كامل إدريس... انقلاب على الإخوان أم مسرحية كيزانية سيئة الإخراج؟

كامل إدريس... انقلاب على الإخوان أم مسرحية كيزانية سيئة الإخراج؟

كامل إدريس... انقلاب على الإخوان أم مسرحية كيزانية سيئة الإخراج؟


21/05/2025

جدل كثيف صاحب قرار تعيين د. كامل الطيب إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء السوداني، ما بين مؤيد ومعارض لرجل ارتبط اسمه دائمًا بالمناصب منذ أيام نظام الحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين)، مروراً بثورة ديسمبر وفترة الحرب، فمع كل ترشيح لرئيس الوزراء كان يبرز اسمه.

وقد أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أول من أمس قرارًا بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء، بعد أن خلا المنصب مدة (4) أعوام منذ إقالة رئيسه السابق عبد الله حمدوك، عقب انقلاب عسكري على السلطة المدنية.

ووفق صحيفة (العرب) اللندنية فقد فسّرت الخطوة على أنّها انقلاب ناعم على جماعة الإخوان التي تغلغلت في صفوف الجيش، وأصبح تضخم دورها مزعجًا لقوى إقليمية تساند المؤسسة العسكرية، ولها مواقف صلبة من جماعات إسلامية لها طموحات سياسية في السودان، وتخشى هذه القوى أن يصبّ دعمها للبرهان في صالح الإخوان، وكان عليه أن يختار شخصية لم يعرف عنها أنّها منخرطة في صفوف الجماعة.

قائد الجيش السوداني: الفريق عبد الفتاح البرهان

وقد خاض رئيس الوزراء الجديد انتخابات رئاسية جرت عام 2010 في مواجهة الرئيس السابق عمر البشير، والمعروف أنّه فتح الباب لتغلغل الإخوان في الجيش، وكان ضمن أسماء تقدم بها تجمع المدنيين ليكون على رأس حكومة الثورة قبل اختيار حمدوك، وهو لم ينخرط في تفاصيل الخلافات بين المكوّنين المدني والعسكري، وشغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، ومدير الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة، وعضوًا في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة.

وقد لا يحظى تعيين كمال الطيب إدريس بترحيب كبير من قوى مدنية ترغب في تدشين عملية سياسية لا يتم فيها إقصاء قوى الثورة، وسط توقعات أن تظل الأزمة في السودان مستمرة، حيث دعت قوى دولية عدة إلى استعادة السلطة المدنية كاملة قبل الحديث عن اعتراف بالسلطة الحالية.

وأصدر مجلس السيادة مرسومًا أيضًا أول من أمس بتعيين سلمى عبد الجبار المبارك، ونوارة أبومحمد محمد طاهر، كأعضاء في مجلس السيادة الانتقالي، والأولى شغلت المنصب ذاته عقب الانقلاب على السلطة المدنية في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، وجرى إبعادها ضمن تغييرات قام بها البرهان بعد اندلاع الحرب.

ووفق الصحيفة ذاتها فإنّ البرهان يريد من تعيين رئيس جديد للحكومة وضم عضوين بمجلس السيادة تحصين سلطته السياسية، والإيحاء بأنّها غير راضخة لجماعة الإخوان، في ما يشبه الانقلاب التدريجي عليها، واستباقًا لتشكيل حكومة موازية تعمل قوات الدعم السريع على تشكيلها.

علي: البرهان ومن معه يسعون لخداع الداخل والخارج من خلال تعيينات شكلية لا تمسّ جوهر الحكم العسكري، في محاولة يائسة لإطالة أمد سلطتهم.

وتتسق الخطوة مع وعود قطعها الجيش بشأن تعيين حكومة تكنوقراط لإدارة المرحلة الانتقالية التي حددتها الوثيقة الأخيرة بـ (39) شهرًا، بدأت في شباط (فبراير) الماضي، لكنّها لم تحظَ بتوافق عام، ممّا يجعل الدوران في فلك الخلافات السياسية قائمًا.

بدوره قال الكاتب الصحفي معتصم محمد دفع الله علي: إنّ هذا التعيين يأتي في وقت يعاني فيه المواطن السوداني من الجوع والفقر والنزوح واللجوء، وسط عجز تام للسلطة الانقلابية عن توفير مقومات الحياة أو معالجة الأزمات، بينما يواصل قادتها الالتفاف على الواقع بتعيينات مدنية شكلية لتحسين صورتهم خارجيًا، دون رغبة حقيقية في التغيير أو الانتقال نحو حكم مدني ديمقراطي.

وأضاف علي في مقالة نشرها عبر صحيفة (التغيير): "لا يستند تعيين الدكتور كامل إدريس إلى إرادة وطنية أو توافق سياسي، بل يُعدّ محاولة لامتصاص الضغوط الدولية المطالبة بحكومة مدنية، في ظل غياب عملية سياسية جادة، وخطوات فعلية لوقف الحرب وتحقيق العدالة الانتقالية.

وتابع: "ويعيد هذا التعيين إلى الأذهان تجربة كامل إدريس في انتخابات عام 2010، حين واجه الرئيس المعزول عمر البشير في منافسة وُصفت آنذاك بأنّها شكلية، جاءت لتجميل مشهد انتخابي يفتقر إلى الشفافية والتعددية الحقيقية. واليوم يعود إلى المشهد عبر تعيين فوقي من قيادة انقلابية لا تحظى بأيّ تفويض شعبي".

وختم علي مقالته بالقول: "لا شك أنّ البرهان ومن معه يسعون لخداع الداخل والخارج من خلال تعيينات شكلية لا تمسّ جوهر الحكم العسكري، في محاولة يائسة لإطالة أمد سلطتهم. 

وفي السياق أعرب القيادي بحركة العدل والمساواة، إدريس لقمة، عن رفضه لتعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء.

رئيس مجلس الوزراء السوداني: د. كامل الطيب إدريس

وقال (لقمة) في منشور على (فيسبوك): إنّه سيقاوم التعيين، مضيفًا: "لايصلح أن يكون رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء من جهة واحدة".

وقال القيادي بالتيار الوطني نور الدين صلاح الدين: إنّ تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء يمثل خطوة تفتقر للشرعية السياسية المطلوبة.

وشدد صلاح الدين في تدوينة على (فيسبوك) على أنّ أيّ حكومة تُشكّل لن تنال قبولًا داخليًا أو خارجيًا دون توافق عريض ناتج عن عملية سياسية شاملة.

وأضاف: "الأجدى هو دعم حوار سوداني- سوداني حقيقي، وتهيئة المناخ لذلك، والوفاء بتعهد البرهان في 4 تموز (يوليو) 2022 بخروج القوات المسلحة من الشأن السياسي والتزامها بواجباتها الدستورية".

كثيرون يصفون رئيس الوزراء الجديد بأنّه شخص متناقض يبحث عن مصلحته، مؤكدين أنّ ترشحه ضد عمر البشير عام 2010 كان بطلب من الإسلاميين ليمنح الانتخابات شرعية.

ويقول الأكاديمي السوداني عادل طه سليمان: إنّ المشكلة ليست في رفض تيارات سياسية لتعيين كامل إدريس ولا دفع الله ولا حمدوك ولا غيره.

وأضاف: "تعيين كامل إدريس مؤكد أنّه جاء بمباركة القيادة في الحركة الإسلامية (الإخوان) وهي مسرحية كيزانية لن تنطلي على أحد مهما كان انتماء الرجل السياسي والإيديولوجي".

وتابع: "في الوقت الراهن القضية الكبرى، والتحدي الذي يواجه البلاد لإيقاف الحرب المستعرة ما زال قائمًا، وبالتالي إذا لم تُحلّ، فسيأتي كامل إدريس ويذهب كما جاء، يجب حلّ المشكلة من جذورها".

وبحسب صحيفة (التغيير) فإنّ كثيرين وصفوا رئيس الوزراء الجديد بأنّه شخص متناقض يبحث عن مصلحته فقط، مشيرين إلى أنّه كان عضوًا غير ملتزم في الحزب الشيوعي السوداني، كما عمل في الجبهة الديمقراطية والاتحاد الاشتراكي، ثم اقترب من تنظيم الجبهة الإسلامية وترشح في الانتخابات ضد عمر البشير في العام 2010م بطلب من الإسلاميين ليمنح الانتخابات شرعية، وظهر بعدها في تسجيل فيديو شهير أيام الثورة السودانية يصف فيه نظام الإخوان بالمجرمين ويطالبهم بالتنحي، ورُشّح لمجلس الوزراء إبّان الثورة وبعد انقلاب البرهان ضد حكومة حمدوك في 2021، كما انتشر مؤخراً تسجيل آخر لكامل إدريس يرفض فيه أيّ إهانة للجيش السوداني، ويطالب بحجب المناصب عن الأشخاص الذين يوجهون أيّ إساءة للجيش.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية