقف وراءها عصابات منظمة لا تستهدف أمن المواطنين فحسب بل أمن الدولة والمجتمع، مشيرا إلى ما حدث مؤخرا في المرفق العمومي للنقل والمواصلات، فضلا عن حرق معدات زراعية في هنشير الشعال (ضيعة زارعية).

وقال الرئيس التونسي إن "العمل يجب أن يستمر دون هوادة ضد اللوبيات التي يتوهّم يائسا من يديرها أنه قادر على زعزعة الدولة والمجتمع".

من جهة أخرى، أوضح سعيد أن عددا من المسؤولين في البلاد عليهم أن يستوعبوا اللحظة التاريخية التي تعيشها تونس، وعليهم التحلي بروح وطنية عالية والإنصات إلى مشاغل المواطنين وإيجاد الحلول السريعة والناجعة لها.

وقال إن "كلّ مسؤول داخل الدولة يجب أن يشعر في كل آن وحين أنه في خدمة الشعب، ولا عذر لأحد في عدم السعي لتحقيق آماله وتوقعاته".

وكان الرئيس التونسي قد قال أن اللوبيات بدأت تتحرّك هذه الأيام وامتداداتها داخل عدد غير قليل من الإدارات والمؤسسات الحكومية يقتضي الواجب المقدس تفكيكها ومحاسبتها ومحاسبة كل من يُنفّذ مخططاتها الإجرامية".

هذا وتعمل خيوط الإخوان المزروعة داخل مفاصل الدولة على تنفيذ مخططات لتأجيج الأوضاع في البلاد وآخرها ما حدث في "هنشير الشعال".

يُذكر أنه في 31 تشرين الأول /  أكتوبر الماضي، استعرض الرئيس التونسي جرائم فساد مرتبطة بفترة حكم الإخوان، المتعلقة بـ"هنشير الشعال" (ضيعة)، التي تعد ثاني أكبر غابة زيتون في العالم من حيث المساحة.

خلايا نائمة لتنظيم الإخوان ما زالت موجودة

وفي محاولة لقراءة خريطة التهديدات في البلاد، قال المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، إن الحكومة "تكثف حملاتها ضد أي تهديدات تستهدف أمنها خاصة خلال الفترة الراهنة إثر فوز الرئيس التونسي قيس سعيد بولاية جديدة".

وأكد الميداني ، في تصريح لموقع "العين الإخبارية"، أن "الخلايا النائمة لتنظيم الإخوان في تونس ما زالت موجودة"، داعيا السلطات الأمنية والعسكرية إلى "رفع مستوى استعداداتها لمواجهة أية تهديدات".

وأوضح أنه: "منذ فوز الرئيس قيس سعيد اختفى تنظيم الإخوان من الظهور الإعلامي ومن مواقع التواصل الاجتماعي ومن إصدار البيانات، وهو ما يشير إلى أن أحلامه بالعودة انتهت"، لكنه استدرك قائلا: "حزب الإخوان (يقصد حركة النهضة) عاد إلى العمل في سرية مثلما حصل في بداية تسعينيات القرن الماضي بعد أن ضيق الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الخناق عليه".

تعمل خيوط الإخوان المزروعة داخل مفاصل الدولة على تنفيذ مخططات لتأجيج الأوضاع في البلاد

وتابع "الخلايا النائمة تسعى في الخفاء لتأجيج الأوضاع في البلاد وهو ما أكده الرئيس قيس سعيد في خطاباته الأخيرة".

من جهته، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي عبد الكريم المحمودي، إن "الرئيس قيس سعيد تحدث مرارا وتكرارا عن محاولات لاستهداف الوضع الأمني في البلاد من قبل من سمّاهم المتآمرين على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

وأكد لـ"العين الإخبارية"، أن التهديدات "موجودة للمساس بالأمن التونسي لكن اليقظة الأمنية والعسكرية كانت في المستوى المطلوب".

وأفاد بأن "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، التي وضعتها تونس سنة 2023، وتتكون من انتشار ميداني، وعمل استعلاماتي (استخباراتي)، وملاحقات أمنية وعمليات استباقية، حققت نتائج مهمة لكن المخاطر ما زالت موجودة".

وأشار إلى أن العناصر الإرهابية "تستثمر في مناخ عدم الاستقرار وتستغل لحظات ضعف الدولة، لذلك كلما كانت الدولة قوية كلما تقلصت المخاطر".

تعقب ما تبقى من العناصر الإرهابية

والثلاثاء الماضي، أكد وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي مواصلة القوات العسكرية تنفيذ عمليات متنوعة يوميا بالمناطق العسكرية المغلقة والمرتفعات لتعقب ما تبقى من العناصر المشبوهة وشل تحركاتها.

وزير الدفاع التونسي: خالد السهيلي

وقال السهيلي إن الجيش التونسي نفذ منذ بداية العام الجاري حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي 990 عملية في مجال مكافحة الإرهاب بالمناطق المشبوهة شارك فيها أكثر من 19 ألفا و500 عسكري، وأسفرت عن كشفت معسكرات للإرهابيين وإبطال مفعول 62 لغما يدوي الصنع، وضبط تجهيزات ومواد مختلفة فضلا عن التصدي لعمليات التهريب والهجرة غير النظامية برا وبحرا.

وأوضح أنه قوات الهندسة العسكرية تدخلت في 138 مناسبة بكل أنحاء البلاد خلال العام الجاري وتمكنت من رفع وتحطيم 434 قذيفة من مخلفات الحرب العالمية الثانية.

ووصف السهيلي  الوضع الأمني بالبلاد خلال هذا العام بأنه يتسم بالهدوء الحذر، مشددا على تضافر المجهودات العسكرية و الأمنية للتصدي للتهديدات الإرهابية وتعقب العناصر المشبوهة في المناطق المعزولة والمرتفعات، والبقاء دائما على أهبة الاستعداد لمجابهة الجرائم العابرة للحدود.

كيف تسلل الإخوان إلى مفاصل الدولة 

ومنذ وصولهم للحكم، سارع الإخوان إلى وضع مرسوم منظم للجمعيات من أجل تسهيل أعمالهم وتدفق الأموال إليهم، حيث عادوا من سجونهم ومنافيهم محملين بأجندة تخريبية مسمومة لأدلجة المجتمع وزرع بذور التطرف والإرهاب، وتحقيق ثروات طائلة.

وبتمويلات أجنبية دخلت عن طريق جمعيات متطرفة، تمكنوا من تنفيذ مخططاتهم الإجرامية على مدى أكثر من عقد، ففخخوا مفاصل الدولة التي تسللوا إليها، وعاثوا فيها فسادا، ظنا منهم أنهم فوق المحاسبة.

وكثيرا ما أثار الإنفاق الضخم لحركة النهضة الإخوانية، سواء في الحملات الانتخابية أو الاجتماعات بهدف اختراق الشارع واستمالته، التساؤل عن مصدر تلك الأموال.

من جهته، كشف الرئيس قيس سعيد وثيقة تفيد بتلقي جمعيات في تونس تمويلات تفوق ملياري دينار من الخارج من سنة 2011 إلى العام الماضي، وأكد أن لجنة التحاليل المالية أثبتت ذلك دون القيام بدورها كاملا.

وأوضح أن هذا الرقم الذي جاء في الوثيقة لا يتعلّق إلا بالجمعيات التي تحصّلت على مبالغ من الخارج تفوق 500 ألف دينار (160.2 ألف دولار) وهذه الأموال التي توزع في تونس ودخلت خلسة إلى الحسابات الجارية لجمعيات مذكورة بالاسم.

وحذر سعيد من التدخل الأجنبي في شؤون تونس باسم المجتمع المدني، متابعا "نحن لا نريد مجتمعا مدنيا يمثل امتدادا لقوى ودول من الخارج ويجب ضبط الأمور في هذا المستوى".

وكشف تقرير دائرة المحاسبات عدد 32 لسنة 2021 أنه تم اكتشاف 566 جمعية تتلقى تمويلات أجنبية في حدود 31 مليارا ولم تعلم الكتابة العامة للحكومة بذلك.

كما كشف أن 1385 جمعية انتفعت بتمويلات أجنبية منها 45 جمعية استأثرت بـ56 في المئة من التمويلات، في حين تم اكتشاف دخول 68 مليون دينار (25.15 مليون دولار) سنة 2017 من تمويلات أجنبية لجمعيات تونسية و78 مليون دولار (28.85 مليون دولار) في عام 2018.





 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية