فرنسا تصعّد بقوة ضد الإسلام السياسي.. عقوبات مالية وقانون عاجل

فرنسا تصعّد بقوة ضد الإسلام السياسي.. عقوبات مالية وقانون عاجل

فرنسا تصعّد بقوة ضد الإسلام السياسي.. عقوبات مالية وقانون عاجل


10/07/2025

أخيراً، وبعد مطالبات متكررة من معظم الأحزاب السياسية والوزراء، أعلن قصر الإليزيه أمس الثلاثاء، عن مشروع قانون لمكافحة تسلل الإسلام السياسي، سيكون جاهزاً لاعتماده في البرلمان مع بداية سبتمبر (أيلول) القادم، وبحيث يتم تطبيقه بحلول نهاية العام الجاري.

وفي الوقت الذي تسعى فيه دول أوروبية عدّة إلى تشديد رقابتها على الحركات الأصولية، وفي مقدّمتها تنظيم الإخوان الإرهابي، قد تشكّل الخطة الجديدة للدولة الفرنسية برأي محللين سياسيين تصعيداً أمنياً شديداً وغير مسبوق.

وكانت الحكومة قد ناقشت سلسلة من الإجراءات خلال اجتماع لمجلس الدفاع والأمن الوطني برئاسة إيمانويل ماكرون الإثنين الماضي، بهدف مناقشة استراتيجية الدولة في مواجهة التهديدات التي تطرحها الحركات الإسلامية، وذلك بعد نحو شهر ونصف من الكشف عن تقرير اعتبر خطيراً للاستخبارات وأجهزة الأمن حول نشاط تنظيم الإخوان في المجتمع الفرنسي.

عقوبات مالية رادعة

وأعلن قصر الإليزيه عن استحداث أدوات جديدة للعقوبات المالية ضمن "إجراءات أكثر فاعلية للحدّ من تغلغل الإسلامويين". وفيما يتعلق بالتعديلات التشريعية، طلب رئيس الجمهورية الفرنسية إعداد مشروع قانون عاجل يقدَّم بحلول نهاية الصيف. كما صادق على إجراءات لتجميد الأصول المالية التي تغذّي تنظيم الإخوان، وذات صلة بقضايا الإرهاب.

وتنصّ الاستراتيجية الجديدة على إنشاء "نظام قسري لمصادرة أصول الجمعيات المنحلّة"، وذلك لمنع الجمعيات المستهدفة من نقل ممتلكاتها وأصولها إلى الخارج قبل حلّها، كجمعية "بركة سيتي" التي حوّلت أموالها إلى كيان بريطاني.

وحذّر ماكرون أنه من الآن فصاعداً "سيتم تعيين وصي سيكون مسؤولاً عن تصفية الجمعيات"، كما أعلن عن "تشديد الرقابة على النظام الضريبي للأعمال الخيرية (غير القانونية)" بهدف التدقيق في مصدر التبرّعات المشبوهة".

ووفقاً لأرقام نشرتها وزارة الداخلية، فقد تمّ بالفعل إغلاق 741 منشأة (مراكز دينية، ومدارس، وأندية رياضية، وشركات) بشكل مؤقت أو دائم، بالإضافة إلى حلّ خمس جمعيات، تابعة للإخوان في غالبيتها.

أهمية تعليم اللغة العربية

وتقرّر تشديد "الحظر الإداري على الأعمال غير المشروعة" التي تُحرّض على الكراهية، والتي يمكن أن تنطلق من بعض المراكز الدينية. وأعطى ماكرون الضوء الأخضر "لتعزيز الرقابة على تعليم اللغات الأجنبية" وتشديد العقوبات على انتهاكات "عقود الالتزام الجمهوري" التي يتعيّن على الجمعيات توقيعها.

وأوصت الخطة الفرنسية الجديدة بضرورة وأهمية التوسّع في تعليم اللغة العربية في المدارس الحكومية والرسمية، وذلك بهدف التصدّي لمراكز الإخوان التعليمية التي يتم إنشاؤها بهدف تعليم أبناء الجاليات العربية لغتهم الأم، ثم تحيد عن أهدافها الأساسية سعياً لنشر أيديولوجية التطرّف والتشدد.

ولمعالجة قلّة العقوبات الجنائية، اقترح مجلس الدفاع فرض عقوبات إدارية، تأمل الحكومة أن يكون لها أثر "أسرع بكثير"، مصحوبة بغرامات. كما اعتمد قصر الإليزيه، وبإشراف المؤسسات المعنية بالاتصالات، "خطة حكومية لتعزيز الرقابة على مؤسسات التعلم عن بُعد" لمنع التأثير الخارجي.

نيابة عامة متخصصة

وعلى المستوى الوقائي، يجري النظر في إعادة تنظيم أجهزة الدولة من خلال إنشاء مكتب مُدّعٍ عام وطني متخصص، على غرار النيابة الوطنية لقضايا الإرهاب، بحسب وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيللو. وذلك إلى جانب إعادة هيكلة جهاز المديرية العامة للاستخبارات الداخلية، مع إسناد دور قيادي لأجهزة الأمن والاستخبارات الإقليمية.

أما على المستوى الردعي، فقد تمّ طرح خيار إنشاء أساس قانوني جديد لحلّ الجمعيات، وسنّ تشريع يحظر الرموز الدينية في المسابقات الرياضية.

خطر الانتخابات البلدية

ومن المتوقّع تشكيل وحدة وطنية لمكافحة الإسلاموية والانفصال المجتمعي لاستهداف المنظّمات المشبوهة. وفيما يتعلق بتدخل الإسلامويين، يحذّر ريتيللو بالفعل من تنامي نفوذ الإخوان في عام 2026 "هناك خطر للإسلام السياسي في الانتخابات البلدية".

وأثار تقرير "الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا" الذي جاء بعد مضي نحو أربع سنوات على صدور قانون مكافحة "الانفصالية الإسلاموية" قلقاً كبيراً، حيث رصد إنشاء "نظام بيئي إخواني" في بعض المدن، يتكون من جمعيات تعليمية واجتماعية وثقافية تهدف إلى فرض "توازن قوى انتخابي" على المسؤولين المحليين المنتخبين. ووفقاً للتقرير، فإن عدم اتخاذ إجراءات فورية قد يؤدي إلى تحوّل بعض البلديات إلى "مناطق مستولى عليها من الإخوان".

تسهيل الشعائر الدينية

يرى مراقبون، منهم العالم في الإسلام السياسي حواس سنيغر، أن هذه التشديدات الجديدة تغيّر جذرياً العلاقة بين الدولة وجزء من المجتمع الفرنسي، لا سيّما المواطنين والمؤسسات ذات الصلة بالإسلام، حيث تزداد المخاوف داخل الأوساط الإسلامية مع تزايد التوترات، خاصة بعد مقتل شخصين في حادثتين منفصلتين جنوب فرنسا.

لذا في المقابل، فقد حرصت الخطة الفرنسية الجديدة على إيجاد توازن عبر تسليط الضوء على مشاعر التهميش لدى بعض المسلمين. وقد دعا التقرير الاستخباراتي إلى "الحذر من تبنّي رؤية متشددة للإسلام". وأوصى بتيسير بعض الممارسات الدينية والشعائر الإسلامية.

وفي هذا السياق، دعا الرئيس ماكرون إلى اعتماد "خطاب تهدئة تجاه جميع مواطنينا المسلمين الذين يحترمون مبادئ الجمهورية احتراماً تاماً"، وأعلن عن عزمه عقد اجتماع مع ممثلي "المنتدى التمثيلي للإسلام في فرنسا" في الخريف المقبل، وهو المنتدى الذي تمّ تأسيسه لمحاربة نفوذ الإخوان.

موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية