غزة: عائلات ترقب الحرب في أوكرانيا بمشاعر القلق على أبنائها

غزة: عائلات ترقب الحرب في أوكرانيا بمشاعر القلق على أبنائها


06/03/2022

حالة من القلق والترقب تنتاب المسنة أمينة أبو ثريا (67 عاماً) وعائلتها، وذلك منذ بدء العملية العسكرية الروسية، خوفاً على مصير نجليها وأسرتَيهما؛ إذ يعيشان في أوكرانيا منذ 23 عاماً، مع تفاقم الأوضاع سوءاً وخطورة يوماً بعد يوم، نتيجة للقصف المتواصل على سائر المناطق، لتلاحق الحروب الفلسطينيين أينما تواجدوا وكأنّه لا مفرّ لهم منها.

وتضيف أبو ثريا، وهي من سكان حي النصيرات وسط مدينة غزة؛ أنّ "نجليها أسامة (45 عاماً) وأحمد (47 عاماً) غادرا قطاع غزة طلباً للعلم، وبعد تخرجهما استطاعا الحصول على وظيفتين لهما في مجال الهندسة والتمريض في مدينة أوديسا، أملاً في العيش بحياة أفضل، في ظلّ الأوضاع والظروف الحياتية السيئة التي يعانيها قطاع غزة منذ سنوات".

اقرأ أيضاً: ما حقيقة مشاركة مقاتلين أكراد إلى جانب القوات الأوكرانية؟

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن عن بدء عملية عسكرية شاملة ضد أوكرانيا، وذلك فجر 24 شباط (فبراير) الماضي، للقضاء على ما وصفه بتهديد خطير من كييف، حتى بدأت تحدياتها تتفاعل على مستوى العالم، حيث نددت العديد من الدول بالحرب مطالبة بوقفها خشية من أن تتوسع إلى مناطق أخرى.

أعلنت السلطة الفلسطينية، في الأول من آذار (مارس) الجاري، إجلاء نحو 700 من أبناء جاليتها في أوكرانيا

وأعلنت السلطة الفلسطينية، في الأول من آذار (مارس) الجاري، إجلاء نحو 700 من أبناء جاليتها في أوكرانيا، وذلك في بيان للمستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين، أحمد الديك، والذي أفاد بتمكّن العشرات من الطلبة والمواطنين الفلسطينيين من الوصول بأمان للمعابر الحدودية، ودخول أعداد منهم إلى الدول المجاورة "بإشراف سفارات دولة فلسطين، وتحت رعايتها، بمن فيهم أعداد من طلبتنا المقدسيين، وطلبة قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة".

اقرأ أيضاً: هل تكون الإمارات وسيطاً لحل الأزمة الروسية الأوكرانية؟

وقال الديك إنّ "خلايا وفرق الأزمة المشكلة لمتابعة أوضاع جاليتنا وطلبتنا في أوكرانيا تواصل العمل على مدار الساعة للاطمئنان على صحتهم وسلامتهم، وتبذل قصارى جهودها لتأمين إجلاء أكبر عدد ممكن من الراغبين بمغادرة أوكرانيا بالرغم من ظروف العمل الصعبة والمخاطر المحيطة بها".

الدور الأردني

وكانت المملكة الأردنية الهاشمية قرّرت، في 27 شباط (فبراير)2022م، معاملة أي فلسطيني قادم من أوكرانيا عبر الدول المجاورة لها، معاملة أيّ مواطن أردني.

وبيّنت أبو ثريا خلال حديثها لـ "حفريات" إلى أنّها "تتنقل ما بين الهاتف والتلفاز لتتابع أخبار نجليها والأوضاع الأمنية بالمدينة، بعد فشلهما في مغادرتها، نتيجة لكثافة القصف والنيران، واحتلال أجزاء منها من قبل القوات الروسية، حيث يحاولان منذ عدة أيام الوصول إلى مدينة خاركيف شمال شرق أوكرانيا، للهرب إلى أوروبا نحو بولندا، لحين استقرار الأوضاع مجدداً".

الفلسطينية أمينة أبو ثريا: أبنائي وعائلاتهم في أوكرانيا يواجهون ظروفاً صعبة، ولا يملكون بديلاً آخر سواء البقاء في منازلهم، حتى أنّ الطعام بات تأمينه مستحيلاً

وأكّدت: "أبنائي وعائلاتهم يواجهون ظروفاً صعبة، ولا يملكون بديلاً آخر سواء البقاء في منازلهم، حتى أنّ الطعام بات تأمينه مستحيلاً، مع خلو المحال التجارية من المواد الغذائية والتموينية، حيث تتوزع حياتهم بين المنزل ومحطة مترو الأنفاق في المدينة، والتي تكتظ بالآلاف من السكان الذين يتخذونها كملاجئ للاحتماء بداخلها من القصف، إثر عدم تمكّنهم من مغادرة البلدة، نحو المناطق الأخرى القريبة من الحدود مع أوروبا".

اقرأ أيضاً: قبل الردع النووي: هل استخدمت روسيا أسلحة "محرّمة" في أوكرانيا؟

وأشارت إلى أنّه "على الرغم من أنَ نجليها وأسرتَيهما بخير حتى هذه اللحظة، إلا أنّ الخوف ما يزال يراودها طوال اليوم، مع تدهور الأوضاع وازديادها سوءاً في أوكرانيا بوجه عام وأوديسا بوجه خاص، داعيةً السفارات الأوروبية فيها لمساعدة أبنائها وكافة الفلسطينيين المقيمين فيها بإتاحة طريق آمن لخروجهم، لتتسنّى لهم العودة إلى عائلاتهم سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، لحين استقرار الأوضاع الأمنية".

حالة نفسية سيئة

ولا يختلف الحال لدى المواطن نظمي أبو عودة (52 عاماً) من مدينة غزة، والذي يعيش وأسرته في حالة نفسية سيئة، نتيجة لبقاء نجله الوحيد عادل (23 عاماً)، والذي يدرس الطبّ البشريّ في جامعة ميكولايف الوطنية داخل السكن الجامعي، بعد محاولاته المتكررة منذ أربعة أيام لمغادرة المدينة، نحو الحدود البولندية، هرباً من جحيم الحرب، والقصف المتواصل على المدينة منذ عدة أيام.

تدهور الأوضاع وازديادها سوءاً في أوكرانيا بوجه عام وأوديسا بوجه خاص

وتابع أبو عودة، في حديثه لـ "حفريات"، بأنّ "الأوضاع في أوكرانيا في غاية الصعوبة، ونعيش في داخل المنزل وكأنّ الحرب تجري داخل القطاع، نتيجة لحالة القلق والتوتر التي تنتاب العائلة على مصير نجله، والذي ينتظر الفرصة المناسبة، للهرب نحو مدينة "لفيف" ومن ثم إلى أوروبا، في ظل انعدام الأفق لتحقيق هدنة ولو مؤقتة، لخروجه من البلاد".                       

رئيس الجالية الفلسطينية في أوكرانيا حاتم عودة لـ"حفريات": المعضلة التي تواجه الفلسطينيين حالياً تكمن في صعوبة إيصال المعونات والمساعدات الغذائية لهم، وتحديداً في المناطق التي تشهد قصفاً                                                                                                                                         

وأضاف: "لن يتوقف القلق والخوف لدى إلا في حال توقفت الحرب تماماً، حيث لم أكن أتوقع أن يقوم الجيش الروسي بغزو أوكرانيا، وكنت أرى أنّ ما يجرى مجرد حرب إعلامية فقط، إلا أنّ السيناريو الأسوأ كان ما جرى من حرب وقصف لمعظم المناطق الأوكرانية، حتى بات كثير من السكان والمقيمين عالقين، في ظلّ غياب أيّ أفق لمعرفة مصيرهم خلال الأيام والساعات المقبلة"، موضحاً إلى أنّه "يأمل أن تنتهي الحرب قريباً، للحفاظ على حياة نجله والسكان وجميع الجاليات العربية المقيمة، والتي وقعت ضحية للحرب القائمة".

المساعدة للخروج نحو المناطق الآمنة

وبيّن أبو عودة إلى أنّ "ظروف نجله المعيشية باتت في غاية الحرج، مع توقف عمل البنوك في المدينة، وصعوبة إرسال الحوالات المالية، كما أنّ أجهزة الصراف الآلي والتي تكتظ بطوابير الانتظار، تسمح بحصول الفرد الواحد على مبلغ 6 آلاف هريفنا يومياً فقط، وهو مبلغ لا يفي بتأمين معظم المتطلبات الحياتية، في ظلّ عدم استقبال البنوك الأوكرانية للحوالات المالية القادمة من الدول الأجنبية".

وناشد أبو عودة الصليب الأحمر الدولي وكافة المؤسسات الحقوقية بحماية المقيمين الفلسطينيين والعرب بأوكرانيا، وتأمين طرق آمنة لخروج الراغبين منهم نحو المناطق الآمنة، فلا أحد يدري أين سيمتد القصف خلال الأيام المقبلة، ومن سيكون الضحايا".

رئيس الجالية الفلسطينية في أوكرانيا م. حاتم عودة: الأوضاع في أوكرانيا بالنسبة إلى المقيمين الفلسطينيين مستقرة

بدوره، قال رئيس الجالية الفلسطينية في أوكرانيا م. حاتم عودة لـ "حفريات" إلى أنّ "عدد الجالية الفلسطينية المقيمة في أوكرانيا يبلغ قرابة 3 آلاف و500 شخص، يعمل بعضهم كأطباء ومهندسين ورجال أعمال، فيما يلتحق البعض الآخر بعدد من الجامعات المختلفة، في حين تتمركز الغالبية العظمى منهم في مدن خاركوف وأوديسا ودنبرو".

ولفت، في الأيام الأولى من الحرب، إلى أنّ "الأوضاع في أوكرانيا بالنسبة إلى المقيمين الفلسطينيين مستقرة، بينما غادرت بعض العائلات الفلسطينية باتجاه غرب البلاد نحو المناطق منخفضة التصعيد، كما غادرت عدد قليل من الأسر نحو أوروبا، وذلك بالتنسيق مع الجهات الأوروبية، وذلك هرباً من القصف والاشتباكات المستمرة، لحين استقرار الأوضاع، وعودتها كما كانت عليه سابقاً قبل الحرب".

اقرأ أيضاً: تاريخ التوترات بين روسيا وأوكرانيا

وتابع عودة إلى أنّ "السفارة الفلسطينية بأوكرانيا بالتعاون مع الجالية والمؤسسات الاجتماعية تعمل على تقديم كلّ ما بوسعها للتنسيق واستخراج الأوراق الثبوتية للفلسطينيين، وتسهيل العديد من الخدمات، حيث ما يزال العديد من المقيمين، يتمسكون بالبقاء، ويرفضون المغادرة، لفخرهم واعتزازهم بالشعب الأوكراني، وذلك تضامناً معهم في هذه المحنة الكبيرة".                                                                                                                     

وبيّن رئيس الجالية الفلسطينية أنّ "المعضلة التي تواجه الفلسطينيين حالياً تكمن في صعوبة إيصال المعونات والمساعدات الغذائية لهم، وتحديداً في المناطق التي تشهد اشتباكات وقصفاً مكثفاً، إضافة إلى الصعوبات المتمثلة في تأمين وسائل النقل للطلبة العالقين، إلا أنّه على الرغم من كلّ ذلك، يبدي الفلسطينيون تكافلاً عاماً مع كافة أبنائهم في أوكرانيا".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية