يحاول الأمين العام لحزب (العدالة والتنمية) "ذراع الإخوان المسلمين في المغرب" عبد الإله بنكيران محاصرة دعوات داخلية لتجديد القيادات والخطاب استعداداً للمرحلة المقبلة، وهو ما يعكس تمسكه بمنصبه ورفضه تغيير سياسات الحزب السابقة التي أدت إلى تراجعه وهزيمته في انتخابات 2021.
وطالب عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مصطفى الخلفي بضخ دماء جديدة في الحزب؛ وذلك بتجديد قياداته في المؤتمر الوطني التاسع المرتقب عقده بين نيسان (أبريل) وأيار (مايو) 2025، ليواكب الحزب الواقع الجديد في المغرب.
وأكد الخلفي أمام بنكيران، في كلمته خلال الندوة التي عقدتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية حول "حصيلة الحزب وأسئلة المستقبل" يوم السبت الماضي، أنّ "المرحلة الجديدة تحتاج فعلاً إلى خطاب جديد وقيادات جديدة، تتفاعل مع الواقع الجديد، لأنّ التجربة السياسية اليوم التي نشأت بعد انتخابات 2021 تؤكد أنّ هناك واقعاً سياسياً جديداً يُشكّل ويَتأسّس ويجب التعاطي معه"، وفق ما نقلت صحيفة (العرب) اللندنية.
مصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة، يرى أنّ المرحلة الجديدة تحتاج فعلاً إلى خطاب جديد وقيادات جديدة، تتفاعل مع الواقع الجديد.
ويرى الخلفي، الذي يمثل عدداً من القيادات التي تتبنّى خطاب التغيير، ضرورة "تجديد الإطار التصوري والبرنامجي الذي نشتغل فيه"، مشدداً في هذا الصدد على أنّ "تراجعنا في انتخابات 2021 لم يكن في إطار سياسة قمعية أو في سياق حرب أهلية كما وقع في بلدان أخرى، بل وقع في سياق سياسي مؤسساتي".
وردّاً على ما قاله الوزير السابق مصطفى الخلفي، أكد بنكيران خلال الندوة ذاتها على أنّ "الأشخاص الذين يؤمنون بالقيادات الجديدة عليهم القيام بحملة، والانتخابات في المؤتمر الوطني القادم والذي سيكون الفيصل، ولا يمكن البحث عن وجوه جديدة أقلّ كفاءة رغبة في التجديد فقط".
بنكيران: الأشخاص الذين يؤمنون بالقيادات الجديدة عليهم القيام بحملة، والانتخابات في المؤتمر الوطني القادم والذي سيكون الفيصل.
ويطمح عبد الإله بنكيران إلى دعم عدد من القيادات وقواعد الحزب لصالح بقائه على رأس الحزب، على الأقل إلى ما بعد انتخابات 2026، مشدداً على أنّه يتقبل الانتقادات، ويشيد بمسار الحزب الذي وصفه بـ "الاستثنائي" و"الخاص".
واعترف بنكيران في لقائه الحزبي بـ "أننا قمنا بأخطاء أدت إلى سقوطنا في عام 2021، ورغم أنّ الكثيرين كانوا ينتظرون نهايتنا، غير أنني عدت بـ 81% من التصويت داخل الحزب".
وأكد الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري هشام عميري، في تصريح لـ (العرب)، أنّ سعي بنكيران إلى فرملة تجديد نخبة الحزب يرتبط باعتبارين؛ الاعتبار الأوّل يتجلى في حنين بنكيران إلى القيادة الحزبية وإلى النتائج التي حققها الحزب في عهده، على الرغم من أنّ هذه النتائج تحكمت فيها سياقات اجتماعية وسياسية أخرى مرتبطة بالحراك الاجتماعي، وبفاعل حزبي جديد على رأس الحكومة، أمّا الاعتبار الثاني، فيكمن في كون بنكيران لم ينسَ ما حدث له في عام 2016 إثر البلوكاج الحكومي، وما زال يبحث عن منفذ انتخابي للانتقام من خصومه السياسيين، وما يؤكد ذلك أنّ بنكيران ما زال يقول في تصريحاته إنّه كان ضحية في عام 2016.
ولفت هشام عميري إلى أنّ فرملة تجديد الخطاب والنخبة ليست وليدة اليوم، ولا ترتبط فقط بحزب العدالة والتنمية، وإنّما تشمل كافة الأحزاب السياسية التي ما زالت تفرمل عملية تجديد نخبتها الحزبية، وهو ما جعلها أحزاباً جامدة وغير قابلة للتعديل على مستوى قيادتها، مع العلم أنّ حزب العدالة والتنمية، على غرار باقي الأحزاب، تتوفر فيه نخبة شابة قادرة على إعادة إحياء الحزب وإعادة تموقعه.
وأثناء مشاركته في الندوة ذاتها أوضح الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية محمد الطوزي أنّ حزب العدالة والتنمية لم يستطع التطور من خلال إنتاج إيديولوجي يتماشى مع التحولات السياسية والاقتصادية، مستنتجاً أنّ الحزب الذي شارك في الحكومة لم يحقق تلك المواكبة بالشكل المطلوب.