خالية من الإخوان... تفاؤل تونسي حيال المرحلة السياسية الجديدة

خالية من الإخوان... تفاؤل تونسي حيال المرحلة السياسية الجديدة

خالية من الإخوان... تفاؤل تونسي حيال المرحلة السياسية الجديدة


30/01/2023

بعد إجراء الدورة الثانية للانتخابات التشريعية المبكرة، التي حاولت حركة "النهضة" الإخوانية إفشالها، سعياً لعرقلة المسار الدستوري الذي أطلقه الرئيس قيس سعيّد، طوت تونس صفحة "الإخوان" نهائياً، ودخلت مرحلة الجمهورية الثالثة.

 ويذهب مراقبون إلى أنّ سقوط حركة النهضة في تونس، أسقط آخر ما تبقى للتنظيم الدولي للإخوان، بعد أن فقد ذراعه الوحيدة التي بقيت في السلطة، بعد سقوط الإخوان عن الحكم تباعاً في عدة دول عربية، بدأت من مصر إثر الثورة الشعبية في عام 2013.

 إجراء الانتخابات برغم التشويش الإخواني

وأغلقت مراكز الاقتراع في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية في تونس أبوابها مساء أمس، تمهيداً لبدء عمليات فرز الأصوات، وذلك لاختيار (131) نائباً من أصل (161)، لعضوية مجلس "نواب الشعب"، الجديد، الذي تقاطعه حركة النهضة الإخوانية.

 وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر: إنّ "العملية الانتخابية جرت بسلاسة وفي أحسن ظروف دون أيّ إشكالات"، مضيفاً أنّ "جميع مراكز الاقتراع فتحت أبوابها أمام الناخبين منذ الثامنة صباحاً دون تسجيل أيّ تأخير ودون اعتماد توقيت استثنائي، كما جرت العادة سابقاً".

 وكان عدد من مراكز الاقتراع في ولايات حدودية يفتح ويغلق أبوابه بتوقيت استثنائي لـ"دواع أمنية".

 وأظهرت الأرقام الأولية أنّ نسبة المشاركة بلغت 11.15%، بحسب ما قاله محمد التليلي المنصري المتحدث باسم هيئة الانتخابات للتلفزيون الرسمي، وأفاد بوعسكر بأنّ مراكز الاقتراع تبلغ (4) آلاف و(222)، مركزاً تضم أكثر من (10) آلاف مكتب اقتراع.

أبدى التونسيون ردود أفعال إيجابية جدّاً حيال إنهاء آخر مراحل "الإجراءات التصحيحية" لسعيّد

 وتُعدّ هذه الجولة من الانتخابات آخر مراحل خارطة الطريق التي أعلنها سعيّد، بعد إنهائه مرحلة التمكين الإخواني وسيطرته على مقاليد السلطة بمطالب شعبية، حين بدأ بإغلاق البرلمان القديم، وإجراء استفتاء شعبي لتغيير الدستور.

 وقبل يومين من إجراء الاستحقاق الانتخابي، أعلنت وزارة الداخلية التونسية أنّ الشرطة العدلية تعهدت بفتح بحث تحقيقي في قضية تتعلق بتكوين عصابة والانخراط في وفاق قصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك وتقديم أموال قصد التأثير على الناخبين والمشاركة في حملة انتخابية بتمويل مجهول المصدر والمشاركة في ذلك، وأكدت الوزارة أنّ عدداً من الأشخاص عمدوا إلى التخطيط للقيام بتحركات تهدف إلى بثّ الفوضى.

سقوط حركة النهضة في تونس أسقط آخر ما تبقى للتنظيم الدولي للإخوان، بعد أن فقد ذراعه الوحيدة التي بقيت في السلطة

 وأوضح البيان أنّ هذه القضية تتقاطع في مجملها مع ما سبق أن توصلت إليه التحريات الأمنية المعمّقة، التي أعلنت عنها الوزارة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، بخصوص اعتزام بعض الأطراف تنفيذ مخطط تخريبي خدمة لأجندات خاصة.

 وفي تشرين الثاني (نوفمبر) أحبطت السلطات التونسية مخططاً يقوده معاذ الغنوشي (41) عاماً، نجل راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية، وشقيق مرشح رئاسي سابق، لإثارة الفوضى بالبلاد.

 وصدرت في حق نجل الغنوشي مذكرتان من الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) بالضبط والتسليم، في قضايا تحريض على العنف في تونس، وفي قضية جمعية نماء الإرهابية (تجسس وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر).

 وكشفت الاعترافات حينها أنّ عملية التخطيط لنشر الفوضى تمّت بتعليمات من معاذ الغنوشي المقيم حالياً بين تركيا وبريطانيا، واعداً إيّاهما بتمكينهما من التمويلات اللازمة لتأجيج الأوضاع في تونس، وتكليفه بمنطقة القصرين وإحداث الفوضى والقيام بأعمال شغب والتحريض على العصيان.

 تفاؤل بالانتخابات البرلمانية

هذا، وأبدى التونسيون ردود أفعال إيجابية جدّاً حيال إنهاء آخر مراحل "الإجراءات التصحيحية" لسعيّد، متفائلين ببدء مرحلة جدية من العملية السياسية، دون مخططات الإخوان وتحالفاتهم المشبوهة، طيلة العشرية التي أعقبت الثورة.

 المحلل السياسي التونسي محسن الجليدي قال في تصريحات لموقع "سكاي نيوز": إنّه رغم إجرائها في ظل أجواء استثنائية، تشهد حالة من التوتر على وقع تراكمات سياسية واقتصادية، لكنّها "خطوة محورية لاستكمال خارطة الطريق السياسية التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد، واستهدفت إقرار منظومة إصلاح شاملة في البلاد".

وبعد انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية وإعلان نتائجها، من المفترض أن تدخل تونس مرحلة من الاستقرار السياسي، وسيبدأ البرلمان الجديد ممارسة مهام عمله، ويسعى لإنجاز كافة المهام الموكلة إليه في أسرع وقت، بحسب الجليدي.

 وفي تقديره، فإنّ الانتخابات هذه المرة "تكتب الفصل الأخير في تاريخ جماعة الإخوان، وتغلق الباب أمام كافة محاولاتها للعودة إلى المشهد السياسي في الوقت الراهن".

 ولفت إلى أنّها "تمهد للانطلاق الفعلي للجمهورية الجديدة التي أرستها مبادئ 25 تموز (يوليو) التصحيحية"، و"ستكون نهاية حقيقية للعشرية التي حكمت حركة النهضة فيها البلاد، وشهدت معدلات تاريخية من الفساد".

 من جانبه، توقع المحلل السياسي التونسي بسام حمدي أن تكون الانتخابات هي "كلمة النهاية للفوضى السياسية التي عانتها تونس خلال (10) أعوام من حكم حركة النهضة"، بحسب تصريحه لموقع "سكاي نيوز".

 ووفق "خارطة الطريق" التي أعلنها الرئيس التونسي يوم 25 تموز (يوليو) 2021، فإنّ الانتخابات تُجرى بعد وضع قانون جديد للانتخابات، وسبقتها مراحل تخص حلّ البرلمان الذي سيطرت عليه حركة النهضة، وإعادة تشكيل الحكومة، ووضع دستور جديد، إضافة إلى إصلاحات قضائية واقتصادية.

ماذا ينتظر التونسيون من البرلمان الجديد؟

من المنتظَر أن يُنهي العشرية السوداء التي حكمت خلالها حركة "النهضة" الإخوانية تونس وتسببت في إفلاس البلاد وانتهت بانسداد سياسي.

 وخلافاً للبرلمان الماضي الذي كان صاحب السلطة الأكبر في الحياة السياسية بتونس، ويضطلع بالدور الرئيسي في تعيين السلطة التنفيذية وإقالتها وسحب الثقة من الرئيس بأغلبية الثلثين، وطرح القوانين والتشريعات وإقرارها ووضع ميزانية الدولة، فإنّ الدستور الجديد سحب كل هذه الصلاحيات، وحدّ من اختصاصات ودور السلطة التشريعية في المرحلة المقبلة.

يتفاءل التونسيون بعدم مشاهدة الشجار والعراك الذي سيطر على برلمان الإخوان، لأنّ الخلافات الإيديولوجية ستغيب

 

 ولن يتمتّع نواب البرلمان القادم بالحصانة، وسيكون بالإمكان سحب الثقة منهم من قبل الناخبين بدائرتهم الانتخابية، في حال إخلالهم بواجباتهم وبوعودهم وتقصيرهم في أداء مهامهم.

 وتشير المادة الثانية من الدستور إلى إعادة إرساء النظام الجمهوري الذي كان قائماً قبل 2011 (للرئيس سلطات أوسع)، حيث كان النظام بحسب دستور 2014 جمهورياً تنقسم فيه السلطات بين البرلمان ورئيس الحكومة، مع صلاحيات أقلّ للرئيس.

 وبهذه الصلاحيات سيكون البرلمان الجديد مغايراً، ولن تباع وتشترى فيه الأصوات خدمة لمصالح تنظيم الإخوان للهيمنة والتغلغل في الدولة، ويتفاءل التونسيون بعدم مشاهدة الشجار والعراك الذي سيطر على برلمان الإخوان، لأنّ الخلافات الإيديولوجية ستغيب.

مواضيع ذات صلة:

هل ينجح القضاء التونسي في تجفيف منابع الإخوان؟

لماذا يصف التونسيون 2023 بعام الجباية بامتياز؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية