"دبلوماسية الرهائن" تمنح إيران مساحات للابتزاز والإفلات من العقاب

"دبلوماسية الرهائن" تمنح إيران مساحات للابتزاز والإفلات من العقاب


16/07/2022

ألقت الموافقة المبدئية التي منحها المشرعون في بلجيكا بخصوص اتفاقية تبادل سجناء مع إيران، بشكوك جمّة حول مخاطر هذه الخطوة المثيرة من الناحية الحقوقية، وتأثيراتها على مسار العدالة في قضايا تطاول متهمين إيرانيين، ومنهم الدبلوماسي الإيراني، أسد الله أسدي، والمحكوم عليه (في بلجيكا) بالسجن لمدة 20 عاماً على خلفية تورطه في التخطيط لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية بالخارج.

معاهدة مثيرة مع إيران وتنديد أوروبي

المعاهدة التي خضعت لنقاش واسع في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب البلجيكي، وامتد لأكثر من ست ساعات، على مدار يومين، وصفها مشرعون بأنّها قد تكون عتبة لتدشين "دبلوماسية الرهائن. كما لن تنجح في إنقاذ عدد من المحتجزين البلجيكيين بإيران، مع الوضع في الاعتبار أنّ هناك عامل إغاثة بلجيكياً موقوف بطهران منذ شباط (فبراير) الماضي، بالإضافة إلى الأكاديمي السويدي من أصل إيراني، أحمد رضا جلالي، الذي درس في بلجيكا بينما حُكم عليه بالإعدام في إيران.

ووصف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعاهدة بأنّها "مخزية"، مؤكداً أنّ (أسدي) ينبغي أن يبقى في السجن. وقال فرزين هاشمي، نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، خلال احتجاج شارك فيه نحو 100 من أعضاء المجلس قرب البرلمان البلجيكي إنّه "لو كان أسدي قد نجح لكان المئات في عداد القتلى".

مهدي عقبائي: يجب محاسبة النظام الإيراني على دعمه للإرهاب وأخذ الرهائن

وأضاف: "تجارب العقود الأربعة الماضية تظهر لنا أنّ تقديم تنازلات لنظام إرهابي سيزيده جرأة مما يعرض حياة المزيد من الأبرياء للخطر".

كما حذر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي، السيناتور الديمقراطي، بوب مينيندير، بلجيكا من تسليم دبلوماسي إيراني متورط في مخططات إرهابية إلى طهران. وغرد مينيندير على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "يجب أن تلتزم المعاهدة البلجيكية الإيرانية بالتزامات بلجيكا الدولية، ولا يمكن أن تمنح الحصانة لأسد الله أسدي، أو أيّ جهة فاعلة أخرى مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال الإرهاب الشنيعة".

وتابع: "يجب تحميل إيران المسؤولية عن دعم الإرهاب وأخذ الرهائن من أجل كسب التأثير والنفوذ".

ابتزاز إيران للغرب

وتعود القضية إلى 29 حزيران (يونيو) الماضي، عندما قدمت الحكومة الفيدرالية البلجيكية مشروع قانون يهدف إلى التصديق على خمسة صكوك دولية، بما في ذلك المعاهدة الثنائية، الموقعة في 11 آذار (مارس) العام ذاته، بين بلجيكا وجمهورية إيران الإسلامية، بشأن "نقل المحكوم عليهم".

ووافق البرلمان البلجيكي على طلب الحكومة للإسراع في اعتماد القانون. واعتمدته لجنة الشؤون الخارجية التي ناقشت مشروع القانون في 5 تموز (يوليو) الجاري. ومن المقرر أن تستمر المناقشة على مدار يومين.

   المعاهدة التي خضعت لنقاش واسع في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب البلجيكي، وامتد لأكثر من ست ساعات، على مدار يومين، وصفها مشرعون بأنّها قد تكون عتبة لتدشين "دبلوماسية الرهائن"

وبدوره، قال وزير العدل البلجيكي: "لا يمكنني قبول أن تخضع بلادنا لطلب عدد قليل من ممثلي الكونغرس الأمريكي. وذلك في ظل الظروف التي تتفاوض فيها الولايات المتحدة وتتعامل مع إيران من أجل الإفراج عن السجناء وتبادلهم".

وأردف: "خلافاً لما تقولونه أنتم (ممثلو المعارضة)، فإنّ هذه المعاهدة لن تفتح الباب لأخذ الرهائن ولن توفر حصانة للمجرمين".

وأوضح وزير العدل البلجيكي أنّ "اعتقال مواطن بلجيكي آخر في إيران بتهمة التجسس لم تتم إدانته بعد في إيران غير مدرج في هذا المشروع"، لافتاً إلى أنّ "أحمد رضا جلالي محكوم عليه بالإعدام وهذا المشروع يمكن أن يساعدنا". وقال: "إنّ قضية أخذ رهائن لمواطنين أوروبيين في إيران حساسة للغاية وشركاؤنا لا يوافقون أن نعلن عن ذلك".

دبلوماسي إيران متورط في أنشطة إرهاب

وفي حديثه لـ"حفريات"، يقول مهدي عقبائي، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إنّ توقيع هذه المعاهدة "المخزية" يشكل خطراً كبيراً على المعارضين الإيرانيين في الخارج، ويضاعف من احتمالية تعرضهم للتهديدات والاعتداءات من قبل "عملاء جمهورية إيران الإسلامية"، لا سيما أنّ المجتمع الدولي، بما في ذلك بلجيكا والحكومات الأوروبية الأخرى، يفشل في ضمان محاسبة طهران على انتهاكات حقوق الإنسان، والأفعال غير القانونية، التي ارتكبتها السلطات الإيرانية خارج أراضيها لسحق حرية التعبير والمعارضة السلمية.

وفي إشارة إلى المعاهدة المزمع تصديقها من قبل البرلمان البلجيكي، بعد مناقشة لجنة الشؤون الخارجية عليها "لإطلاق سراح الدبلوماسي الإرهابي، والعقل المدبر لتفجير تجمع (المقاومة الإيرانية)، في باريس، عام 2018"، طالب عقبائي بلجيكا التقيد بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.

عبد السلام القصاص: إيران تواصل الضغط على المجتمع الدولي بواسطة ملف المحتجزين الأجانب لديها

وأكد عقبائي على أنّ أيّ معاهدة بين إيران وبلجيكا يجب أن لا تخرق الالتزامات الدولية: "لا يمكن أن تمنح أيّ معاهدة أو اتفاقية الحصانة للدبلوماسي الإيراني المتورط في عمل إرهابي (أسد الله أسدي)، أو أيّ عميل آخر مسؤول عن انتهاك حقوق الإنسان، وارتكاب أعمال إرهابية شنيعة".

وشدد عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على ضرورة "محاسبة إيران على دعمها للإرهاب، واحتجاز الرهائن، بدلاً من استرضائها بتوقيع معاهدات مخزية ومدبرة لإطلاق سراح الإرهابيين التابعين لنظامها. كما يجب على بلجيكا أن تضمن أنّ إبرام معاهدة جديدة مع إيران لن يعزز من عملية الإفلات من العقاب".

رهائن لدى الملالي

يتفق والرأي ذاته، الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور عبد السلام القصاص، الذي يؤكد أنّ إيران تواصل الضغط على المجتمع الدولي بواسطة ملف المحتجزين الأجانب لديها؛ وهم بمثابة "رهائن" في سجون الحرس الثوري. ويتابع لـ"حفريات": "تستخدم طهران ورقة المعتقلين الأجانب باعتبارها ورقة ابتزاز للحصول على مكاسب سياسية، وتحقيق مصالحها الإقليمية مع الأطراف الخارجية عبر الضغط والابتزاز".

وبالتزامن مع موافقة البرلمان البلجيكي على المعاهدة، أعلنت طهران عن قيام الحرس الثوري الإيراني بتوقيف مجموعة أجانب، منهم دبلوماسي بريطاني، وذلك على خلفية اتهامهم بـ"التجسس"، وهي التهمة التقليدية التي يوجهها نظام الملالي لخصومه السياسيين، حسبما يوضح القصاص.

الباحث الدكتور عبد السلام القصاص، لـ"حفريات": طهران تستخدم ورقة المعتقلين الأجانب باعتبارها ورقة ابتزاز للحصول على مكاسب سياسية، وتحقيق مصالحها الإقليمية مع الأطراف الخارجية عبر الضغط والابتزاز

وبحسب التلفزيون الرسمي الإيراني، فإنّ الموقوفين كانوا بصدد "أخذ عينات من أرض لمنطقة محظورة في الصحراء الوسطى لإيران، وتم التعرف عليهم واعتقالهم". وذكر أنّ "هؤلاء الجواسيس أخذوا عينات من الأرض في صحراء وسط إيران، حيث كان الحرس الثوري يجري تجارب الصواريخ الفضائية".

وألمحت وكالة فارس للأنباء أنّ "استخبارات الحرس الثوري، قد حددت واعتقلت دبلوماسيين في سفارات أجنبية كانوا يتجسسون في إيران"، مشيرة إلى أنّ بينهم بريطانياً تم طرده لاحقاً من البلاد، وهو "نائب السفير البريطاني" وقالت إنّه "كان أيضاً من الأشخاص الذين ذهبوا إلى صحراء شهداد مع عوائلهم كسياح، غير أنّ الصور المسجلة تظهر أنّ هذا الشخص سعى لأخذ عينات من تربة هذه المنطقة".

وفي تعقيبه على هذه الأنباء، أعلن السفير البريطاني لدى إيران أنّ التقارير الإعلامية التي تفيد باعتقال نائب السفير البريطاني كاذبة.

وكتب سايمون شركليف على موقع تويتر :"التقارير بشأن احتجاز نائب سفيرنا لافتة للغاية ... فهو في الواقع غادر إيران في ديسمبر الماضي، بعد انتهاء فترة عمله".

ونفت وزارة الخارجية البريطانية الأسبوع الماضي، صحة ما تردد عن اعتقال الحرس الثوري الإيراني دبلوماسياً بريطانياً وممثلين أجانب آخرين بتهم التجسس.

ووصفت الوزارة تلك التقارير بأنها "عارية تماماً عن الصحة".

 

مواضيع ذات صلة:

حادثة احتجاز رهائن في إيران تعكس الواقع الأليم... ما الدوافع؟ وما المطالب؟

مفاوضات النووي تدخل "المرحلة النهائية"... وواشنطن عين على الاتفاق وأخرى على 4 رهائن

أمريكا تُذكر بملف الرهائن الأمريكيين في لبنان خلال مفاوضاتها مع إيران.. لماذا؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية