خطايا الغنوشي وأبنائه... هكذا أداروا تونس خلال عقد من الزمن

خطايا الغنوشي وأبنائه... هكذا أداروا تونس خلال عقد من الزمن

خطايا الغنوشي وأبنائه... هكذا أداروا تونس خلال عقد من الزمن


08/05/2023

لئن اعتُبر زعيم حركة النهضة الإخوانية في تونس راشد الغنوشي شخصية مثيرة للجدل، حتى أنّ البعض يصفه بالإسلامي المتشدد، فيما يرى فيه آخرون سياسياً براغماتياً متشبثاً بالسلطة، لكنّه عقد من الأخطاء السياسية التي صدرت عنه وعن مقرّبين سواء من دائرته العائلية أو من الحركة، حالت دون استمراره في السلطة أو في المشهد التونسي، خصوصاً بعد وصول الرئيس قيس سعيّد إلى الحكم.

هذا السقوط، وإن كان بسبب سوء سياسة الإخوان في إدارة البلاد، في مقدمتهم الغنوشي، فإنّ جزءاً منه تعلق بدور أبناء الغنوشي في عدة مجالات ذات علاقة بالأب، خاصة منها المالي والسياسي والأمني، إذ تتعدّد الروايات حول ثروات الأبناء والبنات والأصهار وانتفاعهم بأعوام المهجر، ثم بأعوام السلطة، فضلاً عن هندسة العمليات السياسية والأمنية.

تسنيم الغنوشي وتهديد الأمن القومي

في آخر مستجدات تورط عائلة الغنوشي في الإرهاب بتونس، قررت النيابة العامة التونسية أمس إحالة ملف التحقيق مع تسنيم، ابنة زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وذلك بعد العثور على ملفات ووثائق تمسّ الأمن القومي في شقة تابعة لها.

وقالت فاطمة بوقطاية الناطقة الرسمية باسم محكمة أريانة لإذاعة (موزاييك) التونسية: إنّه "إثر ورود معلومات مفادها وجود منزل تابع لتسنيم الغنوشي كائن برياض الأندلس (بمدينة أريانة)، لا تُقيم به عادة، وهو محل تفتيش لفائدة الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم الماسّة بسلامة التراب الوطني، صدر إذن لفائدة الشرطة العدلية بأريانة المدينة بتفتيش المنزل بمعيّة الشرطة الفنية".

وأوضحت أنّ عملية التفتيش التي "تم توثيقها صوتاً وصورة، بتعليمات من النيابة العامة، أسفرت عن العثور على "مسائل تمسّ الأمن القومي بصفة مباشرة"، دون توضيح طبيعة هذه المضبوطات.

هذا، وذكرت مصادر مطلعة أنّه تم العثور في المنزل على مبالغ مالية من العملة التونسية تبلغ أكثر من (400) ألف دينار وآلاف الدولارات، وأوضحت أنّه تم حجز وثائق في غاية الخطورة وتمسّ بالأمن القومي، وتتعلق بقضية التآمر على أمن الدولة التي تم فتحها في منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي.

تفتيش منزل تسنيم الغنوشي أسفر عن العثور على مسائل تمسّ الأمن القومي بصفة مباشرة

وكان النقابي الأمني ورئيس منظمة الأمن والمواطنة عصام الدردوري قد كشف سابقاً عن تورّط ابنة زعيم النهضة راشد الغنوشي (تسنيم الغنوشي) "في جلب ضباط بريطانيين إلى تونس لتدريب المدوّنين الذين يشرفون اليوم على صفحات مدعومة لتشويه سمعة البعض".

وقال في تصريح لإذاعة (ديوان إف إم) التونسية الأسبوع الماضي: "لأوّل مرة يُذكر اسم تسنيم الغنوشي ويخرج إلى الضوء، منذ الدور الذي لعبته في تكوين وتدريب مجموعة من المدوّنين وصناع المحتوى وإدارة المواقع والصفحات".

وأضاف الدردوري: "أنشأت سمية مركزاً لهذا الغرض في العاصمة التونسية، وتكفلت بعملية التكوين والتدريب لعشرات الشباب، وقد كان لضباط من المخابرات البريطانية وعسكريين دور في تكوين هذه العناصر".

هذا، وقدّم الدردوري شكوى جزائية ضد كل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وابنه معاذ، والقاضي المعزول البشير العكرمي وعناصر تكفيرية، وعدد من الأمنيين والقضاة المباشرين والمعفيين، لصلتهم بجرائم إرهابية ورسمهم خارطة طريق إجرامية للاعتداء على الأشخاص والممتلكات، والتحريض على الاعتداء على الغير، واستعمال شبكات الاتصال لترويج الأخبار الكاذبة، إلى جانب تهمة التهديد، وفقاً لقوله.

معاذ الغنوشي رجل الكواليس السياسية

معاذ الغنوشي الابن الأكبر لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لازم والده منذ عام 2011 كمرافق دائم مكلف بـ "أجندة مواعيده"، دون أن يكون له دور سياسي واضح.

وقد حرص نجل الغنوشي على الابتعاد التام عن تصدر المشهد بأيّ شكل من الأشكال داخل الحزب وخارجه، رغم أنّه متواجد باستمرار في قلب العملية السياسية منذ عودة والده إبّان الثورة إلى تونس قادماً من مقرّ إقامة العائلة في لندن.

عصام الدردوري: لأوّل مرة يُذكر اسم تسنيم منذ الدور الذي لعبته في تكوين وتدريب مجموعة من المدوّنين وصناع المحتوى وإدارة المواقع والصفحات

لكن مع مرور الوقت صار رجل الكواليس وأحد الممرات الأكيدة للوصول إلى رئيس حركة النهضة، وصانع "مبادرات" التسويات والصلح، ومقرّب وجهات النظر، والمؤثر عبر "لوبيينغ" داخل الحزب وخارجه، بحسب مصادر "الشارع المغاربي" التونسي.

وتفيد هذه المصادر بأنّه كان مشاركاً محورياً في كل الطبخات السياسية التي عرفها المشهد السياسي، خصوصاً بعد انتخابات 2019، وأنّ "القرارات المهمّة المحالة على مصادقة مجلس شورى الحركة كانت ترتب عند معاذ وبتنسيق منه"، وأنّه أصبح للابن دور سياسي مركزي لا يمكن إنكاره، وأنّ مواقفه باتت معلومة، على غرار دفاعه عن "التحالف مع المنظومة السابقة".

نجل الغنوشي صار رجل الكواليس وأحد الممرات الأكيدة للوصول إلى رئيس حركة النهضة، وصانع "مبادرات" التسويات والصلح، ومقرّب وجهات النظر، والمؤثر عبر "لوبيينغ" داخل الحزب

المتداول أنّ معاذ الغنوشي غادر البلاد بعد 25 تموز (يوليو) 2021، لخلافات داخلية بين قيادات حركة النهضة، لكن بعد حوالي عام من قرارات الرئيس سعيّد، أكّدت حركة النهضة إدراج الغنوشي الابن في قائمة المفتش عنهم والممنوعين من السفر على خلفية قضية "جمعية نماء".

وفي شهر تموز (يوليو) الماضي قرّر القضاء التونسي تجميد أرصدة راشد الغنوشي ونجله معاذ وصهره رفيق عبد السلام، وعدد من أفراد عائلته، وعدد من قيادات النهضة، على رأسهم رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي، في قضية غسيل الأموال، المثارة ضد أغلب قيادات النهضة.

سمية الغنوشي وجمعية "نماء الخيرية"

ومؤخراً نشر موقع "بوابة تونس" خبراً عن إدراج اسمي القيادي بالحركة والوزير السابق رفيق عبد السلام وزوجته سمية الغنوشي ابنة زعيم الحركة راشد الغنوشي في قوائم  التفتيش، للاشتباه في تورطهما في قضية تبييض أموال متعلقة بقضية "جمعية نماء" الخيرية.

وتعيش سمية الغنوشي وزوجها خارج تونس، ولم يعودا إليها منذ قرارات الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021.

ويُعرف عن سمية الغونشي تصريحاتها العنيفة و"الحاقدة"، والتي تتهجم من خلالها على المعارضة التونسية،  أو من تصفهم "بالعلمانيين"، كما ذهبت إلى حدّ التهديد بحرق البلاد في حال خسارة حزب أبيها في الانتخابات 2014.

ولطالما وصفت ابنة الغنوشي المعارضة بأنّها "أقليات معزولة كثيرة الصخب والهرج والمرج، وافرة العدة وأدوات التضليل والدعاية الإعلامية، زهيدة العدد والسند الشعبي".

اتهم عدد من المراقبين للشأن السياسي سمية الغنوشي بالضلوع في عدد من الصفقات المشبوهة، التي قامت بها الدولة التونسية خلال فترة حكم حركة النهضة

هذا، واتهم عدد من المراقبين للشأن السياسي وعدد من متصفحي شبكات التواصل الاجتماعي سمية الغنوشي بضلوعها في عدد من الصفقات المشبوهة التي قامت بها الدولة التونسية خلال فترة حكم حركة النهضة، على غرار صفقة "التكتك" والخرفان من رومانيا، والحليب السلوفيني والتركي، والتي تجاوزت (10) مليارات.

كما تحدّث رئيس حزب المجد عبد الوهاب الهاني، في تصريح سابق لموقع "أفريكان مانجر"، عن ضلوع أطراف قريبة من حزب النهضة، وخاصة الذين كانوا في المهجر ولهم مشاريع وشركات هناك، قبل أن يعودوا إلى تونس ويتسلّموا حقائب وزارية ومناصب حكومية، في هذه الصفقات والوقوف وراءها.

مواضيع ذات صلة:

نحو المصالحة مع السلطة.. قراءة في خطاب الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل

جدل حول منع كتب بمعرض تونس.. هل تحول الإخوان إلى مدافعين عن الحريات؟

هل قطعت حركة النهضة التونسية حقاً مع الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية