راتكليف خلفاً لكوتس.. هل يسعى ترامب لإخضاع مؤسسة مستقلة كبيرة أخرى لإدارته؟

أمريكا

راتكليف خلفاً لكوتس.. هل يسعى ترامب لإخضاع مؤسسة مستقلة كبيرة أخرى لإدارته؟


30/07/2019

أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أول من أمس، أنّ مدير الاستخبارات الوطنية، دان كوتس، سيترك منصبه في 15 آب (أغسطس) المقبل. وقال ترامب في تغريدة على "تويتر" إنّه يعتزم تعيين جون راتكليف، أحد نواب تكساس وعضو لجان الاستخبارات والعدالة والأمن الداخلي في مجلس النواب، خلفاً لكوتس.

اقرأ أيضاً: ترامب يوظّف عنصريته للفوز في الانتخابات.. هذا ما قاله
وكتب ترامب أنّ راتكليف "سوف يقود" ويكون مصدر "إلهام" للبلاد، شاكراً كوتس على "الخدمة الممتازة لبلدنا".
من جهتهم، اعتبر مسؤولون حاليون وسابقون خطة الرئيس ترامب لترشيح حليف سياسي له كمدير للاستخبارات الوطنية على أنّها خطوة لإخضاع وكالات الاستخبارات لإشرافه المباشر وإسكات "أحد الجيوب القليلة للمعارضة في إدارته".

 دان كوتس
وكان ترامب بدأ في مهاجمة وكالات التجسس الأمريكية تقريباً منذ اللحظة التي أعلن فيها ترشيحه، ومنذ أن تولى منصبه، رفض بشكل دائم استنتاجات المحللين في "مجتمع الاستخبارات الأمريكية" بشأن قضايا من بينها التدخل الروسي في الانتخابات التي أسفرت عن فوزه 2016.
واشتبك ترامب مراراً مع رؤساء الاستخبارات الأمريكية، بمن فيهم كوتس ذاته، حول قضايا التدخل الروسي ونزع السلاح النووي لكوريا الشمالية والمشروع النووي لإيران.

اعتبر مسؤولون خطة ترامب لترشيح حليف سياسي له كمدير للاستخبارات الوطنية على أنّها خطوة لإخضاع وكالات الاستخبارات لإشرافه المباشر

الآن، مع اختيار النائب الجمهوري عن ولاية تكساس جون راتكليف للعمل كرئيس جديد لاستخبارات البلاد "يستعد ترامب للاستيلاء على أكبر طرف من أطراف الحكومة التي يعتبرها أكثر عداء لرئاسته"، كما أوضحت صحيفة "واشنطن بوست" أمس.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في "مجتمع الاستخبارات" قولهم إنّ هذه التحركات أثارت مخاوف بشأن تسييس عملهم، وإنّ "المسؤول الذي يمثل وجهات نظرهم غالباً في الاجتماعات في المكتب البيضاوي سيكون أقل ميلاً لتقديم تقييمات غير مرغوب فيها - وأحياناً غير مرحب بها - إلى الرئيس".
ووصف مسؤولون سابقون في دوائر الاستخبارات خطة ترامب لتثبيت راتكليف بأنّها "تهديد لاستقلال وكالات التجسس في البلاد".
وقال رولف موات لارسن، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خدم في الإدارات الجمهورية والديموقراطية: "من الواضح أن هذا جهد لجمع القوى التي يحتاجها الرئيس في أيدي الموالين".
وبدأ عداء ترامب تجاه "مجتمع الاستخبارات" منذ نشر التقييمات التي أكدت تدخل روسيا للمساعدة في انتخابه 2016، وهو استنتاج "يقوض منجزاته الانتخابية وشرعيته".

جون راتكليف
عندما تم نشر هذا التقييم، قبل أسابيع من تنصيب ترامب، انتقد الرئيس على تويتر، متهماً وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بشن حملة تشويه ضده وتوجيه "طلقة أخيرة نحو وجهي"، متسائلاً "هل نحن نعيش في ألمانيا النازية"؟
منذ ذلك الحين، ظل ترامب مصمماً على رفض التقييم الذي يؤكد تدخل روسيا في الانتخابات، متهماً وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في كثير من الأحيان بالمشاركة في "مؤامرة ضده".

كوتس اكتسب سمعة داخل الإدارة لتقديمه عروضاً للرئيس قائمة على استنتاجات استخباراتية معمّقة تتعارض أحياناً مع أهداف سياسة ترامب

وبدا أنّ مرشح ترامب للمنصب، النائب راتكليف، يؤيد هذا الرأي، فقد قال في مقابلة مع "فوكس نيوز" أول من أمس، إنّ التحقيق بشأن التدخل الروسي بقيادة روبرت س. مولر كان بقيادة محامين "قريبين من مؤسسة كلينتون" وادعى أنّه "كانت هناك جرائم ارتكبت أثناء إدارة أوباما" يجب أن يتم التحقيق فيها الآن.
وكان ينظر إلى مدير الاستخبارات الوطنية السابق، دان كوتس، على نطاق واسع كلاعب من الدرجة الثانية في الإدارة، مع تأثير ضئيل في البيت الأبيض. لكنه كان على استعداد في بعض الأحيان لتحدي ترامب علناً عندما كانت مواقف الرئيس تأتي على خلاف مع نتائج "مجتمع الاستخبارات".
وأصر المسؤولون السابقون في "مجتمع الاستخبارات" مراراً وتكراراً على أنّ التدخل الروسي في انتخابات عام 2016 كان حقيقياً وأنّ موسكو مستمرة في التدخل في الشؤون السياسية الأمريكية، حتى عندما قال ترامب إنّه مقتنع بنفي قوي قدمه له الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

اقرأ أيضاً: إيران تعلن خرقها للاتفاق النووي وترامب يرد
وتحدثوا في شهادات للكونغرس ما يؤكد "امتثال إيران للاتفاق نووي"، و"من غير المرجح أن تتخلى كوريا الشمالية عن تطوير أسلحة نووية"، وغير ذلك من المواقف التي تقوّض التصريحات العلنية للرئيس.
في كانون الثاني (يناير)، غضب ترامب من شهادة كوتس بشأن إيران، حيث انتقده على تويتر، قائلاً إنّ محترفي الاستخبارات الأمريكية "يجب أن يعودوا إلى المدرسة" وهم "سلبيون للغاية وساذجون عندما يتعلق الأمر بخطر إيران. إنهم مخطئون!"

غضب ترامب من شهادة كوتس بشأن إيران

عديم خبرة سيقود 17 وكالة استخباراية!

وأثار ترشيح الرئيس ترامب لسياسي حزبي "عديم الخبرة للإشراف على وكالات التجسس الأمريكية "فزعاً عميقاً" كما يقول الكاتب والمحلل، دافيد إغناتيوس، موضحاً "تم التعبير عن هذا المزيج من الغموض والرهبة من قبل ستة ضباط حاليين وسابقين تحدثت إليهم يوم الإثنين حول اختيار ترامب، النائب جون راتكليف ،ليصبح مديراً للاستخبارات الوطنية. يكمن القلق جزئياً في أنّ راتكليف يفتقر إلى أي تجربة حقيقية".
ويتوقع مسؤولون سابقون أنّ "الأمر سيستغرق من راتكليف عاماً لمجرد فهم المجموعة الواسعة من 17 وكالة استخباراتية سيشرف عليها".

اقرأ أيضاً: هل ترامب عنصري؟ 10 تغريدات تكشف الحقيقة
وإذا كان البيت الأبيض يسيطر على السياسة الاستخباراتية من خلال راتكليف، فإنّ "الحكومات الأجنبية ستتساءل عما إذا كان ينبغي عليها تبادل المعلومات" مع وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي، كما قال رئيس سابق لها، مؤكداً أنّ "ترامب اختار الرجل الذي يخبر الرئيس بما يريد معرفته، بدلاً مما يحتاج إلى معرفته".
من العوامل الحاسمة في كيفية نظر "مجتمع الاستخبارات" إلى راتكليف هو معاملته لأكبر مساعديه المحتملين: جينا هاسبل، مديرة وكالة الاستخبارات المركزية وثيقة الصلة مع وزير الخارجية مايك بومبو، الذي سبقها كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية. ربما يكون بومبيو مستشار ترامب الأكثر نفوذاً، وسوف تحمي رعايته هاسبل، إذا استمرت. وتأمل خدمات التجسس الأجنبية أيضاً أن تتمكن بومبو من حماية هاسبل، لكنها ستبدأ في الحذر أكثر من رهاناتها.

اقرأ أيضاً: جونسون على خطى ترامب
ويؤكد إغناتيوس "يحكم ترامب هذه الأيام بقوة تدمير مطرقة ثقيلة. يمكن أن يكون تغيير الاستخبارات أخطر إذا لم يعد راتكليف بالحماية الصارمة لاستقلال مجتمع الاستخبارات".
وكان مسؤولون قالوا إنّ كوتس الذي سيغادر المنصب كان من بين آخر صناع السياسة الخارجية المخضرمين الذين أحاطوا بالرئيس بعد انتصاره عام 2016، والذي سئم منه الرئيس بثبات لأنه اكتسب المزيد من الثقة الشخصية في المكتب البيضاوي. وشملت تلك القائمة وزير الدفاع السابق جيم ماتيس، ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي السابق ماكماستر.
وكان كوتس قد اكتسب سمعة داخل الإدارة لتقديمه عروضاً واقعية للرئيس قائمة على استنتاجات استخباراتية معمّقة تتعارض أحياناً مع أهداف سياسة ترامب.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية