
خالد حريب
بينما يحاول إسماعيل هنية التوازن في ردوده، واعتماد الدبلوماسية والمفاوضات طريقاً لإنهاء الحرب، يقف يحيى السنوار، زعيم حماس، في غزة واضحاً في مطالبه، التي طالما تسبق هنية بخطوتين، لذلك ترتبك نهاية جولات التفاوض وتعود إلى المربع الأول، استمعنا إلى تصريحات إيجابية من قادة حماس عقب إعلان الرئيس الأمريكي بايدن عن خطته لوقف الحرب، وجاءت التصريحات من الدوحة مقر إقامة قادة حماس؛ لتعلن الانفتاح على خطة بايدن والتعامل معها بإيجابية.
وبينما الحال هكذا برز اسم السنوار الذي أبلغ الوسطاء بأنه لن يقبل اتفاقاً مع إسرائيل إلا بوقف دائم لإطلاق النار، كما شدد على أن الحركة «لن تلقي السلاح ولن توقع على أي مقترح لا يتضمن ذلك».
هذا الرد الواضح جاء على هوى نتنياهو، الذي كان يرتب مع وزير الحرب الإسرائيلي خطته لاقتحام مخيم النصيرات وتحرير أربع رهائن، وما رافق ذلك من مجزرة، اقترب عدد ضحاياها من 200 شهيد وإصابة ما يقرب من 400 مدني غزاوي.
السنوار ونتنياهو يتفقان على هدف واحد، هو استمرار الحرب دون التفات للنتائج الكارثية التي خلفتها وما زالت تخلفها تلك الحرب المجنونة، وهو ما يدفع إلى الكثير من الأسئلة، ربما أول تلك الأسئلة يتعلق بوقف الحرب والعودة إلى خطوط ما قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ونفكر معاً بصوت عال ونقول أين مكسب الفلسطينيين من ذلك؟ هل تم حل الدولتين؟ هل ستعود الحياة لـ 37 ألف شهيد دهستهم تلك الحرب منذ بدايتها حتى الآن؟
بالطبع لم يحدث، لذلك سيكون مطلب وقف الحرب ما هو إلا هدنة طويلة نسبياً وستنفجر الأوضاع في وقت لاحق.
السنوار يعرف جيداً ما أقوله، لكنه لا يعرف أن مزيداً من الأثمان الباهظة التي يدفعها الشعب الفلسطيني سوف تنعكس سلباً على فكرة المقاومة، وهو ما لا نريده.
الحروب كر وفر وليست انتحاراً علنياً أمام الجميع.
إسماعيل هنية رجل مسكين بقدر ما يحاول أن يبدو متماسكاً أمام الشاشات، إلا أن السنوار المختفي في غزة وحده قادر على شطب بيانات حماس، ودليلنا على ذلك عندما قالت حماس، في بيان لها، إن الخطة التي حددها بايدن مقبولة إلى حد كبير.
ورغم ذلك وضع لهم السنوار العصا في العجلة؛ ليتشدد في مصطلحات من شأنها موت مبادرة بايدن.
المقترح الأمريكي الذي اعتمد على مراحل متعددة ينص على أن المرحلة الأولى هي وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأماكن المكتظة، وتبادل بعض الرهائن والأسرى، وفي المرحلة الثانية، سيجرى إطلاق سراح جميع الرهائن ووقف دائم للأعمال العدائية إلى جانب انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، أما المرحلة الثالثة تتضمن إعادة إعمار غزة كجزء من عملية استقرار أوسع في الشرق الأوسط.
وفي ظل انعدام الثقة بين الجانبين لاحظنا اعتراضاً إسرائيلياً على مقترح بايدن مع إصرار قادة إسرائيل على استئناف الحرب حتى القضاء تماماً على حركة حماس، وهنا مربط الفرس حماس تعرف جيداً أنه لا مكان لها في حكم غزة بعد الحرب، وأن سيناريوهات عدة يتم طبخها لليوم الثاني من الحرب، فهل نفهم من ذلك التشدد أنه محاولة لإطالة مدة بقائهم في حكم غزة، التي تضيع الآن من بين أياديهم بعد أن حكموها لمدة ثمانية عشر عاماً؟ أم نفهم أن حرب حماس هي حرب تحرير يقودها يحيى السنوار؟ وإذا كانت كذلك، فما هو مبرر ظهور قيادات حماس في الدوحة وقيامهم بالتفاوض وإصدار البيانات الحماسية؟
الصورة غاية في التعقيد؛ لذلك نعود ونكرر أن العقل البارد الذي تدير به إسرائيل حربها ضدنا لا بد من مواجهته بذات التكتيك، ونقطة البداية في ذلك هي أن تقول لنا حماس، الكلمة لمن لإسماعيل هنية أم يحيى السنوار؟ وعلى ضوء الإجابة سوف نفهم أين موضع أقدامنا من هذه الحرب.
عن "الدستور" المصرية