خبير بيئي فلسطيني لـ"حفريات": إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش

خبير بيئي فلسطيني لـ"حفريات": إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش

خبير بيئي فلسطيني لـ"حفريات": إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش


كاتب ومترجم فلسطيني‎
06/01/2024

أكد الخبير البيئي ومدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين عبد الرحمن التميمي أنّ "إغراق إسرائيل مساحة واسعة من الأنفاق الأرضيّة الممتدة داخل قطاع غزة، سيؤدي إلى وقوع كوارث بيئية وإنسانية خطيرة على حياة السكان، وصولاً إلى استحالة العيش داخل قطاع غزة لسنوات طويلة، نتيجة التلوث الكبير الذي سيصيب التربة والمياه الجوفية التي تعتبر أساس الحياة".
وأوضح التميمي في حديثه لـ"حفريات" أنّ "إسرائيل جعلت من قطاع غزة منطقة غير قابلة للعيش، من جراء الدمار الهائل والتلوث الكبير الذي أصاب آبار المياه التي تتعرض للقصف من البر والجو والبحر، عدا عن تعرض آلاف الدونمات الزراعية لقصف متواصل بالصواريخ المحملة بمواد سامة، والتي تترك آثاراً سلبية خطيرة على البيئة والإنسان، إلى جانب وجود مشاكل بيئية عالقة داخل قطاع غزة متعلقة بتلوث مياه الشرب وملوحة التربة".
ويتوقع أن "تحدث عملية ضخ مياه هائلة إلى الأنفاق، إلى وقوع انهيارات أرضيّة في التربة، وما يؤثر ذلك على تدمير البنى التحتية وانهيار المنازل التي تمتد من تحتها شبكة أنفاق كبيرة، وبالتالي جميع النتائج ستكون كارثية على حياة السكان داخل قطاع غزة".
وقف عمليات التدمير البيئي
وطالب الخبير البيئي بضرورة وجود تدخل عاجل من قبل المنظمات الدولية المتخصصة في رصد التلوث البيئي، من أجل الضغط على إسرائيل ومن يؤيدها لوقف عمليات التدمير البيئي داخل قطاع غزة، ووقف مخطط إسرائيل في تدمير أنفاق المقاومة بأساليب مدمرة على حساب حياة المدنيين، الذين يعانون على مدار سنوات طويلة من إجراءات إسرائيل المتواصلة في تدمير البيئة داخل القطاع".

إسرائيل جعلت من قطاع غزة منطقة غير قابلة للعيش
ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل بدء خطة إغراق أنفاق حماس في قطاع غزة بمياه البحر، حيث تعالت الأصوات الفلسطينية المطالبة بضرورة تراجع إسرائيل عن خطتها التي وصفت بالمدمرة والكارثية، لما في ذلك من آثار سلبية خطيرة على البيئة في قطاع غزة، واحتمالية تمدد الخطر البيئي إقليمياً، نتيجة الكميات الهائلة من المياه التي يحتاجها الجيش من أجل تدمير الانفاق العميقة والطويلة.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع أكتوبر الماضي، بعد "طوفان الأقصى"، وتواصل إسرائيل تدمير البيئة في قطاع غزة، من خلال إلقاء آلاف الأطنان من الصواريخ والقذائف المحملة بمواد سامة وخطيرة على مناطق واسعة في القطاع، وتركيز عمليات القصف على المساحات الزراعية في مناطق عدة، والتي يدعى الجيش بوجود أنفاق ومنصات إطلاق الصواريخ داخلها، وبالتالي تصبح التربة سامة وغير قابلة للزراعة، وتفرز آثاراً بيئية خطيرة على صحة الإنسان.

المحلل السياسي شاكر شبات لـ"حفريات": قطاع غزة أصبح منطقة منكوبة وملوثة من قبل أن يقدم الجيش على إيقاع كارثة إضافية خطيرة جديدة
 


ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال" فإنّ الجيش بدأ بعملية ضخ مياه البحر داخل مجمع أنفاق تابع لحماس، في حين تم وضع ما لا يقل عن خمس مضخات على بعد ميل واحد فقط إلى الشمال من مخيم الشاطئ المطل على ساحل البحر، حيث يمكن للمضخات نقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه وإغراق الأنفاق في غضون أسابيع، في ذات السياق أبلغت إسرائيل الولايات المتحدة ببدء إجراء اختبار دقيق لإغراق الأنفاق بمياه البحر على نطاق محدود، لمعرفة ما إذا كان سيعمل ذلك على تدهور شبكة الأنفاق على نطاق واسع.
عملية خطيرة
وعلّق الرئيس الأمريكي جو بايدن على التقارير الإسرائيلية التي أفادت بأنّ إسرائيل بدأت إغراق الأنفاق في قطاع غزة بمياه البحر، لتدمير شبكة الأنفاق الأرضيّة التابعة لفصائل المقاومة وبالتحديد حماس، حيث وصف العملية بالخطيرة على أرواح الرهائن المحتجزين لدى حماس داخل الأنفاق، واحتمالية تعرضهم للخطر والموت نتيجة ضخ المياه وإغراق الأنفاق، في الوقت ذاته أبدى مسؤولون في إدارة بايدن مخاوفهم من تعرض المياه العذبة في غزة للخطر، من جراء عملية ضخ إسرائيل مياه البحر المالحة داخل الأنفاق العميقة، بالرغم من زعم الجيش أنّ الخطوة ستدفع بعناصر حماس إلى الخروج من الأنفاق والقضاء عليهم.
وحذرت روسيا على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، من أنّ غمر الأنفاق بمياه البحر يمكن اعتباره مرادفاً لقتل جميع سكان القطاع، في حين أنّ الخطوة تمثل جريمة لها تداعيات إنسانية وبيئية خطيرة وطويلة الأمد، والخطر يكمن أيضاً في إمكانية وجود مدنيين داخل هذه الأنفاق هربوا من القصف العنيف وإلى أين سيذهبون.

مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسك
ويرى مختصون في مجال البيئة أنّ الخطوة الإسرائيلية المدمرة وإن كانت صحيحة، فإنّها تجعل من إمكانية الحياة داخل قطاع غزة أمر شبه مستحيل، وسيعم التلوث سائر القطاع من حيث التلوث في المياه الجوفية التي ستكون غير صالحة للاستخدام الآدمي، عدا عن أنّ التربة ستتلوث وتصبح غير قابلة للزراعة لسنوات طويلة.
وفي تعقيبه على ذلك، يستبعد الكاتب والمحلل السياسي شاكر شبات أن" تنجح إسرائيل في إغراق أنفاق المقاومة في غزة وتدميرها، ويعزو ذلك إلى أنّ المقاومة أقامت مؤخراً شبكة من الأنفاق المجهزة لكل احتمالات التدمير من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يدعي في كل حرب أنّه دمّر مئات الأنفاق بالطائرات ورشها بالغاز القاتل، متسائلاً:  "طالما أنّ القصف بالصواريخ يدمر الأنفاق، فلماذا تلجأ إسرائيل إلى أصعب الخيارات لتدميرها؟".

الخبير البيئي عبد الرحمن التميمي لـ"حفريات": ضخ مياه هائلة إلى الأنفاق سيؤدي إلى انهيارات أرضيّة في التربة وتدمير البنى التحتية وانهيار المنازل


ولفت شبات في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ "قطاع غزة أصبح منطقة منكوبة وملوثة من قبل أن يقدم الجيش على إيقاع كارثة إضافية خطيرة جديدة، فهناك آلاف الجثث من الضحايا لا تزال منتشرة في الشوارع وبين الأزقة، ويرفض الجيش نقلها من قبل الطواقم الطبية والمواطنين لدفنها، وهذا التحلل للجثث يؤدي إلى انتشار التلوث البيئي الخطير".
وأشار إلى أنّ "إسرائيل تجاوزت جميع القوانين باتباعها سياسة العقاب الجماعي ضد السكان في قطاع غزة، في حين لا تزال ترتكب المزيد من الانتهاكات الصارخة لجميع المعاهدات والمواثيق الدولية، بتعمدها قتل المدنيين واتخاذ طرق تهدد حياة المزيد من المدنيين، في مواجهة المقاومة وبالتحديد عناصر حماس".
يشار إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية المستعرة على قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي، حيث يستخدم سائر الأسلحة والصواريخ المحرمة في تدمير المدنيين، عدا عن تأثير هذه الصواريخ سلباً على البيئة، من خلال ترسب بقايا المواد السامة بالتربة، واختلاطها بالمعادن التي تؤثر في المقابل على صحة الإنسان.   
اقتباسات:
المحلل السياسي شاكر شبات لـ"حفريات": قطاع غزة أصبح منطقة منكوبة وملوثة من قبل أن يقدم الجيش على إيقاع كارثة إضافية خطيرة جديدة
الخبير البيئي عبد الرحمن التميمي لـ"حفريات": ضخ مياه هائلة إلى الأنفاق سيؤدي إلى انهيارات أرضيّة في التربة وتدمير البنى التحتية وانهيار المنازل.

مواضيع ذات صلة:

روسيا وإيران في قمة حرب غزة: تمارين سياسية لمرحلة إقليمية جديدة

الحوثيون يثيرون القلق العالمي... خطة إيرانية جديدة




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية