شباب الإخوان بين العراك والضياع

شباب الإخوان بين العراك والضياع


06/03/2022

ماهر فرغلي

يدلل خروج الصراع بين الفريقين المتنازعين على قيادة وأموال الإخوان بهذا الشكل للإعلام، وفى سلوكٍ أقرب إلى العراك، بوضوح أن الجماعة لن تتعافى قريباً، وأن ذلك يمكن أن ينتشر رأسياً وأفقياً، وفى كل شىء فى أروقة التنظيم المهلهل بما فيها القرارات الإدارية البسيطة.

ويخشى الأفراد والقادة الإخوان الآن أن ينتقل تأثير ذلك على وضعهم داخل التنظيم الدولى، حيث كثرت المطالبات بإعطاء دور أكبر للأقطار الأخرى على حساب المصريين، لعدم جدارة الحركة فى مصر بقيادة الفروع الأخرى، فالقضية ليست بين جناحين أو طرفين، فجميعهم يمثلون الطرف القطبى داخل الحركة، لكن هو فى فقد السيطرة، وعدم وجود رؤية سياسية.

لقد لوحظ مؤخراً أن كل فريق من المتنازعين بدأ يعد هياكل تنظيمية جديدة، ويرتب الأمور على أنه الجماعة لوحده، فأصبح لكل منهما مجلس شورى وموقع رسمى وقناة تليفزيونية ومتحدث إعلامى.. إنه انقسام حقيقى، حتى لو هدأ قليلاً فإنه سرعان ما ينفجر مرات أخرى، لأن أسباب وجوده قائمة وستظل.

وقد دفعت القواعد الإخوانية التنظيمية، وعلى رأسها الشباب، الجزء الأكبر من فاتورة ما صنعه قادة الإخوان، فى ظل إصرار القيادات على تمسكهم بمناصبهم ورفضهم اتخاذ أية خطوة لحل الأزمة حفاظاً على أوضاعهم، خاصة المالية منها.

ومع ضعف التماسك التنظيمى للحركة بشكل كبير، بعد أن تأثّر حوالى 70٪ من أعضاء جماعة الإخوان سلباً على المستوى التنظيمى، من هذا الفساد المالى والإدارى، لجأ بعض الأعضاء إلى تجميد عضويتهم من جانب واحد، دون إعلان معارضة كاملة عنها، وعدم الالتزام بحضور الاجتماعات التنظيمية، أو المشاركة فى أنشطة الإخوان، رغم عدم قدرتهم على تلبية الضرورات، أو الانشغال بالحياة... إلخ. وربما كان الدافع الرئيسى لتجميد العضوية هو اليأس والاستياء من القيادات.

وظهر الكثير من المنشقين، وهم مجموعة من الأصناف، أولهم هم من تركوا التنظيم ولم ينشقوا عن الأيديولوجية، لأسباب يمكن أن يكون منها الصراع على القيادة والمال ولأسباب أخرى تنظيمية، والثانى هم من تركوا الأيديولوجية واستمروا داخل التنظيم، إما فى محاولة لإصلاحه، أو خوفاً من خسارة قد يتعرضون لها، وهناك من تركوا التنظيم والأيديولوجية، وهؤلاء فى الأغلب هم قلة، لا يجوز أن نطلق عليهم لفظ الانشقاق، بل يمكننا أن نعرّفهم أنهم المتعافون من تلك التنظيمات.

وعقب أزمة الخلاف الأخير بين القيادات، زاد عدد المنشقين من جميع الصنوف، وعلى جميع المستويات، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى وسهولة وصولها إلى الملايين، كتب العديد من أتباع الجماعة المنشقة فى حساباتهم عن جحيم الإخوان وأسباب انشقاقهم عنها، ووصفوها بالمؤسسة التى «تستخدم الدين كغطاء لممارسة أنشطتها غير المشروعة»، ومنها تلك الرسالة التى كتبها عمرو عبدالحافظ على صفحته قائلاً: لقد انتهينا إلى عدم جدوى وجود هذا النوع من التنظيمات الذى يخلط فى خطابه بين نفسه وبين الدين وينعزل بأفراده عن مجتمعه الذى يعيش فيه ويدخل فى صراعات متكررة مع هذا المجتمع ومع مؤسسات الدولة على حد سواء، وعليه فقد رأينا ضرورة إعلان استقلال أفكارنا ومواقفنا السياسية عن الجماعة، وأننا لم نعد جزءاً من هذا الصراع الذى يتهدد الوطن، ونؤكد ضرورة السعى نحو إنهاء هذا الصراع، وضرورة العمل على تصحيح الأفكار التى أدت إلى وجود هذه الجماعات، ليعود المقتنعون بذلك إلى العمل من داخل المجتمع دون أن ينعزلوا عنه وإلى ممارسة العمل السياسى داخل الإطار الدستورى والقانونى الذى ترتضيه الدولة الحديثة.

عن "الوطن"

الصفحة الرئيسية